الكتاب: "الإنسان على المحك-المركزية البشرية والتوازن البنَّاء"
الكاتب: علي حرب
الناشر: الدار العربية للعلوم ناشرون، بيروت، الطبعة الأولى تموز/ يوليو 2020
(132 صفحة من الحجم الوسط).

انفجار الهويات الوطنية في المنطقة العربية

يتناول المفكر علي حرب الأزمة الراهنة في العالم العربي ، الذي هو في أسوأ أحواله تردّياً وتمزقاً، كما تشهد الحروب الأهلية في غير بلد عربي.

ويتناول المشكلة من زاوية الهوية الوطنية. الهوية الوطنية العربية عاشت فترة من الزمن متماسكة في الظاهر، تحت حكم الزعيم الأوحد والنظام السلطوي أو الشمولي. ولكنها كانت مجرد فسيفساء من المكونات والعناصر المتنافرة، سواء من حيث خصوصياتها الطائفية والأثنية، أو من حيث اتجاهاتها الإيديولوجية والسياسية.

ولذا، فقد انفجرت تلك الهويات مع انفجار "انتفاضات الربيع العربي"، عندما لاحت الفرصة أمام المجتمعات العربية للتحرر من نير الاستبداد لإقامة دولة المواطنة والقوانين، والانخراط في بناء نفسها وانجاز مشاريعها في النهوض والإصلاح والتقدم.

يقول المفكر علي حرب: "ولكن ثالوث الاستبداد والفساد والإرهاب كان بالمرصاد، لمنع أي تغيير حقيقي. ولذا فقد عمل على عسكرة الثورات وتخريبها ، إن بجرها إلى استخدام العنف لمواجهة العنف الذي باشره النظام ضد التظاهرات السلمية، أو باستقدام الميليشيات الموالية له وأحيانا بإطلاق سراح العناصر الجهادية المعادية للنظام من ولها. ففي مواجهة الثورة يجتمع الضدان: الاستبداد السياس والإرهاب سجود الديني.

ومن المفارقات أن بعض الدول العربية، كمصر، كانت في عصر النهضة متقدمة حضارياً على عدد من البلدان كماليزيا وكوريا وسنغافورة، فإذا بها بعد عقود تمسي وراءها. وتلك هي حصيلة خروج البلاد العربية من عصر النهضة والليبرالية إلى العصر الأيديولوجي، بنسخه القومية واليسارية والإسلامية"، (ص22)..

وهكذا يجد العالم العربي نفسه فريسة لمشاريع وأنظمة وقوى تشل طاقته وتهدر موارده بقدر ما تقوده إلى ما وصل إليه من التفكك والتمزق.

من المفارقات أن بعض الدول العربية، كمصر، كانت في عصر النهضة متقدمة حضارياً على عدد من البلدان كماليزيا وكوريا وسنغافورة، فإذا بها بعد عقود تمسي وراءها. وتلك هي حصيلة خروج البلاد العربية من عصر النهضة والليبرالية إلى العصر الأيديولوجي، بنسخه القومية واليسارية والإسلاميةفهناك على مستوى الداخل العربي الأنظمة الديكتاتورية والحركات الأصولية التي تقبض على السلطات وتهدر المقدرات بالإضافة إلى الايديولوجيات التي تزيف الوعي وتزور الوقائع وتعطل إرادة الفهم، لكي تبرر فشل الحكام واستمرارهم في القبض على السلطة. نحن إزاء مربع يتواطأ أركانه على تخريب غير بلد عربي: حاكم يطغى ويستكبر، داعية يفتي ويكفر، مثقف ينظر ويبرّر، جهادي أو مجاهد يقتل وينفذ.

وهناك الأطراف الخارجية الدولية والإقليمية المتواطئة مع الداخل، كما يتجسـم هــذا الـــداء في التدخلات من جانب اللاعبين على المسرح العربي. ومن السذاجة أن يصدق الواحد أن الدول اللاعبة على المسرح العربي تريد وقف الحروب الأهلية أو تسعى لإحلال السلام فما يجري من قتل وتهجير وتدمير في غير بلد عربي، يتم بمشاركة الدول الكبرى وتدخل القوى الإقليمية، أميركا وروسيا وإيران وتركيا. بل هو يتم برعاية الأمم المتحدة و تحت نظر العالم الساكت والعاجز أو المستفيد والمتواطئ. ولا ننخدعنّ بالمؤتمرات الدولية أو الإسلامية التي تعقد لمعالجة أزمات الدول العربية المتناسلة والمستعصية. لأن المستهدف أساساً هم العرب.

يقول المفكر علي حرب، في تشخيصه لإيران كلاعب إقليمي مهم: "إيران تنفرد عن بقية اللاعبين، كونها تملك داخل المجتمعات العربية أوراقاً تلعب بها وتوظفها. لقد عملت على إيقاظ الذاكرة الموتورة لدى الشيعة العرب، بتدريبهم وتمويلهم وتسليحهم، لكي يشنّوا الحرب على شركائهم في اللغـــة والوطن والمصير، مما حولهم إلى ألغام داخل المجتمعات العربية تسهم في تمزيقها وزعزعة استقرارها.

هذا الولاء لإيران جعل الشيعة العرب يتباهون بكرههم لهويتهم الوطنية أو العربية، هذا في حين أن إيران لا تعترف بهم، بل تستخدمهم كأدوات لتنفيذ استراتيجيتها التوسعية. ويأتي الشيعة اللبنانيون في رأس القائمة حيث ولائهم من المطلق لإيران" (ص24).

وهكذا فإن البلدان العربية ذات التركيبة الطائفية التعددية، تقع بين فكي الكماشة: العصبيات الطائفية في الداخل، وما يمارسه الخارج.. الضغوط والتدخلات.

الأمر الذي أفضى إلى تحول تلك البلدان إلى مسرح الصراع مركب هـو أهلي ومحلي، بين طوائفه ودوله بقدر ما هو اقليمي وعالمي بين الدول الكبرى والقوى الفاعلة لنحسن قراءة المشهد العالمي. لقد تغيرت خارطة الصراعات وطبيعتها في هذا العصر المعولم. لم يعد هناك نزاع محلي أو وطني صرف. كل نزاع له محر ركاته وأبعاده الاقليمية والدولية. هذا شأن الصراع في ليبيا التي أصبحت مسرحاً للتدخلات الخارجية من قبل العرب وغير العرب .

وينتقد المفكر علي حرب كل أولئك يتحدثون عن العصبيات بلغة القرن التاسع عشــ لكي يشهدوا على جهلهم بمفهوم العصبية وبالواقع الكـــوني، حيث تندرج العصبيات في أطر أوسع ومتحدات أكبر، فيقول:"... العصبية تحولت إلى طبقة من طبقات الوعي، تعيد الايديولوجيات الشمولية تشكيلها، على نحو يجمع بين مساوئ الحداثة ومساوئ القدامة، بين التعصب والفاشية، مما جعل الناس تترحم على الازمنة السالفة، إزاء ما ولدته الايديولوجيات الحديثة القومية والدينية واليسارية من فشل في إدارة الدول ومن عنف لا سابق له"، (ص25).

ولا عجب، ففي هذا العصر، حيث تتشابك المصالح والمصائر، وتتعولم المشكلات والهويات تتداخل العصبية والشمولية العنصرية والشعبوية الوطنية والفاشية.

ما الدرس الذي يمكن استخلاصه لمعالجة الأزمة، سواء في ما يخص بنـــاء الهوية الوطنية، أو في ما يخص العلاقات بين الدول العربية، يطرح المفكر علي حرب إعادة النظر في ما كنا نفكر فيه لنفتح إمكانات جديدة للتحاور والتواصل للتداول والتبادل في ما يخص قضايا الهوية والوحدة والعمل العربي المشترك.

ثمة مسائل أربع تحتاج إلى إعادة النظر حسب مقاربة علي حرب:

1 ـ لا وجود المجتمع متجانس بالكلية. كما لا وجود لهوية صافية تعرى من أثر الغير. فالأصل هو التعدد والاختلاف بل التعارض والصراع. ولذا لا تجدي محاولات اصطناع مجتمع متجانس تمام التجانس، عبر الازاحة السكانية وتغيير الخرائط. هذا وهم، لأن المجتمع البشري لا ينفك عن إنتاج التعدد والتفاوت. والممكن هو العمل على واقع الاختلاف وتحويله لتشكيل الفضاء الوطني، بلغته الجامعة ووحدته المركبة وقواعده المشتركة.

2 ـ ليس المجتمع مجرد مواطن مثالي مرتبط بأجهزة الدولة ومؤسساتها وقوانينها. لأن الأصل هو المجتمع الأهلي مختلف مكوناته وقواه. والذين تخيلوا وجود مواطن مدني، لا أهل له أعادوا إنتاج الواقع الاجتماعي بعصبياته وعنصرياته، وعلى النحو الأسوأ. إن الممكن هو العمل على المجتمـ الأهل وتحويله، على النحو الذي يتيح للواحد أن يقيم مع هويته الثقافية الفرعية، علاقة وطنية مدنية ديموقراطية.

3 ـ لا تقوم وحدة بين الدول العربية بالقوة. لأن الوحدة ليست حلماً أو طيفاً أو قدراً، وإنما هي مؤسسات وعلاقات تتخيل. وتُركب أو تُبنى وتُصنع أو تُهندس وتُدبَّر، بقدر ما تمليها المصالح المشتركة والمنافع المتبادلة. والذين انطلقوا من تصور متعال أو طوباوي عن الوحدة أنتجوا المزيد من الانقسام والفرقة. لأن الممكن هو الانطلاق من واقع الاختلاف بين الدول والأوطان، للعمل عليه وتحويله إلى عمل عربي مشترك له أطره وقواعده، وله مجالاتــــه وحقوله.

لنحسن القراءة. فالمتشابهون ينتجون وحدة فقيرة هي وحدة القطيع، حيث يراد للكل أن يكونوا نسخاً بعضهم عن بعض، بقدر ما يشكلون صوراً متماثلة لنفس الأصل أو الشخص أو الطيف وهذه الوحدة هي وحدة ملغمة تنتظر ساعة الانفجار، لأنها تقوم على إلغاء التعدد والتنوع وعلى استبعاد المختلف ونبذه. هذا ما شهدت به تجارب الوحدة العربية والتوحيد الإسلامي: لقد عجز أهلها عن توحيد حي في مدينة.

وحدهم المختلفون يقدرون على إنشاء وحدة ناجحة ومثمرة بقدر ما يحسنون إدارة اختلافاتهم والعمل عليها بخلق وسط للحوار والتداول، أو تشكيل مجال للتبادل والتفاعل.

إيران تنفرد عن بقية اللاعبين، كونها تملك داخل المجتمعات العربية أوراقاً تلعب بها وتوظفها. لقد عملت على إيقاظ الذاكرة الموتورة لدى الشيعة العرب، بتدريبهم وتمويلهم وتسليحهم، لكي يشنّوا الحرب على شركائهم في اللغـــة والوطن والمصير، مما حولهم إلى ألغام داخل المجتمعات العربية تسهم في تمزيقها وزعزعة استقرارها.والوحدة البناءة والمثمرة لن تكون عملاً نخبوياً، بعد فشل النخب الثقافية والسياسية التي أسهمت في تدمير فكرة .الوحدة فالرهان أن تسهم في صنع المصير العربي المشترك كل القوى الحية والمنتجة في المجتمعات العربية، على اختلاف الحقول والقطاعات، وعلى النحو الذي يتيح ابتكار ما يحتاج إليه أي اتفاق أو عمل مشترك من البنى التحتية والمساحات المشتركة والأطر الجامعة.

4 ـ صياغة خطاب عربي جديد، بحيث تحلّ محلّ مفردات الأمة، والوحدة والوطن العربي، أو الشعب العربي تعابير أخرى مثل العالم العربي والعمل العربي المشترك أو التضامن العربي.

5 ـ وأخيراً، وخاصة إعادة النظر بالرابطة الإسلامية التي تجمع بين الدول العربية وبين الدول الإسلامية غير العربية. فماذا جنى العرب، في ما يخص قضاياهم ومشاريعهم من الدول الإسلامية كباكستان وإيران أو تركيا وأفغانستان؟

لا شيء سوى الضرر والخسارة على هذا الوجه أو ذاك: تصدير النماذج التكفيرية والإرهابية، الدعوات المستحيلة والأصوليات القاتلة، عودة الدين عودته المرعبة وعودة الاستعمار عودته المدمرة.

الخروج من المأزق

ينتقد المفكر علي حرب، الخطاب العربي المعاصر، لا سيما الخطاب القومي، الذي يعتبر أنَّ اللغة تجمع العرب، كما تجمعهم المصالح المشتركة، أو العدو المشترك الذي يستهدفهم، ولكن أهم ما يمكن عمله للخروج من النفق هو قراءة الواقع، كي ينجحوا في معالجته. فالعالم العربي، ليس وطناً واحداً أو شعباً واحدا، بل عالم متعدّد ومتنوع متعارض ومنقسم بدوله وأوطانه، بشعوبه وطوائفه. بذلك يكفون عن التعامل مع الوحدة كحق ضائع، ومع الانقسام بوصفه صنيعة الاستعمار للانطلاق من واقع الاختلاف والعمل عليه لتشكيل فضاء حضاري عربي، وما يحتاج إليه من ابتكار القواعد المشتركة واللغــة الجامعة.

آن لنا أن ننتقل من عصر العروبة الإيديولوجية الفاشية والمدمرة، لتخيل سردية جديدة للصفة العربية ذات وجوه وأبعاد مدنية حضارية، ديمقراطية وكوسموبوليتية.

ومن المفارقات أن العرب خرجوا بالدعوة الإسلامية، لكي يتصدروا واجهة العمل الحضاري والإنتاج المعرفي لقرون طوال، بعد أن استوعبوا واستثمروا منجزات الحضارات السابقة والمعاصرة لهم، فإذا المــآل اليوم للمشروع الديني تخريب العالم العربي بمنجزاته الحضارية والمدنية والثقافية عبر محاولات أسلمة الحياة والمجتمعات والدول والقوانين، فضلا عن أسلمة العلوم والمعارف.

ولعل العرب يدفعون الثمن الآن لاستعمارهم البلدان التي فتحوها بالنص والسيف، واستعمروها لغةً وعقيدةً، باسم الله والقرآن. والثمن الباهظ لذلك هو المزايدة عليهم بإسلام أصولي تكفيري ،إرهابي، كما يفعل بشكل خاص الأفغان وأهل باكستان أو الثأر منهم ومن نبيهم، انتقاماً لمقتل حفيده الحسين في كربلاء، وكما تفعل إيران ويا للمفارقة والحصيلة هي إقامة دين بديل للإسلام النبوي، قطباه ذاكرة موتورة لا ترويها بحار من الدماء وخرافة المهدي المنتظر، الذي سيحقق على الأرض العدالة التي عجز عن تحقيقها كل الرسل والأنبياء.

والرهان للخروج من المأزق، سواء بالنسبة للعرب أو لسواهم من المسلمين غير العرب، هو الخروج من السجن الديني للتفكير والعمل، كما تفعل معظـم المجتمعات والأمم ، بقواعد الشراكة والمداولة والمبادلة كما بمفاهيم الدولة والمواطنة والديموقراطية، فضلاً عن لغة الانفتاح والاعتراف والهوية العالمية العابرة للحدود، الكاسرة لعقيدة الأحق والأصدق والأقدس والأشرف.

لا أريد تبسيط الأمور. أعترف بأننا إزاء مُعضلة لا أدعي أنني أمتلك مفاتيح حلها.

كيف يمكن لدول عربية ضعيفة أو متخلفة أو منكوبة بزعمائها وحروبها، أن تقيم علاقات سوية ومتوازنة، ومثمرة مع دول كإيران وتركيا وروسيا وأمريكا، تملك من الأوراق والإمكانات والمبررات لكي تتدخل في شؤونها أو تلعب بها وعلى ساحتها؟

اقرأ أيضا: هل يتمكن البشر من تغيير أنماط تفكيرهم في الأزمة الراهنة؟ كتاب يجيب (1من2)

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي أفكار كتب تقارير كتب الكتاب اللبنانيون لبنان كتاب عرض نشر كتب كتب كتب كتب كتب كتب أفكار أفكار أفكار سياسة أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الدول العربیة العالم العربی بین الدول

إقرأ أيضاً:

كيف اختزلت حادثة ماغديبورغ مدى الاحتقان الطائفي والعرقي والسياسي الذي ينخر في جسد الوطن العربي؟

بسبب العلاقة المتوترة بين طهران وأغلبية الدول العربية، استغلت بعض الردود حالة العداء بين المعسكرين، وحاولت الربط بين الجمهورية الإسلامية ومذهب المهاجم الذي يقولون إنه من القطيف شرق السعودية أي حيث تسكن الأقلية الشيعية وقال أحدهم إن في قلب طالب عبد المحسن "خميني صغير"

اعلان

 ردود فعل عربية واسعة أثارها الهجوم على سوق الميلاد في مدينة ماغديبورغ الألمانية بعد الكشف عن هوية المشتبه به في تنفيذ العملية وهو طالب عبد المحسن الذي وصل ألمانيا عام 2006 كلاجئ.

وقد سارعت دول عربية عدة منها السعودية وقطر لإدانة الاعتداء الذي أسفر حتى الآن عن مقتل خمسة أشخاص على الأقل وإصابة 80 آخرين.

وإلى جانب المواقف الرسمية المستنكرة لما حدث، ضجت مواقع التواصل بردود أفعال متناقضة، حيث وجد كل طرف ضالته لتسجيل النقاط، كلّ حسب انتمائه واتجاهه الأيديولوجي والسياسي.  

فقد عكست تلك الردود حالة الاستقطاب الطائفي والعرقي والسياسي السائدة في العالم العربي خصوصا في ظل التطورات الجيوسياسية الحالية مثل الوضع في سوريا والحرب في غزة إضافة إلى حالة الكباش بينإيران والدول العربية.  

بين غزة وماغديبورغ

من الردود التي زخرت بها منصات التواصل، تلك المقارنة بين تناول حادثة ماغديبورغ والحرب الدائرة في غزة. فتساءلوا عن أسباب التفاعل العربي تجاه الواقعة في ألمانيا فيما تُركت غزة لمصيرها وهي تحصي ضحاياها الذين جاوزوا 45 ألفا ناهيك عن عشرات الآلاف من الجرحى.

"المهاجم ملحد"

سلط كثيرون من رواد مواقع التواصل الضوء على المعتقدات الدينية للطبيب المهاجم وأنه ترك الإسلام وأصبح ملحدا. وفي هذه محاولة لدرء صفة الإرهاب باسم الدين والتي طالما كانت لصيقة بأغلب من نفذوا اعتداءات في أوروبا باسم هذه الديانة. 

كما انتقدوا طريقة تعاطي الإعلام الغربي مع الهجوم وقالوا إن الحادثة لم تلق الاهتمام الذي تستحق وأنهم لم يروا تهويلا لما جرى حسب رأيهم، وتساءلوا إن كان إلحادُ المشتبه به هو السبب في إشارة إلى أن الأنظار تتجه فقط حين يكون الجاني مسلما.

جنسية المهاجم

في السعودية مثلا وكل من يؤيدها، كانت هناك محاولة لإبعاد أية شبهة قد تطال هذا البلد بالنظر لمأساة اعتداءات 11 سبتمبر وكون بعض المهاجمين وقتها كانوا يحملون جواز سفر سعوديا. كما ركزوا على أن طالب عبد المحسن كان معارضا للنظام في المملكة وأن الرياض قد سحبت منه الجنسية وطلبت من برلين تسليمه لكن ألمانيا رفضت بدعوى حماية حرية التعبير وحقوق الإنسان.  

وذهب بعضهم إلى حد القول إن السعودية قد حذرت السلطات في هذا البلد من خطر المشتبه به. كما تم نشر محتوى لم يتم التحقق من صحته، يكشف عن محادثة على واتساب بين فتاة سعودية ومصالح أمنية ألمانية تحذر فيها من احتمال إقدام طالب عبد المحسن على تنفيذ اعتداء في ألمانيا ويعود تاريخ المحادثة لأكثر من سنة. 

كما انتقد كثيرون تعامل الدول الغربية مع المعارضين العرب بدعوى حماية حقوق الإنسان وحرية التعبير، وقال بعضهم إن ألمانيا تتحمل وزر مقاربتها تلك وأن الغرب عامة يدفع ثمن مواقفه. 

إيران والشيعة

وبسبب العلاقة المتوترة بين طهران وأغلبية الدول العربية، استغلت بعض الردود حالة العداء المستفحل بين المعسكرين، وحاولت الربط بين الجمهورية الإسلامية ومذهب المهاجم الذي يقولون إنه من القطيف شرق السعودية أي حيث تسكن الأقلية الشيعية وقال أحدهم إن في قلب طالب عبد المحسن "خميني صغير" حسب ما كتب في منشور على منصة إكس.

بل إن بعضهم ربط الحادث بإيران التي دعمت النظام المخلوع في سوريا، وقال إنها محاولة للانتقام من برلين لأن ألمانيا حمت المدنيين السوريين أثناء الحرب  الأهلية التي عصفت بهذا البلد منذ عام 2011. 

في المقابل، سلط آخرون الضوء على موقف المشتبه به من إيران وأنه كان ينشر محتوى معاديا لطهران ومؤيدا لإسرائيل والصهيونية حسب قولهم، فضلا عن أنه أعاد نشر تغريدة حاكم دمشق الجديد أحمد الشرع المكنّى سابقا أبو محمد الجولاني. 

خصوم السعودية

نفس الموقف اتخذه أصحاب المعسكر الآخر. حيث تم التركيز على جنسية المهاجم ودعا بعضهم للتضييق على جواز السفر السعودي في محاولة حسب رأيهم لتجنب وقوع المزيد من العمليات الإرهابية في حسب تعبيرهم. وذهب آخر إلى حد تحميل الرياض كل ما يجري من أحداث إرهابية حسب تعبيره. 

سوريا

مواطنون عرب آخرون حاولوا ربط هجوم ماغديبورغ بالتطورات الأخيرة في سوريا وسقوط نظام في دمشق. 

اعلان

حيث اتهم أحدهم منفّذَ الهجوم بأنه كان مؤيدا للرئيس المخلوع بشار الأسد، بل ذهب لحد اتهام لشقيقه ماهر بالوقوف وراء العملية وأن هذا الشقيق الهارب إلى كردستان العراق قد عمد قبل ساعات من حادثة ماغديبورغ إلى الاتصال بخلايا نائمة في أوروبا وأمدها بالمال لشن عمليات مماثلة في عدة بلدان من القارة العجوز. 

أما المؤيدون لحكام دمشق الجدد، الذين تطغى عليهم الصبغة الإسلامية بقيادة أحمد الشرع زعيم هيئة تحرير الشام، فقد ربطوا بين أيديلولوجية المهاجم المنتقد لللإسلام ودعاة تأسيس نظام علماني في سوريا بعد رحيل الأسد.

تعليق آخر رأى أن "الإرهاب والكفر" وجهان لعملة واحدة ووصف دعوات العلمانية بالنباح وفق تعبير هؤلاء.

هجوم ماغديبورغ والمسألة الكردية

طفت المسألة الكردية على سطح بعض ردود الأفعال في المنطقة العربية.

اعلان

فهناك من المؤيدين لهذه الطائفة من حاول الربط بين توقيت الهجوم وموقف ألمانيا من أكراد سوريا ودعوتها إياهم لإلقاء السلاح وإبرام صفقة سلام مع النظام الجديد في دمشق. كما أوغل بعضهم في التحليل ونظرية المؤامرة ورأوا صلة بين قتل واشنطن لزعيم داعش أمس في سوريا وأن العملية من صنيعة أجهزة المخابرات حيب قولهم.  

أما الخصوم الذين يناصبون الأكراد العداء، فقالوا إن المهاجم مؤيد لحزب العمال الكردستاني وقوات سوريا الديمقراطية في سوريا.

 ورغم تصريح السلطات الألمانية أن الحادث هو عمل فردي، يظهر أن كل هجوم يحاول البعض إلباسه ثوبا طائفيا عرقيا أو سياسيا كما أن الواقعة تعكس مدى الاستقطاب والاحتقان في منطقة أنكهتها القلاقل والحروب والاضطرابات السياسية. 

Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية "نحفر للعثور على بلاط المنزل".. سوريون يعودون إلى منازلهم المدمرة بعد سنوات من النزوح بعد تشكيل الحكومة الجديدة..آيسلندا تطرح استفتاء حول عضوية الاتحاد الأوروبي بحلول 2027 دراسة تكشف سرًا عمره 5700 عام.. ما السبب وراء تقويم قرون الأغنام في مصر القديمة؟ بشار الأسدألمانياإيرانالسعوديةأبو محمد الجولاني الأكراداعلاناخترنا لك يعرض الآن Next الحرب في يومها الـ 443: الجيش يطلب إخلاء مستشفى كمال عدوان ويواصل سياسة التهجير القسري شمال القطاع يعرض الآن Next خامنئي يتهم أمريكا وإسرائيل بنشر الفوضى في سوريا ويؤكد: "الشباب سيواصلون معارضتهم لحكام دمشق الجدد" يعرض الآن Next حادثة بـ"نيران صديقة" تسقط طائرتين أمريكيتين فوق البحر الأحمر يعرض الآن Next "نحفر للعثور على بلاط المنزل".. سوريون يعودون إلى منازلهم المدمرة بعد سنوات من النزوح يعرض الآن Next نصائح للتوفير في عيد الميلاد.. كيف تحتفل بالأعياد من دون أن تفلس؟ اعلانالاكثر قراءة القيادة المركزية الأمريكية تعلن عن تصفية "أبو يوسف" زعيم داعش في سوريا آيتان على سقف قصر السيسي ومُلْك فرعون الذي لا يفنى.. صورة الرئيس المصري تشعل مواقع التواصل ألمانيا: 5 قتلى على الأقل وإصابة 200 شخص بعملية دهس بسوق عيد الميلاد واعتقال مشتبه به سعودي الجنسية صاروخ باليستي من اليمن يسقط في تل أبيب ويصيب 16 شخصاً بجروح طفيفة إصابة شاب بنيران الجيش الإسرائيلي خلال مظاهرة في ريف درعا السورية اعلان

LoaderSearchابحث مفاتيح اليومبشار الأسدعيد الميلادالحرب في سورياهيئة تحرير الشام كوارث طبيعيةإعصارضحاياالبرازيلالصراع الإسرائيلي الفلسطيني الغذاءاعتداء إسرائيلأوروباالموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactPress officeWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2024

مقالات مشابهة

  • الأربعاء.. الشئون العربية ب"الصحفيين" تستضيف حوارا مفتوحا بعنوان "سوريا إلى أين؟"
  • كيف اختزلت حادثة ماغديبورغ مدى الاحتقان الطائفي والعرقي والسياسي الذي ينخر في جسد الوطن العربي؟
  • الاثنين.. انطلاق الدورة الثانية لملتقى مراكز الفكر العربي بالجامعة العربية
  • رجاء في بريد اللجان الموقرة التي تعمل على موضوع تغيير العُملة
  • أمطار وثلوج على بعض الدول العربية.. طقس الخليج والمغرب العربي
  • غيرترود بِيل.. الجاسوسة التي سلّمت العرب للإنجليز
  • بيرييلو يناقش مع لعمامرة الدور الحاسم الذي يجب أن تلعبه الأمم المتحدة في حل الأزمة بالسودان
  • بيان مشترك من 12 دولة حول الأوضاع الراهنة في أفغانستان من المرأة إلى الإرهاب
  • ما الذي يجري وراء الكواليس!!
  • أهم أنواع الخط العربي التي تزين أرجاء المسجد الحرام