مستقبل وطن يكرم 150 من حفظة القرآن الكريم بالمنيا
تاريخ النشر: 24th, March 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
نظم حزب مستقبل وطن مركز المنيا مأدبة إفطار للقيادات التنظيمية والتنفيذية بمركز المنيا وحفل تكريم حفظة القرآن الكريم .
أقيمت الاحتفالية بقاعة الدسوقي بقرية تله مركز المنيا وبدأ الحفل بالسلام الجمهوري وتلاوة آيات من القرآن الكريم وفقرة انشاد ديني و تكريم المحفظة من خلال تقديم دروع التميز ومبالغ مالية قيمة لعدد ١٥٠ من الحافظين لكتاب الله المشاركين في الاحتفالية.
جدير بالذكر أن تلك الحفلات تم تنفيذها في بعض المراكز وجاري استكمالها بكافة مراكز وأقسام المحافظة تشجيعا لأبنائنا علي حفظ كتاب الله والعمل به واستمرارا للدور الخدمي والمجتمعي لحزب مستقبل وطن في كافة المجالات. FB_IMG_1742825532193 FB_IMG_1742825527444 FB_IMG_1742825523109 FB_IMG_1742825519756 FB_IMG_1742825516483 FB_IMG_1742825513625 FB_IMG_1742825506006 FB_IMG_1742825502999 FB_IMG_1742825499377 FB_IMG_1742825489234 FB_IMG_1742825486725 FB_IMG_1742825482133 FB_IMG_1742825478937 FB_IMG_1742825475070 FB_IMG_1742825470910 FB_IMG_1742825461373 FB_IMG_1742825458848 FB_IMG_1742825456570
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: تكريم حفظه القرآن الكريم مركز المنيا مستقبل وطن وكيل وزارة الأوقاف فعاليات شهر رمضان شهر رمضان المعظم
إقرأ أيضاً:
إلى القرآن
ثمَّة مُسلَّمة تمهيديَّة يتعيَّن -اليوم- على كل مؤمن بالله ورسوله أن يتشرَّبها حتى تتغلغل في ثنايا نفسه، وتصير طبعا من طبيعته، وهي أننا نقطع آجالنا القصيرة طلبا لألوان المعارف، وتحصيلا لشتَّى الخبرات، وطيّا لأعمارنا بالسنوات؛ حتى تتهيأ نفوسنا بهذا كله في لحظة معينة، وتصلُح لتلقي القرآن كما تلقَّاهُ العربي الأول، أو على الأقل ببعض الاستعداد الفذ الذي تمتَّع به هذا العربي الحُجَّة. وكلَّما كان الجهد المبذول أكبر، وطالت في سبيل ذلك مرحلة التربية الأوليَّة؛ عجَّل المولى سبحانه ببدء صيرورة التلقي الفعَّال، وأصلح بحوله كل ما اعوجَّ خلالها.
وهذا لا يعني أننا نخرج صفر اليدين إذا حاولنا التنعُّم بالفيوضات الإلهيَّة في مراحل الحياة المبكرة، وقبل أن تصقلنا المعارف وتُهذِّبنا رياضة الأعوام وخبراتها، وإلا لانتفى التكليف لانتفاء المقدرة على تلقي أمر الله وحمله على مُراده عز وجل؛ بل يعني أنَّ ما نُحصِّلهُ -حينذاك- مع الجهد الجهيد -في البيئة الحديثة المفسِدة الصارِفة- لا يكاد يعدو فُتاتا مما تلقَّاه العربي الأول بفطرته وحدها، ودون جهد تقريبا؛ العربي الذي سلَّم الله فطرته وحفظ نفسه من غواشي الحضارات الوثنيَّة، لتُحسن تلقي الوحي وتمثُّله؛ حتى صار الوحي المنزَّل عليها غضّا طريّا كأنه حوارٌ ممتدٌّ مع هذه النفس المهيأة لتلقيه والحركة به، بل كأنه وقودٌ خارقٌ كانت تلك النفس الأبية في أشد التعطُّش إليه.
إعداد النفس لهذا التلقي ليس خطوة ثانويَّة، ولا هي نهائيَّة، ولا هو بالمرحلة التي سنتخطَّاها يوما؛ وإنما هي صيرورة أبديَّة تجبُ المواظبة عليها من المهد إلى اللحد، تخليصا للنفس مما يعلق بها في كل يوم، ومراجعة لها فيما تلقَّتهُ بهذه العوالق
وهذا يعني أننا نُنفق الأعمار في محاولة استنقاذ الفطرة وتخليصها من غواشي هذه الحضارة المهيمنة، ومما تغلغل في نفوسنا من سوآتها، وتنقيتها من مُعطياتها المفسِدَة وتصوراتها المشوِّهة، ثم حفظها وصقلها؛ لأن هذه الفطرة هي جهاز الاستقبال الرباني الذي يتنزَّل عليه كلام الله. وكلما انصلحت مرآتها؛ انضبط ميزانها بما تتلقاه من أمر ربها. وما المعارف والرياضة والخبرات -كلها- سوى حروف اللغة التي يستنطق بها القرآن -متى استقامت- جموع الأسرار والمعاني الإلهيَّة التي خُطَّت على لوح الفطرة الحافل ابتداء. أي أننا نُنفق الأعمار في غسل هذه الأدران حتى نسمو إلى مستوى تلقي ذلك العربي البدائي الموصوف بالجهالة والبربريَّة! نُجاهد حتى نتخلَّص من جاهليتنا الحديثة المركَّبة، ونبلُغ المستوى الرفيع لهذه الجاهليَّة البسيطة "النقيَّة"؛ التي لا يحول الله بها -في الغالب- بين المرء وقلبه، إلا أن يكون صاحب القلب عُتلّا زنيما لا يُرجى منه خير!
وإعداد النفس لهذا التلقي ليس خطوة ثانويَّة، ولا هي نهائيَّة، ولا هو بالمرحلة التي سنتخطَّاها يوما؛ وإنما هي صيرورة أبديَّة تجبُ المواظبة عليها من المهد إلى اللحد، تخليصا للنفس مما يعلق بها في كل يوم، ومراجعة لها فيما تلقَّتهُ بهذه العوالق، وكيف تلقَّته، وهل وقع منها موقع العبوديَّة المكلَّفة المأمورة أم أنها تلقَّته على غير الوجه الذي أراده له ربها؛ فضاق به الصدر الجهول، أو تأفَّفت منه عجلة النفس الأمّارة، أو تحرَّج بسببه القلب المهزوم أمام غواشي الوثنيَّة.
هذه الصيرورة الجهاديَّة الجوانيَّة، التي ناط الله بها حُسن تلقي أمره؛ هي في جوهرها تقويضٌ لتسلُّط الأهواء والشهوات، لئلا تتألَّه في النفس بانسياق الأخيرة وراءها لاهثة، سواء أهواء تلك النفس وشهواتها أو الأهواء التي يوحي لها بها شياطين الإنس والجن ليصرفوها عن الإنصات لربها، والإذعان لأمره؛ حتى يتمكَّنوا هُم من بث ما يريدون بين خواء جنبيها، تمهيدا لاستغلالها وتعبيدها لهم في آخر المطاف.
هذه "المكابدة الجوانيَّة" ضروريَّة كذلك لأن حُسن التلقي الذي ستثُمره -مُفرَّقا وعلى مُكث- هو أولى مراحل العمل الذي يقتضيه الإيمان. بل إن العمل دون انضباط آلة هذا التلقي يعني خروج أي عمل مشوها فاسدا مُفسدا -مهما حَسُنت النيَّة- أو يُفضي إلى القعود والنكول -وربما الانسلاخ من الحق والعياذ بالله- نأيا بالنفس عن الصراع المنهك في سبيل ضبط العمل المستحيل تحقيقه في ظل التلقي المشوَّش/ المشوَّه.
ابتغاء الأوجه الجماليَّة والبلاغيَّة والفنيَّة في القرآن، إنما هو عرضٌ جانبي ومحصِّلة ثانوية ينالها المؤمن الذي يتوجَّه إلى كتاب ربه -ابتداء- طلبا للهداية في أمره كله، وفي إصلاح شأنه كله؛ فإنما ينال هذه الأغراض كافَّة بالتبعيَّة، ومعها كل الفوائد الصحيَّة والتغذوية والوقائيَّة من السحر والمس والجن والمرض.. إلخ. لكنَّ هذه الأغراض والمطالب "الدنيويَّة" كلها لا ينبغي أبدا أن تكون أولويَّة المؤمن الناشر لكتاب ربه
وقد جُعِلَ العمل البراني والمكابدة الجوانيَّة صيرورة تبادُليَّة يعتمد كل طرف فيها على الآخر ويُنضجه، ويُكمله. فإن الأعمال ينعكس تحقُّقها على دخيلة النفس وتصوراتها، كما تُغذي المكابدة كل عمل يتشكَّل وتُعين وجهته. ومن يسقُط من القافلة بسبب أداءه اليوغا والانعكاسات الروحيَّة لذلك على سائر عمله، وجه آخر لمن ينتكس به المسير بسبب الاقتراض بالربا أو استعمال بطاقات الائتمان وأثر ذلك على نسيجه الروحي. وأكثر أهل زماننا تُجرَّف أرواحهم ابتداء بتوهُّم "العلم" بمعناه الإلهي في العلوم الطبيعيَّة/ الماديَّة، التي وضع الغرب بناءها ليصرف المؤمن بها عن ربه الحق، أو بانتكاس ولائهم الديني وانحصاره في حدود بلد حُصر فيه أهلهم منذ قرن أو بعض قرن. وإذا كان تدقيق المرء في اختيار خطواته في العمل البراني ضرورة تكوينيَّة لانعكاس آثار أي عمل على جوانيه، فإن المكابدة الجوانية ضرورة وجوديَّة لأنها هي التي تخلع باطل العمل وتجتث جذوره من النفس؛ فتجعلها فيه من الزاهدين. وهذا كله يؤثر فيما نتلقاه عن رب العزة جلَّ شأنه، ويرسم ملامحه وحدوده.
* * *
وقد كثرت في اﻵونة الأخيرة الأبحاث الغربيَّة، التي تصبُّ في أن تلاوة "نص مقدَّس" بجماع النفس لربع الساعة يوميّا يقي الإنسان من الزهايمر والخرف، وهو أمر مُتواتر عند الحفَّاظ وأهل العلم من شيوخنا منذ عقود، بل منذ قرون؛ بيد أنه ليس هو السبب الذي يدفع الإنسان المؤمن لتلاوة كلام ربه العلي. فإن المؤمن مُتعبَّد بالتلاوة غير مسؤول عن آثارها، ولا مُكلَّف بمعرفة هذه الآثار وتتبُّعها أو تحريها! وقد علَّمنا صاحب الظلال -قدس الله روحه الطاهرة- أن ابتغاء الأوجه الجماليَّة والبلاغيَّة والفنيَّة في القرآن، إنما هو عرضٌ جانبي ومحصِّلة ثانوية ينالها المؤمن الذي يتوجَّه إلى كتاب ربه -ابتداء- طلبا للهداية في أمره كله، وفي إصلاح شأنه كله؛ فإنما ينال هذه الأغراض كافَّة بالتبعيَّة، ومعها كل الفوائد الصحيَّة والتغذوية والوقائيَّة من السحر والمس والجن والمرض.. إلخ. لكنَّ هذه الأغراض والمطالب "الدنيويَّة" كلها لا ينبغي أبدا أن تكون أولويَّة المؤمن الناشر لكتاب ربه يتلوه آناء الليل وأطراف النهار، كما يُوهم بذلك بعض الدُّعاة السذَّج الذين يتشدَّقون بشتَّى صور الإعجاز القرآني؛ وإنما يتعيَّن على المؤمن أن يكون توجُّهه للكتاب الكريم مُلتزما بالغرض الأساس الذي أنزله الله له: هداية الإنس والجن وتذكيرهم بربهم الحق، وبيان أمره إليهم في كل شأن يعتري حياتهم. فإنما يتجلى هذا الإعجاز -بالتبعيَّة- تثبيتا من لدن ربنا العلي لعباده المؤمنين، وتوكيدا لهم أن صلاح أمرهم كله -حرفيّا- منوط بالاستجابة لأمره، والانسجام مع نواميسه، وأن هذه اﻵيات زيادة في إيمان الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون؛ "فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ" (التوبة: 124).
وكما تنزَّل القرآن الكريم على حضرة نبينا ليسعى في إبلاغه إلى أمته ثم إلى العالمين، فإننا نسعى إلى هذا الكتاب المعجز -حقيقة ومجازا، جوانيّا وبرانيّا- سعيا نرجو معه لا بلوغ نوع من المعرفة بحرفه المكرَّم فحسب، أو نيل قسط من العلم الإلهي بتأويله فحسب، وإنما نسعى به وله ومعه -أولا وآخرا وفي كل زمان ومكان- إلى الدخول في زُمرة المهتدين به -جملة ودون تمييز- المذعنين لمحكَمِهِ، الواقفين تأدُّبا عند متشابهه.
x.com/abouzekryEG
facebook.com/abouzekry