كيف يمكن فهم استراتيجية ترامب الخارجية؟
تاريخ النشر: 25th, March 2025 GMT
أثارت سياسة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الخارجية جدلًا واسعًا، إذ وصفها البعض بأنها تجارية، انعزالية، أو حتى استبدادية ومدفوعة بالنزوات، إلى حدّ أنها تتعارض مع المصالح الوطنية الأمريكية. غير أن المستشار في الشؤون الدفاعية، الدكتور فيكتور أبراموفيتش، يرى أن هذه التحليلات تتجاهل بُعدًا أكثر عمقًا في سلوكيات ترامب، وهو إعادة تقييم استراتيجية الولايات المتحدة الكبرى على مدى القرن الماضي، والتي ارتكزت على الهيمنة العالمية الليبرالية والتوازن الخارجي.
إعادة حسابات ترامب المحتملة تعني ثلاثة أمور رئيسية لحلفاء أمريكا
ما ملامح الاستراتيجية الأمريكية التقليدية؟كتب أبراموفيتش في تقرير نشره "معهد لوي" الأسترالي أن أحد الأهداف الأساسية لاستراتيجية واشنطن كان منع أي قوة أخرى من السيطرة على مراكز النفوذ العالمية، خاصة في أوروبا، آسيا، والشرق الأوسط، حيث يمكن لدولة مهيمنة في إحدى هذه المناطق أن تحشد مواردها لتشكّل تهديداً لأمريكا مستقبلاً.
ترامب يعيد خلط أوراق اليمين المتشدد في أوروبا - موقع 24عندما اجتمع كبار القادة العسكريين لدول حلفاء أوكرانيا في لندن يوم 20 مارس (آذار) لمناقشة إمكانية تشكيل قوة لحفظ السلام، كان هناك غائب بارز: رئيس أركان الدفاع الإيطالي الجنرال لوتشيانو بورتولانو، الذي أوفد ممثلين أقل رتبة، في خطوة وصفتها مجلة "إيكونوميست" بأنها ذات دلالة.
ولتحقيق ذلك، اعتمدت الولايات المتحدة على دعم القوى المحلية لموازنة نفوذ أي قوة صاعدة، مما كان أقل كلفة من التدخل العسكري المباشر. لكن هذا النهج شهد تباينات عبر العقود. فبعد الحرب الباردة، تبنّت واشنطن هيمنة عالمية عبر قواعد عسكرية وتحالفات وتدخلات سريعة لاحتواء التهديدات، بينما كان النهج السائد قبل عام 1945 يقوم على التوازن الخارجي، حيث بقيت القوات الأمريكية داخل أراضيها ولم تتدخل إلا عند الضرورة القصوى، كما في الحربين العالميتين.
وفي كلتا الحالتين، سعت واشنطن إلى تعزيز اعتماد حلفائها عليها، لا سيما في المجالين النووي والعسكري، ما جعلهم أكثر تبعية للولايات المتحدة ودفعهم لدعم حروبها، في حين استفادوا من إنفاق أقل على الدفاع الذاتي.
حسابات ترامب الجديدةاستمرت هذه الاستراتيجية لعقود، مما جعل الكثيرين يعتقدون أن أمريكا لن تغيّر نهجها. لكن مع تصاعد التكاليف، بدأت تحذيرات من أن واشنطن قد تتخلى عن بعض أعباء الهيمنة العالمية، خصوصاً وأن موقعها الجغرافي يحميها من التهديدات المباشرة.
ترامب يطلق ثورة أمريكية ثانية.. ولكن ضد العالم هذه المرة - موقع 24بعد مرور شهرين فقط على تنصيبه رئيساً للولايات المتحدة لولاية ثانية، بات واضحاً أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يقود ثورة في السياسة الخارجية الأمريكية، ستؤدي إلى انقلاب النظام الدولي رأساً على عقب، من خلال زعزعته لاستقرار المؤسسات الراسخة، وأنماط التعاون الدولي المستقرة وتدميرها.
ويبدو أن ترامب تبنّى هذا المنظور، وهو ما يفسّر العديد من قراراته في السياسة الخارجية. فقد سعى إلى تقليص الإنفاق العسكري التقليدي مقابل تعزيز قدرات مثل "درع القبة الذهبية" لحماية أمريكا من التهديدات العابرة للحدود.
كما دفع الحلفاء لزيادة إنفاقهم الدفاعي وتحسين فرص واشنطن الاقتصادية، عبر مزيج من الضغوط والمجاملات للقوى الكبرى.
وفي أوروبا، رأى ترامب أن خطر الغزو ضعيف نظراً لتشرذم دول القارة وضعف روسيا، فلماذا الإبقاء على وجود عسكري هناك؟ أما في آسيا، فالصين تمثل تهديداً متزايداً يتطلب استثمارات أمريكية أكبر، ما يطرح خيار صفقة كبرى مع بكين تضمن مصالح واشنطن الاقتصادية مقابل تقليص وجودها العسكري في المنطقة.
إلحاح ترامب على حلول سريعة يصطدم بالوقائع الدبلوماسية - موقع 24في النزاعات الدولية، يكون الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في عجلة من أمره. وحتى قبل أن يتسلم ولايته الثانية، ادعى فضله في "وقف النار الملحمي" في غزة. وسارع إلى الحصول على موافقة أوكرانيا وروسيا على هدنة، وبالنسبة لإيران، يريد ترامب اتفاقاً في غضون شهرين، لمنع طهران من تطوير سلاح نووي.
تداعيات محتملة على الحلفاءيرى أبراموفيتش أن إعادة تقييم ترامب للاستراتيجية الأمريكية تحمل ثلاثة تداعيات رئيسية لحلفاء واشنطن:
1- نهاية عهد الضمانات التقليديةلم يعد بالإمكان الاعتماد على الهيمنة الأمريكية كما في السابق، فحتى لو كان نهج التوازن الخارجي منطقياً، فإن تغيّر الاستراتيجية قد يصبح نهجاً دائماً، ليس مع ترامب فقط، بل ربما مع إدارات أمريكية مستقبلية.
2- ضرورة زيادة الإنفاق الدفاعيعلى الحلفاء تعزيز قدراتهم الدفاعية لمواجهة تراجع الدور الأمريكي. لكن هذا قد يكون سيفاً ذا حدين، إذ إن تحصّن الدول الإقليمية ضد موسكو وبكين قد يُشجّع واشنطن على الانسحاب أكثر.
3- التقليل من الاعتماد على أمريكا بذكاءمن الضروري أن تبحث الدول عن خيارات بديلة، لكن بحذر، خصوصاً في ظل إدارة غير متوقعة مثل إدارة ترامب. بالنسبة إلى أستراليا، على سبيل المثال، برزت دعوات لنهج أكثر استقلالية في السياسة الخارجية والدفاعية. ومن بين الخيارات المطروحة، تسريع شراء الأسلحة الأمريكية التي يمكن الحصول عليها بسرعة، مع تجنب الالتزامات طويلة الأمد مثل شراء غواصات نووية، إذ قد يتم إلغاؤها في أي لحظة بقرار أمريكي مفاجئ.
لن تعجب ترامب.. سيناريوهات محتملة لضم كندا إلى الولايات المتحدة - موقع 24يريد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ضم كندا وجعلها الولاية الأمريكية الرقم 51، وإذا ما مضى في سبيل هذه الغاية، فثمة "عواقب غير مقصودة" ستحدث.
وختم أبراموفيتش بالقول: "هناك الكثير مما يجب فعله، وبسرعة".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: وقف الأب رمضان 2025 عام المجتمع اتفاق غزة إيران وإسرائيل غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية ترامب ترامب الولايات المتحدة أمريكا الرئیس الأمریکی دونالد ترامب
إقرأ أيضاً:
رسائل تركية حاسمة من واشنطن.. ماذا طلب فيدان من نظيره الأمريكي؟
يتوجه وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، اليوم إلى الولايات المتحدة في زيارة رسمية إلى واشنطن، حيث سيلتقي بنظيره الأمريكي، ماركو روبيو. وتعد هذه الزيارة الثنائية الأولى التي تتم خلال فترة إدارة ترامب الجديدة.
وسيبحث فيدان خلال لقاءاته الخطوات الاستراتيجية التي يمكن اتخاذها في العلاقات التركية-الأمريكية، كما ستشمل المحادثات التحضيرات للقاء المرتقب بين الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، ونظيره الأمريكي، دونالد ترامب، خلال زيارة منتظرة لأردوغان إلى الولايات المتحدة.
التعاون في مكافحة الإرهاب
سيعرض فيدان رؤية أنقرة وتوقعاتها بشأن القضايا الإقليمية التي تهم تركيا، مشددًا على دعم أنقرة لاستقرار سوريا ووحدة أراضيها. كما سيثير مسألة رفع العقوبات المفروضة على سوريا، مؤكداً أهمية تعزيز التعاون بين تركيا والولايات المتحدة في مجالات المساعدات الإنسانية وإعادة الإعمار.
وسيناقش فيدان مع نظيره الأمريكي ضرورة التنسيق في محاربة تنظيم داعش، وتأمين إدارة المخيمات في سوريا. كما سيؤكد على أهمية تعزيز التعاون في مكافحة التنظيمات الإرهابية، ولا سيما تصفية عناصر تنظيم PKK/YPG الإرهابي الذي يعمل تحت مظلة “قوات سوريا الديمقراطية” (SDG)، إضافةً إلى مكافحة تنظيم “غولن” (FETÖ).
اقرأ أيضاحشود غاضبة تتوافد إلى “شاه زاده باشي”.. ماذا…
الثلاثاء 25 مارس 2025ملف العقوبات وقضية الطائرات F-35
سيناقش فيدان أيضًا مسألة العقوبات المفروضة على تركيا بموجب قانون “كاتسا” (CAATSA)، داعيًا إلى بدء العمل على رفعها، بالإضافة إلى بحث إمكانية إعادة تركيا إلى برنامج الطائرات المقاتلة F-35. كما سيطالب برفع العوائق أمام عمليات التوريد في الصناعات الدفاعية، مشدداً على ضرورة مواءمة التعاون الدفاعي مع الحقائق الجيوسياسية. وسيلفت إلى أن اتخاذ هذه الخطوات سيسهم في تحقيق الهدف المشترك المتمثل في رفع حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى 100 مليار دولار.
رسالة: “مستعدون للمساهمة”
ومن بين الملفات التي ستتم مناقشتها أيضاً، الجهود المبذولة لإنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا. وسيؤكد فيدان أن تركيا دعمت منذ البداية الجهود الدبلوماسية لإنهاء النزاع، مشيراً إلى استعداد أنقرة لدعم المبادرات التي تقودها الولايات المتحدة لتحقيق وقف إطلاق النار.