رمضان.. شهر الخير والجود والتراحم
تاريخ النشر: 24th, March 2025 GMT
يقول الله سبحانه وتعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)، «سورة الحج: الآية 77». ويقول عز وجل: (... وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)، «سورة المائدة: الآية 2».
رمضان شهر قضاء حوائج المحتاجين، وهو شهر التعاون والتراحم. وإن فعل الخير مبدأ إنساني دعا إليه القرآن الكريم، وشجع أهل الإيمان على التعاون بشأنه، وجاء الأمر بفعل الخير بعد ذكر جملة من الشعائر، للدلالة على أن فعل الخير لا يقل عنها في المنزلة والثواب، والقرآن الكريم يكرر الدعوة إلى فعل الخير بلفظ التعاون بين بني البشر، فيأمرنا بالتعاون في ميدان البر، وينهانا عن التعاون في ميدان الشر.
وإن من كرم الله تعالى على عباده أن جعل الماشي في حاجة المسلم في معيته جل جلاله، مؤيداً إياه ومعيناً ومثيباً، وكفى به أجراً وفضلاً، فمن سعى في قضاء حوائج الناس على اختلاف مشاربهم وأجناسهم، قضى الله له حوائجه، وثبته على الصراط، فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله ﷺ: «والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه»، (صحيح مسلم، 38).
وإن السعي في قضاء حوائج الناس منزلة حث عليها النبي ﷺ، فعن أبي موسى -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله ﷺ: «إني أوتى فأُسأل ويطلب إليّ الحاجة وأنتم عندي، فاشفعوا فلتؤجروا ويقضي الله على لسان نبيه ما أحب أو ما شاء»، (صحيح ابن حبان، 531).
كما أن السعي في قضاء حوائج الناس سبب للبركة وزيادة الرزق، فقد روي في الحديث: «إن لله أقواماً اختصهم بالنعم لمنافع العباد، يقرهم فيها ما يبذلونها، فإذا منعوها نزعها منهم فحولها إلى غيرهم»، (المعجم الأوسط للطبراني 13925).
وفي هذه الأيام الرمضانية، يقوم كرام الناس بتفقد المحتاجين وإطعام الجائعين، والبحث عن المساكين، فيواسونهم ويقضون حوائجهم، ومن ذلك ما تقوم به هيئة الهلال الأحمر الإماراتي من مشروع إفطار الصائم وكسوة العيد، وحفظ النعمة وزكاة الفطر. فساهموا معها فهي توصل صدقاتكم إلى مستحقيها. وقضاء حوائج الناس مبدأ إنساني دعا إليه الإسلام وحث عليه، وعلى المسلم التأسي برسول الله ﷺ في حرصه على قضاء حوائج الناس، إذ إن ثواب قضاء حوائج الناس عظيم تكفل به الله سبحانه وتعالى.
أجود ما يكون في رمضان
يضاعف الله الأجر للمنفقين في شهر رمضان، وينعم بأفضل الثواب على أهل البر والإحسان، وخاصة في شهر رمضان أشرفُ الشهور عند الله تعالى، جعله سبحانه ميدانًا لعباده يتسابقون فيه بأنواع الطاعات، ومن أبرزها: الإنفاق في أعمال الخير والبر، قال جل في علاه: (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ).
فما هي أهمية الإنفاق في سبيل الله؟ وما فضله ومكانته عند الله جل في علاه؟
حثّ الإسلام على الإنفاق وجعل ثوابه عظيماً، ووعد الله من تصدق وأنفق بالخلف والعوض، قال تعالى: ﴿وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾، وقال ﷺ: «مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ العِبَادُ فِيهِ، إِلَّا مَلَكَانِ يَنْزِلَانِ، فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا، وَيَقُولُ الآخَرُ: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا».
وشجع النبي ﷺ على الإنفاق عموماً وأكد عليه في شهر رمضان خصوصاً، فكان يجود فيه ما لا يجود في غيره، فعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: «كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ أَجْوَدَ النَّاسِ بِالْخَيْرِ، وَكَانَ أَجْوَدَ مَا يَكُونُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، إِنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ يَلْقَاهُ، فِي كُلِّ سَنَةٍ، فِي رَمَضَانَ حَتَّى يَنْسَلِخَ، فَيَعْرِضُ عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ ﷺ الْقُرْآنَ، فَإِذَا لَقِيَهُ جِبْرِيلُ كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ أجْوَدَ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ»، وكان يحث على الإنفاق والبذل وإفطار الصائمين ولو بتمرة، فيقول: «مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئًا».
وكان النبي ﷺ يدعو إلى المبادرة بالإنفاق وعدم التسويف، فقد جاء رجل إلى النبي ﷺ فقال: يا رَسولَ اللَّهِ أَيُّ الصَّدَقَةِ أَعْظَمُ أَجْرًا؟ قال: «أَنْ تَصَدَّقَ وَأَنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ تَخْشَى الفَقْرَ، وَتَأْمُلُ الغِنَى، وَلَا تُمْهِلُ حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ الحُلْقُومَ، قُلْتَ لِفُلَانٍ كَذَا، وَلِفُلَانٍ كَذَا وَقَدْ كَانَ لِفُلَانٍ».
وليعلم كل مسلم أن الانفاق يزيد في المال ولا ينقصه، ومن المستحب المسارعة فيه، وخاصةً في شهر الخيرات شهر رمضان المبارك، حيث تشتد حاجة الناس للمساعدة، ويُضاعف الله الأجر والثواب للمنفقين.
حديث
عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق «إن أحدكم يجمع خفقه في بطن أفه أربعين يوما نطفة ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح ويؤمر بأربع كلمات بكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد، فو الله الذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها».
فتوى
ورد إلى مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي سؤال جاء فيه: والدي لا يستطيع الصوم، لكبر سنه وعنده السكري، فهل يجب عليه دفعُ الفدية بدلاً عن الصيام؟
فأفتى المجلس بأن: لا يجب عليه دفعُ الفدية، ولكن تستحب له إذا كان عجزه عجزاً مستمراً بحيث لا يتوقع القدرة على الصوم في أي وقت من أوقات السنة، لما رُوي من أن أنس بن مالك رضي الله عنه: «كَبِرَ حَتَّى كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى الصِّيَامِ. فَكَانَ يَفْتَدِي». (موطأ مالك: 1/ 307).
قال الإمام مالك رحمه الله: «لا أرى ذلك واجبا، وأحب أن يفعله إذا كان قوياً عليه»، (موطأ مالك: 1/ 307). أخبار ذات صلة
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: رمضان الصيام قضاء حوائج الناس رضی الله عنه رسول الله ﷺ شهر رمضان ول الله ﷺ بعمل أهل النبی ﷺ فی شهر
إقرأ أيضاً:
أمسية رمضانية في إب بذكرى استشهاد الإمام علي عليه السلام
الثورة نت/..
أقيمت في مديرية ريف إب، أمسية رمضانية بذكرى استشهاد الإمام علي عليه السلام وغزوة بدر الكبرى، وتضامنا مع الشعب الفلسطيني، بالتزامن مع يوم القدس العالمي.
وتناولت الأمسية بحضور وكيل المحافظة قاسم المساوى وقيادات محلية وتنفيذية وتعبوية وشخصيات اجتماعية، محطات تاريخية من مسيرة الدعوة الإسلامية، ودور الإمام علي عليه السلام في نصرة الإسلام وإرساء دعائم الدولة الإسلامية.
وأكدت الأمسية على ضرورة الاستمرار في التحشيد والتعبئة العامة لمواجهة العدوان الأمريكي الصهيوني، ونصرة الشعب الفلسطيني.
وتطرقت الى التحضيرات الجارية لتدشين برامج مشروع التمكين الاقتصادي في المديرية الذي تنفذه الهيئة العامة للزكاة، ودوره في تحسين أوضاع الفئات المستهدفة.
وفي الأمسية، اعتبر الوكيل المساوى ما يتعرض له اليمن وقطاع غزة اليوم من عدوان امتداداً للمؤامرات التي تعرضت لها الأمة الإسلامية منذ فجر الدعوة، مشيرا إلى أهمية التذكير بمناقب الإمام علي عليه السلام لاستلهام معاني التضحية والجهاد في سبيل الله ونصرة المستضعفين.
وأكد حاجة الأمة للعودة الصادقة إلى الله والتمسك بكتابه ورسوله الكريم صلى الله عليه وآله وسلم، والإمام علي عليه السلام وأعلام الهدى في مواجهة العدوان والتحديات الراهنة.
وأشار المساوى الى أهمية مشروع التمكين الاقتصادي لتحسين الأوضاع المعيشية للمستفيدين.. منوها بجهود الهيئة العامة للزكاة وما تنفذه من مشاريع في مختلف المجالات.
ودعا التجار وكافة المكلفين إلى المبادرة بدفع ما عليهم من زكاة للهيئة وأن يكونوا عوناً لها في إحياء هذه الفريضة التي لا تبرأ الذمة إلا بأدائها.
فيما استعرضت كلمات المشاركين مناقب وصفات الإمام علي عليه السلام والتي يجسدها الشعب اليمني اليوم في مواقفه المناصرة لقضايا الأمة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.