د. شيماء الناصر تكتب: قبة السلطان الغوري بين الفلكلور والاستثمار
تاريخ النشر: 24th, March 2025 GMT
مازالت مصر لديها الكثير والكثير من الاماكن التي تحمل معالم التاريخ المعاصر المصري وما تحمله من حضارات تركت بصماتها على الجدران وجعلت عبقا للمكان ومعايشة الماضي، وتُعد قبة السلطان الغوري أحد اهم الامكان التي تحمل في اركانها الأصالة و التاريخ ومزيج الحديث مع الحضارة تجدها عندما تقع نظراتك على اسواره وتتنفس هواء الساحة الواسعة والتي تجعله مكانا فريدا من نوعه , وهناك مجهود تبذله وزارة الثقافة من خلال العرض الفني الذي يشمل البرنامج الفني الفلكلوري والذي يأخذ زواره سواء المصريين قبل الاجانب في رحلة قصيرة مدتها ساعة ونصف تقريبًا، حيث يجتمع فيها سحر العمارة التاريخية مع جمال الفنون الشعبية تلك التي تبدأ بعرض للموسيقى الصعيدية الحية وتليها فقرة من الإنشاد والابتهالات الدينية المصحوبة بعرض ساحر لفرقة التنورة.
ويطهر الاندماج بين الجمهور والعرض حيث يُعبر الحضور عن امتنانهم للفرق الفنية التي أدخلت البهجة إلى قلوبهم، ولصاحب الطابة الخضراء والساجات الذي أضفى لمسة سحرية على الأجواء تحيه خاصه وامتنان.
والغريب ان هذا المجهود من الاعداد في العروض الا انها تقدم بأسعار رمزية لا تتجاوز بضعة جنيهات مصرية أي ما يقل عن دولارين للأجانب، في حين أن مثل هذا العرض يقدم بأضعاف أضعاف هذه التكلفة في دول أخرى مما يجعله فرصة فريدة للتغبير للاستثمار السياحي فيه والحفاظ علي هذا التراث النادر من الافراد والملابس والرسالة الفنية المجتمع في هذا الفن الفلكلوري المصري.
ان قبة السلطان الغوري لا تُعتبر مجرد وجهة ترفيهية فحسب، بل هي أيضًا فرصة استثمارية مميزة كبيرة بل هي تعكس فن المحاكاة المصري لهذا التراث العريق للبلاد مما يجعل تلك القبة وجهة مفضلة للكثير من المصريين والسياح بمختلف الاجناس ولذا لابد من الانتباه إلى هذا الكنز الثقافي والاستثمار فيه لضمان استمرار تقديم فرق الغوري لعروضها التي هي نوعًا من الفن التراثي الروحي، ومنها رقصة التنورة التي نشأت على يد جلال الدين الرومي، إلا أنها انتقلت إلى مصر وارتبطت بالقاهرة الفاطمية، حيث أُضيفت إليها العناصر الثقافية المصرية. لذا، من الضروري فتح باب الاستثمار في العنصر البشري، من خلال توفير الاهتمام اللازم لتعليم هذه الفنون وتنميتها.
يمكن ذلك عبر إنشاء مدارس وورش عمل بالتعاون مع الفنانين المحليين لتعلم هذا النوع من الفن بشكل منهجي والاهتمام بتدريسه الفنون الشعبية عامةً ، مما يساهم في الحفاظ على تراث الفنون الشعبية وتخليده.بالإضافة إلى ذلك، يمكن توسيع نطاق العروض الفنية الاحترافية لتشمل العديد من المحافظات المصرية ذات الجذب السياحي، مما يسهم في تنشيط السياحة. يمكن أيضًا التفكير في تصدير هذه العروض الفنية إلى المسارح الدولية، مما يعزز من مكانة الفن المصري على الساحة العالمية ومع ذلك، لا يُمكن أن يتحقق الاستثمار في العنصر البشري دون مراعاة حقوق هذا العنصر. حيث يجب توفير كافة السبل التي تدعم الفنانين وتمكنهم من استكمال مسيرتهم الفنية، بما في ذلك تأمين احتياجاتهم ومتطلباتهم
العالمية.
وأيضًا، يجب أن يُستثمر في المكان ذاته، من حيث تحسين الجودة، وتوفير مقاعد مريحة، وتزويد القبة بأحدث أنظمة الإضاءة وأجهزة الصوت، بالإضافة إلى جميع التجهيزات المسرحية اللأزمة التي تخرج العرض بشكل أحترافي يليق بتاريخ مصر وتراثها ومن الضروري زيادة عدد الحفلات وتنوع برامجها للاستفادة من الأجواء الفريدة للقبة، مما يمكنها أن تصبح مقصدًا للعديد من الفعاليات التي يمكن ان تسهم في جذب السياح وزيادة الإنفاق في المجتمعي في خلق فرص عمل جديدة للفنانين، والمصممين، والعمال في مجالات السياحة والتراث كما يساعد الاستثمار في الفنون والتراث على الحفاظ على الهوية الثقافية وتعزيز الوعي بها، مما يعزز الفخر الوطني ويعزز الروابط الاجتماعية.
وتعتبر الفنون والتراث الثقافي اهم عامل في جذب رئيسي للسياح، مما يزيد من عدد الزوار ويساهم في تحسين البنية التحتية السياحية وباختصار، تُعد قبة الغوري وغيرها من الأماكن المماثلة وجهات مميزة لتجسيد روح الفنون المصرية وتراثها، فهي تجمع بين الجمال الفني والإمكانات الاستثمارية الواعدة، والاستخدام الاستثماري الأمثل يعزز الفوائد الاقتصادية والثقافية للمجتمع ان انتبهنا لذلك.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: قبة الغوري وسط البلد المزيد
إقرأ أيضاً:
أمنياتي في ليلة القدر ١٤٤٦ هجرية.. !!
* أولاها إعلاء كلمة الله والعمل بكتابه الحكيم، وعودة الأخلاق الحميدة إلى الشارع المصري. فلا نرىَ ابنًا يقتل أباه، ولا أخًا يقتل أخاه، ولا أبًا يقتل أطفالَه من إملاق.
* ألا نرى صاحبَ مَنصِبٍ وجاه يتطاولُ على مَن هُمْ أقل منه، أو تاجرًا جشِعًا ينْهَش لحم الفقراء بأسعارِهِ المرتفعة.
* ألا تكون مصر مدينةً لأحد، فالدَّينُ مذلَّة وإهانة للنفس، وألا تلجأ للاقتراض من صندوق النقد الدولي دولارًا واحدًا حتى لا تخضع (أم الدنيا) لشروطهِ المُجْحِفة التي تزيدُ أعباءَ المواطن البسيط.
* أتمنى أن يقف العرَب صفًّا واحدًا، دون تفرُّق، وأن يُعِدُّوا لعدوِّهِم ما استطاعوا من قوةٍ فيَرهَبَهُم ويرفع يدَه المضرجة بالدماء عن إخوانهم المستضعفين في فلسطين.
* أدعو الله أن يَمُنَّ علينا بالعافية والستر.
وبمناسبة الدعاء بعدم الحاجة إلى الاقتراض فلننظرْ كيف تعامل «جمال عبد الناصر» مع صندوق النقد الدولي. كان «عبد الناصر» يؤمن بأن التنمية الحقيقية يجب أن تَعتَمِد على إمكاناتنا الذاتية، لذلك عندما قرأ دراسة جدوى ابتدائية عن مشروع السَّد العالي، كَلَّفَ مجموعةً من المهندسين المصريين العسكريين، ومهندسي الرَّي والزراعة وأساتذة الجامعات من مختلف التخصصات لإتمام الدراسة، ولم يسْتعِن ببيوتِ الخِبرَة الأجنبية. كان السَّد العالي بالنسبة لمصر بعد نجاح ثورة يوليو ١٩٥٢ هو قاطرة التنمية بكل اتجاهاتها بشرية وزراعية وصناعية على الإطلاق، وهو ما أكدتْهُ المؤسسات العالمية بأن السَّد العالي هو مشروع القَرْن العشرين الأكثر نفعًا للبشرية. وعندما وقَفَت (أمريكا) ضد بنائه، كما امتنع البنك الدولي عن تمويل المشروع، لم يخضع «عبد الناصر» ولم ييأس، بل استمدَّ قوتَه مِنْ إيمانهِ باللَّه ثم مِنْ ثقتهِ بالقوة التي يحيطه بها الشعب.. فأخذ قرارَه الجَرِيء بتأميم شركة قناة السويس ليبني بإيراداتها السَّد العالي. واستعان في خطته التنموية بأهل الخبرة الموثوق في كفاءتهم وإخلاصِهِم لمصر. ولم يتخذْ قرار تأميم القناة إلا بعد رجوعه إلى أستاذ الجامعة د.«مصطفى الحِفناوي» ليعرف مدىٰ قانونية القرار وأحقية مصر في تأميم القناة، وبعد التأكُّد من إمكان إدارة المِلاحة بالقناة بأيدي المصريين. وبنظرتهِ الثاقِبة في اختيار وزرائه عيَّن د.«مصطفى خليل» وزيرًا للنقل، والمهندسَين: «صدقي سليمان» وزيرًا للسد العالي، و«عزيز صدقي» وزيرًا للصناعة. وكانوا جميعُهم مِن المتخصصين الأكفاء وليسوا من العسْكريِّيْن، ولم يكونوا من الضُباطِ الأحرار.
كان عبد الناصر زعيمًا ورئيسًا يعتمد على قُدرات وإمكانات بلده الذَّاتية.
و(للعلم) موَّل الاتحاد السوفيتي (روسيا) المشروعَ مقابل حصوله على منتجات زراعية من مصر (الزائدة على حاجتها)..
كانت تلك من سِمات عَصر العِزَّة والكرامة.
اللهم حَقِّق آمالَنا..