في عمل أصلي جديد، قدمت منصة "الجزيرة 360" ثلاثية وثائقية بعنوان "ثمن الحرب: 7 أكتوبر" تلقي نظرة فاحصة على حرب الإبادة الجارية في قطاع غزة وأزمة إسرائيل الوجودية، وذلك من خلال عدسة إسرائيلية بالأساس.

وقد أُنتجت هذه السلسلة الوثائقية في خضم حرب الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل بدعم من الولايات المتحدة وحلفائها، وهي من إخراج عواد جمعة وبإشراف مدير إستراتيجية المحتوى بمنصة "الجزيرة 360" جمال الشيال وفريق "الجزيرة 360" وبدعم من مدير القطاع الرقمي لشبكة الجزيرة منير الدايمي.

وتتعمق السلسلة في تحليل شامل لتأثيرات هذه الحرب، سياسيا وعسكريا ونفسيا واجتماعيا واقتصاديا، على إسرائيل. ومن خلال عدسة إنسانية دقيقة، تسلط الضوء على الانقسامات العميقة التي تهدد مستقبل المجتمع الإسرائيلي، وتكشف أبعاد الصراع الذي ينهش في جذور الهوية الإسرائيلية الاستيطانية.

وتتضمن هذه الثلاثية عشرات المقابلات الحصرية التي أجرتها الجزيرة مع إسرائيليين، بمن فيهم جنود شاركوا في الحرب وعائلات من الجيش الإسرائيلي.

ومن بين هؤلاء الجنود، يظهر أحدهم الذي أُصيب في مواجهة مباشرة مع مقاتل فلسطيني وانتهت بمقتل الأخير، وآخر فقد ساقه لكنه لا يزال يرى أفعاله كمصدر فخر. وتكشف هذه المقابلات عن الفشل الاستخباراتي والعسكري والأثر النفسي على المجتمع الإسرائيلي وجنوده، وعن كيف يبررون أفعالهم في ظل واقع الاحتلال الاستيطاني وحرب الإبادة.

إعلان

وفي الجزء الأول من الفيلم، تروي مسؤولة الشبيبة الشيوعية في تل أبيب "إيدو إيلام" (18 عامًا) منظورها ليوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وتقول "بينما كنا نتابع الأخبار رأينا مشاهد، من مستوطنات "الكيبوتسات" المحاذية لغزة، وكانت رؤية اقتحام حماس للحاجز صادمة، وهذه سابقة لم تحدث من قبل.

وتقول شوفال "لطالما كان يقيني بقوة جيشنا راسخًا، وأن الجدار العازل محصن ومنيع ولا يمكن لأحد أن يدنو منه أو يتخطاه، وتبين أن ما آمنت بوجوده لدينا كان مزيفًا".

ويتحدث "دوف ليبمان" العضو السابق بالكنيست عن تجربته صباح السابع من أكتوبر. يقول إنه كان في القدس حين أيقظته صفارات الإنذار في الصباح الباكر، ولم يكن يتصور أن شيئًا خطيرًا يحدث. ويقول "ظننت أن شيئًا محدودًا يحدث".

وخرج "ليبمان" عند الثامنة صباحًا قاصدًا الكنيس (اسم معبد اليهود) لكنه فوجئ بمشهد غريب في الشوارع، حيث رأى شبابًا يحملون حقائب ضخمة ويتوجهون نحو سيارات. وعند سؤاله أحدهم عن الأمر، أجاب "ألا تعرف؟ نحن في حالة حرب".

وبعد الصلاة، أدرك "ليبمان" بشكل واضح مدى خطورة الموقف. ويقول "تجلّت لي حقيقة ما جرى وأنا أصلي في الكنيس" ويشعر بعدها بالحاجة للمساهمة في التصدي لهذا الوضع، حيث يقرر الذهاب إلى مقر القيادة العسكرية لدعم القوات ويقول "شعرت بضرورة الذهاب إلى مقر القيادة العسكرية لأساهم بما أستطيع القيام به هناك ولدعم القوات".

وتمثل هذه السلسلة الوثائقية نموذجًا لوثائقي بحثي يسعى لتقديم رؤية تحليلية شاملة وغير مسبوقة. ويتسم العمل بمحتوى توثيقي غني يستند إلى بحث مكثف وشهادات متنوعة، مما يتيح للمشاهد فرصة الوصول إلى الرأي والرأي الآخر.

وقد رسم الفيلم ملامح صورة دقيقة تعكس التعقيدات السياسية والاجتماعية والنفسية، مع الحفاظ على معايير مهنية رفيعة المستوى في التصوير والتحرير، ليكون مرجعًا تاريخيا ووثيقة تتجاوز الأخبار اليومية.

إعلان

وتتضمن السلسلة مقابلات مع شخصيات بارزة من داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، بما في ذلك خبراء ومستشارون خدموا الحكومة والمؤسسة الدبلوماسية والأمنية لأكثر من عقدين من الزمن. وإلى جانب ذلك، تسلط الضوء على أصوات ناقدة، مثل صحفيين وخبراء بالصحة النفسية حاولوا على مر السنين تقديم نصائح للمؤسسة العسكرية وفشلوا بسبب تجاهل القيادة لهذه التحذيرات. كما تشمل شهادات شباب إسرائيليين رفضوا الخدمة في الجيش بسبب افتقاره للأخلاقيات والقيم الإنسانية، بالإضافة إلى أساتذة بالعلوم السياسية وشخصيات أخرى تقدم تحليلات معمقة تكشف الانقسامات الداخلية والأزمات الأخلاقية والسياسية التي تواجهها إسرائيل.

تحديات الإنتاج ونطاق عالمي واسع

تم تصوير هذه السلسلة بروية وثائقية ولغة سينمائية متطورة رغم التحدي الزمني، مع الالتزام بأعلى معايير التحريرية والجودة في ظل تحديات قاسية فرضتها الحرب. ولم يكن الحصول على المقابلات أو التصوير أمرًا سهلاً وسط القيود الميدانية، لكن الفريق نجح في تقديم فيلم بحثي صارم يعكس حجم وأهمية القضية، معتمدًا على أكثر من سنة من العمل الدؤوب مع فرق العمل حول العالم.

وإلى جانب ذلك، تمتد السلسلة لتشمل تنوعًا عالميًا واسعًا، حيث أجرى الفريق أكثر من 85 مقابلة دولية كجزء من هذه السلسلة الموسعة. ويشمل الضيوف برلمانيين من أميركا اللاتينية، مثل عضو البرلمان البرازيلي، إضافة إلى المحامي الدولي البارز تايب علي خان الذي يعمل ضمن مجموعة من المحامين الدوليين لملاحقة القادة الإسرائيليين، بمن فيهم بنيامين نتنياهو. وكان له دور سابق في إصدار مذكرات توقيف ضد رئيسة الوزراء السابقة تسيبي ليفني وغيرهم من المسؤولين الإسرائيليين المتهمين بارتكاب جرائم حرب.

وتمت المقابلات في مواقع متعددة حول العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة، وأميركا اللاتينية وأوروبا وأفريقيا والشرق الأوسط وفلسطين وقطر. وهذه السلسلة ليست عملًا فرديًا، بل هي جزء من مشروع أوسع يشمل أفلامًا أخرى، مثل سلسلة عن حركة المقاطعة التي شهدت أيضًا مقابلات مع أكثر من 85 شخصية من مختلف المجالات.

View this post on Instagram

A post shared by AJ360 | الجزيرة 360 (@aljazeera360)

محتويات السلسلة

الفيلم الأول: يركز على فشل القيادة الإسرائيلية -السياسية والعسكرية- في رؤية غزة كأرض مأهولة بالناس، وليس فقط كتهديد أمني.

إعلان

ويوثق كيف تعاملت إسرائيل مع القطاع بعدسة أمنية متعجرفة، مما أدى إلى الصدمة الكبيرة في 7 أكتوبر/تشرين الأول، حين نفذ شعب تحت الاحتلال عملية معقدة ضد محتليه.

والفيلم الثاني يغوص في الأزمات النفسية والاجتماعية داخل إسرائيل، مع تركيز خاص على الصدمة النفسية التي خلّفتها الحرب والإبادة الجماعية.

ويعرض في جزئه الثاني كيف أثرت هذه العوامل على الجنود وعائلاتهم، وعلى المجتمع الإسرائيلي، الذي يواجه انقسامات سياسية واقتصادية عميقة، تهدده أزماته النفسية والأخلاقية والقانونية.

وفي الفيلم الثالث والأخير من الثلاثية يجري التركيز على الخسائر الدولية التي لحقت بإسرائيل، بما في ذلك انهيار صورتها على الساحة الدولية، وفقدان مصداقيتها القانونية والأخلاقية، وارتفاع موجات الاحتجاجات العالمية. ويتناول كيف اهتزت السرديات التي بنتها إسرائيل لعقود بسبب هذه الحرب، مما ألقى بظلال قاتمة على مستقبلها السياسي والاقتصادي.

وتسلط هذه السلسلة الضوء على حقائق الاحتلال والإبادة الجماعية التي يفرضها النظام الإسرائيلي، ليس فقط على الفلسطينيين، بل أيضًا على الإسرائيليين أنفسهم الذين يعانون من الأزمات النفسية والمجتمعية. ومن خلال العمل مع فريق من الباحثين والخبراء والمحامين الدوليين، وتقديم أصوات من مختلف أنحاء العالم، تقدم هذه السلسلة رؤية شاملة لصراع بات يمثل أزمة إنسانية وأخلاقية وسياسية عالمية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات رمضان هذه السلسلة الجزیرة 360

إقرأ أيضاً:

من أكتوبر لأبريل.. الجريمة تتكرر والقاتل طليق.. «المعمداني» هدفٌ دائم في حرب إسرائيل على الحياة

البلاد – رام الله
كأن إسرائيل لم تكتفِ بقتل المرضى في غزة، فقررت قتل فرصتهم الوحيدة في الشفاء. أمس الأحد، أعادت قصف مستشفى المعمداني بمدينة غزة، المستشفى ذاته الذي اهتزّ العالم لمجزرة ارتُكبت فيه في أكتوبر 2023 وراح ضحيتها أكثر من 500 من المرضى والنازحين.
لكن المشهد لم يكن مجرد تكرار، بل هو تأكيد على عقيدة عسكرية ترى في المستشفى هدفًا مشروعًا، وفي الحياة خطرًا يجب استئصاله. وإذا كانت الصواريخ قد سقطت هذه المرة على قسم الطوارئ، فثمة ضربة أعمق سُدّدت إلى ما تبقى من الأمل في قطاع صحّي يحتضر.

المعمداني لم يعد مستشفى، خرج عن الخدمة بالكامل، والمرضى وُضعوا في الشوارع، بعضهم نُقل على أسرّة متهالكة، وبعضهم لفظ أنفاسه الأخيرة وهو ينتظر الرحمة لا القذائف. لم يكن هناك وقت لنزع الحقن أو فكّ أجهزة التنفس. لم يكن هناك مكان آمن.
الاستهداف لم يكن طائشًا، بل استمرارٌ لنهج ممنهج أخرج 34 مستشفى عن الخدمة، ودمّر 95% من مراكز الرعاية الأولية. تدمير لا يستهدف البنية التحتية فقط، بل يضرب جوهر الحياة: الرعاية، الشفاء، الرحمة. إن قصف مستشفى يعالج مليون فلسطيني في محافظتي غزة وشمالها، ليس خطأً في الإحداثيات، بل جريمة مقصودة بدم بارد.
في مشهد يعيد نفسه بلا خجل، باتت غرف العناية المركزة ساحات لهروب جماعي، وممرات الطوارئ مسرحًا للرعب. واللافت أن إسرائيل لم تقتل 500 مريض هذه المرة، لكنها قتلت ما هو أخطر: فرصة الشفاء.
في غزة، لا تُقصف الأجساد فقط، بل تُقصف القدرة على الوقوف، على التعافي، على أن يكون للغد معنى. والعدو لا يميز بين هدف عسكري وغرفة عمليات. فحين تكون الصحة جريمة، يصبح القصف هو القاعدة، والنجاة استثناءً نادرًا.
وزارة الخارجية الفلسطينية وصفت الجريمة بأنها “واحدة من أبشع أشكال الإبادة والتهجير”، مؤكدة أن “قصف الاحتلال الوحشي للمستشفى المعمداني في مدينة غزة وتدميره وإخراجه بالكامل عن الخدمة بما رافقه من تشريد للمرضى والجرحى والقائهم في الشارع، ما كان له أن يحدث لولا تواطؤ المجتمع الدولي، وتقاعسه عن تحمل مسؤولياته”.
واستدركت الوزارة، في بيان، قائلة: خاصة وأن الاحتلال سبق ودمّر عمدًا 34 مستشفى في القطاع وأخرجها عن الخدمة، بشكل يترافق مع استمرار سياسة تجويع وتعطيش وحرمان المواطنين من الأدوية.
واعتبرت استهداف المستشفيات والمراكز الصحية والطواقم الطبية من أبشع مظاهر الإبادة، واستهتار صارخ بالمجتمع الدولي والمبادئ والقوانين الإنسانية، ويندرج في إطار سياسة إسرائيلية ممنهجة، لاستكمال تدمير جميع مقومات الحياة في القطاع وتحويله إلى أرض غير صالحة للحياة البشرية، تمهيداً لإجبار المواطنين على الهجرة بالقوة العسكرية.
وأكدت وزارة الخارجية الفلسطينية أن مجلس الأمن الدولي يتحمل كامل المسؤولية عن فشله في حماية المدنيين، وفرض الوقف الفوري للإبادة، وفتح المعابر، وإدخال المساعدات بشكل مستدام، والبدء بتنفيذ جميع أشكال الإغاثة والإعمار.

مقالات مشابهة

  • مؤلم ما يحدث في الفاشر مثلما كان مؤلما حينما حصل في قرى الجزيرة والدندر والخرطوم
  • من أكتوبر لأبريل.. الجريمة تتكرر والقاتل طليق.. «المعمداني» هدفٌ دائم في حرب إسرائيل على الحياة
  • إبداع في الحرب النفسية.. تفاعل واسع مع فيديو القسام للأسير عيدان
  • الحزب الشيوعي يشجب حكومة الأمر الواقع لأنها لم تعوض مزارعي الجزيرة
  • أفضل من الزواج والمال! .. دراسة تكشف عن المصدر الحقيقي للسعادة النفسية
  • دراسة تكشف عن المصدر الحقيقي للسعاة النفسية.. وطبيبة توضح الأسباب
  • لأول مرة منذ مائة عام بلا زراعة.. حرب السودان تفاقم أزمات مشروع الجزيرة وتفقر المزارعين
  • «ريلمى» تكشف عن سلسلة realme 14 Pro بكاميرا ثلاثية العدسات من سوني
  • الحرب النفسية.. أسلحة خفية تُهدد العقول والمجتمعات
  • فضيحة الشاباك تكشف هشاشة نتنياهو: من يحكم إسرائيل حقا؟