تبون يقول إن الخلافات مع فرنسا مفتعلة.. وعلي بلحاج ينتقد تصريحاته
تاريخ النشر: 24th, March 2025 GMT
كشف الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون عن طبيعة العلاقات الجزائرية الفرنسية، مؤكدًا أن التنسيق يتم بشكل مباشر مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أو مع من يوكله، بينما وصف بقية التفاعلات بـ"الهوشة" التي لا تعني الجزائر، مشيرا إلى "فوضى عارمة وجلبة سياسية (في فرنسا) حول خلاف تم افتعاله بالكامل".
جاء ذلك خلال لقائه الدوري مع الصحافة الوطنية، حيث تطرق إلى عدد من الملفات الحساسة في العلاقات الثنائية بين البلدين.
الموقف الجزائري من الأزمة الدبلوماسية
أوضح الرئيس تبون أن ملف العلاقات مع فرنسا يتابعه وزير الخارجية الجزائري بتفويض كامل، مشيرًا إلى أن الجزائر لا تهتم بما يُثار من جدل إعلامي أو سياسي خارج الإطار الرسمي للعلاقات الثنائية.
وحول الأزمة الأخيرة المتعلقة باعتراف فرنسا بخطة الحكم الذاتي في الأراضي الصحراوية، اعتبر تبون أن هذه الخطة هي بالأساس فكرة فرنسية. كما أعرب عن استغرابه من زيارة وزراء فرنسيين لتلك الأراضي، مشيرًا إلى أنه لم يفهم مغزى هذه الزيارات.
وفي سياق آخر، علّق تبون على قرار إحدى القنوات الفرنسية سحب فيلم وثائقي حول استخدام الاستعمار الفرنسي لغازات سامة في الجزائر، معتبرًا أن حرية التعبير في فرنسا ليست مطلقة، خاصة عندما يتعلق الأمر بمواضيع تاريخية أو مواقف من قضايا عربية.
طمأنة للجالية الجزائرية في فرنسا
في رده على المخاوف التي تساور بعض أفراد الجالية الجزائرية في فرنسا، أكد تبون أن لا أحد سيمسهم بسوء ما داموا يحترمون قوانين الدولة التي يقيمون فيها، مشيرًا إلى أن الرئيس ماكرون نفسه أكد هذا الأمر.
انتقادات علي بلحاج
على الجانب الآخر، وجه نائب رئيس الجبهة الإسلامية للإنقاذ، علي بلحاج، انتقادات لاذعة لتصريحات الرئيس تبون.
واعتبر بلحاج في تصريحات خاصة لـ "عربي21"، أن اختيار تبون التحدث باللغة الفرنسية خلال تصريحاته يعد مخالفة للدستور الجزائري الذي يعتبر العربية اللغة الرسمية، مشيرًا إلى أن ذلك يمثل استهانة بالشعب الجزائري وتضحياته.
كما انتقد بلحاج ما وصفه بربط العلاقات الجزائرية الفرنسية بشخص ماكرون فقط، معتبرًا أن العلاقات بين الدول تتطلب التعامل المؤسسي. وأشار إلى أن الانتقادات الفرنسية تجاه الجزائر لم تصدر عن الرئيس الفرنسي فقط، بل جاءت أيضًا من وزراء في الحكومة الفرنسية.
الموقف من القضية الفلسطينية
وفيما يتعلق بالموقف الجزائري من القضية الفلسطينية، تساءل بلحاج عن عدم إشارة تبون إلى دور الولايات المتحدة في حرب الإبادة على غزة، معتبرًا أن الحديث عن دعم الجزائر لفلسطين مجرد تضليل.
وانتقد بلحاج موقف السلطات الجزائرية الرافض للسماح بتنظيم تظاهرات أمام السفارة الأمريكية، بالإضافة إلى قنوات الدعم التي تمر عبر السلطة الفلسطينية التي تربطها علاقات تنسيق أمني مع الاحتلال الإسرائيلي.
بين تأكيدات تبون على ثبات موقف الجزائر في علاقاتها مع فرنسا، وانتقادات بلحاج التي شككت في مصداقية هذه المواقف، تتواصل التفاعلات بشأن مسار العلاقات الجزائرية الفرنسية، وسط ترقب لتطورات قد تشهدها الساحة الدبلوماسية في المستقبل القريب.
وفي يوليو/ تموز 2024، سحبت الجزائر سفيرها من باريس على خلفية تبني الأخيرة مقترح الحكم الذاتي المغربي لحل النزاع في إقليم الصحراء.
ومنذ عقود يتنازع المغرب وجبهة البوليساريو بشأن السيادة على إقليم الصحراء، وبينما تقترح الرباط حكما ذاتيا موسعا في الإقليم تحت سيادتها، تدعو الجبهة إلى استفتاء لتقرير المصير، وهو طرح تدعمه الجزائر.
وزادت حدة التوتر بين الجزائر وفرنسا بعدما أوقفت السلطات الجزائرية، في نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، الكاتب الجزائري الحاصل على الجنسية الفرنسية بوعلام صنصال بمطار العاصمة.
والخميس الماضي التمست محكمة جزائرية السجن النافذ لصنصال لعشر سنوات؛ بتهمة "تهديد الوحدة والسلامية والترابية وإهانة مؤسسة رسمية"، على أن يُنطق بالحكم الخميس المقبل.
وإضافة إلى ملف إقليم الصحراء، لا تكاد تحدث انفراجة في العلاقات بين البلدين حتى تندلع أزمة جديدة بينهما، على خلفية تداعيات الاستعمار الفرنسي للجزائر طيلة 132 سنة (1830-1962).
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية الجزائري العلاقات فرنسا جدل فرنسا الجزائر علاقات جدل المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة مشیر ا إلى أن فی فرنسا
إقرأ أيضاً:
الدراما المستوردة وتزوير الهوية الجزائرية
إنّ المُتابع لإنتاجات الدراما الجزائرية في السنوات الأخيرة سيكتشف في كثيرٍ من الأعمال واقعا جزائريا مُختلفا عن الواقع الذي يعيشه، أعمال تطرح مواضيع متشابهة قادمة من جغرافيا مُغايرة، نفس الوجوه تتناوب كلّ موسم على صراع تقليدي بين الخير والشر المطلقين، عالم مافيا وتجارة المخدرات والآثار، فيلات فخمة وسيارات فارهة، قتلٌ دراماتيكي، حوارات سخيفة، معالجة سطحية لقضايا بوليسية المفروض أنّها معقدة، وفي المقابل بيوت هشّة وظروف مزرية، بساطةٌ مبالغ فيها يُراد من خلالها التعبير بسذاجة عن طبقتين اجتماعيتين في صورة مشوهة لا تصلح حتى في المسلسلات الكرتونية.
دراما صنعت التاريخ ودراما تريدُ تزييفه:
قبل شهر من بداية الكرنفال السمعي البصري الذي تقدمه الفضائيات الجزائرية كل رمضان كان العالم يحتفل بمئوية التحفة "المدرّعة بوتمكين" (1925) لسيرغي أيزنشتاينهل، الذي كان سببا مباشرا في بعث روح الثورة لدى الشباب الفرنسي ليقوم بثورة مايو 1968.
فيلم الأنيميشن "Bambi" يُقال من خلال استطلاعات لمنظمات حماية الحيوان أنه ساهم بشكل عجيب في انخفاض عدد صائدي الحيوانات إلى النصف، وقبله بسنوات المسلسل الأمريكي "Baywatch" الذي تناول حياة منقذي الشواطئ، استطاع أن يروج لثقافة التطوع ما دفع عشرات الآلاف من الأمريكيين حينها للتقديم على دورات تدريب حراس الشواطئ.
دراما غرقت في أحياء العاصمة وتغافلت عن ثقافة أمازيغية في أعالي جرجرة، وقصص شعبية في بلاد الشاوية شرق الجزائر.. دراما بائسة اختزلت التشويق في تجارة المخدرات بمشاهد هوليودية فاشلة وأغمضت عينها على جرائم بشعة في المناطق الحدودية التي تعيش على تهريب البضائع والبشر.. دراما تناقش الآفات الاجتماعية بحجة محاكاة الواقع، لكنّها غير قادرة على محاكاة واقعنا في جغرافيا مشتعلة من كل الجهات؛ حرب في مالي وانقلاب في النيجر وانقسام في ليبيا وعداءٌ مع المغرب
الروس والأمريكان والهنود وغيرهم ممن بدأوا هذه الصناعة قبلنا بعقود، ونجحوا في تطويرها، وأسسوا لفلسفة فنية وجمالية في الدراما، كانوا في البدايات قد ركزوا على ما يعزز هوية الفرد بوطنه، جعلوا الدراما وسيلة لتناول التاريخ والعادات والتقاليد، كتبوا التاريخ داخل الدراما كما فعل الإغريق في ملاحمهم الخالدة ثم راحوا بعدها يبدعون في صناعة تاريخ للدراما من خلال دراما الخيال العلمي، الفانتازيا وغيرها، فيما فشلت الدراما الجزائرية فشلا ذريعا في ترجمة التاريخ الحافل لبلدٍ مرت عليه أكبر الحضارات في التاريخ، وأنجب آلاف العظماء في الفكر والسياسة والفقه والعلوم، وقام بأعظم ثورات القرن العشرين، خرج في أكبر حراك سلمي في القرن الواحد والعشرين.. وغيرها من منجزات أسلافنا التي من الممكن أن تكون مادة دسمة في الدراما يعوّل عليها كمواضيع نبيلة لصناعة درامية يمكنها أن تخرج من المحلية.
دراما مركزية في بلد بحجم قارة:
الدراما الجزائرية لم تخرج إلّا نادرا من العاصمة الجزائر، هذا كان دافعا قويا لتغرق في التكرار وتقع في الاستهلاك، في الوقت الذي كان بالإمكان صناعة الدراما في جنوب يخبئ في باطنه الركيزة الأساسية لاقتصاد البلد (المحروقات)، ويعيش في "هقاره" الرجال الزرق (الطوارق) أحد أهم المكونات العرقية في الجزائر وفي أفريقيا جنوب الصحراء.. دراما غرقت في أحياء العاصمة وتغافلت عن ثقافة أمازيغية في أعالي جرجرة، وقصص شعبية في بلاد الشاوية شرق الجزائر.. دراما بائسة اختزلت التشويق في تجارة المخدرات بمشاهد هوليودية فاشلة وأغمضت عينها على جرائم بشعة في المناطق الحدودية التي تعيش على تهريب البضائع والبشر.. دراما تناقش الآفات الاجتماعية بحجة محاكاة الواقع، لكنّها غير قادرة على محاكاة واقعنا في جغرافيا مشتعلة من كل الجهات؛ حرب في مالي وانقلاب في النيجر وانقسام في ليبيا وعداءٌ مع المغرب.
دراما المشاكل الأسريّة للوصول لجمهور عربي أوسع:
فكرة التوزيع على منصة شاهد أو أيّ فضائية خليجية هي فكرة غبية، أمام مأزق اللهجة غير المفهومة عربيا بسبب الاستعمال المفرط للكلمات الفرنسية، فلا بدّ من التفكير في مواضيع تقدر على جذب هذا الجمهور العربي الذي تمتعه مصر وسوريا والعراق والسعودية والإمارات سنويا بعشرات الأعمال الناجحة.
كيف نقنع صنّاع الدراما في الجزائر بأنّ الوصول للجمهور العربي لا يمكن من خلال سيناريوهات مشوّهة وبناء درامي فوضوي يتناول قضايا سخيفة؟ مع أننا نملك ثراء رهيبا في المواضيع خصوصا في الوقت الذي يشجع فيه رئيس الجمهورية شخصيا صنّاع السينما والدراما.
الأزمة على مستوى النصوص لم تكن في الحقيقة إلّا تبريرا أو ذريعة من قبل المنتجين والمخرجين لسنوات طويلة يضحكون بها على الجمهور وعلى الإعلام، ليغطوا على فشلهم في تقديم مواد تحفظ ماء الوجه، لأنّه لو تناولت السيناريوهات مواضيع جادة ورصينة ما كانت لتخرج للشاشة في ظل غياب رؤية واضحة للنهوض بالدراما أمام سيطرة الممولين
لماذا لا نستثمر في الحراك الذي أسقط بوتفليقة بعد 20 سنة من التسلط؟ لماذا لا نتناول دراميا سر العداء التاريخي مع المغرب؟ لماذا لا نتحدث في الدراما عن المشاكل الجيوسياسية والأزمات الدبلوماسية التي تعيشها الجزائر مع فرنسا مع دول الساحل وقبلها مع إسبانيا؟
لماذا لا ننتصر للقيّم الجزائرية الأصيلة بعيدا عن التقليد السيئ للدراما التركية والكورية، إننا في بلد بهذا الحجم وبتاريخه المجيد لسنا في حاجة لسرقة الأفكار، بل نحن قادرون على تصدير الدراما لكل العالم.
هل تعرف الدراما الجزائرية أزمة سيناريو حقا؟
إنّ هذه الأزمة على مستوى النصوص لم تكن في الحقيقة إلّا تبريرا أو ذريعة من قبل المنتجين والمخرجين لسنوات طويلة يضحكون بها على الجمهور وعلى الإعلام، ليغطوا على فشلهم في تقديم مواد تحفظ ماء الوجه، لأنّه لو تناولت السيناريوهات مواضيع جادة ورصينة ما كانت لتخرج للشاشة في ظل غياب رؤية واضحة للنهوض بالدراما أمام سيطرة الممولين (السبونسورز) وتدخلهم في الشؤون الفنية بداية من النص إلى الكاستينغ إلى الكوادر التقنية.
الذين يبحثون عن الشهرة وفي بلد ليست فيه نقابة للفنانين لم يفهموا أنّ علاقتهم بالدراما والسينما ليست سوى عقود دعائية تقدّم لهم إشهارا وترويجا، ولا يحق لهم التلاعب بأحد عناصر الثقافة الوطنية التي تقدم صورة عن النخب الفنية وعن البلد بصورة عامة. فالأزمة هنا هي أزمة ضوابط قانونية تردع هؤلاء الممولين بالدرجة الأولى، وتدافع عن الفن الجزائري تحت غطاء قانوني وهو نقابة الفنانين.