ندوة فكرية في المغرب تسلط الضوء على فكر الغنوشي والديمقراطية المسلمة
تاريخ النشر: 24th, March 2025 GMT
أجمع مشاركون في ندوة فكرية نظمها منتدى المتوسط للتبادل والحوار، الأسبوع الماضي بمدينة سلا المغربية، على أن مؤلفات وكتابات السياسي التونسي راشد الغنوشي تشكل نقلة نوعية في مسار الفكر الإسلامي السياسي، خاصة في مقاربته للعلاقة بين الإسلام والديمقراطية.
خصص اللقاء لمناقشة كتاب "الديمقراطية المسلمة" للباحث الأمريكي أندرو مارش، الذي تناول التطور الفكري للغنوشي، مستعرضًا انتقاله من مفهوم الديمقراطية الإسلامية المثالية إلى نموذج الديمقراطية المسلمة، الذي يجمع بين القيم الإسلامية والتعددية السياسية.
أهمية الموضوع والشخصية المحتفى بها
في كلمته الافتتاحية، أكد رئيس المنتدى والسفير السابق، الدكتور رضا بنخلدون، على أهمية تناول قضية الإسلام والديمقراطية، مشيرًا إلى أنها من المواضيع التي أثارت ولا تزال تثير نقاشات واسعة. كما شدد على أن مناقشة فكر الغنوشي تكتسي أهمية بالغة، بالنظر إلى كونه أحد أبرز رموز الحركة الإسلامية المعاصرة، الذي استطاع مقاربة هذا الموضوع بتوازن.
مداخلات فكرية ودعوات للتضامن
المفكر والمؤرخ حسن أوريد عبّر عن أسفه لغياب الغنوشي عن هذا اللقاء بسبب وجوده في السجن، معتبرًا أن اعتقاله يمثل وضعًا غير مبرر لرجل فكر في بلد كان يتنفس الحرية والعقلانية. وأضاف أوريد أن الغنوشي ساهم في تقديم إضافات نوعية للفكر الإسلامي، مشددًا على أن الفكر لا يواجه إلا بالفكر.
وأشار أوريد إلى أن كتاب مارش يمثل نقلة نوعية في الفكر الإسلامي السياسي، إذ تجاوز النموذج التقليدي الذي تأثر بأفكار سيد قطب القائمة على الحاكمية المطلقة والتقسيم الثنائي للمجتمع إلى نموذج أكثر توافقية. واعتبر أن رؤية الغنوشي تعزز فكرة المواطنة وتفتح المجال أمام التعددية السياسية.
من جانبه، أكد الباحث عبد الله ساعف أن فكر الغنوشي سيظل حاضرًا في المشهد السياسي والفكري، لما له من إسهامات في تطوير مفهوم الديمقراطية المسلمة. أما الوزير السابق محمد يتيم، فقد أشار إلى أن الغنوشي قدّم إضافة نوعية للحركة الإسلامية عبر تطويرها فكريًا ومنهجيًا.
مضامين الكتاب وأبعاده الفكرية
استعرض كتاب "الديمقراطية المسلمة" مراحل تطور فكر الغنوشي، خصوصًا في سياق الثورة التونسية عام 2011 وما تلاها من تحولات سياسية. وسلط أندرو مارش الضوء على جهود الغنوشي في بناء نظام ديمقراطي يتناغم مع القيم الإسلامية، من خلال التركيز على قيم الحوار والتوافق.
ورأى مارش أن فكر الغنوشي يمثل نموذجًا لفهم جديد للعلاقة بين الإسلام والديمقراطية، وهو نموذج يمكن أن يلهم دولًا إسلامية أخرى في سعيها لتحقيق التغيير السياسي والاجتماعي.
رسائل تضامن ودعوات للإفراج
في ختام الندوة، أجمع الحضور على التضامن مع الشيخ راشد الغنوشي، داعين السلطات التونسية إلى إطلاق سراحه، معتبرين اعتقاله تعسفيًا وله أبعاد سياسية. وأكد المشاركون على أهمية استمرار النقاش حول قضايا الإسلام والديمقراطية، مع التأكيد على ضرورة التمسك بقيم الحرية والتعددية.
يذكر أن هذه الندوة هي أول فعالية من نوعها في العالم العربي لتقديم ومناقشة كتاب "الديمقراطية المسلمة" بحضور نخبة من المفكرين والسياسيين المغاربة.
وكتاب "الديمقراطية المسلمة" (On Muslim Democracy) للباحث الأمريكي أندرو مارش هو دراسة تحليلية عميقة تتناول العلاقة بين الإسلام والديمقراطية من منظور فكري وسياسي. يركز الكتاب على تجربة المفكر والسياسي التونسي راشد الغنوشي، باعتباره نموذجًا للحركات الإسلامية التي سعت إلى التوفيق بين القيم الإسلامية والمبادئ الديمقراطية.
مفهوم الديمقراطية المسلمة:
يطرح أندرو مارش مفهوم "الديمقراطية المسلمة" باعتباره نموذجًا وسطًا بين الديمقراطية الغربية التقليدية والرؤية الإسلامية للحكم. ويرى أن هذا النموذج لا يقوم على التناقض بين الإسلام والديمقراطية، بل على التكامل بينهما، حيث يمكن للقيم الإسلامية أن تتعايش مع مبادئ التعددية وحقوق الإنسان.
قراءة في فكر راشد الغنوشي:
يسلط الكتاب الضوء على التحولات الفكرية التي مر بها الغنوشي، من تبني الأفكار الإسلامية التقليدية إلى تطوير رؤية أكثر توافقية للديمقراطية. وقد جاء هذا التحول نتيجة لتجربته السياسية في تونس، ومرحلة المنفى في بريطانيا، حيث اطلع على التجربة الديمقراطية الغربية.
التوفيق بين الحاكمية والشعبية:
يناقش مارش كيف استطاع الغنوشي إعادة تفسير مفهوم الحاكمية، بحيث لا يتناقض مع سيادة الشعب. ويرى أن مبدأ "الاستخلاف" في الإسلام يفرض على الإنسان مسؤولية في إدارة شؤونه ضمن إطار القيم الإسلامية، مما يفتح المجال للممارسات الديمقراطية.
نقد الإسلام السياسي التقليدي:
يتعرض الكتاب بالنقد لمفاهيم الإسلام السياسي التقليدي التي كانت تستند إلى رؤى راديكالية، مثل أفكار سيد قطب حول الحاكمية والتقسيم الثنائي للمجتمع بين جاهليين ومسلمين. في المقابل، يقدم الغنوشي نموذجًا أكثر مرونة، يدعو إلى الشراكة السياسية والحوار المجتمعي.
التجربة التونسية كنموذج:
يُبرز مارش التجربة التونسية بعد الثورة عام 2011 كمثال على إمكانية تطبيق نموذج الديمقراطية المسلمة. ويشير إلى الدور الذي لعبته حركة النهضة بقيادة الغنوشي في بناء توافق سياسي مع الأحزاب العلمانية، ما ساهم في حماية التجربة الديمقراطية من الانهيار.
أهمية الكتاب:
يعد كتاب "الديمقراطية المسلمة" مساهمة فكرية هامة لفهم تطور الفكر الإسلامي المعاصر، خاصة في سياق الحركات الإسلامية التي انتقلت من المواجهة إلى المشاركة السياسية. كما يطرح الكتاب رؤية متفائلة لإمكانية التعايش بين الإسلام والديمقراطية.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية ندوة المغربية التونسي الغنوشي الأفكار المغرب تونس الغنوشي ندوة أفكار المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة القیم الإسلامیة راشد الغنوشی نموذج ا
إقرأ أيضاً:
معركة عنيفة للجيش الأوغندي ضد متمردين شرق الكونغو الديمقراطية
في واحدة من أعنف المواجهات المسلحة خلال العام الجاري، أعلنت القوات المسلحة الأوغندية، الجمعة، مقتل 242 مقاتلا من مليشيا "تعاونية تنمية الكونغو"، في اشتباكات دامية وقعت يومي 19 و20 مارس الجاري، بمنطقة فاتاكي في إقليم دجوغو، شمال شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية.
وقالت قيادة الجيش الأوغندي إن هذه العملية تمثل "أكبر مواجهة برية" ضد هذه المجموعة منذ دخول القوات الأوغندية الأراضي الكونغولية في 2021، مشيرة إلى أن الاشتباكات اندلعت بعد هجوم كبير شنّه مقاتلو المليشيا على موقع عسكري أوغندي.
وصرّح المتحدث باسم الجيش العقيد كريس ماجيزي أن القوات الأوغندية تمكنت من صد الهجوم وقتل 31 مسلحا في اليوم الأول، و211 في اليوم التالي، إضافة إلى تدمير معدات واستعادة أسلحة من قبضة المليشيا. كما أشار إلى مقتل جندي أوغندي وإصابة 4 آخرين خلال العمليات.
في المقابل، نفت مليشيا تعاونية تنمية الكونغو الرواية الأوغندية، مؤكدة في بيان أن عدد قتلاها لم يتجاوز مقاتلين اثنين، في حين زعمت أن الجيش الأوغندي تكبّد خسائر أكبر مما أعلن رسميا.
من جهتها، أفادت مصادر مستقلة، بينها الأمم المتحدة، بأن عدد القتلى أقل من الأرقام الرسمية، حيث قدرت الحصيلة بنحو 70 من عناصر تعاونية تنمية الكونغو و12 جنديا أوغنديا، وسط غياب التحقق المستقل من تلك المعطيات الميدانية.
إعلان خلفية النزاعتُعد مليشيا تعاونية تنمية الكونغو من أبرز الجماعات المسلحة الناشطة في إقليم إيتوري، وتواجه اتهامات متكررة بارتكاب فظائع ضد المدنيين، تشمل مذابح وعمليات تهجير قسري.
وتزعم الجماعة أنها تدافع عن مصالح قبائل ليندو الزراعية في وجه رعاة هيما، في نزاع عرقي يعود إلى عقود.
وكانت أوغندا قد نشرت قواتها في الكونغو بموجب اتفاق أمني مشترك مع كينشاسا لملاحقة جماعة "القوات الديمقراطية المتحالفة"، المرتبطة بتنظيم الدولة الإسلامية.
غير أن العمليات توسّعت لاحقا لتشمل مليشيات أخرى، مثل تعاونية تنمية الكونغو، خاصة بعد تصاعد الهجمات ضد مواقع عسكرية ومدنية.
أزمة متفاقمة شرق البلادوفي فبراير/شباط 2025، عزّزت أوغندا وجودها العسكري في إقليم إيتوري لتأمين حدودها الشرقية ومنع تسلل المقاتلين، إلى جانب احتواء موجات النزوح الناتجة عن أعمال العنف المتصاعدة.
ورغم جهود بعثة الأمم المتحدة (مونوسكو) ومحاولات التهدئة الإقليمية، لا تزال مناطق شرق الكونغو تغرق في الفوضى، وسط صراع على الموارد الطبيعية مثل الذهب والكولتان، وتنامي الانقسامات الإثنية، ما يُبقي المنطقة على صفيح ساخن مفتوح على احتمالات أكثر دموية.