إفيه يكتبه روبير الفارس 'من حرق كاميليا لرقص "إش إش"
تاريخ النشر: 24th, March 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
عدت أكثر من مرة لمشاهدة فيلم قمر 14، بطولة كاميليا ومحمود ذو الفقار ووداد حمدي، تأليف عبد الفتاح السيد، وإخراج نيازي مصطفى، وإنتاج عام 1950، لأتأكد من أسطورة متداولة بقوة حول مشهد تدعو فيه وداد حمدي على كاميليا بقولها: "يا رب تموتي محروقة"، فترد عليها كاميليا بالدعاء: "تموتي بسكينة في قلبك".
هذه الأكذوبة الظريفة يحلو لعشاق الدراما الجدل حولها، فهل هي مجرد صدفة أم تحقيق للدعوة في زمن كانت فيه السماء مفتوحة؟ وأقول "أكذوبة" لأنني عدت للمشهد أكثر من مرة ولم أجد تلك العبارات، بل فقط تقول وداد حمدي لكاميليا: "تتحرقي في نار جهنم"، ولم أسمع دعوة كاميليا عن ضربة السكين.
هنا فقط تدرك حالة العشق الكبير للدراما في نفوس المصريين ومدى قوة نفوذها وتغلغلها في وعيهم، الأمر الذي يظهر في العودة إليها واعتبارها ذاكرة وجدانية حية تُفسر وتُبرر الحوادث وتنسج حولها الأساطير. هذا العشق والتعايش الكبير مع الكثير من الشخصيات الدرامية يصل بكثيرين إلى حالة من الهوس والشغف والاهتمام، الأمر الذي يفوق مجرد التسلية وتمضية الوقت أو قتله أمام الشاشات.
فأنت تجد صفحات تعود للأفلام والمسلسلات وتقرأها بل وتقلبها رأسًا على عقب. من ذلك، مثلًا، تحول الرؤية الحديثة لأشهر فيلم دعائي لثورة يوليو، وهو فيلم ،"رد قلبي"، إلى مبرر للهجوم عليها. فالجنايني الرئيس عمر عبد الواحد (حسين رياض)، الذي كان رمزًا لقهر الباشا الإقطاعي، تحول في الرؤية الجديدة إلى متمرد، لأنه يعيش في بحبوحة داخل بيت كبير بحديقة واسعة ويدخل ولديه كليتي الشرطة والحربية، وهو الأمر الذي لم يعد يتحقق بعد الثورة. أي أن رسالة الفيلم قُلبت من النقيض إلى النقيض تمامًا، خاصة في المشهد الذي قال فيه الضابط صلاح ذو الفقار جملة: "هنخربها ونقعد على تلها".
كذلك تغيرت الرؤية حول فيلم "شباب امرأة "للمخرج الكبير صلاح أبو سيف، بطولة تحية كاريوكا وشكري سرحان. فقد كانت النقمة كلها تصب على تحية (شفاعات) التي استغلت الشاب البريء (إمام) جنسيًا، وماتت شر ميتة. ولكن بعد انتشار الرؤى النسوية ومراحل النضج، ظهر أن ذكورية الفيلم فجَّة، وأن هذا الشاب لم يكن بريئًا تمامًا، بل هو أيضًا استغلها واستفاد منها، ولو كانت هناك عدالة في العقاب، لاستحق أن يموت مثلها.
إذًا، الدراما ليست مجرد أفلام وحلقات، بل لها تأثيرات مباشرة وغير مباشرة. ولا أقصد هنا فقط التأكيد على أهميتها، بل أقصد صعوبة وضعها في قالب واحد يناسب جميع الأذواق. فهناك أكثر من 100 مليون مشاهد مصري، وأكثر من 200 مليون مشاهد عربي للمنتج الدرامي الناطق بالعربية. وهؤلاء الملايين ينتمون إلى ثقافات مختلفة وخلفيات مجتمعية متعددة.
ولا حل أمام تقديم وجبات درامية تناسبهم سوى الحرية في الإبداع والتعدد في الإنتاج، وتركهم أحرارًا في التلاقي والتفسير والتشجيع والهجوم، فكل عمل درامي له أكثر من وجه. فمثلًا، إذا أشدنا بمسلسل رائع مثل" أولاد الشمس" لأنه طرح قضية الأيتام ومؤسسات تربيتهم واستغلالهم في جانب إيجابي، فقد يرى البعض جانبًا سلبيًا يتمثل في كشفه لوجود أطفال لقطاء كثر. فلكل جانب إيجابي ظل سلبي.
وإذا لم يعجبك مسلسل مثل أش أش، ورأيت فيه ظلًا لأفلام حسن الإمام عن الراقصات، ووجدت أن تمثيل مي عمر مفتعل، فهناك من يرى أن الراقصات فئة موجودة في المجتمع تتحدى السلفية الصلبة، وأن تمثيل ماجد المصري في دور "رجب الجريتلي" كان فوق الرائع، وأن المسلسل مسلٍّ جدًا. وهكذا، لا يمكن أن يرتدي الجميع لونًا واحدًا، أو أن يأكل كل الناس بمعلقة واحدة.
إفيه قبل الوداع
يا ناعمة يا غريبة!
الدراما قوية "ناعمة"، لكنها ليست دائمًا طيبة.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: روبير الفارس رقص اش اش أکثر من
إقرأ أيضاً:
دفع الله الحاج.. او الرجل الذي يبحث عنه البرهان ..!!
لم تكن المذيعة المرموقة تتوقع خشونة من ضيفها الدبلوماسي السوداني والذي سالته حول التسوية مع قوات الدعم السريع ..أصر دفع الله ان تقرن المذيعة صفة قوات الدعم السريع المتمردة قبل الإجابة على اي سؤال.
اليوم تم تعيين السفير دفع الله الحاج علي قائما بأعمال رئيس الوزراء او في رواية اخرى رئيس وزراء مكلف..من هنا تبدّأ العقدة.. لكن دعونا ننظر لماذا اختيار دفع الله في هذا التوقيت.
١-ابو الدفاع كما يحلو لانداده مناداته ولج إلى السلك الدبلوماسي قبل ميلاد الإنقاذ بنحو عقد من الزمان فبالتالي ليس مشتبها في ان يكون اسلاميا بالميلاد وفي ذات الوقت خدم نحو ثلاثة عقود في عهد الإنقاذ بالتالي يحقق الوزنة التي يبحث عنها الجنرال البرهان وهى التعامل مع الإسلاميين دون تحمل التكلفة السياسية خاصة مع الأشقاء والأصدقاء غربا.
٢- السفير دفع الله نجح وساعدته الظروف في العبور بالعلاقة بين الخرطوم والرياض من التردد إلى التفهم ثم إلى تطابق وجهات النظر وقد اتضح ذلك مؤخرا في مؤتمر لندن حول الأزمة السودانية..وهذا يعني ان الحكومة السودانية لن تتجه شرقا كما توقع البعض بل ستظل في ذات المحطة تلوح بالانعطاف شمالا دون ان تغادر المسار الحالي.
٣- السفير دفع الله عرف بين اقرانه بقوة الشخصية والإبانة في المواقف السياسية وحينما تردد وزير الخارجية السابق على الصادق في تأييد إجراءات اكتوبر ٢٠٢١ ومن بينها تكليفه بمنصب وزير الخارجية كان الحاج اكثر وضوحا وهو يعمل وكيلا لوزارة الخارجية ثم مبعوثا للبرهان عقب اندلاع الحرب في منتصف أبريل ٢٠٢٣ فهذا يعني انه خيار مجرب يتمتع بقوة الشخصية في الحد المعقول والذي لا يحدث صراع بين العسكريين والقائم بأعمال رئيس الوزراء.
٤- تمثل خطوة تكليف دفع الله بالمنصب الكبير جس نبض في تمدين السلطة التنفيذية ان مضى الأمر بسلاسة ربما تصبح الخطوة القادمة في تعيين الرجل او غيره في منصب رئيس وزراء بكامل الصلاحيات وان تعثرت الخطوة يتم استخدام الكوابح والتي من بينها انه مجرد قائم بالأعمال.
٥- تعيين دفع الله يمثل القسط الأول في سياسية الحفر بالإبرة في كل الاتجاهات ..لان تعيين رئيس وزراء جديد تترك له مهمة اختيار وزرائه بالكامل غير مطروحة الان عند البرهان ورفاقه بمنطق لا صوت يعلو على صوت المعركة.
٦- اختيار السفير دفع الله هو امتداد لسياسة ( الرجل الذي نعرف خير من الذي لا نعرف)حيث من الصعب استيعاب لاعب جديد في الساحة وفي ذات الوقت يعتبر امتدادا لحكومة كبار الموظفين حيث لا يفضل البرهان الذي يتميز بالغموض التعامل مع الغرباء .
٧- وفقا للذين يعرفون السفير دفع الله فهو يتميز بالهدوء والوضوح وقوة الشخصية و فوق ذلك له خبرة أربعين سنة في الدبلوماسية..حينما تخلط كل ذلك تجد الرجل الذي يبحث عنه البرهان.
-عبدالباقي الظافر