انقلاب في قواعد اللعبة.. الحوثيون تحت مقصلة إيران وأمريكا
تاريخ النشر: 24th, March 2025 GMT
في تطور لافت يعكس التوترات الإقليمية المتصاعدة، أخلت جماعة الحوثي أحد مقراتها الاستراتيجية في العاصمة العراقية بغداد، وسط ضغوط مكثفة من القيادة الإيرانية وإجماع شيعي داخلي على تهدئة الأوضاع، في وقت تتواصل فيه التهديدات الأمريكية الموجهة ضد الميليشيات المدعومة من طهران.
رسالة تحذيرية من قاآني.. تجنبوا التصعيد
كشفت مصادر مطلعة أن إسماعيل قاآني، قائد “فيلق القدس” التابع للحرس الثوري الإيراني، حمل رسالة صارمة إلى قادة الفصائل العراقية خلال زيارته الأخيرة لبغداد، طالبهم فيها بتجنب أي استفزاز للولايات المتحدة أو إسرائيل، محذرًا من أن الضربات الجوية الأمريكية التي تستهدف الحوثيين في اليمن قد تمتد سريعًا إلى العراق.
وفقًا للمصادر، أكد قاآني خلال لقائه بزعماء “الإطار التنسيقي” وفصائل مسلحة أن “أي نشاط عسكري من الفصائل العراقية قد يمنح واشنطن ذريعة لتنفيذ عمليات انتقامية داخل العراق”، مشددًا على ضرورة ضبط النفس في هذه المرحلة الحرجة.
إخلاء مقرات الحوثي في بغداد
في خطوة متزامنة مع هذه التحذيرات، قامت جماعة الحوثي بإخلاء مقرها الرئيسي في أحد الأحياء الراقية وسط بغداد، بالقرب من المنطقة الخضراء، بعد تلقيها نصيحة مباشرة من إحدى الفصائل الشيعية البارزة، والتي نقلت موقفاً موحدًا من قوى “الإطار التنسيقي” بضرورة وقف أي نشاط استفزازي للجماعة داخل العراق.
المصادر ذاتها أوضحت أن الحوثيين قد يضطرون لإغلاق مقرين إضافيين في بغداد ومدينة جنوبية أخرى نتيجة تزايد الضغوط عليهم، في وقت تتجه فيه الحكومة العراقية إلى تجنب أي تصعيد قد يُورط البلاد في صراع أوسع.
وكان هذا المقر قد لعب دورًا محوريًا في إدارة أنشطة تجارية وإعلامية داعمة للحوثيين، لا سيما بعد اندلاع معركة “طوفان الأقصى”، لكن التطورات الأخيرة دفعت الجماعة إلى التراجع تجنبًا لاستفزاز الولايات المتحدة التي صعّدت هجماتها على الجماعة في اليمن.
خامنئي يتبرأ.. ورسائل متناقضة من طهران
بالتزامن مع التحركات داخل العراق، أطلق المرشد الإيراني علي خامنئي تصريحات غير مسبوقة، متبرئًا من الجماعات الموالية لطهران في المنطقة، واصفاً إياها بأنها “قوى مستقلة تدافع عن نفسها”.
لكن في المقابل، لمح خامنئي إلى استعداد بلاده لمواجهة الولايات المتحدة، قائلاً إن “أي تحرك عدائي ضد إيران سيواجه بصفعة رنانة”. هذه التصريحات تعكس تردد طهران بين التهدئة العلنية ودعم وكلائها بشكل غير مباشر.
الولايات المتحدة ترفع سقف التهديدات
في واشنطن، صعد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من لهجته تجاه الحوثيين وإيران، متوعدًا الجماعة بـ”الإبادة التامة” في حال استمرت في استهداف القطع البحرية الأمريكية في البحر الأحمر.
وخلال اتصال هاتفي بين وزير الدفاع الأمريكي بيت هيغسيث ورئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، ناقش الجانبان “الجهود الرامية للقضاء على تهديد الحوثيين للتجارة الدولية واستعادة حرية الملاحة”، وفق بيان للبنتاغون، ما يعكس حجم القلق الأمريكي من امتداد الأزمة اليمنية إلى العراق.
الحكومة اليمنية ترحب بإجراءات بغداد
في سياق متصل، أكد وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني أن الحكومة اليمنية “تتابع تحركات العناصر المرتبطة بميليشيا الحوثي في أي دولة”، مشددًا على ضرورة اتخاذ العراق إجراءات واضحة لضمان عدم استخدام أراضيه كمنصة لدعم الجماعة.
وأضاف الإرياني أن “الحكومة اليمنية على ثقة بأن العراق لن يسمح بأن يكون جزءاً من معادلة الفوضى التي تسعى إيران لفرضها عبر وكلائها في المنطقة”.
وإخلاء مقرات الحوثيين في بغداد لا يعد مجرد خطوة تكتيكية، بل يعكس تحولًا في موقف القوى الشيعية العراقية تجاه الجماعة المدعومة من إيران، في ظل تصاعد الضغوط الدولية والتغيرات الاستراتيجية التي تشهدها المنطقة.
ومع تزايد الضغوط الأميركية على إيران، وتأكيدات واشنطن بأنها لن تتردد في ضرب أي أهداف تُهدد مصالحها، يبدو أن العراق يسعى إلى تجنب الانجرار إلى صراع قد يعيد تكرار سيناريو المواجهات التي شهدها في الأعوام الماضية
المصدر: مأرب برس
إقرأ أيضاً:
واشنطن تحذّر العراق: أي تدخل لدعم اليمن سيقابل برد عسكري مباشر
بغداد اليوم - بغداد
أكد الدبلوماسي العراقي السابق غازي فيصل ،اليوم الأحد (23 اذار 2025)، أن الولايات المتحدة الأمريكية وجهت رسالة شديدة اللهجة إلى العراق، مفادها أن أي تدخل للفصائل العراقية لدعم اليمن سيؤدي إلى رد عسكري مباشر من واشنطن.
وقال فيصل في تصريح لـ"بغداد اليوم" إن "الفصائل العراقية يجب أن تدرك جيدًا أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وفريقه التنفيذي ملتزمون بتنفيذ ما يقولونه، وأن ما يحدث في الشرق الأوسط، وخاصة في اليمن، هو جزء من المواجهة مع إيران".
وأوضح أن "التصريحات الأمريكية، وخاصة من الرئيس ترامب، تشير بوضوح إلى أن كل هجوم من الحوثيين على القوات الأمريكية في البحر الأحمر يُعتبر هجومًا إيرانيًا، وهو ما يعكس سياسة واشنطن تجاه إيران وحلفائها في المنطقة".
وأضاف أن "الحرب في البحر الأحمر ضد الحوثيين تمثل استمرارًا للحرب مع إيران، وفي حال استمر الحوثيون في تهديد الملاحة الدولية، فإن الولايات المتحدة قد تقوم بقصف المواقع الاستراتيجية في إيران، بما في ذلك المفاعلات النووية ومصانع الأسلحة والصواريخ والطائرات المسيرة".
ومنذ سقوط النظام السابق عام 2003، شهد العراق بروز العديد من الفصائل المسلحة التي تنوعت في أهدافها وولاءاتها. بعضها انخرط رسميا ضمن هيئة الحشد الشعبي، بينما بقيت أخرى تعمل خارج إطار الدولة، مما أثار جدلا مستمرا حول شرعيتها ودورها في المشهد السياسي والأمني.
في السياق، لعبت إيران دورا محوريا في دعم هذه الفصائل، سواء عبر التمويل المباشر أو تزويدها بالسلاح والخبرات العسكرية. وتعتبر طهران هذه الفصائل جزءا من "محور المقاومة"، حيث تُستخدم كأداة لتعزيز نفوذها الإقليمي ومواجهة خصومها في المنطقة، لا سيما الولايات المتحدة وإسرائيل.