اتجاهات مستقبلية
يوم المياه وساعة الأرض.. تذكير بأهمية مواصلة جهود تحقيق الاستدامة
في ظل التحديات البيئية المتزايدة، أصبحت الاستدامة مسؤولية جماعية تتطلب تعاونًا دوليًّا حقيقيًّا. ويأتي اليوم العالمي للمياه، الذي يُحتفل به في يوم 22 مارس سنويًّا منذ عام 1993، وساعة الأرض، التي يُحتفل بها في آخر سبت من شهر مارس، وبدأت في عام 2007، كتذكيرَين سنويَّين رمزيَّين بأهمية الحفاظ على الموارد الطبيعية، ودعم جهود تحقيق الاستدامة.
وتُعد أزمة المياه تحديًا عالميًّا يتطلب حلولاً مستدامة، حيث يواجه العالم أزمة مياه متفاقمة، ويعيش نحو ملياري شخص في بلدان تعاني إجهادًا مائيًّا مرتفعًا؛ ما يؤثر في الصحة العامة والزراعة والصناعة. وتتفاقم هذه الأزمة في المنطقة العربية، حيث يفتقر نحو 50 مليون شخص إلى مياه الشرب الأساسية. وتتأثر دورة المياه العالمية بتغير المناخ؛ ما يؤدي إلى تغيرات في أنماط هطول الأمطار وذوبان الجليد، ويزيد من حدة ندرة المياه. لذلك، تصبح الإدارة الفعالة للمياه مسألة بقاء، وليست اختيارية أو رفاهية، وتتطلب تبني سياسات كفاءة في استهلاك المياه، مثل إعادة التدوير وتحسين أنظمة الري، إلى جانب تعزيز الوعي المجتمعي حول أهمية الترشيد والحفاظ على الموارد المائية.
أما ساعة الأرض، فهي رسالة رمزية وتحفيز للعمل البيئي؛ إذ تُعدّ إحدى المبادرات البيئية العالمية الكبرى، حيث يتم خلالها إطفاء الأنوار لمدة ساعة؛ للتذكير بضرورة تقليل استهلاك الطاقة والانبعاثات الكربونية. ورغم أنها قد تبدو رمزية، فإنها تؤدي دورًا مهمًّا في نشر الوعي حول التغير المناخي، وأهمية تبني حلول طاقة متجددة. وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن انبعاثات الغازات الدفيئة ودرجات الحرارة وصلت إلى مستويات قياسية جديدة؛ ما يزيد من الحاجة إلى اتخاذ إجراءات ملموسة، مثل الاستثمار في الطاقة النظيفة، والتخلي عن الوقود الأحفوري تدريجيًّا.
وعليه، تبرز أهمية التحرك الجماعي لتحقيق الاستدامة؛ فلا يمكن تحقيق الاستدامة من خلال جهود فردية فقط، بل يتطلب الأمر تنسيقًا عالميًّا بين الدول، والقطاع الخاص، والمنظمات الدولية المعنية. فيمكن للحكومات سنّ قوانين تحفز الاستهلاك المسؤول، فيما تلعب الشركات دورًا في تبني ممارسات صديقة للبيئة. من ناحية أخرى، يمكن للأفراد الإسهام عبر تغييرات بسيطة في أنماط حياتهم، مثل تقليل الهدر الغذائي، واستخدام وسائل نقل مستدامة، ودعم المنتجات الصديقة للبيئة. وتُظهر تقارير الأمم المتحدة أن العالم يتجه نحو ارتفاع درجات الحرارة بشكل كبير بما يخالف الأهداف المتفق عليها في اتفاق باريس؛ ما يجعل التحرك الجماعي أكثر إلحاحًا.
خلاصة القول: إن التحديات البيئية التي تواجه العالم اليوم، سواء في مجال المياه أو تغير المناخ، تتطلب حلولًا جذرية ومستدامة. ويمثل اليوم العالمي للمياه وساعة الأرض فرصتين رمزيتين مهمتين لإعادة التفكير في أسلوب حياتنا، وتعزيز الجهود الجماعية لحماية كوكبنا. ومع تزايد تأثيرات الاحتباس الحراري والتلوث، يصبح من الضروري أن يتحرك الجميع -حكومات ومؤسسات وأفرادًا- في اتجاه واحد لتحقيق الاستدامة، فالأمر لم يعد خيارًا، بل مسؤولية أخلاقية؛ لضمان مستقبل أفضل للأجيال القادمة، بل للبشرية جميعًا في الحاضر والمستقبل.
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
«مجرى» يعتمد أُطُراً جديدة للتوسع في المسؤولية المجتمعية
عقدت لجنة السياسات والاستراتيجيات لدى الصندوق الوطني للمسؤولية المجتمعية «مجرى»، اجتماعها الدوري الثاني لعام 2025، لمناقشة سُبُل المضي قُدُماً في تحقيق المستهدفات التنموية المستدامة لدولة الإمارات عبر توطيد مسارات التعاون بين القطاعين الحكومي والخاص، واعتماد أدوات وأطر عمل مُبتكرة لتعزيز منظومة الأثر المستدام.
ترأس الاجتماع مبارك الناخي، وكيل وزارة الثقافة، رئيس اللجنة، بحضور حنان أهلي، مدير المركز الاتحادي للتنافسية والإحصاء، نائب رئيس اللجنة، إلى جانب أعضاء اللجنة وهم: بدور سعيد الرقباني، عضو مجلس أمناء الجامعة الأمريكية بالشارقة، وعبدالعزيز الجزيري، نائب الرئيس التنفيذي لمؤسسة دبي للمستقبل، وسارة شو، المدير التنفيذي للصندوق.
واستعرض الاجتماع عدداً من المبادرات والبرامج المقرر تنفيذها خلال المرحلة المُقبلة، واعتماد جُملةٍ من الأدوات لتسهيل إجراءات تأهيل المشاريع المستدامة، إضافة للتأكيد على أهمية تفعيل مشاركة القطاع الخاص في مبادرات الصندوق، والتحقق من آليات تقييم المشاريع، وإطلاق أدوات جديدة مثل مؤشر الأثر.
كما تطرق الاجتماع إلى «إطار عمل المشاريع التحولية» التي يتم تطويرها من قبل اللجان الإماراتية للمسؤولية المجتمعية والاستدامة في كل إمارة والتي تترأسها غرف التجارة والصناعة في كل إمارة، و«آلية عمل المشاريع» التي انبثقت من خلوة الأثر في نوفمبر 2024، فضلاً عن إطلاق مبادرات استراتيجية تتماشى مع توجهات الدولة في تعزيز الاستدامة المجتمعية.
وقال مبارك الناخي: «استلهاماً من الرؤية السديدة للقيادة الرشيدة لدولة الإمارات وعملاً بتوجيهاتها الاستشرافية، نعمل على رسم خارطة طريق لبناء مستقبلٍ أكثر استدامةً وازدهاراً عبر تمكين منظومة المسؤولية المجتمعية للقطاع الخاص، وذلك مواءمةً مع المستهدفات الوطنية».
من جانبها، قالت ساره شو: «نضع على عاتقنا توفير الأطر والمُمكِّناتْ الكفيلة بتعزيز مساهمة القطاع الخاص في صياغة معالم المستقبل المستدام للدولة، وترسيخ المسؤولية المجتمعية والأثر المستدام كمرتكزاتٍ لمنظومة العمل المؤسسي.
ونحرص على مواصلة جهودنا لإرساء أسس متينة للتعاون والنهج المسؤول والأثر المستدام».
واطلعت اللجنة على مستجدات تحدي الأثر المستدام، بما يشمل دمج «منصة الأثر المستدام» واستحداث فئات جوائز جديدة، بهدف توسيع آفاق التواصل والعمل المؤسسي المشترك، كما تم استعراض خارطة الطريق لمؤشر الأثر، والذي يُعد الأداة الوطنية للمقارنة المرجعية لقياس أداء المسؤولية المجتمعية لدى الشركات الخاصة، ومعايير الاستدامة البيئية والاجتماعية والحوكمة، وتقييم جهود الاستدامة.