أعربت كبرى شركات الذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة عن مخاوفها من فقدان الريادة الأمريكية في هذا المجال، في ظل التقدم السريع الذي تحرزه الصين.

في تقارير قدمت إلى الحكومة الأمريكية خلال مارس 2025، حذرت شركات مثل "أوبن أي آي" (OpenAI) من تطور النماذج الصينية، مثل "DeepSeek R1"، الذي أصبح أكثر تطورًا وتنافسية.

 

الصين تضيق الفجوة في الذكاء الاصطناعي

وأكدت هذه الشركات أن الفجوة التقنية بين الصين والولايات المتحدة تتقلص بسرعة، مما يشكل تحديًا كبيرًا من حيث الإمكانيات والأسعار.

تعد "DeepSeek R1" نموذج ذكاء اصطناعي مدعومًا من الحكومة الصينية، ما يثير قلق الشركات الأمريكية بشأن احتمال استخدامه للتأثير على تطوير الذكاء الاصطناعي عالميًا. 

وقارنت "OpenAI" هذا النموذج بشركة "هواوي" (Huawei)، مشيرة إلى أن القوانين الصينية قد تجبره على الامتثال لأوامر الحكومة، مما قد يشكل تهديدًا للأمن السيبراني الأمريكي.

OpenAI تكشف عن أدوات جديدة لإنشاء وكلاء الذكاء الاصطناعيOpenAI تستعد لإطلاق وكلاء الذكاء الاصطناعي باشتراك 20 ألف دولار شهرياأزمة الرقاقات تهدد إطلاق GPT-4.5.. هل تواجه OpenAI مأزقًا تقنيًا؟OpenAI توسع إتاحة ميزة البحث العميق لمشتركي الخطط المأجورة«OpenAI» تعلن إطلاق وكيل الذكاء الاصطناعي «Operator» لمشتركي ChatGPT Pro في عدة دولالمنافسة الصينية تتوسع بأسعار تنافسية

لم يقتصر الأمر على "DeepSeek R1"، بل طرحت شركة "بايدو" (Baidu) نموذجين جديدين"Ernie X1" و"Ernie 4.5"، لمنافسة النماذج الغربية.

 ووفقًا لبايدو، فإن "Ernie X1" يوفر أداءً مماثلًا لـ"DeepSeek R1" ولكن بنصف التكلفة، بينما يأتي "Ernie 4.5" بسعر أرخص بـ 99% مقارنة بـ "GPT-4.5" الخاص بشركة "OpenAI"، مع تفوقه في عدة اختبارات أداء.

تشكل هذه الأسعار ضغطًا هائلًا على الشركات الأمريكية، حيث أفادت شركة "Bernstein Research" أن نماذج "DeepSeek R1" و"V3" تُباع بأسعار أقل بنسبة 20 إلى 40 مرة مقارنة بنظيراتها الأمريكية. كما أن "بايدو" تتبنى استراتيجية "المصدر المفتوح"، ما يعني أنها تتيح برمجياتها للمطورين حول العالم، مما يعزز من انتشارها السريع.

فيما بدأ المستثمرون والمطورون بالفعل في تجربة النماذج الصينية الجديدة، حيث وصف المستثمر "ألفين فو" أداءها بأنه "مبهر" بعد اختباره لفترة طويلة.

مخاوف أمنية واقتصادية في الولايات المتحدة

تتخوف الشركات الأمريكية من المخاطر الأمنية والاقتصادية التي قد تنجم عن هذا التفوق الصيني. حذرت "OpenAI" من أن القوانين الصينية قد تُستخدم لإجبار "DeepSeek" على تنفيذ عمليات اختراق إلكتروني أو التأثير على البنية التحتية الحساسة.

من جهتها، ركزت شركة "Anthropic"، المطورة لنموذج "Claude 3.7 Sonnet"، على المخاطر البيولوجية، مشيرة إلى أن الذكاء الاصطناعي قد يُستخدم في تطوير أسلحة بيولوجية. 

كما دعت إلى فرض قيود أقوى على تصدير رقائق الذكاء الاصطناعي، خوفًا من أن تتمكن الصين من الاستفادة منها لتعزيز تقدمها.

أما "جوجل"، فتبنت موقفًا أكثر حذرًا، حيث اعترفت بالمخاطر الأمنية، لكنها حذرت من أن فرض قيود صارمة على تصدير تقنيات الذكاء الاصطناعي قد يُضعف قدرة الشركات الأمريكية على المنافسة عالميًا.

كيف تحافظ الولايات المتحدة على ريادتها في الذكاء الاصطناعي؟

اتفقت الشركات الأمريكية الثلاث على أن الحكومة بحاجة إلى استثمارات ضخمة في البنية التحتية لمواكبة المنافسة.

"Anthropic" حذرت من أن تدريب نموذج ذكاء اصطناعي متقدم واحد قد يتطلب ما يعادل استهلاك مدينة صغيرة من الطاقة بحلول 2027، واقترحت بناء 50 جيجاواط من الطاقة المخصصة للذكاء الاصطناعي خلال السنوات الثلاث المقبلة.

"OpenAI" وصفت المنافسة مع الصين بأنها "معركة بين الذكاء الاصطناعي الديمقراطي والمتحكم فيه من قبل الحكومات"، ودعت إلى دعم السوق الحر لتعزيز التفوق الأمريكي.

"جوجل" أوصت بزيادة تمويل الأبحاث الفيدرالية وتسهيل العقود الحكومية للشركات العاملة في المجال.

دعوات لتنظيم قطاع الذكاء الاصطناعي في أمريكا

طالبت الشركات الثلاث بوضع إطار تنظيمي موحد على مستوى الحكومة الفيدرالية بدلًا من تباين القوانين بين الولايات.

اقترحت "OpenAI" نظامًا للرقابة تديره وزارة التجارة الأمريكية، بحيث يُسمح ببيع تقنيات الذكاء الاصطناعي للدول الديمقراطية مع فرض قيود على الدول الاستبدادية.

دعت "Anthropic" إلى تشديد الرقابة على تصدير الأجهزة والبيانات التدريبية للذكاء الاصطناعي لمنع الصين من الحصول على أي ميزة استراتيجية.

فيما شددت "جوجل" على أهمية حماية حقوق الملكية الفكرية، محذرة من أن فرض قيود صارمة على حقوق النشر قد يضع الشركات الأمريكية في موقف ضعيف مقارنة بمنافسيها الصينيين.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الذكاء الاصطناعي المزيد الشرکات الأمریکیة الذکاء الاصطناعی فرض قیود

إقرأ أيضاً:

الذكاء الاصطناعي… أهو باب لمستقبل واعد أم مدخل إلى المجهول؟

في إحدى المناسبات الاجتماعية، وجدت نفسي طرفاً في نقاش محتدم حول الذكاء الإصطناعي. كان بعض الحاضرين يرونه المستقبل الحتمي، الذي لا مهرب منه، وأنه سيُحدث نقلة نوعية في حياتنا، جاعلاً إياها أكثر يسرًا وإنتاجًا. وعلى الضفة الأخرى، وقف من يراه تهديدًا داهمًا، وكابوسًا مقبلًا قد يعصف بوظائف البشر، وربما يُفضي إلى نهايات مأساوية لا تختلف كثيرًا عمّا تُصوّره أفلام الخيال العلمي. وبين هذين الرأيين، جلست متأملاً، أتساءل: ما الذي يدعو بعض الناس إلى هذا الخوف العميق من الذكاء الإصطناعي؟
طالعتُ مؤخرًا مقالًا تناول هذه المسألة بشيء من التحليل، وبيّن أن رفض الذكاء الإصطناعي لا يعود إلى الخشية من فقدان الوظائف فحسب، بل يمتد إلى أسباب نفسية أعمق وأبعد غورًا. ومن أبرز هذه الأسباب، أن الذكاء الإصطناعي بالنسبة للكثيرين لا يزال بمنزلة “الصندوق الأسود”؛ يُنجز أعمالًا مبهرة دون أن يُفصح عن كيفية اتخاذه لتلك القرارات أو الأسباب الكامنة خلفها. والبشر بطبيعتهم يميلون إلى الفهم والإدراك، فإذا واجهوا أنظمة تتخذ قرارات غامضة، دون تفسير بيّن، نشأ لديهم شعور بالتهديد. ولذا، فإن الثقة بتقنيات الذكاء الإصطناعي تزداد حين تكون قراراتها مفسّرة ومعلّلة، سيما إذا اقترنت بشروحات مقنعة تبيّن لماذا اختارت هذه النتيجة دون غيرها.
ثم أن ثمة عقبة أخرى، وهي أن الذكاء الإصطناعي يفتقر إلى المشاعر والعواطف. والناس بطبعهم يفضّلون التفاعل مع من يُظهر تعاطفًا وتفهّمًا لحالاتهم النفسية والانفعالية. من هنا، يبدو الرفض واضحًا لاستخدام هذه التقنيات في مجالات تتطلب لمسة إنسانية، كالعلاج النفسي أو تقديم المشورة في العلاقات الشخصية. إلا أن بعض الشركات تسعى لتجاوز هذه المعضلة، بمحاولة إضفاء مسحة إنسانية على الذكاء الإصطناعي، وذلك بمنحه أسماء مألوفة وأصواتًا ودودة، كما هو الحال مع “أليكسا” و”سيري”، مما يُسهّل على المستخدمين التفاعل معه وقبوله.
ومن بين الأسباب التي تُثير حفيظة البعض تجاه هذه التقنية، اعتقادهم بأنها جامدة لا تتغير، ولا تملك مرونة البشر في التعلّم من الأخطاء. فالإنسان، وإن أخطأ، يتعلّم ويطوّر أداءه، بينما يُنظر إلى الذكاء الإصطناعي على أنه آلة صمّاء، لا تعرف التراجع ولا التصحيح. غير أن الحقيقة أن كثيرًا من الأنظمة الذكية مصمّمة لتتعلّم وتتطور مع مرور الوقت، كما نرى في خوارزميات التوصيات لدى “نتفليكس”، التي تتحسّن كلما زاد تفاعل المستخدم معها.
أما أكثر ما يُثير الهلع، فهو الخوف من أن يبلغ الذكاء الإصطناعي حدّ الاستقلال التام، فيتّخذ قرارات دون تدخل بشري، مما يولّد شعورًا بفقدان السيطرة. لذا، ليس من الغريب أن نرى الكثير من الناس يتحفّظون على السيارات ذاتية القيادة، خشية أن تنقلب إلى “آلات مجنونة” تتحكّم في مصائرهم. والحل يكمن في إيجاد توازن دقيق، يُبقي الإنسان داخل دائرة القرار، ويمنحه شعورًا بأنه ما زال ممسكًا بزمام الأمور.
ومهما بلغ الذكاء الإصطناعي من تطوّر وتقدّم، فلن يكون بديلاً عن الإنسان، بل أداة في خدمته، تُعينه على تحسين حياته وتيسيرها. فالرهان الحقيقي لا يكمن في مقاومته أو رفضه، بل في إدراك كيفية التعامل معه بحكمة، بحيث يتحوّل إلى حليف لا خصم، وشريك لا خصيم.

jebadr@

مقالات مشابهة

  • ديب سيك تعزز منافستها مع OpenAI بتحديث نموذجها للذكاء الاصطناعي
  • من يُلام في خطأ طبي يرتكبه الذكاء الاصطناعي؟
  • Gmail يطور ميزة البحث .. الذكاء الاصطناعي يحدد ما تحتاجه أولا
  • الشركات الأميركية تبيع عقودها في العراق إلى شركات صينية
  • الذكاء الاصطناعي… أهو باب لمستقبل واعد أم مدخل إلى المجهول؟
  • نواب بريطانيون يحذرون ستارمر من "مهادنة" ترامب بتخفيض ضرائب شركات التكنولوجيا الأمريكية
  • شركات التكنولوجيا تجهد لإيجاد حلول تكافح التزييف العميق
  • شركات التكنولوجيا تكافح تهديداً عالمياً للأمن السيبراني
  • لماذا تغمر الصين العالم بنماذج الذكاء الاصطناعي القوية؟