ودارت رحى الأيام… فصاغت من طين ضحيان أسطورةً تتحدى الزمن .
لم تكن بدايته إلا كأيّ طفلٍ وُلد بين صخور جبال مران الشمّاء، حيث تُنحت الإرادات من رحم المعاناة، وتُستلهم القوة من صلب الجبال، وُلد السيد القائد عبدالملك الحوثي في ضحيان، تلك القرية الصعدية التي تتنفس تاريخًا من الكفاح، وتُغذّي أبناءها بحليب العزّة والتصميم، لم يعرف في طفولته إلا حُفرًا من الأسئلة عن الظلم، وندوبًا مبكرة من الحروب التي شنّها الظالمون على أهل صعدة.
نشأ في كنف عائلةٍ حملت لواء المشروع القرآني المقاوم ضدّ التهميش والاستبداد، فتعلّم من والده العلامة بدرالدين الحوثي توقير العلم والعلماء والعلوم الدينية ومنهجية البحث العلمي في المباحث الشرعية.
تعلم من أخيه الشهيد القائد حسين بدرالدين الحوثي ومشروعه القرآني أنَّ الحقَّ لا يُنتزع إلا بقبضةٍ تُمسك السيف والقرآن في وجه الظالمين .
ارتقى الشهيد القائد، فحملها السيد القائد، فكانت حروبه ضدَّ جيش النظام الظالم دروسٍ في الصبر والتكتيك، حيث حوَّل الهزائم المؤلمة إلى وقودٍ للانتصار، والجراح إلى شواهدَ على إصرارٍ لا ينكسر.
ودارت رحى الأيام لتجعل من هذا الفتى الريفي قائدا عالميا عرفه العالم حينما هزَّ أعتى قوى الاستكبار العالمي وقلب الجيش اليمني موازين القوة، في مواجهة الأساطيل الأمريكية والبريطانية والصهيونية، أثبت أنَّ الإيمان والاستراتيجية يُغلبان الترسانة النووية.
لم يمتلك ما يمتلكونه من تقنيات وإمكانات متطورة، لكنه حمل إرادةً جعلت عُمالقة العالم يرتجفون، فشلت كلُّ محاولاتهم لكسره، لأنَّ قوة الجبال لا تُقاس بعدد الأسلحة، بل بعمق الجذور.
لم يكن قائدًا عسكريًّا فحسب، بل قائد روحاني يُذكّر الأمّة بأنَّ النصر هبةٌ من الله تُمنح لمن يصدق في القتال، خطاباته كانت شموعًا تضيء درب المُضطهدين، ودعواته كانت سلاحًا لا يُرى في مواجهة أعتى الجبابرة. لم يتخلَّ عن ثقته بوعد الله، حتى حين أحاطت به الحروب من كلِّ حدبٍ، وظلَّ قلبه ينبض بفلسطين قبل أن تُنكأ جراحها الأخيرة.
في اللحظة التي تخاذل فيها العالم عن فلسطين وأبنائها، وقف السيد عبدالملك الحوثي كطود إسناد شامخ .
دعمه لأهل غزّة لم يكن مجرّد خطابٍات معنوية، فسيد القول والفعل نقل المعركة إلى قلب البحر الأحمر، حيثُ أعجزت عمليات الجيش اليمني أعتى الأساطيل، وأغلقت البحار والمحيطات وطبقت معادلة الحصار بالحصار وأغلقت مطار بن غوريون إسنادا وانتصارا لمظلومية أهل غزة .
وأثبت موقف اليمن التاريخي هذا أنَّ دماء الأطفال في فلسطين تُحرّك جبال اليمن لتنكسر أسطورة إسرائيل المحمية على يد صواريخ اليمن ومسيّراته .
السيد القائد ابن مران اليمني العتيد الذي لم تنجح جيوش العالم في كسر إرادته، ولم تُسكت أصواتُ التهديد صرخته: “الموت لأمريكا.. الموت لإسرائيل”، فمن قمم صعدة إلى أطلال غزّة، يبقى درعًا للأمّة، ودرسًا للطغاة أنَّ القيادة الحقيقية تُبنى بالإيمان، لا بالذهب، وبالدماء الزكية، لا بالخيانة.”
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
رسائل اليمن للعدوان الأمريكي في ذكرى غزوة بدر
يمانيون../
تتطور الأحداث في اليمن والمنطقة بشكل متسارع، في ظل التخبط الأمريكي بقيادة المجرم ترامب، وتعاطيه السلبي مع الكثير من الملفات الساخنة.
يختار ترامب طريقَ المواجهة مع اليمن، منطلقًا من خيار القوة الصُّلبة، واللجوء إلى العمل العسكري، معتقدًا أنه خيار سيجلب له الانتصار، ويقدمه كمنجز للشعب الأمريكي، ولحلفاء أمريكا، دون أن يلتفتَ إلى الدروس السابقة لمن سبقه من الرؤساء في البيت الأبيض.
وبشكل مفاجئ، أعلنت واشنطن عدوانًا جديدًا على اليمن في 15 مارس 2025، وهو العدوان الثالث على اليمن، حَيثُ كان الأول مفاجئًا في 26 مارس 2015م، بينما كان الثاني متوقعًا في 12 يناير 2023م، بالتوازي مع دخول اليمن في معركة “طوفان الأقصى” إسنادًا لغزة.
لكن ما يميز هذا العدوان الجديد عن البقية، أنه واضح وبيِّنٌ كالشمس في رابعة النهار؛ فالأمريكي هو المعتدي جهارًا وعلانية، والشعب اليمني ليست لديه شبهة، أَو التباس، أَو شكوك في هُوية المعتدي عليه، مثلما حدث في 2015م، حينما تبنَّت السعوديّة العدوان الأمريكي، وأعلنت الانضمام إليه مع الإمارات وتحالف كبير مؤلَّف من عدة دول، إضافة إلى ذلك أن أمريكا هذه المرة لم تتمكّن حتى من إقناع البريطانيين بالانضمام إليها، وهذه هي تجربة استثنائية للأمريكيين، فكما هو معروف أن استراتيجيتهم في العدوان على الدول تأتي في إطار تحالفات، وليس بشكل منفرد.
هذا السنوات العشر المتتالية، كانت كفيلةً بإقناع أي نظام داخل البيت الأبيض، بعدم المغامرة العسكرية مع اليمن؛ لأَنَّه خيار فاشل، حَيثُ لم تفلح الجهود الأمريكية السابقة، في تحقيق انتصار على اليمن، رغم الظروف التي كان يمر بها من ضعف في قدراته العسكرية، وعدم استقراره سياسيًّا، واجتماعيًّا، وأمنيًّا، وعلى كافة المستويات.
على كُـلٍّ، نبقى في الحدث الأهم، وهو العدوان الأمريكي الجديد على بلدنا، فالمجرم ترامب، يعتقد أنه سيجبر اليمنيين من خلال استخدامه للقوة على الاستسلام والتراجع، وأن الضربات على اليمن ستخيف الإيرانيين، ومحور المقاومة، وستجعلهم يقدمون الكثير من التنازلات، لكن ووفقًا للمؤشرات، فَــإنَّ الرياح تجري بما لا يشتهي ترامب، ومن خلال النتائج الأولى لهذا العدوان، يمكن الخروج بثلاث رسائلَ مهمة وجّهها اليمن إلى العدوَّين الأمريكي والإسرائيلي.
أولًا: الرسالة السياسية:
جاءت هذه الرسالة من أعلى مستوى، وبلسان السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي الذي أكّـد أن العدوانَ الأمريكي الجديد لن يخيفَ الشعبَ اليمني، ولن يجبره على التراجع في موقفه المساند لغزة.
وفي أول رسالة للعدو الأمريكي، قال السيد القائد: “حاملة الطائرات، والقطع الحربية الأمريكية ستكون هدفًا لنا”، مؤكّـدًا أن “قرار حظر الملاحة سيشمل الأمريكي طالما استمر في عدوانه”.
وفيما يتعلق بالتعاطي اليمني مع العدوّ الإسرائيلي أوضح السيد القائد أن موقف الشعب اليمني مشرِّف، ولن يقبل اليمن بإخضاع المنطقة للاستباحة الإسرائيلية.
ولعل أبرز الرسائل التي وردت في خطابَينِ مهمين للسيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله- يوم السادس عشر والسابع عشر من رمضان هو التأكيد على نقطتين مهمتين:- الأولى تتعلق بالعدوّ الإسرائيلي، مفادها: “لا يمكن أن نتفرج على مجاعة الشعب الفلسطيني وأن يكون موقفنا عند هذا المستوى”؛ ما يعني أن الموقف لن يقتصر على منع الملاحة الإسرائيلية في البحر الأحمر، وإنما سينتقل اليمن إلى خيارات أُخرى، قد تكون باستهداف العمق الإسرائيلي بالصواريخ الباليستية والمجنحة والفرط صوتية، وهو الأقرب للتحليل.
أما فيما يتعلق بالعدوان الأمريكي على اليمن، فأكّـد السيد القائد في أهم رسالته “سننتقلُ إلى خيارات تصعيدية إضافية وسنواجه التصعيد بالتصعيد”، وقد أوضح أن الخياراتِ الإضافيةَ ستكونُ مزعجةً ومؤلمةً للعدو الأمريكي، لكن لم تتضح بعد هذه الخيارات.
ثانيًا: الرسالةُ العسكرية:
وبموازاة الموقف السياسي الثوري الواضح لليمن في تعاطيه مع العدوان الأمريكي على اليمن، والحصار الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة، تعمل القوات المسلحة اليمنية، على تطبيقها على أرض الواقع؛ فالمجاهدون من الجيش اليمني يخوضون ملحمة أُسطورية، واشتباكًا غيرَ عادي مع حاملة الطائرات الأمريكية (يو إس إس هاري ترومان) والقطع الحربية التابعة لها في البحر الأحمر، وقد اضطرت هذه الحاملةُ للهروب إلى أقصى شمال البحر الأحمر، وبمسافة 1300 كم عن المياه الإقليمية اليمنية، وهذا أعاق من حركة الطيران، وأحبط المخطّط الواسع للعدوان على اليمن.
لا يستبعد أن تكون القوات المسلحة اليمنية قد لجأت إلى استهداف طائرات العدوّ، بمنظومات دفاعية جوية متطورة، وهذا ما لمح إليه القادةُ العسكريون الأمريكيون، وهذا إن حدث بالفعل، فسيعقد مسار العدوان على اليمن، وسيجبره على التراجع؛ ما يضيف انتصارًا وإنجازًا جديدًا لليمن، وهزيمة وإخفاقًا جديدًا لأمريكا.
ثالثًا: الرسالة الشعبيّة:
وفي ظل تناغم الموقف الرسمي والعسكري، يأتي الموقف الشعبي لأحرار اليمن من خلال الخروج في مسيرات مليونية في ميدان السبعين بصنعاء وعموم محافظات الجمهورية، ليتوج الموقف، ويشكل حالة من التلاقي والوحدة، والانسجام بين الشعب وقيادته العسكرية والثورية والسياسية.
هذا التكامل في وحدة الموقف، هو الحصنُ المنيع لليمن ضد المؤامرات الخارجية، حَيثُ شكّل الصمودُ اليماني على مدى 10 سنوات مضت حائطَ صدٍّ لكل محاولات اختراق السيادة، وأفشل العدوان وتحالفه ومرتزِقته في تحقيق انتصارات على الأرض، وهو أَيْـضًا سيمضي باليمن نحوَ العزة والكرامة والنهوض في المستقبل.
وأمامَ كُـلّ هذه المعطيات، فَــإنَّ المجرمَ ترامب في ورطة حقيقية، فهو بالتأكيد لن يجلبَ الانتصارَ على اليمنيين، وهزيمته ستشكل ضربةً موجعةً لإدارته، ولحلفائه في المنطقة وعلى رأسهم السعوديّ والإماراتي، وأدواتهم من المرتزِقة اليمنيين، وهي فاتحةُ خير لليمن لتحرير أرضه من المحتلّين ومن دنس العملاء.
المسيرة| أحمد داوود