لندن /القدس العربي/ قالت صحيفة “فايننشال تايمز” في تقرير أعده ويليام واليس إن المعركة على العاصمة السودانية الخرطوم تؤشر إلى أن الحرب الأهلية في السودان قد أكملت دورتها. فقد عادت الحرب إلى المكان الذي بدأت منه: المعركة على قلب العاصمة الخرطوم.

وبعد أيام من الاشتباكات، استعادت القوات الموالية للرئيس الفعلي، الجنرال عبد الفتاح البرهان، القصر الجمهوري يوم الجمعة من حلفائها السابقين في قوات الدعم السريع، المنظمة شبه العسكرية.

ومنذ ذلك الحين، سيطر الجيش السوداني على مبان رسمية أخرى، بما في ذلك البنك المركزي، مما يمثل نقطة تحول محتملة في الحرب.

عادت الحرب إلى المكان الذي بدأت منه: المعركة على قلب العاصمة الخرطوم

وأضافت الصحيفة أن استعادة القصر الجمهوري تتوج عدة أشهر من تحول موازين الحرب الأهلية السودانية بشكل حاسم لصالح الجيش السوداني. وإذا استطاع الجيش ترسيخ سيطرته على الخرطوم، فسيمكن ذلك الجنرال البرهان من تعيين حكومة انتقالية ومحاولة الحصول على اعتراف دولي أوسع.

ومع ذلك، تقول الصحيفة إن التطورات الأخيرة تمثل لحظة بالغة الخطورة للسودان والجنرال البرهان نفسه، إذ سلط انتصار قوات الدعم السريع نهاية هذا الأسبوع في إقليم دارفور الغربي الضوء على خطر التقسيم الفعلي. ونقلت الصحيفة عن سليمان بالدو، الخبير في حل النزاعات ومدير مركز أبحاث الشفافية والسياسات السودانية: “إن القيمة الرمزية والزخم السياسي الذي يمكن أن يحققه الجيش من استعادة السيطرة على العاصمة كبيران”.

وظهر الجنود وهم يحتفلون أمام النوافذ المهشمة ومداخل البنايات المحترقة والتي تكشف عن الأثر الرهيب على العاصمة. وقال بالدو: “لم يبق هناك شيء للناس كي يعودوا إليه”.

واندلعت الحرب في السودان في منتصف نيسان/أبريل 2023 في العاصمة بعد صراع على السلطة بين الجيش وقائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو، المعروف بحميدتي المتهم من قبل الولايات المتحدة بارتكاب إبادة. وقبل المواجهة العسكرية بين الطرفين، اتحدا للإطاحة بالحكومة الانتقالية التي شكلت في أعقاب سقوط نظام عمر البشير عام 2019. وقد تكبد الجيش السوداني في الأشهر الأولى من الحرب، الهزيمة تلو الأخرى، ونقل مركز قيادته في النهاية إلى بورتسودان على البحر الأحمر.

لكنه ومنذ أيلول/سبتمبر الماضي، استعاد مساحات شاسعة من الأراضي ومعظم العاصمة.

وقالت الصحيفة إن العوامل التي رجحت كفة القوات المسلحة السودانية، هو الدعم الذي تلقته من كتائب إسلامية، وحصول الجيش على إمدادات من الأسلحة الثقلية وانشقاق كتائب في قوات الدعم السريع والتراجع في معنويات عناصرها.

ويعلق كاميرون هدسون، الخبير في شؤون القرن الأفريقي والباحث البارز في برنامج أفريقيا بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بواشنطن: “لقد نجحوا وبشكل باهر في إعادة تسليح أنفسهم، وإعادة تزويد قواتهم الجوية بطائرات مسيرة من تركيا وطائرات مقاتلة صينية وروسية. وفي الوقت نفسه، واجهت قوات الدعم السريع صعوبة في الحفاظ على خطوط الإمداد من الإماراتيين عبر تشاد وليبيا”.

القتال على الخرطوم لم ينته، فقد أدى هجوم قامت به قوات الدعم السريع يوم الجمعة لمقتل متحدث بارز باسم الجيش وجنود في القصر الجمهوري، فيما تتواصل المقاومة بأجزاء من جنوب العاصمة

إلا أن القتال على الخرطوم لم ينته، فقد أدى هجوم قامت به قوات الدعم السريع يوم الجمعة لمقتل متحدث بارز باسم الجيش وجنود في القصر الجمهوري، فيما تتواصل المقاومة بأجزاء من جنوب العاصمة. وسيطرت قوات الدعم على نقطة صحراوية في شمال دارفور، حيث قطعت إمدادات الجيش لمدينة الفاشر المحاصرة، وهو ما يشير إلى الصعوبة التي سيجدها قادة السودان لتوحيد البلاد.

ويرى السياسي من حزب المؤتمر السوداني والمقيم في المنفى، نور بابكر: “إذا استعاد الجيش السيطرة على كامل الخرطوم، فهذا ليس بالضرورة علامة خير لمستقبل السودان، لأنهم لا يكترثون بدارفور”، مشيرا إلى المخاوف من عدم رغبة الجيش أو عدم قدرته على مواصلة القتال في ولايات الغرب، وبعد سيطرته على الخرطوم. وقد يتضاءل الحافز لدى القوات المسلحة السودانية للتفاوض، مما يزيد من خطر بقاء البلاد منقسمة. ويعتبر تقدم الجيش في الخرطوم لحظة خطيرة للمدنيين. فقد نزح أكثر من 12 مليونا من سكان السودان البالغ عددهم 50 مليونا بسبب الحرب، حيث انتشرت في بعض المناطق المجاعة.

وارتكب كلا الجانبين فظائع. ففي الأشهر الأخيرة، اتهمت القوات المسلحة السودانية وحلفاؤها من الميليشيات بارتكاب عمليات قتل مستهدفة عرقيا في المناطق المستعادة. وقد تسببت قوات الدعم السريع، التي انبثقت من ميليشيات “الجنجويد” العربية المتهمة بجرائم حرب في حروب دارفور السابقة، في خسائر فادحة مع انسحابها. وقال هدسون: “من عادتهم أن ينتقموا من السكان عند انسحابهم”.

أما التحدي المباشر الذي يواجه الجنرال البرهان، فيتمثل في استعادة النظام والخدمات في مدينة أفرغت من سكانها وضمان توفير الغذاء والماء والاحتياجات الأخرى مع بدء عودة السكان النازحين. أما المعضلة الأخرى، فنابعة من استعادة الدعم الدولي الضروري لإعادة الإعمار مع الحفاظ على تماسك جميع القوى المتفرقة تحت لوائه.

ولم تكن انتصارات البرهان الأخيرة ممكنة بدون دعم أنصار النظام السابق الإسلاميين الذين لا يزالون يحظون بدعم قطاعات من السكان.

إلا أنه لا الحكومات الغربية ولا حلفاء القوات المسلحة السودانية في الشرق الأوسط، مصر والسعودية، يرغبون في عودتهم إلى الحكم. وقد يؤدي نبذهم إلى ردة فعل عنيفة. وقال بالدو: “لا أتوقع انهيارهم الآن لأن الحرب لم تنته بعد. لكنها مسألة وقت فقط”.

   

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: القوات المسلحة السودانیة قوات الدعم السریع القصر الجمهوری على الخرطوم المعرکة على

إقرأ أيضاً:

الأمم المتحدة: 400 قتيل على يد قوات الدعم السريع في دارفور

قُتل أكثر من 400 شخص في الهجمات التي نفذتها أخيرًا قوات الدعم السريع في إقليم دارفور بغرب السودان، بحسب ما نقلت الأمم المتحدة عن مصادر موثوقة الاثنين.
وقالت المتحدّثة باسم مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان رافينا شامدساني لوكالة فرانس برس "أكد فريقنا السوداني مقتل 148 شخصا، لكن هذا العدد أقل بكثير من الواقع وعمليات التحقق التي نقوم بها لا تزال جارية".هجمات الدعم السريع في السودانوأشارت إلى أن "مصادر موثوقة أفادت بمقتل أكثر من 400 شخص".
أخبار متعلقة بسبب الرياح.. ثلاث وفيات جراء انهيار سور بمدرسة ثانوية في تونسفي حماية قوات الاحتلال.. مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى مجددًاكانت مسؤولة أممية، قالت السبت الماضي، إن قوات الدعم السريع، شنت هجومًا استمر يومين على مخيمات للنازحين، كانت قد تعرضت بالفعل لمجاعة.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } الأمم المتحدة: 400 قتيل على يد قوات الدعم السريع في دارفور - وكالاتقوات الدعم السريعوأوضحت أن تلك الهجمات مما أسفر عن مقتل أكثر من 100 شخص بينهم 20 طفلا، وتسعة من عمال الإغاثة في منطقة دارفور.وذكرت منسقة الأمم المتحدة المقيمة ومنسقة الشؤون الإنسانية في السودان، كليمنتاين نكويتا - سلامي، إن قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها شنت هجومًا على مخيمي زمزم وأبو شروق ومدينة الفاشر القريبة، عاصمة إقليم شمال دارفور.

مقالات مشابهة

  • الأمم المتحدة: 400 قتيل على يد قوات الدعم السريع في دارفور
  • هجمات الفاشر.. أكثر من 400 قتيل والدعم السريع تعلن هجوما بمسيرة على مطار الخرطوم
  • عاجل | مصدر عسكري سوداني للجزيرة: قوات الدعم السريع استهدفت مساء اليوم مطار الخرطوم بمسيرة
  • قوات الدعم السريع السودانية تعلن سيطرتها على مخيم زمزم في دارفور
  • السودان.. قوات الدعم السريع تتقدم في الفاشر "المأزومة"
  • “صمود” يدين الجرائم والانتهاكات الجسيمة التي نتجت عن هجوم قوات الدعم السريع على معسكر زمزم للنازحين بشمال دارفور
  • الخرطوم تصدم الدعم السريع
  • مناوي يوجه اتهامات خطيرة للقائد عبد الواحد
  • الخارجية السودانية تدين استضافة كينيا مؤتمراً جديداً للدعم السريع
  • شاهد عيان يروي لـ “تاق برس” حقيقة الأوضاع في الخرطوم بعد خروج الدعم السريع  “فيديو”