وخلال حلقة 2025/3/24 من بودكاست "ملهمات"، قالت هيفاء -وهي عراقية أميركية- إن إحدى المعلمات غرست فيها حب الدين منذ المرحلة الإعدادية، لكنها لم تهتم جديا بأمر الدين إلا بعد انتهاء دراستها.

ولاحظت الداعية الإسلامية أن الدين يظهر في الشدائد، وقالت إنها بدأت بحفظ القرآن وهي في مرحلة التدريب المهني عندما توفيت صديقتها وهي في العقد الثالث من عمرها، لأن هذا الأمر لفت انتباهها إلى أن الله لم يقبض روحها بعد كما قبض روح غيرها.

ومع التفاتها للقرآن، بدأت الطبيبة تنتبه إلى بعض الكلمات وترتيبها في القرآن الكريم، وشعرت بأن الله يدفعها نحو التعمق في الدين، وهو ما بدأته بعد حصولها على البورد الأميركي في الطب.

وبدأت هيفاء دراسة الشريعة الإسلامية في الجامعة الأميركية المفتوحة بعد 11 سبتمبر/أيلول 2001، وكان التعليم عن طريق الهاتف. وقد واصلت التعمق في التعليم حتى رزقها الله أداء فريضة الحج.

بداية هيفاء مع الدعوة

وبعد هذه الفريضة، شعرت هيفاء بأن شيئا لا تعرفه قد تغير فيها، رغم أنها كانت منتظمة في عملها كطبيبة، وكان الأميركيون في ذلك الوقت لا يعرفون شيئا عن الإسلام، كما تقول.

ومن هنا، بدأت الداعية الإسلامية الحديث للناس عن الإسلام وتعريفهم به، وذلك مع مواصلتها التعليم الشرعي حتى قررت دراسة الشريعة بشكل جاد في المملكة العربية السعودية عام 2006.

إعلان

ورغم أنها ذهبت إلى المملكة بعرض عمل، فإنها كانت عازمة على تعلم الشريعة الإسلامية لأنها لم تكن بحاجة لعمل خارج الولايات المتحدة، وهي تقول إن دراسة الإسلام كانت أهم لديها من دراسة الطب.

وتلقت هيفاء تعليمها الشرعي في جامعة أم القرى بمدينة جدة، وقد لمست دعم الله لها بأن كان المستشفى الذي تعمل به مجاورا للمعهد الذي تدرس فيه مما سهل عليها كثيرا، كما تقول.

وقضت في هذه المرحلة عامين، وحضرت الكثير من الدورات والتقت كثيرا من العلماء، وهي تقول إن الاحتكاك بالعلماء مهم جدا في تلقي العلم والتعمق بالدين.

وترى هيفاء أن تلقيها العلم الشرعي على يد سيدات في المملكة كان له دور مهم في حياتها، لأنه ساعدها -كما تقول- على التعمق في كثير من أمور الدين المتعلقة بالنساء، مشيرة إلى أن مهنة الطب أيضا ساعدتها كثيرا في علمها الشرعي.

ورغم حالة المادية المسيطرة على العالم، فإن هيفاء تقول إن الناس متعطشة للدين لأنهم يبحثون عن شيء يمنحهم الراحة والسكينة في عالم لا يعرف الراحة، وهو أمر لمسته في دول غير مسلمة مثل هونغ كونغ.

ومن بين الأمور المهمة في الدعوة -برأي الطبيبة- أن يلامس كلام الداعية قلوب الناس لا أسماعهم فقط، وهي ترى أن على الداعية والإنسان عموما أن يجعل القرآن منهج حياة لا مجرد كلام يردده.

البساطة والصدق

وبعد تجربتها في الدعوة إلى الله، ترى الداعية أن تبسيط الدين وصدق الداعية واتساقه مع ما يقول في حياته تعتبر أمورا حاسمة في تحقيق المراد من الدعوة.

وفي حين تمنح الأسرة والأولاد والوظيفة والنجاح للإنسان كثيرا من الراحة، فإن البعد عن الدين سيشعره دائما بأن هناك شيئا ناقصا في حياته، برأي هيفاء التي تقول إن هذا الشيء لن يجده المرء إلا في دين الله.

لذلك، تقول الطبيبة إن كثيرين من الداخلين في الإسلام بالولايات المتحدة يقولون إنهم وجدوا فيه شيئا لا يعرفونه لكنهم لطالما كانوا يبحثون عنه، مضيفة أن قوة المرأة التي يتحدثون عنها غير موجودة إلا في الإسلام وكذا الطمأنينة.

إعلان

ولا ترى الطبيبة في العيش مع الله تشددا أو تشدقا، ولكنها تعتقد أن على الإنسان جعل حياته مزرعة لآخرته وليست هدفا، والتعامل مع كل يوم على أنه آخر أيام حياته.

ووفقا لهيفاء، فإن الله لم يمدح الدنيا أبدا في القرآن لكنه مدح الآخرة ووصفها بالخيرية، واستدلت على ذلك بأن المرء لو علم أنه سيموت في وقت محدد فلن يتمسك بشيء من الدنيا وإنما سيبحث عن الله.

البحث عن رضى الله

وتعتقد الداعية الإسلامية أن على المرأة المسلمة أن تكون قدوة لمجتمعها وأولادها لأنها لا تقل مكانة عن الرجل، وقالت إن البحث عن رضى الله تعالى سيجعلها تقوم بهذا الدور حتى لو من دون قصد منها.

وفي وصفها للقدوة، قالت الداعية إنها المرأة التي تعمل العمل الصحيح الذي يرضي ربها بغض النظر عن رضا الناس أو حظها من الدنيا، وأن تلتزم بهذه القاعدة، وترضى بحظها من الدنيا، حتى لو لم تكن مشهورة ولا معروفة، لأن الشهرة والظهور قدر من الله تعالى ولا يجب على الإنسان السعي له أو العمل من أجله.

واستدلت الداعية على ذلك بأم الإمام أحمد وأم الإمام البخاري وأم الإمام الشافعي، وقالت إنهن جميعا يذكرن في الكتب بهذا الوصف وقلة من تعرف أسماؤهن.

وخلصت الداعية الإسلامية إلى أن على المرأة -والمسلم عموما- وضع مرضاة الله نصب عينيه في كل عمل يعمله وألا ينساق وراء إرضاء الناس، محذرة من أن من سن سنة حسنة سيكون له أجرها وأجر من عمل بها، ومن سن سنة سيئة سيكون له وزرها ووزر من عمل بها.

24/3/2025

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات رمضان الداعیة الإسلامیة تقول إن أن على

إقرأ أيضاً:

فن الإدارة في الإسلام.. نموذج فريد للتنظيم والقيادة

 

 

عبدالعزيز بن حمدان الإسماعيلي **

a.azizhh@hotmail.com

تُعد الإدارة عنصرًا أساسيًا في نجاح أي مؤسسة أو مجتمع، وقد قدم الإسلام نموذجًا إداريًا متكاملًا يستند إلى مبادئ العدل والشورى والمسؤولية والأمانة، وقد انعكست هذه المبادئ بوضوح في سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين، مما أسهم في بناء دولة إسلامية قوية ومستدامة.

الإدارة في الإسلام ليست مجرد عملية تنظيمية، بل هي منظومة متكاملة تهدف إلى تحقيق التنمية والاستقرار وفق مبادئ أخلاقية تعزز من العدالة والشفافية، فمبدأ الشورى يشكل جوهر الإدارة الإسلامية؛ حيث يعتمد القائد على التشاور مع أهل الرأي والخبرة قبل اتخاذ أي قرار مصيري، مما يضمن اتخاذ قرارات سليمة تحقق الصالح العام، كما أن العدل يعد ركنًا أساسيًا إذ يجب على القائد التعامل مع الأفراد بإنصاف بعيدًا عن المحسوبية والتمييز، مما يضمن الاستقرار وخلق بيئة عمل صحية.

المسؤولية والمحاسبة هما من الدعائم التي تقوم عليها الإدارة في الإسلام، إذ يُحمّل القادة مسؤولية أعمالهم ويخضعون للمحاسبة أمام الله وأمام الأمة، مما يؤدي الى توطيد روح النزاهة والالتزام، وإلى جانب ذلك تشكل الأمانة في القيادة عنصرًا أساسيًا، حيث يجب على المسؤولين أداء أدوارهم بصدق وإخلاص، متجنبين أي ممارسات قد تضر بالمصلحة العامة، أما التخطيط والتنظيم الفعّال فيُعد ركنًا جوهريًا لضمان استغلال الموارد بشكل أمثل وتحقيق الأهداف بكفاءة عالية.

ولقد كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم قائدًا إداريًا بارعًا، استطاع بناء دولة قوية رغم التحديات التي واجهته، فقد اعتمد في إدارته على الشورى  فلم يكن يتخذ القرارات بشكل فردي بل كان يشاور أصحابه لضمان أفضل الخيارات الممكنة، أما على الصعيد المالي فقد وضع نظامًا دقيقًا للموارد المالية مثل الزكاة والغنائم، وخصصها لتحقيق العدالة الاجتماعية بين أفراد المجتمع، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم حريصًا على اختيار الشخص المناسب للمكان المناسب، فكان يعين القادة والمسؤولين بناءً على الكفاءة والنزاهة، مما عزز كفاءة المؤسسات الإدارية في الدولة.

ولم يقتصر نجاح النبي صلى الله عليه وسلم الإداري على الشؤون الداخلية، بل امتد ليشمل العلاقات الخارجية فقد برع في التفاوض وإبرام المعاهدات، مثل صلح الحديبية الذي شكّل نموذجًا بارعًا في الدبلوماسية وإدارة الأزمات، كما أنه وضع نظامًا دقيقًا للرقابة والمحاسبة، حيث كان يحاسب المسؤولين ويعفي من يقصر في أداء مهامه، مما وطد الانضباط الإداري والعدالة في تولي المناصب.

وبعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، واصل الخلفاء الراشدون نهجه الإداري، كلٌ بأسلوبه الذي يعكس احتياجات عصره، فقد واجه أبو بكر الصديق رضي الله عنه تحديات كبيرة، أبرزها حروب الردة التي تعامل معها بحزم؛ مما أسهم في الحفاظ على وحدة الأمة، كما حرص على ترسيخ الاستقرار المالي، وأدار الموارد بفعالية لضمان استدامة الدولة، إلى جانب بدئه للفتوحات الإسلامية في العراق والشام؛ مما عزَّز نفوذ الدولة الإسلامية.

أما عُمر بن الخطاب فقد أحدث نقلة نوعية في الإدارة الإسلامية، حيث أنشأ الدواوين، مثل ديوان الجند وديوان الخراج، لتنظيم شؤون الدولة المالية والعسكرية، كما وضع نظامًا دقيقًا لمراقبة أداء الولاة والموظفين، لضمان النزاهة وتحقيق العدالة، ولم يقتصر إبداعه الإداري على ذلك؛ بل امتد إلى التخطيط العمراني، فأسس مُدنًا جديدة مثل الكوفة والبصرة مما أدى الى ارساء الاستقرار والتنمية وكان حريصًا على وضع تشريعات جديدة لحماية حقوق المواطنين وتنظيم الأسواق.

وعندما تولى عثمان بن عفان الخلافة ركز على التوسع العمراني، فعمل على توسعة المسجد الحرام والمسجد النبوي، لاستيعاب الأعداد المتزايدة من المسلمين، كما ساهم في تطوير الأسواق وتنظيم التجارة مما أسهم في ازدهار الاقتصاد لكن إنجازه الأبرز كان توحيد المصحف الشريف، حيث جمع الأمة الإسلامية على مصحف واحد، مما ضمن وحدة المرجعية الدينية وساهم في الحفاظ على النص القرآني.

أما علي بن أبي طالب- كرَّم الله وجهه- فقد ركز على الإصلاح الإداري؛ حيث عمل على تعيين الأكفاء في المناصب الإدارية ومحاربة المحسوبيات كما حرص على تحقيق العدالة الاجتماعية، فاتخذ إجراءات لضمان توزيع عادل للثروات والموارد بين المسلمين وعلى الصعيد العسكري واجه تحديات داخلية كبيرة حيث خاض معارك للحفاظ على استقرار الدولة الإسلامية وحماية وحدتها.

نجد اليوم ان المبادئ الإدارية الإسلامية لا تزال صالحة للتطبيق في المؤسسات الحديثة؛ حيث يمكن دمجها مع أحدث المفاهيم الإدارية لضمان تحقيق الأهداف بكفاءة، مع الحفاظ على القيم الأخلاقية وتظل الحوكمة الرشيدة والتخطيط الاستراتيجي وإدارة الأداء من أهم الأسس التي يمكن توظيفها لتطوير المؤسسات وفق مبادئ الإدارة الإسلامية.

ويُثبت التاريخ أنَّ الإدارة الإسلامية نموذج فريد يجمع بين الكفاءة والعدالة، ويظل هذا النهج صالحًا للتطبيق في مختلف العصور وعندما يُدار أي نظام وفق المبادئ الإسلامية، فإنه يُحقق النجاح والاستدامة، مما يجعل الإدارة الإسلامية نموذجًا يُحتذى به عالميًا.

** باحث دكتوراه في الإدارة العامة

مقالات مشابهة

  • الدعوة الإسلامية تدشن تكايا الخرطوم
  • عانى 40 يوما.. شمس البارودي تروي تفاصيل جديدة عن اللحظات الأخيرة في حياة حسن بوسف
  • لم يعد للأُمَّـة الإسلامية حجّـة بعد موقف اليمن
  • دمشق.. أولى عواصم الإسلام
  • دعاء الصائم عند الإفطار .. اغتنم الدعوة التي لا ترد
  • فن الإدارة في الإسلام.. نموذج فريد للتنظيم والقيادة
  • 5 صحابيات جاهدن بأرواحهن وأموالهن من أجل الدعوة للإسلام.. كيف كانت سيرهن؟
  • ماذا تقول إدارة ترامب عن الجيش؟ تصريحٌ بارز لمسؤول أميركيّ سابق
  • ملتقى الأزهر للقضايا الإسلامية: كف الأذى أدنى حقوق الجار والكرم أعلاها.. صور