سودانايل:
2025-03-25@21:13:29 GMT

المجتمع الدولي و«الحلقة الشريرة» في السودان

تاريخ النشر: 24th, March 2025 GMT

في مقالنا السابق، انتقدنا ما اعتبرناه قصورا من المجتمع الدولي في التعامل مع الكارثة الإنسانية في السودان، وذلك بالاستناد إلى ما دار في جلسة مجلس الأمن الدولي بتاريخ 13 مارس/آذار الجاري التي استمعت إلى تقارير صادمة من منظمة «اليونسيف» ومنظمة «أطباء بلا حدود» عن المعاناة غير المسبوقة في البلاد. واعتبرنا هذا الانتقاد مدخلا لمناقشة الجانب السالب من إسهامات الخارج الدولي والإقليمي، واختصارا سنكتب المجتمع الدولي، في المشهد السياسي في السودان.


تدخلات المجتمع الدولي في هذا البلد أو ذاك، يمكن تبريرها بثلاثة عوامل رئيسية، أولها، هو تدخل موضوعي وحتمي مادمنا اليوم نعيش عصر العولمة الذي لا يقبل العزلة والانعزال وتحكمه قوانينه التي لا فكاك منها وتفرض التفاعلات والتداخلات بين مكوناته. وفي البلدان النامية، «العالم الثالث» مستوطن الأزمات والكوارث السياسية والاجتماعية، دائما ما تأتي هذه التدخلات تحت عنوان فض النزاعات وتحقيق السلام ومنع انتقال وتوسع التوترات والصراعات خارج البلد. والعامل الثاني هو سعي المجتمع الدولي الدؤوب لضمان مصالحه الاقتصادية والتجارية والاستراتيجية، وتجفيف منابع الإرهاب وضمان الاستقرار العالمي. وبالطبع، نحن نتفهم ونقبل هذا السعي الدؤوب، ولكن في نفس الوقت نقول، وبكل حزم وصرامة، لا يمكن أبدا قبول أن تكون مصالح المجتمع الدولي على حساب مصالح شعوبنا. أما العامل الثالث، فيتوفر عند اشتداد التأزم في البلد، وفشل النخب السياسية الوطنية في معالجة الأزمات التي تعصف بالبلاد حد تفاقم النزاعات والصراعات السياسية والاجتماعية والإثنية، السودان نموذجا، مما يدفع المجتمع الدولي لاستدعاء التدابير الأممية وقوانين الشرعية الدولية للتدخل وتقديم الحلول ومحاولة فرض الاستقرار، كما هو الحال في قضايا الحرب والسلام والكوارث الإنسانية…إلخ.
ومع إقرارنا بموضوعية مساهمة المجتمع الدولي في حل أزمات بلداننا وقبولنا لها، إلا أننا في نفس الوقت نفرق، وبوعي تام، بين هذه المساهمة كظاهرة موضوعية حتمية، بل ومطلوبة، وبين محتوى الحلول المضمنة فيها، والتي قد تتعارض مع تطلعاتنا، وأحيانا ربما تزيد الواقع تأزما وتعقيدا، مهما كانت عظمة وقوة حجة علماء السياسة وبنوك التفكير المرتبطة بمراكز اتخاذ القرار في المجتمع الدولي. نعم، قدم لنا المجتمع الدولي خدمات جليلة وحقق إنجازات إيجابية لا يمكن إنكارها، وأخمد بؤر التوتر في العديد من البلدان، سيراليون وساحل العاج ومالي وأفريقيا الوسطى والعراق وليبيا وإثيوبيا…الخ. لكن تشظيات وارتدادات الأزمة في هذه البلدان ظلت كما هي، محدثة انفجارات داوية من حين لآخر. بل وبعضها اقترب إلى ما يشبه إندثار الدولة، كالصومال مثلا. والسودان لم يكن استثناء، حيث ظلت أزماته، ولعشرات السنين، مطروحة على بساط البحث والعلاج في دهاليز المجتمع الدولي، وواقعه يزداد تأزما مع كل صباح جديد. إبان حكم البشير وحربه في جنوب السودان، استقبل الشعب السوداني، بفرح يشوبه القلق، فكرة التدخل الدولي لحل الأزمة في البلاد، خاصة وأن «الروح بلغت الحلقوم» وكان يظن خيرا في الحلول المطروحة/المفروضة من علماء ومفكري المجتمع الدولي وخبرائه في السياسة وفض النزاعات، بأنها ستوقف الحرب وتحقق التحول الديمقراطي وتحفظ وحدة السودان.

وكانت النتيجة الصدمة عندما انفصلت جمهورية جنوب السودان وتفكك السودان إلى دولتين ما لبث أن اندلعت بينهما حرب دامية ضروس، أما التحول الديمقراطي فغاب عن المشهد. ثم توالت حلول ومبادرات المجتمع الدولي، المعلبة والعابرة للقارات، دون أن تمنع انفجار الحرب المدمرة في 15 أبريل/نيسان 2023، ودون أن تضع حدا لها أو تعالج تداعياتها الكارثية والمتفاقمة يوميا، حتى أن الذهن أصبح أقرب إلى قبول ما يطرحه البعض من اشتراك بعض دوائر المجتمع الدولي في مؤامرة محكمة تهدف إلى إعادة تشكيل السودان إلى دويلات على أساس إثني. وللأسف، هناك من يتبنى هذه الرؤية/المؤامرة داخل بعض المكونات السودانية.
وبعيدا عن نظرية المؤامرة، فإن هذه الجوانب السالبة وما يترتب عنها في محتوى الحلول والخدمات الجليلة التي ظل يقدمها المجتمع الدولي لعلاج مشكلات بلداننا، وتحديدا في السودان، تدفعنا إلى الاستنتاج في إمكانية ترشيح المجتمع الدولي ليكون ضمن مكونات «الحلقة الشريرة» في السودان، أو على الأقل مغذيا لفعلها. نعلل لاستنتاجنا هذا بالنقاط التالية:
أولا: الحلول التي يقدمها المجتمع الدولي لعلاج الأزمات المتفجرة في دولنا، ومنها السودان، دائما ما تكون مؤقتة وهشة وانتقائية وجزئية، ودائما ما تنطلق من أفكار مسبقة يغلب عليها الطابع الأكاديمي والإصلاحي، وهذا مفهوم وطبيعي، وقد تحقق متنفّسا، لكنها لا تمس جذور الأزمة، وتحقق فقط تغييرا شكليا، يركز مثلا على هيكل الحكم. وحتى عندما يقترب الحل المطروح من الشمول ومخاطبة كل التفاصيل، تهزمه آليات التنفيذ القاصرة، والتي أيضا يسيطر عليها المنهج الجزئي والانتقائي، فمثلا تحصر الحل في طرفين فقط، كما كان الحال في مفاوضات اتفاقية السلام الشامل.
ثانيا: بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 المشؤومة، سيطرت في أطروحات المجتمع الدولي فكرة أولوية الاستقرار على الديمقراطية، متجاهلة العلاقة الجدلية بين الاثنين، وفارضة معيار خاص بدول العالم النامية للديمقراطية يخفض من سقف طموحات شعوب هذه الدول المتطلعة للديمقراطية الحقيقية وصون حقوق الإنسان، وينطلق من فرضية أن هذه الدولة غير مهيأة لاستقبال الديمقراطية الكاملة. ولنا عبرة في تجربة المجتمع الدولي في التعامل مع انتخابات السودان البرلمانية، 2010.
ثالثا: من واقع بعض السيناريوهات التي تطرحها بعض أطراف المجتمع الدولي لعلاج أزمات السودان، تولد لدينا شعور قوي بأن هذه الأطراف غير معنية بمفاهيم وتصورات وحدة السودان في إطار التنوع، وهي تغض الطرف عن القوة الكامنة التي تفرزها هذه المفاهيم والتصورات في خلق نظم ومؤسسات تستوعب الجميع وتحد من طغيان الصراع الإثني والديني. وبالمقابل، تزداد شكوك البعض حول أن هذه الأطراف تغذي المشاريع المتطلعة إلى فكفكة الروابط التي تشدنا إلى البقاء تحت راية الوطن الواحد.

نقلا عن القدس العربي  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: المجتمع الدولی فی فی السودان

إقرأ أيضاً:

مسلسل المداح 5 الحلقة 25.. جريمة حقيقية وراء مشهد السيدة التي فقدت حفيدها

سلط مسلسل المداح الجزء الخامس في الحلقات من 21 إلى 25 الضوء على قصة واقعية أثارت صدى واسعًا، وأصبحت حديث الساعة على وسائل التواصل الاجتماعي، وهي جريمة قتل سيدة لطفل وإخفاء جثته داخل فرن.

مسلسل المداح 5 الحلقة 25

جاء المشهد بظهور سيدة عجوز فقدت حفيدها منذ عام وظلت تبحث عنه، ولكن دون جدوى لتظهر لها نائلة «جوري بكر» وهي متجسدة في شخصية تُدعى عبير وتقول لها إن هناك شيخة معروفة في الفيوم وهي من تستطيع أن تجد حفيدها المفقود، وكانت تلك الشيخة هي رحاب «هبة مجدي»، وبالفعل ذهبت إليها لتعرف منها مكان حفيدها.

مسلسل المداح الجزء الخامس

وتخبرها رحاب بأن سامية زوجة عم حفيدها قد قتلته وأخفت جثمانه بـ«الفرن»، وذلك لكثرة معايرتها بأنها لا تُنجب أطفالا، فاشتعل الغضب في قلب السيدة العجوز وأصرت على الانتقام من سامية، فطلبت منها رحاب بأن تواجهها بقتل حفيدها وتطلب منها أن تفعل ذلك بابن أخيها مثلما فعلت في حفيدها، وبالفعل نفذت سامية هذا المخطط الشيطاني وقتلت ابن أخيها.

القصة الحقيقة

حدثت هذه القصة في عام 2016 في قرية الدلفقة بمحافظة سوهاج، حيث كانت هناك سيدة تُدعى حنان ولم تنجب إلا الإناث فقط، وباقي نساء العائلة كن ينجبن الذكور، فأخذوا يُعايرونها بـ«يا أم البنات.. يا أم خلفة البنات»، فقررت الانتقام منهن، فأخذت أولادهم، وقتلتهم وكان ضمن هؤلاء طفل قتلته وأخفت جثمانه بـ«الفرن».

مسلسل المداح الجزء الخامس مواعيد عرض مسلسل المداح الجزء الخامس

يعرض مسلسل المداح الجزء الخامس «أسطورة العهد» عبر منصة شاهد في تمام الساعة 12 صباحًا، بينما على قناة MBC مصر، في تمام الساعة 7 مساءً.

القنوات الناقلة لمسلسل المداح الجزء الخامس

يعرض مسلسل المداح الجزء الخامس على قناة «MBC مصر»، بالإضافة إلى عرضه على منصة شاهد

مسلسل المداح الجزء الخامس أحداث مسلسل المداح الجزء الخامس

تدور أحداث مسلسل «المداح» الجزء الخامس، حول عودة صابر المداح من الموت، ليجد نفسه في مواجهة أشد خطورة من أي وقت مضى، هذه المرة، لا يقتصر الصراع على الجن، بل يمتد ليشمل بنات إبليس أنفسهن، اللاتي يسعين لتحقيق أهداف شريرة تهدد العالم.

أبطال مسلسل المداح الجزء الخامس

يشارك في بطولة مسلسل المداح الجزء الخامس كل من: «حمادة هلال وخالد سرحان وهبة مجدي ودنيا عبد العزيز وخالد الصاوي وجوري بكر، يسرا اللوزي، سهر الصايغ، محسن محي الدين، فتحي عبد الوهاب، أحمد بدير، حنان سليمان، محمد على رزق، تامر شلتوت، غادة عادل».

اقرأ أيضاًمسلسل المداح الجزء الخامس الحلقة 23.. صابر ينجح في علاج الوباء وينقذ الناس

مسلسل المداح الجزء الخامس الحلقة 22.. صابر يصل لعلاج الوباء

مقالات مشابهة

  • ملك الأردن يطالب المجتمع الدولي بإلزام إسرائيل اتفاق وقف إطلاق النار بغزة
  • العطا .. حديث مؤيد بالقانون الدولي!
  • تهجير قسري واستيطان ينسف جهود السلام .. مصر تدعو المجتمع الدولي ومجلس الأمن لتبني وقفة حازمة
  • مركز عين الإنسانية يستنكر صمت المجتمع الدولي تجاه جرائم أمريكا في اليمن
  • مركز عين الإنسانية يستهجن صمت المجتمع الدولي تجاه جرائم أمريكا في اليمن
  • مسلسل المداح 5 الحلقة 25.. جريمة حقيقية وراء مشهد السيدة التي فقدت حفيدها
  • وزير الخارجية: يجب التركيز على الحلول التي تضمن بقاء السودان موحدا ومستقرا
  • غرفة العمليات الحكومية تناشد المجتمع الدولي إنقاذ من تبقّى من أهالي غزة
  • 130 شهيدًا حصيلة الإجرام الصهيوني في غزة خلال يومين.. وحماس تحمل المجتمع الدولي مسؤولية حرب الإبادة