هل تنجو تركيا من الركود العالمي؟ تحليل اقتصادي في ظل الأزمات الأمريكية والأوروبية
تاريخ النشر: 25th, March 2025 GMT
الولايات المتحدة: قوة عظمى على حافة الركود
في الربع الأول من عام 2025، يزداد احتمال حدوث ركود في الاقتصاد الأمريكي بشكل ملحوظ. فزيادة سياسات الحماية التجارية التي قد يفرضها دونالد ترامب في ولايته الثانية، مع خطط تقليص النفقات العامة والضغوط المتزايدة من التضخم، تُعرض الاقتصاد الأمريكي لمخاطر الانكماش.
جي بي مورجان: احتمال الركود 31%.
غولدمان ساكس: 23%.
ثقة المستهلكين في أدنى مستوياتها منذ 2021.
انقلاب منحنى العائد يسرع التسعير الركودي في سوق السندات.
إن الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب، والتي تستهدف العديد من البلدان مثل كندا والمكسيك والصين، تزيد من الضغوط التجارية، مما يجعل الشركات تؤجل استثماراتها بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج. في الوقت نفسه، قد يؤدي إصلاحات الضمان الاجتماعي والموازنة العامة إلى انخفاض الطلب الداخلي. هذه الصورة قد تخلق خطر فقدان التوازن بين الركود والركود التضخمي في الاقتصاد الأمريكي. استمرار ارتفاع التضخم قد يؤدي إلى تأجيل تخفيضات الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي، مما قد يُبطئ النمو بشكل أكبر.
الاتحاد الأوروبي: طريق مختلف يركز على التحفيز
على عكس الولايات المتحدة، يتبع الاتحاد الأوروبي خريطة طريق أكثر توسعية وداعمة للاقتصاد. العديد من الدول مثل ألمانيا وفرنسا وإيطاليا تهدف إلى تحفيز النمو من خلال زيادة الإنفاق العام.
ألمانيا تخطط لزيادة الإنفاق على البنية التحتية والدفاع بنسبة 20%.
حوافز كبيرة للطاقة الخضراء والتحول الرقمي.
البنك المركزي الأوروبي يواصل التوسع النقدي.
هذه السياسات دفعت أسواق الأسهم الأوروبية نحو ارتفاع، حيث سجل مؤشر DAX الألماني وStoxx 600 أداء قويًا. يسعى الاتحاد الأوروبي لجذب رأس المال من الولايات المتحدة وتعزيز العلاقات التجارية مع الصين والشرق الأوسط. ولكن، قد تواجه أوروبا تحديات تتعلق بأمن إمدادات الطاقة، وقضايا الوحدة السياسية، والسياسات المتعلقة بالهجرة، مما قد يختبر استدامة النمو الاقتصادي في المنطقة.
تركيا: البحث عن التوازن بين الولايات المتحدة وأوروبا
أ) التأثير المحتمل للركود الأمريكي على تركيا
ضعف مؤشر الدولار قد يوفر بعض الارتياح لليرة التركية بشكل مؤقت، ولكن تزايد المخاطر العالمية والتطورات السياسية الداخلية قد يعيد تقوية الدولار أمام الليرة.
السياسات الحمائية الأمريكية قد تؤدي إلى صعوبة في تصدير تركيا في قطاعات مثل الدفاع والتكنولوجيا. قد تكون هناك استثناءات في هذا المجال.
قد يؤدي تخفيض الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي إلى تسريع تدفقات رأس المال إلى الدول النامية مثل تركيا، ولكن يجب أن تكون هناك استقرار سياسي داخلي لتحقيق ذلك.
ب) الفرص الناتجة عن سياسات التحفيز الأوروبية لتركيا
غرامة نصف مليار ليرة تركية: تفتيش مكثف في إسطنبول
الثلاثاء 25 مارس 2025قد يتوسع حجم التجارة بين تركيا والاتحاد الأوروبي، خاصة في قطاعات السيارات، الأجهزة المنزلية، وصناعة الدفاع.
الحوافز الأوروبية قد تعزز تدفقات الاستثمارات المباشرة إلى تركيا. هذه الفرص ستعتمد على التطورات السياسية الداخلية الأخيرة.
تسارع نمو الاتحاد الأوروبي قد ينعكس إيجابيًا على العجز الجاري لتركيا وإيرادات السياحة.
الأسواق المالية: تسارع البحث عن الملاذات الآمنة
المصدر: تركيا الآن
كلمات دلالية: تركيا اخبار تركيا اقتصاد الولايات المتحدة اوروبا الاتحاد الأوروبی الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
ترامب يدفع العالم إلى الركود ولا يزال بوسعنا منعه
ترجمة: أحمد شافعي -
لم يبق غير فرصة ضئيلة إن أردنا منع ركود عالمي لا داعي له. ففي الوقت الذي يشهد انفصال الصين والولايات المتحدة، تحتدم حروب تجارية مزعزعة، منذرةً بالانحدار إلى حروب عملات، وفرض حظر على واردات وصادرات واستثمارات وتكنولوجيا، وحرق أسعار مالية من شأنه أن يدمر ملايين الوظائف حول العالم. لا يكاد يبدو من المعقول أن يجثو العالم على ركبتيه بسبب اقتصاد بلد واحد، يعيش خارجه 96٪ من السكان، وينتجون 84٪ من السلع المصنعة في العالم. ولكن برغم أن مسؤولين أمريكيين تحدثوا من قبل عن سياسة تعريفات جمركية قائمة على مبدأ «التصعيد بهدف تهدئة التصعيد»، فإن هدف دونالد ترامب هو إرغام التصنيع على العودة إلى الولايات المتحدة، وتخفيفه لبعض التعريفات لمدة 90 يوما لا يعني أنه ينوي نزع فتيل الأزمة.
في يوم الاثنين الماضي، حذر كير ستارمر من أن العالم لن يعود إلى ما كان عليه من قبل، وذكَّرنا بأن «محاولة إدارة الأزمات دون تغيير جذري لا تؤدي إلا إلى تدهور منظم». وهو على حق. فما تعلمته من أزمة عام 2008 المالية هو أن المشاكل العالمية تقتضي حلولا منسقة عالميا. فلا بد لنا من استجابة دولية جريئة تواكب حجم الطوارئ. وبمثل ما أقام رئيس الوزراء ـ ويحسب هذا له كثيرا ـ تحالفا للدفاع عن أوكرانيا، فلا بد لنا من تحالف اقتصادي من الراغبين: أي قادة العالم متشابهي التفكير المؤمنين بأن علينا في هذا العالم المترابط أن ننسق السياسات الاقتصادية عبر القارات إذا أردنا حماية الوظائف ومستويات المعيشة.
ويتمثل التحدي الملِح في التخفيف من صدمات جانب العرض الناجمة عن جدار ترامب الجمركي. وكما تقترح راشيل ريفز، فإن علينا أن نحافظ على حركة التجارة العالمية. وبرغم أنه ما من أزمتين متشابهتان أبدا، لكن تقديم قروض ممتدة لشركات التصدير والاستيراد كان محوريا في الاستجابة العالمية لانهيار التجارة عام 2009. وعلينا أيضا أن نذكِّر الصين بأنها إن أرادت أن تقدم نفسها بوصفها داعمة للتجارة الحرة، فمن مصلحتها التركيز على توسيع الاستهلاك المحلي بدلا من إغراق الأسواق العالمية بسلع ذات أسعار مخفضة لا تستطيع بيعها الآن في الولايات المتحدة.
غير أن التحديات العالمية تتجاوز بكثير إدارة صدمة الرسوم الجمركية. ولن يكون إنعاش التجارة أمرا سهلا دون تنسيق السياسات الاقتصادية الكلية والمالية عبر القارات. فسوف يرتفع التضخم العالمي، حتى بعد مراعاة التأثير الانكماشي للصادرات الآسيوية منخفضة الأسعار. ولكن هذه الصدمة تهون أمام مشكلة أكبر هي انهيار ثقة المستهلك وتراجع استثمارات الأعمال. ويعني هذا أننا قد نحتاج إلى خفض متزامن لأسعار الفائدة ـ وهي مبادرة يحتمل جدا أن تنضم إليها الولايات المتحدة ـ مدعومة بنشاط مالي في البلاد التي تتوافر فيها مساحات للتوسع.
لقد أقيمت مؤسساتنا الاقتصادية الدولية على اعتقاد مفاده أن استدامة الرخاء تتطلب تقاسمه، وأنه لا يمكن تحقيق النجاح الاقتصادي في كل مكان إلا إذا كنا مستعدين للتحرك أينما دعت الحاجة. وبمساعدة الولايات المتحدة أو بدونها، يجب علينا فورا جمع قدرة البنك الدولي على تقديم المنح والقروض البالغة 150 مليار دولار، والقوة المالية لصندوق النقد الدولي البالغة تريليون دولار، وأقل الأسباب الداعية إلى ذلك هو مساعدة الاقتصادات النامية الأكثر ضعفا والمتضررة من الرسوم الجمركية. ففي عام 2009، كان مزيج الائتمانات التجارية وأموال البنوك متعددة الأطراف هو الذي عزز الاقتصاد العالمي بمقدار 1.1 تريليون دولار، ومنع الركود من التحول إلى كساد.
ولا يتيح لنا النهج التنسيقي محض فرصة لتحقيق استقرار الاقتصاد العالمي، وإنما لـ«إعادة البناء بشكل أفضل» ـ على حد تعبير عام 2020. ويعني هذا، بالنسبة للمملكة المتحدة، العمل بشكل أوثق مع الاتحاد الأوروبي. والحق أن التغييرات الجارية في أوروبا حاليا تتيح التعاون على نطاق أوسع حتى من مجرد إزالة الحواجز التجارية المفروضة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. لطالما كان هناك توتر بين رغبة أوروبا في القيادة، التي تدفعها إلى الجرأة، ورغبتها في البقاء متحدة، بما يدفعها إلى الجبن، لكن أوروبا اليوم تعاني من معدل تضخم أقل من الولايات المتحدة، ويمكنها خفض أسعار الفائدة بشكل أسرع.
لقد بلغ إنفاق العجز الأمريكي منذ عام 2010 أضعاف إنفاق منطقة اليورو، مما جعل ألمانيا تحديدا أقل ديونا بكثير من الولايات المتحدة نسبيا. وبفضل المرونة المالية التي أوجدها المستشار الألماني الجديد، فريدريش ميرز، والاتحاد الأوروبي، يمكن ضخ موارد جديدة في الاقتصاد العالمي. ويمكن تحقيق ذلك من خلال تطبيق تقرير دراجي حول القدرة التنافسية الأوروبية، ويكتمل هذا بزيادة الإنفاق في الصين. في الوقت نفسه، ينبغي تمديد اتفاقية التعاون الدفاعي بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي لتمكين شراء أسلحة مشتركة أكثر فعالية من حيث التكلفة. ولإتاحة الموارد في مجالات أخرى، ينبغي أن نمضي قدما في المناقشات حول صندوق أوروبي شامل لأغراض خاصة متعلقة بالدفاع والأمن خارج الميزانيات العمومية.
وقد تكون أوروبا مطالبة بالقيادة في جانب آخر إذا ما أحاطت الشكوك باستعداد الولايات المتحدة للعمل كملاذ أخير لإقراض العالم. وتجب مطالبة مجلس الاستقرار المالي العالمي بتقديم تقرير فوري حول المخاطر التي قد تضر بالاستقرار والتي قد تحتاج إلى معالجة في القطاعين المصرفي وغير المصرفي. وإذا لزم الأمر، من الممكن أيضا مطالبة البنك المركزي الأوروبي بسد الفجوة الناجمة عن الولايات المتحدة (وتحاول الصين شغلها) من خلال توسيع نطاق مقايضات العملات لتشمل مجموعة أوسع من الدول التي تحتاج إلى دعم السيولة.
يمثل العمل المنسق متعدد الأطراف ضرورة إذا ما أرادت بريطانيا ضمان النمو الذي نحتاج إليه وتقوده الصادرات. وسوف يتم تعزيز هذا النمو من خلال إعادة السياسة الصناعية إلى التركيز على تعزيز القطاعات التنافسية دوليا ـ من علوم الحياة والذكاء الاصطناعي، إلى التحول في مجال الطاقة والصناعات الإبداعية. ويستوجب تعزيز هذه التجمعات الرائدة عالميا، كما قال وزير المالية، استثمارا أكبر في البحث والتطوير والمهارات رفيعة المستوى. ولكنه يستوجب منا أيضا دعم نظام داعم للمنافسة لا يفضل شركات التكنولوجيا العملاقة على حساب منافسيها الأصغر حجما في المملكة المتحدة، أو يضعف قوانين حقوق النشر والملكية الفكرية الحيوية للمواهب الإبداعية.
ليس النظام الاقتصادي متعدد الأطراف وحده هو الذي يتعرض للهجوم، وإنما كل ركن آخر من أركان النظام القائم على القواعد، من احترام القانون إلى تقرير مصير الدول والالتزامات التاريخية بالمساعدات الإنسانية. فالحق أننا نشهد انهيارا متزامنا في الأنظمة الاقتصادية والجيوسياسية. وفي مقالة تالية لهذه المقالة، سوف أقترح طريقة تمكِّننا من إقامة نظام جديد مما يتحول بسرعة إلى أنقاض النظام القديم. لكننا أولا بحاجة إلى أن نظهر أن العالم قادر على العمل المشترك لدعم مستويات معيشة الناس. فسوف يظهر ذلك المبادئ الأساسية المطروحة: إن التعاون الدولي يصب في مصلحتنا الجماعية، وأن عالما لا ربح فيه للبعض إلا بخسارة البقية تتنافس فيه القوميات هو عالم يجعلنا جميعا أكثر فقرا وأقل أمنا.
جوردن براون رئيس وزراء بريطانيا من 2007 إلى 2010
عن ذي جارديان البريطانية