سودانايل:
2025-03-25@19:41:59 GMT

حقوق الإنسان العربي: حالة الإدراك ومناهج التطبيق

تاريخ النشر: 25th, March 2025 GMT

تحوز قضية احترام حقوق الإنسان في بلادنا على الكثير من الإشكاليّات المرتبطة بالإدراك العام لها ولطبيعة تطوّرها، وكذلك مجالات تَحقّقها، ومناهج مُمارستها. فعلى الرَّغم من الإعتراف الدولي العام بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والادّعاء باحترام هذه الحقوق بل وتطبيقها، لكنّ الواقع العملي والتقارير الدولية تشير إلى تراجعٍ كبيرٍ على المستوى العالمي من حيث الممارسة، وذلك مع غياب المعايير الحاكِمة والكيْل بمكياليْن بين البشر، بما دشّن لسقوط قيَم العالم الحرّ، خصوصًا بعد الحرب الوحشية على غزّة ولبنان، واستباحة سوريا من جانب إسرائيل من دون رادعٍ من قانون دولي، بل مع وجود داعمٍ لهذه الممارسات من جانب اليمين الصهيوني والشعبوي في الولايات المتحدة الأميركية، والتي نتج عنها انسحاب الإدارة الأميركية الحاليّة من المفوضيّة الساميّة لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة.


انعكست معطيات تراجع مركزيّة قضايا حقوق الإنسان على واقعنا العربي، حيث برزت فرصة لنُظُم الحكم السياسية، في ممارسة انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان من دون رادعٍ لا داخلي ولا خارجي، وذلك تحت مظلّة ذرائع متعدّدة منها أنّ احترام الإنسان هي مشروطيّة غربية مرتبطة بتحقيق أغراضه في نهب الموارد عبر تقسيم المجتمعات وتدبير المؤامرات المُفضية إلى استغلال الموارد الطبيعية، أو أنّ الغرب يمارِس أيضًا انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، فضلًا عن طبيعة الخصوصية الثقافية العربية وضرورة احترام البنى الاجتماعية من الأعراف والتقاليد التاريخية، والتي قد لا تتماشى مع فكرة المساواة المطلقة وربما يكون الموقف من المرأة العربية على وجه الخصوص هو أهمّ روافع ذريعة الخصوصيّة المرفوعة ليس فقط من جانب النّخب الحاكمة، ولكنها تشكّل أيضًا طبيعة الإدراك المجتمعي العام الغالب.
في هذا السياق، يتمّ تجاهل أنّ احترام حقوق الإنسان، خصوصًا المدنية والسياسية، تتيح سقفًا مرتفعًا لكلّ أنواع الحريات العامة التي هي محفِّزات للإبداع الإنساني، ومحرّكات بذل الجهد، وتحقيق التقدّم العلمي، وكذلك الإقدام على المشاركة السياسية والتعاون الاجتماعي وليس الانسحاب منها ومن كل هذه التفاعلات الأساسية في صناعة تقدّم المجتمعات والدول.
الاعتراف بكافّة أنواع الحقوق كحزمة واحدة ضروري لمواجهة التحدّيات في منطقتنا
يمكن القول إنّ النتائج المباشرة للواقع العربي في مجال انتهاك حقوق الإنسان يصب في مساريْن متوازيَيْن؛ الأول سحب الشرعيّة السياسية تدريجيًا من نُظُم الحكم بما يمهّد للاحتقانات السياسية المهددة للاستقرار. أما المسار الثاني فهو حالة التآكل الراهن، والتي تمظهرت في تراجع مصداقيّة المؤسّسات التنفيذية والتشريعية والقضائية، وانتشار الفساد، وكذلك انخفاض مستوى الرضا العام بسبب سياساتٍ أسفرت عن ضغوط اقتصادية، وتراجع مستوى جودة الحياة في الكثير من الدول العربية، التي انعكست جميعها على تماسك البنية الاجتماعية، وتمظهرت في سلوكيّات العنف المجتمعي، وارتفاع مؤشرات التفكّك الأُسَري، فضلًا عن هجرة العقول المتميّزة من الشباب العربي المتعلّم.
هكذا، نحن أمام تحدّيات كبرى هي مرئيّة إلى حدٍّ كبيرٍ لدى النّخب العربية المثقفة المستقلة، ولكنّها غير مدرَكة ولا مرئيّة إلى حدٍ كبيرٍ لدى النّخب الحاكِمة المستغلّة لحالة تراجع مستوى الاهتمام الدولي بقضايا حقوق الإنسان، والمتجاهِلة تراكم الأثر السلبي لانتهاكات حقوق الإنسان المدنية والسياسية، المرتبطة بتمييز البشر عن الكائنات غير العاقلة، بينما تمارِس النّخب الحاكمة تمييزًا في خطابها السياسي لصالح الحقوق الاقتصادية والإجتماعية متجاهلةً أنّ الاعتراف بكافّة أنواع الحقوق كحزمةٍ واحدة هو ضروري لمواجهة التحدّيات الماثِلة في منطقتنا على الصعيديْن الاقتصادي والاجتماعي، وهي معول الحماية الحقيقية من التغوّل الإسرائيلي على حقوقنا المشروعة في أراضينا، وهي أيضًا الداعم الأساسي لحماية التراب الوطني، ومؤسّسات الدولة في بلداننا.

عروبة 22  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: لحقوق الإنسان حقوق الإنسان

إقرأ أيضاً:

الأمم المتحدة تحتفي باليوم الدولي للحق في معرفة الحقيقة لتعزيز وحماية حقوق الإنسان

تحتفي الأمم المتحدة اليوم الاثنين باليوم الدولي للحق في معرفة الحقيقة بشأن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وكرامة الضحايا، والذي يوافق 24 مارس من كل عام، لتعزيز وحماية حقوق الإنسان.

وذكر مركز إعلام الأمم المتحدة، أن الهدف من الاحتفاء بهذا اليوم هو:الاحتفاء بذكرى ضحايا الانتهاكات الجسيمة والمنهجية لحقوق الإنسان وأهمية الحق في معرفة الحقيقة وإقامة العدالة، والإشادة بالذين كرسوا حياتهم لتعزيز وحماية حقوق الإنسان للناس كافة وجادوا بأرواحهم في سبيل ذلك، والاعتراف بالعمل الهام والقيم الذي اضطلع به المونسنيور أوسكار أرنولفو روميرو من السلفادور الذي شارك بهمة في تعزيز وحماية حقوق الإنسان في بلده وحظي عمله باعتراف دولي لما كتبه من رسائل استنكر فيها حقوق الإنسان التي تتعرض لها أشد فئات السكان ضعفا.

ووفقاً للأمم المتحدة، فإنه كثيرا ما يشار إلى الحق في معرفة الحقيقة في سياق الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان والتجاوزات الجسيمة للقانون الإنساني، فضحايا الإعدام بلا محاكمة والاختفاء القسري، والأشخاص المفقودون، والأطفال المختطفون، وضحايا التعذيب، يطالبون أو يطالب ذووهم بمعرفة ماذا حدث لهم أو لأقاربهم، ويعني الحق في معرفة الحقيقة، ضمنا، معرفة الحقيقة كاملة ودون نقصان في ما يتعلق بالوقائع التي يكشف عنها، والظروف المحددة التي أحاطت بها، ومن شارك فيها، بما في ذلك معرفة الظروف التي وقعت فيها الانتهاكات، وكذلك أسبابها.

وأعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 21 ديسمبر 2010، أن يوم 24 مارس يعتبر يوما دوليا للحق في معرفة الحقيقة فيما يتعلق بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ولاحترام كرامة الضحايا، وتم اختيار التاريخ لأنه في 24 مارس 1980، اغتيل رئيس الأساقفة أوسكار أرنولفو روميرو من السلفادور، بعد إدانة انتهاكات حقوق الإنسان.

وخلصت دراسة أجرتها مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان في عام 2006 إلى أن الحق في معرفة الحقيقة بشأن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والانتهاكات الخطيرة لقانون حقوق الإنسان هو حق غير قابل للتصرف ومستقل، ويرتبط بواجب وواجب الدولة لحماية وضمان حقوق الإنسان وإجراء تحقيقات فعالة وضمان الانتصاف والتعويض الفعالين.

وأكدت الدراسة أن الحق في معرفة الحقيقة، ضمناً، يعني معرفة الحقيقة كاملة ودون نقصان فيما يتعلق بالوقائع التي يكشف عنها، والظروف المحددة التي أحاطت بها ومن شارك فيها، بما في ذلك معرفة الظروف التي وقعت فيها الانتهاكات، وكذلك أسبابها.

وفي تقرير 2009 حول الحق في معرفة الحقيقة، حدد مكتب مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان أفضل الممارسات الكفيلة بإعمال الحق في معرفة الحقيقة إعمالا فعالا، لا سيما الممارسات المتعلقة بالمحفوظات والسجلات التي تخص الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان وبرامج حماية الشهود وغيرهم من الأشخاص المعنيين بالمحاكمات المرتبطة ﺑﻬذه الانتهاكات.

يذكر أنه أنشئت لجنة تقصي الحقائق خاصة بالسلفادور، وفقا لاتفاقات المكسيك المؤرخة في 27 أبريل 1991 للتحقيق في أعمال العنف الخطيرة التي حدثت منذ عام 1980 والتي تطلب تأثيرها على المجتمع معرفة عامة وعاجلة بالحقيقة، ووثقت اللجنة، في تقريرها الصادر في 15 مارس 1993، الحقائق المتعلقة باغتيال القوات المسماة فرق الموت الموالية للحكومة المونسنيور أوسكار أرنولفو روميرو الذي قتل قنصا فيما كان يحتفل بيوم القداس في 24 مارس 1980.

اقرأ أيضاًمبعوث الأمم المتحدة: المبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية جمعت بين التطور والاستدامة

أمين عام الأمم المتحدة يدعو للتصديق على اتفاقية القضاء على التمييز العنصري

الأمم المتحدة تدعو لوقف التصعيد الخطير في الضفة الغربية

مقالات مشابهة

  • مشيرة خطاب: الأوضاع المأساوية للفلسطينيين تعكس تحديات حقوق الإنسان بالمنطقة
  • مشيرة خطاب: تحديات المنطقة تستدعي احترام الحقوق الأساسية وصون كرامة الإنسان
  • الأمم المتحدة تحتفي باليوم الدولي للحق في معرفة الحقيقة لتعزيز وحماية حقوق الإنسان
  • اليوم الدولي للحق في معرفة الحقيقة بشأن انتهاكات حقوق الإنسان
  • غداً.. عقد احتفالية اليوم العربي لحقوق الإنسان
  • القومي لحقوق الإنسان وحماية المنافسة يناقشان التنافسية العادلة
  • لجنة الدراما بالقومي لحقوق الإنسان تقيم أعمال رمضان الفنية
  • القومي لحقوق الإنسان يصدر "تقرير حالة الدراما من منظور حقوقي"
  • العربي الأوروبي لحقوق الإنسان يُدين العدوان الإسرائيلي في غزة