#قيم_إسلامية: #العدالة_المجتمعية
بقلم : د. #هاشم_غرايبه
مقال الاثنين: 24 / 3 / 2025
كعادة الغرب دائما في إرجاع أصول الحضارة الإنسانية لهم، يدعون أن الإغريق هم أول من بحث في صلاح المجتمعات واقترحوا لذلك حلولا، لكن الحقيقة أنهم سبقهم فلاسفة بلاد ما بين الرافدين، مثل “أبيقار” الذي يعتقد أنه لقمان الحكيم الذي ورد ذكره في القرآن الكريم، ووضعوا قواعد تنظم علاقات الأفراد في المجتمع.
لم تتوقف الى اليوم محاولات البشر لتصور المجتمع العادل، فما تصوره المعلم الأول “أرسطو” والمعلم الثاني “الفارابي” في تكوين المدينة الفاضلة، لم تكن مجرد مثاليات أو أحلام، بل هي أفكار ممكنة التطبيق، لكن تحتاج الى ظروف معيارية في اختيار الحكم الذي يطبق تلك المعايير بعدالة.
لما كانت النوازع الأنانية والميل الى الإستئثار هي من طباع النفس البشرية، فقد كان من الصعب الإعتماد على صلاحية هذه النفس في التحكيم بالخلافات بين أفراد المجتمع حول الحقوق والواجبات، بل لا بد من تشريع واضح وحازم يتم الإحتكام إليه بدل تحكيم الرأي الشخصي، بمعنى يجب أن يكون هنالك مرجعية نزيهة ثابتة، هي فوق كل الآراء، وهي أبعد ما يمكن عن التحيز والهوى.
لا ينطبق هذا التخصيص إلا على حالة واحدة محددة، وهي أن يكون صادرا عن الإله الخالق الحكيم العليم بدقائق مصالح البشر وخفايا دوافعهم، وتفصيل ذلك الأمر مبين في كتاب لا يطاله التحريف ولا التزوير، هو القرآن الكريم.
لدواعي الموضوعية سوف نضع المنهجين: الإجتهاد البشري والتشريع الإلهي أمامنا للمقارنة.
آخر ما توصلت له البشرية بالتجريب هي قيم الليبرالية الحديثة، وهي التي تحكم كل مناحي الحياة الآن وفي جميع المجتمعات بلا استثناء، وتتلخص بتقديس حرية الفرد ضمن إطار يحدده قانون، إذن فالحرية هنا مقيدة بضوابط يحددها نظام الحكم الذي يملك السلطة رغم أنه يكتسبها من نظام انتخابي يمتثل لرأي الأغلبية.
وهكذا فمصدر التتشريعات هو هذه الأغلبية التي يتبين بالتحليل الدقيق أنها تمثل 13 % من المجتمع فقط، بمعنى أن رأي هؤلاء هو الذي يحدد القوانين الحاكمة للجميع، والتي يفترض بها أن تمنع طغيان هذه الحرية على حقوق الآخرين، لكن بالتطبيق تبين أن تأثير مالكي الثروات على أصحاب النفوذ (السلطة) أقوى بكثير من رأي الأفراد، لذلك فإن التشريعات تغلّب مصالح هؤلاء مما يُخلُّ بالعدالة المجتمعية بشكل خطير.
التشريعات الإلهية (الدين)، جاءت مكتملة غير خاضعة لهوى أو مصلحة فئة بشرية، فهي تراعي مصالح كافة فئات المجتمع ، وتقوم مبادئها على ثلاثة ركائز: التحرر الوجداني المطلق، والمساواة الإنسانية الكاملة، والتكافل الإجتماعي الوثيق، وكل عنصر مبني على الآخر.
فالعبودية لله وحده تعني تحرير الإنسان من عبوديته لغير الله، فبذلك تتحقق المساواة بين البشر لأن إرادة الله تحكم الجميع على السواء، ومقياس التفاضل الوحيد في الإرتقاء في منزلة القرب من الله هو تقواه، والذي يتمثل بعمل الخير والإحسان الى الآخرين والإبتعاد عن ظلمهم، فتغدو اللحمة الإجتماعية بين البشر على اختلافاتهم قوية والأخوة بينهم متغلبة على العداء.
أما اختيار نظام الحكم الذي يضمن عدالة تطبيق التشريعات، فضوابطه الأساسية: الأهلية والحكمة والتمكن المعرفي، أما طبيعته فاختيارها متاح للمواطنين حسب اجتهادهم وتطور خبراتهم، وكذلك الأمر في تسمية الحاكم والهيئة الحاكمة، لكن لا خيار لهم في الخروج على المبادئ الشرعية الأساسية، والتي تكفل ضمان حقوق الجميع في الحياة الكريمة الحرة الخالية من الإكراه أو القسر ضمن مبدئين:
المبدأ الأول يتمثل بحفظ الحقوق لجميع الناس وليس فقط لمواطني الدولة، لذلك فهو يتفوق على تشريعات الليبرالية التي تميز بين المواطن والغير: “إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ” [النساء:58].
الثاني: تحقيق العدالة بغض النظر عن المكانة وحالة العداوة وخطورة الجرم: “وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا” [المائدة:8]، وهذا المبدأ مهم لتحقيق السلم المجتمعي وطمأنة المتعدى إلى حصوله على حقه القضائي بعدالة وبلا تحيز مسبق، وأقرب مثال على ذلك قوانين مكافحة الإرهاب التي سنتها الأنظمة الليبرالية التي تدعي التزامها بحقوق الإنسان، ففيها تحيز سافر ضد المنتمين للإسلام وتعدٍّ صارخٍ على كل حقوق من يتهمونه بالإرهاب، فيما لا يطبق ذلك على عتاة المجرمين والسفاحين، رغم أن بعضهم يمثل خطرا أعظم كثيرا على مجتمعهم من شخص يتعاطف مع من يرفض احتلال بلده.
ومع أنه لا يجوز أصلا أن نقارن بين العدالة الإلهية والعدالة البشرية، لكن ما أوردته كان بدافع الموضوعية.
فهل يتبقى شك في أن الإسلام هو خير ما يحقق العدالة الإجتماعية للبشر!؟. مقالات ذات صلة اللاءات العسكرية الأميركية الاسرائيلية…وتشابه الردود الحمساوية الايرانية عليها..؟ 2025/03/24
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: قيم إسلامية العدالة المجتمعية هاشم غرايبه
إقرأ أيضاً:
«عجبت لك يازمن».. لميس الحديدي تكشف عن التحفظات المجتمعية حول اسم الأم في البطاقة|فيديو
علّقت الإعلامية لميس الحديدي على الجدل المثار بشأن دراسة الحكومة لإضافة اسم الأم إلى بطاقة الرقم القومي، مؤكدة أن هذا الإجراء مُطبق في العديد من دول العالم وله أهمية خاصة في منع تشابه الأسماء.
وقالت الحديدي خلال تقديمها حلقة جديدة من برنامج "كلمة أخيرة" على قناة ON: "في العالم كله، اسم الأم موجود في جوازات السفر والفيزا وغيرها من المستندات الرسمية، لأن اسم الأب وحده قد لا يكون كافيًا لتفادي التشابه، واسم الأم يكون هو الفيصل."
وتساءلت الحديدي مازحة: "ليه الست في البطاقة مكتوب في ظهرها «زوجة فلان» أو «مطلقة من فلان» – ودي على فكرة شالوها – لكن ليه الراجل مش مكتوب 'زوج فلانة'؟ يمكن علشان يقدر يتجوز أربعة؟ الخانات مش هتكفي!"
وتطرقت لميس الحديدي إلى ما وصفته بـ"التحفظ المجتمعي" على ذكر اسم الأم أو الزوجة، خصوصًا في المجتمعات الريفية والصعيدية، قائلة: "والدي كان أستاذ جامعة، لكنه عمره ما نادى والدتي باسمها في مكان عام، كان ينادي عليها باسم أخويا: «يا محمد».. وده كان بالنسبالي غريب جدًا!" وأضافت مستنكرة: "مستغربة ومش عارفة إيه السبب؟"
ولفتت إلى أنه عند الدعاء، فإن المستحب أن يتم الدعاء باسم الأم، معقبة: "يعني إحنا بندعي باسم الأم عند ربنا ومش عاوزين نكتب الاسم في البطاقة ونخاف ونتكسف من كده."
وكان الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، قد صرح بأن الحكومة تدرس إضافة اسم الأم إلى بطاقات الرقم القومي لحل مشكلة تشابه الأسماء.
شاهد الفيديو