كاتب أميركي: ظاهرة ابتعاد الأميركيين عن الكنائس أصبحت مخيفة
تاريخ النشر: 24th, August 2023 GMT
حذر الكاتب الأميركي نيكولاس كريستوف -في مقال له بصحيفة نيويورك تايمز الأميركية- من ظاهرة ابتعاد الأميركيين عن الدين، موضحا أن فقدان "المجتمع المتدين" له آثار سلبية على المدى البعيد.
وقال كريستوف إنه رغم العبارات الدينية التي يحرص الأميركيون -سياسيين ومواطنين عاديين- على اختتام كلامهم بها، فإن الأرقام التي وردت في بعض استطلاعات الرأي أثبتت تزايدا كبيرا في أعداد المبتعدين عن الكنائس.
وأورد الكاتب نتائج استطلاع رأي أجراه معهد غالوب كشفت عن أن أقلية فقط من البالغين في الولايات المتحدة ينتمون إلى كنيسة. ونقل عن الكاتب مايكل غراهام قوله "إننا نشهد حاليا أكبر وأسرع تحول ديني في تاريخ بلادنا". وأصدر كل من مايكل غراهام وجيمس ديفس مؤخرا كتابا بعنوان "الهجران الكبير للكنيسة".
أرقام مقلقةوأوضح كريستوف أن نحو 40 مليون أميركي كانوا يذهبون إلى الكنيسة توقفوا الآن عن ذلك، وجلهم خلال 25 عاما الماضية. كما ترك المصلون البيض والسود الكنائس بنسب متماثلة، مثلما انخفض الحضور الديني للأشخاص من أصول إسبانية، لكن بنسبة أقل.
وأكد الكاتب أن النسب إذا استمرت على الوتيرة نفسها، فسيصبح عدد الأميركيين المسيحيين أقل من النصف بحلول منتصف ثلاثينيات هذا القرن.
ونقل الكاتب عن مايكل غراهام وجيمس ديفس قولهما إن أسباب ظاهرة الابتعاد عن الكنيسة كثيرة ومعقدة، ومن بينها أن الكنيسة نفسها لم تعد تبدو "مسيحية جدا" في أعين الكثير من الأميركيين.
مواقفوضرب على ذلك مثلا بمواقف الكنيسة بخصوص مرض فقدان المناعة المكتسب (الإيدز)، وكيف أن بعض رجال الدين رأوا فيه "لعنة"؛ مما جعل قسما كبيرا من اليمين المحافظ -في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي- يتغاضى عن معاناة الأشخاص المصابين بالفيروس، وخلق حالة من التمييز ضدهم دفعتهم للموت وحيدين.
بل إن زعيم اليمين في مجلس الشيوخ جيس هيلمز اقترح عام 1995 تخفيض الميزانية المخصصة لمكافحة الإيدز.
كما أورد كريستوف موقف رجل الدين الإنجيلي البارز بات روبرتسون عام 2001 عندما رأى أن اعتداءات 11 سبتمبر/أيلول 2001 "كانت عقابا من الله على سلوك الناشطين النسويين والعلمانيين والمثليين".
أيضا تسبب احتضان العديد من رجال الدين المسيحيين لدونالد ترامب رغم تفاخره بالاعتداء على النساء، وبفصل الأطفال عن آبائهم على الحدود؛ في ابتعاد كثيرين عن الكنيسة.
ورغم اعتراف الكاتب بأن الكنيسة ما تزال تضطلع بدور مهم في المجتمع الأميركي، وأن الولايات المتحدة "لا تزال دولة تؤمن بالدين على نحو غير عادي بمعايير العالم الحر الغني"؛ فإنه يؤكد أن الوضع مقلق، بشهادة الأرقام التي توردها استطلاعات الرأي، وبشهادة الخبراء المتخصصين.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
التطبيع بين لبنان وإسرائيل... مُجرّد حلم أميركيّ
أثار تصريح الموفد الأميركيّ إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف الجدل، بعدما قال إنّ لبنان قد يلتحق "باتّفاقيات إبراهيم" والتطبيع مع إسرائيل، وخصوصاً في ظلّ هذا التوقيت الحساس، بعد خروج البلاد من حربٍ تدميريّة مع العدوّ، واستمرار الأخير باحتلال 5 نقاط استراتيجيّة على الحدود الجنوبيّة، وخرقه يوميّاً قرار وقف إطلاق النار عبر استهدافه البلدات اللبنانيّة والحدوديّة مع سوريا، واغتياله شخصيّات من "حزب الله".
وأشار محللون عسكريّون إلى أنّ طرح ويتكوف بشأن لبنان وإسرائيل، لا يختلف عن خطّة تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، ويصعب تطبيقه وهو بمثابة حلم أميركيّ غير واقعيّ،فاللبنانيّون لا يزالون يُشيّعون الشهداء، بينما لا تزال أعمال البحث عن مفقودين مستمرّة. وتجدر الإشارة في هذا السياق أيضاً، إلى أنّ نواباً من مُختلف الكتل أعلنت بوضوحٍ خلال جلسة مُناقشة البيان الوزاريّ، أنّ إسرائيل هي عدوّة لبنان، ويستحيل الدخول معها في سلام.
وفي نظرة تاريخيّة على الصراع اللبنانيّ – الإسرائيليّ، يظهر أنّ لبنان من بين أكثر البلدان العربيّة التي دفعت ثمناً بعد فلسطين بسبب الحروب مع إسرائيل، ولعلّ آخر حربٍ كانت الأشرس والأعنف والأكثر تدميراً على اللبنانيين. من هذا المُنطلق، ليس من الوارد أنّ تُوافق الحكومة أو المكوّنات الوطنيّة على التطبيع مع تل أبيب، أقلّه في المدى القريب.
كذلك، فإنّه لا يُمكن فرض اتّفاق بالقوّة على مكوّن أساسيّ في البلاد، وهنا الحديث عن الطائفة الشيعيّة وآلاف المواطنين الذين خسروا منازلهم وأحباءهم ، وهم أكثر من تأثّر في الحرب الأخيرة. ويقول مراقبون في هذا الإطار، إنّ الهدف الحقيقيّ من دعوة الولايات المتّحدة الأميركيّة عبر تصريح ويتكوف، عن إمكانيّة التوصّل لاتّفاق سلام بين لبنان وإسرائيل هو حماية الإسرائيليين من أيّ مخاطر إيرانيّة تتمثّل ببقاء "حزب الله" عسكريّاً على الحدود الجنوبيّة وتهديده المستوطنات، فواشنطن تخشى من أنّ يجدّ "الحزب" طرقاً جديدة لإعادة بناء نفسه، ودخوله في حربٍ مع تل أبيب في المستقبل، بعدما أشارت إيران إلى أنّها لن تتخلّى بسهولة عن "المقاومة" في لبنان، وأنّها ستبقى داعمة لها لأنّ دورها لم ينتهِ بعد.
حتّى الآن، ليس هناك من حديثٍ فعليّ في لبنان عن نزع سلاح "الحزب"، على الرغم من أنّ خطاب قسم رئيس الجمهوريّة العماد جوزاف عون وبيان الحكومة الوزاريّ يُشدّدان على أنّ القوى العسكريّة وفي مقدّمتها الجيش هي المسؤولة عن أمن اللبنانيين وحماية البلاد، بينما يستمرّ "حزب الله" في مُحاولات إدخال ونقل العتاد العسكريّ والأموال إلى البلاد، واستهداف إسرائيل لأيّ سيارة تشكّ في أنّها مُحمّلة بالأسلحة أو يستقلّها عناصر من "المقاومة" دليلٌ على ذلك.
وبحسب محللين عسكريين، فإنّ الظروف للتطبيع بين لبنان وإسرائيل لم تتحقّق، وتصريح ويتكوف يُعتبر مُجرّد حبرٍ على ورقٍ، فلا يُمكن بناء سلام مع تل أبيب في الوقت الذي تُكمل فيه عدوانها عبر خرق إتّفاق وقف إطلاق النار، وعدم إحترام السيادة اللبنانيّة. ويُضيفون أنّ هناك بلداناً عربيّة أصبحت طرفاً أساسيّاً في "اتّفاقيّات ابراهيم"، أو سبق وأنّ دخلت في مُعاهدات سلام مع العدوّ، لكنّ شعوبها لا تزال تكنّ العداء لإسرائيل ولم تُرحّب بالتطبيع، ولعلّ اختطاف وقتل الحاخام اليهوديّ تسفي كوغان في الإمارات، والتضييق على الإسرائيليين في بطولة كأس العالم التي أُقيمت في قطر عام 2022، أمثلة على رفض شريحة كبيرة من الشعوب العربيّة التقارب من تل أبيب، حتّى لو كانت هناك حسابات أخرى لدى حكوماتهم تتعلّق بالإقتصاد والتجارة والأمن.
أمّا في ما يتعلّق بلبنان، فيقول المحللون إنّ المُوافقة على التطبيع مع إسرائيل تتطلب أوّلاً حلّ سلاح "حزب الله" والفصائل الفلسطينيّة وبعض الأحزاب، وثانيّاً، بسط سلطة الدولة على كامل الأراضي اللبنانيّة عبر تقويّة الجيش ودعمه من الولايات المتّحدة الأميركيّة والبلدان الأوروبيّة، بغطاء إسرائيليّ، وثالثاً، أنّ يكون اللبنانيّون جميعاً مُوافقين على السلام، وفي مُقدّمتهم المسلمون وبشكل خاص الشيعة، لأنّ التجارب السابقة أثبتت أنّه لا يُمكن إقصاء أيّ مكوّن وطنيّ، وخصوصاً إذا كان الأمر مُرتبط بالتطبيع مع عدوّ عاث شرّاً باللبنانيين أيّ كانت طائفتهم منذ العام 1948. المصدر: خاص "لبنان 24"