عبدالحكيم عامر

في جنوب لبنان، جيش الاحتلال الإسرائيلي يكثّـف عدوانه على لبنان، وفي شرق لبنان، تتصاعد اعتداءات الجماعات التكفيرية المتمركزة في سوريا.

للوهلة الأولى، قد يبدو الأمر وكأنه مُجَـرّد مصادفة، لكن الحقيقة والواقع يكشف أن الرصاصتين –واحدة بلسان عبري والأُخرى بلسان عربي– تنطلقان من نفس المشروع، وتخدمان ذات الهدف، بل وربما تحظيان بتمويل مشترك وإدارة غير مباشرة من نفس الجهة.

لماذا تتحَرّك الجماعات التكفيرية في هذا التوقيت؟

لم يكن غريبًا أن نرى الجماعات التكفيرية في سوريا تتجنب أية مواجهة مع العدوّ الإسرائيلي، رغم احتلالها ثلاث محافظات سورية وتاريخها الدموي ضد العرب والمسلمين، هذه الجماعات التي ترفع شعارات “الجهاد”، لم تطلق رصاصة واحدة على المحتلّ، لكنها في المقابل، تجرأت على استهداف لبنان بمحاولات تسلل واعتداءات على الحدود الشرقية، وكأنها تُكمل الدور الإسرائيلي في الجنوب.

العلاقة الخفية بين العدوّ الإسرائيلي والجماعات التكفيرية:

خلال الحرب في سوريا، كان العدوّ الإسرائيلي يقدم دعمًا غير مباشر للجماعات التكفيرية عبر فتح مستشفياته لمقاتليها المصابين، وتسهيل تحَرّكاتهم في الجولان المحتلّ.

تقارير استخباراتية عديدة أكّـدت وجود تنسيق بين بعض قيادات هذه الجماعات والاستخبارات الإسرائيلية، بما في ذلك تسليم مواقع الجيش السوري لحساب العدوّ الإسرائيلي.

هذا التحالف غير المعلن يخدم مصلحة الطرفين فالعدوّ الإسرائيلي تحصل على ورقة ضغط إضافية ضد حزب الله، بينما تحصل هذه الجماعات على دعم لوجستي وتسهيلات تجعلها قادرة على تنفيذ مخطّطاتها العدوانية.

تشتيت حزب الله واستنزافه:

يدرك الكيان الصهيوني أن حزب الله يتمتع بجاهزية قتالية عالية، مما يجعله عقبة كبرى أمام أي مشروع إسرائيلي في لبنان والمنطقة؛ لذا، فَــإنَّ استراتيجية “تعدد الجبهات” تهدف إلى إنهاكه.

عندما تقصف “إسرائيل” الجنوب اللبناني، فهي لا تستهدف فقط أهدافاً عسكرية، بل تعمل على خلق بيئة أمنية غير مستقرة تُجبر المقاومة على الانتشار في أكثر من محور.

بالتوازي، تتحَرّك الجماعات التكفيرية على الحدود السورية اللبنانية، مما يُجبر حزب الله على توزيع قواته بين الجنوب والشرق؛ ما يشكل ضغطًا استراتيجيًّا عليه.

فهل المطلوب حصار المقاومة بين فكي كماشة؟

الهجمات المتزامنة، سواء من الجنوب العدوّ الإسرائيلي، أَو من الحدود الشرقية، حَيثُ الجماعات التكفيرية، ما تتعرض له المقاومة من ضغوط متزايدة، ليس من قبيل الصدفة أن تتزامن هذه التهديدات، فالمشروع واضح: استنزاف المقاومة وتطويقها بين فكي كماشة، بحيث تجد نفسها مضطرة لخوض معارك متعددة تُضعف قدراتها العسكرية، وتخلق بيئة مضطربة تخدم مشاريع التفكيك وإعادة تشكيل المنطقة بما يتناسب مع المصالح الأمريكية والإسرائيلية.

وحيثُ يعكس استراتيجية واضحة تهدف إلى تطويق حزب الله وإرهاقه في أكثر من جبهة، لكن التجربة أثبتت أن المقاومة لديها القدرة على مواجهة هذه الضغوط والتعامل معها بمرونة تكتيكية عالية.

المعركة اليوم كما هي عسكرية، هي معركة وعي أَيْـضًا، فالإعلام الذي يروج للجماعات التكفيرية هو نفسه الذي يهاجم حزب الله ويبرّر العدوان الإسرائيلي، والأموال التي تُدفع لتسليح هذه الجماعات، هي نفسها التي تدعم مشاريع التطبيع والتآمر على محور المقاومة.

لبنان اليوم أمام تحدٍّ كبير، لكن المقاومة الإسلامية “حزب الله” التي صمدت في وجه العدوان الإسرائيلي وصنعت معادلات الردع، لن تسمح بسقوطه بين فكي كماشة العدوّ الصهيوني وأدواته التكفيرية.

فالتجربة أثبتت أن المقاومة الإسلامية تمتلك المرونة التكتيكية اللازمة للتعامل مع الضغوط المتعددة، سواء عسكريًّا أَو أمنيًّا أَو إعلاميًّا.

قد يكون الرهان على إسقاط حزب الله، لكن كُـلّ محاولات الحصار والتطويق باءت بالفشل، والتاريخ شاهد على ذلك؛ فكما سقطت مشاريع تفكيك اليمن، ستسقط أَيْـضًا أية محاولة لحصار المقاومة الإسلامية في لبنان؛ لأَنَّ من يعتمد على مشروع تحرّري مستند إلى إرادَة شعبه، لا يمكن أن يُهزم.

الرهان على إسقاط المقاومة رهان خاسر.. والتاريخ شاهد على ذلك.

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: الجماعات التکفیریة هذه الجماعات حزب الله ی کماشة

إقرأ أيضاً:

عندما تتحول مواقع التواصل إلى أداة بيد العدو الصهيو أمريكي

يمانيون/ تقارير

بعد فشلها عسكريًّا في أرض المعركة أمام ضربات القوات المسلحة اليمنية، لجأت الولايات المتحدة إلى استهداف قيادات صنعاء من خلال منصات التواصل الاجتماعي، التي أثبت الواقع أنها أداة بيد العدوّ الصهيوأمريكي.

وقد لجأت الإدارة الامريكية مؤخراً إلى تعطيل حسابات عدد من المسؤولين والقيادات العسكرية في حكومة صنعاء على منصة “إكس” التي يملكها “إيلون ماسك” مساعد المجرم ترامب، وذلك على خلفية مواقفهم الرافضة للمجازر الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.

وبحسب مصادر إعلامية، فإن من ضمن الحسابات التي استهدفتها المنصة الأمريكية، الحساب الرسمي للمتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية، العميد يحيى سريع، حيثُ قامت منصة “إكس” بإغلاق الحساب، زاعمة انتهاكه قوانينها.

أثبتت الاختراقات الخطيرة الذي تعرضت له حركة المقاومة الإسلامية في لبنان “حزب الله”، نجاح الكيان الصهيوني في تطويع كبريات الشركات الأمريكية من أجل العمل لصالحها، ومن أبرز تلك الشركات “موتورولا” التي انتهكت كافة قانونين الخصوصية، بعد أن تحولت إلى شريك أساسي في الجرائم التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي داخل لبنان وغزة.

أخذ الاختراق الأمني الخطير الذي تعرض له “حزب الله” منحى جديداً ومنعطفاً آخر في طريق المواجهة التي يخوضها محور المقاومة ضد الكيان الصهيوني منذ بدء عملية “طوفان الأقصى” البطولية الشجاعة التي كسرت هيبة من كان يدعي بأنه الجيش الذي لا يقهر، وبالتالي فقد سعى الاحتلال الإسرائيلي إلى تحقيق انتصار غير أخلاقي وأنساني من خلال شركات الاتصالات العالمية المنشرة في كلّ بقاع الأرض، وهو ما مكنه من اختراق المقاومة اللبنانية، ولكن هيهات له أن يسجل ذلك انتصارًا في سجلاته.

الاختراق الصهيوني لأجهزة الاتصالات اللاسلكية وغيرها؛ من أجل الوصول إلى المجاهدين، يحتم ليس فقط على محور المقاومة، بل على الأمّة العربية والإسلامية، أخذ الحيطة والحذر، فالاحتلال لن يتوقف عند هذه الخطوة بل سيتعدى ذلك إلى ما هو أبعد؛ كي يتسنى له السيطرة وتركيع الأمّة وإذلالها.

كثيرة هي الأدوات التي تعمل لصالح الصهيونية في الوطن العربي والإسلامي، والتي لا يلقي لها الناس بالاً، فمثل ما أثبتت شركة “موتورولا” أنها أداة صهيونية، فشركة “ميتا” التي تمتلك تطبيق “واتس آب” هي كذلك بل أخطر منها، بعد أن غزى هذا التطبيق كلّ منزل وبات في متناول الجميع رجالاً ونساء صغاراً وكباراً، وعلى رأسهم اليمنيون، الذين لن يكونوا في منأى عن هذا الخطر؛ باعتبار المعركة بين الإيمان والكفر والحق والباطل.

لقد كشف الحكم الصادر عن القاضية الفيدرالية “فيليس هاميلتون” بالمحكمة الجزائية في أوكلاند بولاية كاليفورنيا الأمريكية، الجمعة، بأن “واتساب” أداة بيد الصهيونية، عقب فضح إسرائيل باستغلال التطبيق للتجسس على شعوب الأمّة العربية والإسلامية.

وفيما أصدرت القاضية الأميركية حكماً لصالح تطبيق واتساب المملوك لشركة ميتا بلاتفورمز، في دعوى قضائية تتهم مجموعة NSO الإسرائيلية؛ فإنها قد كشفت عن استغلال الكيان الصهيوني لثغرة في تطبيق الرسائل من أجل تثبيت برامج تجسس، وهو ما يتيح للاحتلال اللا أخلاقي مراقبة مئات الآلاف من المواطنين وفي أي مكان.

وحملت القاضية “هاميلتون” الاحتلال الإسرائيلي مسؤولية اختراق تطبيق “واتساب” واستغلاله لعمليات التجسس، موضحة أن شركة NSO الصهيونية مسؤولة بموجب القانون الفيدرالي وقانون ولاية كاليفورنيا عن موجة اختراق واسعة استهدفت الآلاف مستخدمي تطبيق “WhatsApp”.

وأخيـــــــراً..

يتضح مما سبق أن الأمّة العربية والإسلامية تعيش اليوم تحت رحمة الماسونية العالمية التي صارت تتحكم بالشعوب من خلال تلك التطبيقات التي في ظاهرها التواصل الاجتماعي بينما باطنها هو التجسس والتفرد بمصير ومستقبل الأمّة، وعلى رأسها تطبيقات “واتساب، وفايسبوك، وانستغرام، وغيرها من التطبيقات الأمريكية والبريطانية؛ وما الاختراق الأمني الخطير الذي تعرضت له حركة المقاومة الإسلامية في لبنان عبر شركة “موتورولا” إلا خير شاهد ودليل، فما لم يستطع الكيان الصهيوني أن يحققه عسكريًّا فبإمكانه أن يحقق ذلك عبر تلك التطبيقات التجسسية وتوجيه ضربه موجعه للأمة من خلالها.

نقلا عن المسيرة نت

مقالات مشابهة

  • “حماس”: مصر أبلغتنا أنه لا اتفاق لوقف الحرب دون التفاوض على نزع سلاح المقاومة
  • باحث فلسطيني: اليمن هو التجسيدُ الحقيقي لضمير الأُمَّــة
  • عن قرار حصر السلاح بيد الدولة والتطبيع مع إسرائيل.. هذا ما أكده الرئيس عون
  • دور السردية في استنهاض الوعي وتغييبه
  • حماس”: عملية الدهس هي دلالة واضحة على أن المقاومة مستمرة
  • جشي من طلوسة: المقاومة أحبطت أهداف اسرائيل من الحرب
  • الـ The National Interest: حزب الله جوهرة التاج.. هل إيران قادرة على ردع إسرائيل؟
  • إجراء مؤقت لقيادة حزب الله.. إسرائيل تحدّثت عنه
  • عندما تتحول مواقع التواصل إلى أداة بيد العدو الصهيو أمريكي
  • ‏الجيش الإسرائيلي يعلن إصابة جندي بجرو ح خطيرة خلال "نشاط عملياتي" قرب الحدود اللبنانية