سودانايل:
2025-03-25@20:55:29 GMT

وضعية الكنابي في الحرب- مأساة التهميش والاستغلال

تاريخ النشر: 25th, March 2025 GMT

عندما وقعت الأحداث المؤلمة في الكنابي بولاية الجزيرة، انصرفتُ للبحث عن مصادر موثوقة للمعلومات، مما أدى إلى تأخير كتابة هذا التحليل. ولكن بفضل الجهود الصادقة والآراء الثمينة التي تلقيتها من العديد من أبناء وبنات الكنابي، تمكنتُ من إخراج هذا المقال بصورته النهائية. أود أن أتقدم لهم بجزيل الشكر، فقد كانوا خير معين في تسليط الضوء على هذه القضية الجوهرية.


هذا المقال يستند إلى شهادات موثقة وتقارير ميدانية تكشف كيف تحولت الكنابي، تلك التجمعات العمالية التي شكلت العمود الفقري للزراعة السودانية، إلى ساحة لصراع وجودي. فبينما لعبت دورًا حيويًا في الاقتصاد الزراعي، ظلت تعاني تهميشًا هيكليًا ممتدًا لعقود، تفاقم مع الحرب الحالية، ليجعل من هذه المجتمعات نموذجًا صارخًا للظلم التاريخي والاستغلال المنهجي.
النشأة والتكوين: جذور التهميش
الأصول التاريخية
نشأت الكنابي عام 1925 كمساكن مؤقتة لعمال مشروع الجزيرة، الذي كان آنذاك أكبر مشروع زراعي مروي في إفريقيا. لكن مع مرور الوقت، تحولت إلى مجتمعات مستقرة، يتكون سكانها من:

70% من دارفور وكردفان.

20% من دول الجوار (تشاد، جنوب السودان).

10% من مجموعات سودانية أخرى.

الإطار القانوني المُهمِّش
كرست القوانين السودانية التمييز ضد سكان الكنابي عبر سياسات ممنهجة، أبرزها:

قانون الأراضي (1945): منع العمال الزراعيين من تملك الأراضي، رغم استصلاحهم لها لعقود.

قانون الجنسية (1957): اشترط الانتساب العرقي في المادة 3، مما جعل كثيرين منهم بلا جنسية رسمية.

تعديلات قانون السجل المدني (1994): أبقت على عوائق التسجيل القانوني، مما زاد من تهميشهم.

حالة نموذجية:
في عام 2012، رفضت سلطات ولاية الجزيرة تسجيل 5,000 شخص من سكان الكنابي في السجل المدني، رغم امتلاكهم وثائق ميلاد محلية.

أبعاد التهميش المتشابكة
الاستغلال الاقتصادي الهيكلي
يعتمد سكان الكنابي على أنظمة تشغيل زراعي غير عادلة تجعلهم في دائرة الفقر الدائم:

النظام حصة العامل المخاطر
المزارعة 10-15% من المحصول يتحمل خسائر الجفاف والفيضانات
الإيجار دفع مقدم 50% من العائد فقدان الحقوق عند التخلف عن السداد
الأجر اليومي 500-700 جنيه سوداني (أقل من دولارين) لا تأمين صحي أو اجتماعي
الإقصاء الاجتماعي والخدمي
التعليم: معدل الأمية بين كبار السن في الكنابي 85% (مقابل 42% المعدل الوطني).

الصحة: مركز صحي واحد لكل 50,000 نسمة، بينما المعيار الدولي هو مركز لكل 10,000.

السكن: 92% من المنازل مصنوعة من القش والطين، مما يجعلها غير آمنة بيئيًا وصحيًا.

وثيقة صادمة-
وفق تقرير وزارة الصحة السودانية لعام 2021، توفيت 78 امرأة أثناء الولادة في كنابي الجزيرة بسبب غياب المرافق الصحية.

الحرب: تسارع الانهيار
أنماط الاستهداف
الاستهداف العسكري
وثّقت الأمم المتحدة (2023) استخدام 30 كنبو كمخازن أسلحة، مما جعلها هدفًا عسكريًا.

في النيل الأزرق، تم إعدام 47 عاملاً بتهمة "التعاون مع الطرف الآخر".

الإقصاء الاجتماعي والقمع السياسي
مُنع سكان 15 كنبو من دخول الأسواق القروية المجاورة.

حُرقت 320 منزلاً في حملة تطهير مزعومة ضد "المهاجرين".

الحلول: نحو عدالة تأسيسية
الإطار القانوني
إلغاء المادة 3 من قانون الجنسية، لضمان الاعتراف القانوني بهم.

تبني قانون حقوق العمال الزراعيين، لضمان حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية.

الإصلاح العملي
إطلاق برنامج السجل المدني المتنقل، لتسجيل المهمشين في أماكنهم.

إنشاء صندوق تعويضات الحرب، برصد 5% من عائدات المشاريع الزراعية لصالح الكنابي.

تأسيس محاكم مختصة، للنظر في انتهاكات حقوق العمال الزراعيين.

تصورات استشرافية
تُمثل أزمة الكنابي اختبارًا حقيقيًا لمفهوم المواطنة في السودان. فبينما تساهم هذه المجتمعات بنسبة 40% من إنتاج القطن و35% من الذرة في السودان، تظل خارج حسابات التنمية الوطنية.
إن الحل لا يكمن في الإغاثة المؤقتة، بل في إعادة هندسة العقد الاجتماعي على أسس عادلة، تنصف هذه الفئة التي لطالما شكلت العمود الفقري للاقتصاد الزراعي. وكما قال أحد شيوخ الكنابي:

*"نحن جذور الشجرة التي يأكل الجميع ثمارها، بينما تُتركونا نموت تحت التراب."

zuhair.osman@aol.com

   

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

فرحة تتحول إلى مأساة.. غرقت أثناء احتفالها بنجاحها في هولندا

تحول احتفال طالبة بريطانية متفوقة بنجاحها في اختبارات اللحاق بالجامعة إلى مأساة مروعة، بعدما لقيت مصرعها غرقاً أثناء رحلة مع أصدقائها في هولندا، تاركة وراءها عائلة مكلومة ومستقبلاً واعداً لم يكتمل.

ووفقاً لصحيفة "ذا صن"، فقد وقع الحادث خلال رحلة مع أصدقائها إلى هولندا، حيث واجهت تيارات مائية قوية أثناء السباحة في أحد سواحل مدينة لاهاي.

رحلة تنتهي بكارثة

وسافرت الشابة إلى هولندا برفقة أصدقائها في أغسطس الماضي، بعدما قررت والدتها الدكتورة حنان عبدالعزيز مكافأتها على تفوقها الأكاديمي، حيث كانت تستعد لبدء دراستها في جامعة ليفربول، إذ حصلت على قبول في تخصص العلوم الطبية الحيوية، كخطوة أولى نحو تحقيق حلمها في دراسة طب الأسنان.

وبينما كانت تسبح مع أصدقائها، جرفتها تيارات قوية بشكل مفاجئ، ولم تفلح محاولات إنقاذها، وبعد جهود مكثفة من فرق الطوارئ، تم العثور عليها، وقد فارقت الحياة، في حادث صادم هزّ عائلتها وأصدقاءها.

نعي وتكريم

والدتها المكلومة وصفت ابنتها بأنها كانت "روحاً مشرقة وموهبة نادرة"، مؤكدة أنها لم تكن مجرد طالبة متفوقة، بل أيضاً شخصية ملهمة تمتلك مهارات فنية استثنائية.

ووفقاً لوالدتها، فقد أتقنت العزف على البيانو والجيتار، كما كانت عضواً بارزاً في جوقة الغناء بمدرستها. كما كرست جزءاً من وقتها لمساعدة الأطفال، حيث كانت تقدم دروساً مجانية في الرقص.

في سياق آخر، قررت الأم عدم ترك مأساة ابنتها تذهب سدى، حيث أسست مؤسسة خيرية تحمل اسم "Afaf Above the Water"، تهدف إلى نشر الوعي بمخاطر السباحة في المياه المفتوحة، وإنقاذ حياة الشباب الذين قد يواجهون المصير نفسه.

وقالت: "ابنتي كانت كل شيء في حياتي، ولن أدع ذكراها تختفي، سأعمل على أن تظل مصدر إلهام، حتى لا تعاني عائلات أخرى مما مررنا به".

ولم يقتصر الحزن على عائلتها، بل امتد ليشمل مدرستها، التي كرّمتها بزرع شجرة تذكارية في ساحة المدرسة تخليداً لذكراها، كما وصفها زملاؤها بأنها كانت "شخصية لا تُنسى" و"نموذجاً في الاجتهاد والتفاني"، خاصة في دورها كمرشدة للطلاب الجدد.

من ديزني إلى المشرحة.. أم تنهي حياة ابنها وتبلغ الشرطة عن نفسها! - موقع 24شهدت مدينة سانتا آنا في ولاية كاليفورنيا الأمريكية جريمة مروعة راح ضحيتها طفل يبلغ من العمر 11 عاماً، حيث وُجد مقتولاً داخل غرفة فندق بعد رحلة ترفيهية إلى ديزني لاند برفقة والدته.

مقالات مشابهة

  • السودان يتمسك بموقفه حول وضعية أبيي ويرفض الإجراءات الأحادية
  • النائب العام يطلع السيادي على قانون التعويضات للمتأثرين بالحرب
  • كيف استقبل سكان غزة عودة حرب لا تريد أن تضع أوزارها؟
  • مأساة الشعوب وجعجعة الاعلام التهريجي!
  • فرحة تتحول إلى مأساة.. غرقت أثناء احتفالها بنجاحها في هولندا
  • ماهي المكاسب التي تنتظرها واشنطن من مفاوضات إنهاء الحرب في أوكرانيا ؟
  • الجزيرة 360 تطلق وثائقيا بعنوان ثمن الحرب.. الرواية الإسرائيلية لأزمة الاحتلال (شاهد)
  • إدارة ترامب تدافع عن "صلاحيات استثنائية" لترحيل مهاجرين
  •  المالية النيابية تستبعد تعديل قانون التقاعد ورفع السن القانوني خلال 2025