برلينـ أثار احتجاز وترحيل مواطنين ألمان من الولايات المتحدة جدلا واسعا حول مستقبل العلاقات بين البلدين، خاصة بعد احتجاز أحد المرحَّلين لأكثر من أسبوع رغم امتلاكه إقامة دائمة في الولايات المتحدة، قبل أن تقرر السلطات الأمنية ترحيله إلى ألمانيا.

في أعقاب هذه الحوادث، أصدرت وزارة الخارجية الألمانية تحذيرا رسميا للمسافرين إلى الولايات المتحدة، مشيرة في تحديث معلومات السفر إلى أن "السوابق الجنائية في الولايات المتحدة، أو تقديم معلومات خاطئة عن الغرض من الإقامة، أو حتى تجاوز مدة الإقامة المسموح بها ولو بشكل طفيف، قد تؤدي إلى الاعتقال أو الاحتجاز أو الترحيل عند الدخول أو المغادرة".

وخلال مؤتمر صحفي حكومي في برلين، أكد متحدث باسم الخارجية الألمانية أن الحكومة الألمانية الاتحادية تأخذ الحوادث الأخيرة التي تعرض لها المواطنون الألمان على محمل الجد، وأنها قامت بتحديث نصائح السفر في ما يتعلق بإجراءات الدخول، ومع ذلك، شدد المتحدث على أن هذا لا يُعد تحذيرا رسميا من السفر إلى الولايات المتحدة، بل مجرد توجيهات احترازية لتجنب المشكلات المحتملة.

الخارجية الألمانية تصدر تحذيرا رسميا للمسافرين إلى الولايات المتحدة (غيتي) توترات بين الحلفاء

يرى أستاذ العلاقات الدولية في واشنطن إدموند غريب أن مثل هذه الإجراءات قد تؤدي إلى توترات بين الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين، مشيرا إلى أن تأثير هذه السياسات يمتد إلى ما هو أبعد من مجرد المسافرين الأفراد.

وقال غريب، في حديثه للجزيرة نت، "إن مثل هذه الإجراءات قد تثير ردود فعل سلبية نظرا لتأثيرها المباشر على مواطني الدول الحليفة، ويمكن أن تؤدي إلى زيادة انتقادات القيادات الأوروبية وتعقيد المفاوضات التجارية والأمنية بين الجانبين، وربما تؤثر على التعاون في مجالات أخرى".

وأضاف أن عمليات مصادرة الهواتف وأجهزة الكمبيوتر للمسافرين قد تكون جزءا من إجراءات أمنية موسعة، لكنها تثير قلق الدول التي ترى في ذلك انتهاكا للخصوصية وتمييزا ضد مواطنيها، مما قد يؤدي إلى توترات دبلوماسية متزايدة.

ترحيل مواطنين ألمان رغم امتلاكهم حق الإقامة في الولايات المتحدة يثير بعض التوترات (غيتي) توترات محتملة

يعتقد المختص في الشؤون السياسية الدولية فولفغانغ كاريه أن ترحيل مواطنين ألمان رغم امتلاكهم حق الإقامة في الولايات المتحدة قد يثير بعض التوترات بين البلدين، لكنه لا يتوقع أن يؤدي إلى أزمة دبلوماسية عميقة.

إعلان

وقال كاريه -في حديث للجزيرة نت- إن العلاقة بين ألمانيا والولايات المتحدة متجذرة وقائمة على تعاون وثيق في مجالات الاقتصاد والأمن والسياسة، لطالما ظهرت بعض الخلافات، لكنها كانت تُحل عبر القنوات الدبلوماسية، ومن غير المرجح أن يتسبب هذا الملف في أزمة كبرى، إلا إذا تكررت مثل هذه الحوادث وأصبحت تمثل تهديدا فعليا للمصالح الألمانية والأوروبية".

وأشار كاريه إلى أن الأوروبيين قد يطالبون واشنطن بتوضيحات حول هذه الإجراءات، خاصة إذا بدت تعسفية أو غير مبررة.

سياسات الهجرة الأميركية

منذ تولي دونالد ترامب منصب الرئاسة، تبنت الولايات المتحدة سياسات أكثر صرامة في مجال الهجرة واللجوء، شملت تشديد الإجراءات الحدودية، وتعزيز عمليات فحص تأشيرات الدخول، وفرض رقابة مشددة على المهاجرين غير المسجلين، مما يجعل المسافرين الأوروبيين عرضة لتدقيق أكبر عند دخولهم البلاد.

ويضيف كاريه أنه "رغم السياسات المتشددة، فلا تزال أوروبا ترى في الولايات المتحدة الشريك الأقرب، خاصة في ظل التحديات الجيوسياسية الحالية، لكن الحوادث المتكررة قد تثير تساؤلات حول طبيعة العلاقة المستقبلية، خاصة إذا شعر الأوروبيون بأنهم مستهدفون بشكل غير عادل".

وبدروه، أكد متحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية أن القنصلية الألمانية في الولايات المتحدة تتابع القضية عن كثب، مشددا على أن برلين تتوقع من واشنطن ضمان احترام حقوق الإنسان في مراكز الاحتجاز، وأن يتم التعامل مع المعتقلين، وفقا لهذه المعايير.

تطبيق انتقائي للقوانين

لم تقتصر الإجراءات الصارمة على المواطنين الألمان فحسب، بل شملت أيضا عالما فرنسيا مُنع من دخول الولايات المتحدة بعد أن عثرت السلطات الأميركية على رسائل في هاتفه ينتقد فيها سياسات البحث العلمي الأميركية، خاصة فيما يتعلق بالمناخ وحماية البيئة.

لكن تريشيا ماكلولين مساعدة وزير الأمن الداخلي نفت صحة هذه المزاعم، مؤكدة أن قرار منعه من الدخول كان بسبب "حيازته معلومات سرية من مؤسسة بحثية أميركية، في مخالفة لاتفاقية عدم الإفصاح".

Yeah, not true. The French researcher in question was in possession of confidential information on his electronic device from Los Alamos National Laboratory— in violation of a non-disclosure agreement—something he admitted to taking without permission and attempted to conceal.… https://t.co/CR4lM8JaLL

— Tricia McLaughlin (@TriciaOhio) March 21, 2025

إعلان

 

ويرى بعض المراقبين أن السياسة الأميركية تجاه أوروبا أصبحت أكثر تشددا في بعض الملفات، إذ يعتبر بعض المسؤولين في واشنطن أن الاتحاد الأوروبي يستفيد بشكل غير متكافئ من السوق الأميركية، بينما يفرض قيودا تجارية على المنتجات الأميركية.

في هذا السياق، يقول غريب "نرى تطبيقا انتقائيا للقوانين، مما قد يؤدي إلى تفاقم المشكلات، ويفسر على أنه نقص في العدالة والشفافية، وهذا بدوره قد يضعف الثقة بين الحكومات والشعوب".

واستبعد غريب حدوث انهيار في التحالف الغربي، نظرا للعلاقات الاقتصادية والأمنية العميقة التي تربط الطرفين، "لكن السياسات التمييزية قد تؤدي إلى توترات متزايدة وتراجع مستوى التعاون".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات رمضان فی الولایات المتحدة الخارجیة الألمانیة تؤدی إلى

إقرأ أيضاً:

دوجاريك: وضع غزة مفزع وإدخال المساعدات يجب ألا يخضع لأي شروط

قال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك إن المنظمة الأممية تنظر للوضع في قطاع غزة بعين الفزع، مشيرا إلى أن مليوني شخص في غزة بحاجة لطعام غير موجود.

ودعا دوجاريك -في مقابلة مع الجزيرة- إلى إقرار وقف فوري لإطلاق النار "حتى نتمكن من إعادة إدخال المساعدات" لغزة.

وطالب إسرائيلَ بصفتها قوة احتلال تسهيل إيصال المساعدات، لكنه استدرك بالتأكيد على أنها لا تفعل ذلك، مشددا على أن لكل إنسان الحق في العيش بكرامة.

وشدد على أن إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة يجب ألا يكون خاضعا لأي مفاوضات أو شروط، مشيرا إلى تواصل الأمم المتحدة باستمرار مع السلطات الإسرائيلية لحثها على رفع حصارها عن غزة.

وفي السياق ذاته، أكد دوجاريك عزم الأمم المتحدة على البقاء في غزة، وإيصال المساعدات التي تحجبها إسرائيل لنحو شهرين.

وأقر بالعجز الأممي في التعامل مع هذا الوضع المأساوي، إذ قال "لا سلطة للأمين العام لمحاسبة البلدان على خرقها للقانون الدولي".

ومنذ الثاني من مارس/آذار تغلق إسرائيل معابر القطاع أمام دخول المساعدات الغذائية والإغاثية والطبية والبضائع، مما تسبب بتدهور كبير في الأوضاع الإنسانية للفلسطينيين وفق ما أكدت تقارير حكومية وحقوقية ودولية.

إعلان

ونهاية الشهر الماضي، دعت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) دول العالم كافة ومؤسسات الأمم المتحدة إلى الضغط على الاحتلال لرفع الحصار المطبق عن قطاع غزة، وإنهاء جريمة التجويع الممنهج.

وأكدت حماس -في بيان- أن فصول المجاعة تشتد في غزة مع نفاد مخزونات الغذاء واستهدافها بالقصف ضمن حرب الإبادة الوحشية، مؤكدة أن استمرار حكومة الاحتلال في استخدام التجويع سلاحا ضد المدنيين في القطاع يمثل استخفافا بالمجتمع الدولي.

وبدعم أميركي ترتكب إسرائيل، منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، جرائم إبادة جماعية في غزة، خلّفت أكثر من 170 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.

وتحاصر إسرائيل غزة منذ 18 عاما، وبات نحو 1.5 مليون من مواطني القطاع، البالغ عددهم حوالي 2.4 مليون فلسطيني، بلا مأوى بعد أن دمرت حرب الإبادة مساكنهم.

مقالات مشابهة

  • الخارجية الأمريكية تصرّح للأحرار بشأن الجدل حول ترحيل مهاجرين ذوي سوابق إلى ليبيا
  • أنباء عن نية واشنطن ترحيل مهاجرين من أراضيها إلى ليبيا.. ما واقعية الخطوة؟
  • الداخلية الألمانية تصنف حزب البديل من أجل ألمانيا كيانا متطرفا
  • الداخلية الألمانية تعلن تصنيف حزب البديل من أجل ألمانيا كيانا متطرفا
  • الحصبة تتفشى في خمس الولايات الأميركية وعدد الحالات يقترب من 900
  • دوجاريك: وضع غزة مفزع وإدخال المساعدات يجب ألا يخضع لأي شروط
  • ” دوسلدورف” الألمانية تستعرض مقوماتها السياحية والعلاجية المتطورة في دبي
  • إدارة ترامب تبحث مع ليبيا ترحيل مهاجرين إليها
  • هل يفكك ترامب الركائز الصلبة لأميركا ويهدد اقتصاداها؟
  • نتيجة اللوتري 2025.. ماذا بعد الفوز في قرعة الهجرة العشوائية لأميركا؟