يماتيون../
بعد أقلَّ من أسبوعٍ على بدء العدوان الأمريكي الجديد ضد اليمن؛ بهَدفِ إسناد العدوّ الصهيوني، وبالرغم من حملة التهديدات والتهويلات التي رافقته، بدأت النتائج العكسية تستحوذ على المشهد بسرعة، من خلال المخاوف المعلنة من خطر استنزاف موارد الجيش الأمريكي، وَأَيْـضًا التأكيدات المتزايدة على عدم جدوى وسائل “الردع” الأمريكية، في ظل الزخم الكثيف للعمليات اليمنية ضد العدوّ الصهيوني وضد الولايات المتحدة معًا؛ الأمر الذي أكّـد على أن واشنطن لا زالت عالقة في واقع “الهزيمة” التي مُنِيَت بها الإدارة السابقة أمام اليمن، وأن هذا الواقع ليس قابلًا للتغيير.

على عكس حملة التهويل الإعلامي التي تشنها إدارة ترامب بالتزامن مع عدوانها على اليمن، والتي تستخدم فيها مصطلحات مثل “الإبادة” و”انتهاء الوقت” وما شابه ذلك لتصوير حملتها كضربة قاضية ضد القوات المسلحة اليمنية، جاءت التحليلات والتصريحات والتسريبات الموضوعية حول جدوى العدوان وأفقه العملياتي لتؤكّـد، بعد أَيَّـام قليلة فقط من انطلاقه، فشله الذريع في تحقيق أهدافه الرئيسية المتمثلة في الإضرار بالقدرات العسكرية اليمنية بما يساهم في وقف عمليات الإسناد لغزة.

وكان مما أسهمَ بشكل رئيسي في تعجيل هذا التقييم، هو العمليات العسكرية المكثّـفة التي نفذتها القوات المسلحة خلال الأسبوع الماضي، والتي واكبت فيها العدوان على غزة وعلى اليمن بشكل متزامن، بضربات مكثّـفة على حاملة الطائرات الأمريكية (هاري ترومان) والسفن الحربية التابعة لها شمال البحر الأحمر، وَأَيْـضًا باستهداف العمق الصهيوني بوتيرة عالية وصلت إلى حَــدّ تنفيذ ضربتين بصواريخ (فلسطين2) خلال 24 ساعة يوم الخميس، وهو ما أَدَّى إلى تعطيل حركة مطار “بن غوريون” مرتين، وأجبر الملايين من الصهاينة على الهروب إلى الملاجئ، نتيجة تفعيل الإنذارات في مئات المناطق وسط الأراضي المحتلّة، بما فيهم مجرم الحرب نتنياهو الذي اضطر لمغادرة مبنى “الكنيست” بعد انطلاق صافرات الإنذار للوصول إلى منطقة آمنة.

هذه العمليات عكست حقيقة لا يمكن الالتفاف عليها وهي أن العدوان الأمريكي على اليمن، برغم كثافة غاراته، لم يؤثر على جاهزية وقدرات القوات المسلحة اليمنية أبدًا، لا على مستوى الهجمات البحرية ولا على مستوى الضربات المباشرة ضد كيان العدوّ، وهو ما يشكل نسخة من الواقع الذي كانت إدارة بايدن تعيشه في حملتها الفاشلة ضد اليمن؛ بهَدفِ تحييد جبهة الإسناد اليمنية لغزة، مع فارق أن إدارة ترامب بدأت تواجه تأثيرات الفشل من أعلى مستوى واجهته الإدارة السابقة، وهو ما يعني أن رصيد خسائرها سيكون أكبر إذَا واصلت العدوان على اليمن خُصُوصًا في ظل الإنذار الواضح للسيد القائد بالذهاب إلى خيارات تصعيدية إضافية.

ما عكسته العمليات العسكرية اليمنية، تم التعبير عنه أَيْـضًا بوضوح وبشكل صريح في تقارير نشرتها وسائل إعلام أمريكية قبل أَيَّـام، تناولت التأثيرات المترتبة على فشل العدوان الجديد، وعلى رأسها خطر استنزاف الموارد بدون تحقيق أية نتائج، حَيثُ ذكرت صحيفة “بوليتيكو” الأمريكية أن الحملة الجديدة ضد اليمن “تصطدم بقيود سياسية وصناعية أمريكية، بما في ذلك مخزونات محدودة من الأسلحة الدقيقة، وأزمة إقليمية أوسع نطاقًا، وقوة من غير المرجح أن تتراجع، حتى في مواجهة قوة عسكرية عظمى” مشيرة إلى أن الحملة “قد تؤدي إلى إجهاد إمدَادات الأسلحة الأمريكية، التي تكافح بالفعل لمواكبة شحنات الأسلحة إلى أوكرانيا على مدى ثلاث سنوات، والجهود السابقة ضد اليمن، وإمدَادات الصواريخ للهجمات الإسرائيلية في غزة، والدفاعات ضد الهجمات الإيرانية”.

ونقلت الصحيفة عن المسؤولة العليا في البنتاغون لشؤون الشرق الأوسط خلال إدارة بايدن، دانا سترول، قولها: “نحن نعلم أن صناعة الدفاع لا تواكب معدل الإنفاق سواء من جانب الجيش الأمريكي أَو لدعم حلفاء وشركاء الولايات المتحدة مثل أوكرانيا وإسرائيل”.

وفي السياق نفسه، ذكرت مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية أن هناك مخاوف من أن تتحول الحملة الجديدة ضد اليمن إلى “لعبة مكلفة” ونقلت عن خبراء قولهم: إن “استنزاف مخزونات الذخائر الثمينة اللازمة لحرب مستقبلية في المحيط الهادئ ليس أفضل استخدام للموارد الأمريكية المحدودة”.

هذه المخاوف لم تأتِ على سبيل المبالغة، بل استندت إلى النتائج الفاضحة لحملة إدارة بايدن ضد اليمن، والتي كلفت أكثر من 5 مليارات دولار، واستهلكت من صواريخ الدفاع الجوي المكلفة أكثر مما تم استخدامه في ثلاثة عقود، وهو ما أجبر وزير البحرية الأمريكية الجديد على الاعتراف بوجود فجوة في مخزونات هذه الصواريخ المهمة التي لا يتم إنتاجها إلا بأعداد محدودة سنويًّا.

وبالإضافة إلى ذلك، فَــإنَّ إدارة ترامب، مثل سابقتها، لا تملك أي إنجاز تقدمه كثمن يستحق هذا الاستنزاف، فبرغم التهديدات والتهويلات واستخدام مصطلحات “حاسمة” في المقابلات والتصريحات، لا يوجد عمليًّا ما يمكن اعتباره مؤشراً على إمْكَانية النجاح في تحقيق أي هدف من أهداف العدوان، وهو ما يجعل مختلف الخبراء والمحللين والمسؤولين الأمريكيين السابقين يتمسكون بحقيقة أن القوات المسلحة اليمنية قد أثبتت قدرة كبيرة على الصمود في وجه حملات القصف، وهي الحقيقة التي أشار إليها السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي، عقب العدوان الجديد، عندما تحدث عن “التجربة الجهادية” التي يعيشها اليمن منذ سنوات.

هذا أَيْـضًا ما أقر به القائد السابق للقيادة المركزية الأمريكية، جوزيف فوتيل، الذي قال في تصريحات لمعهد الشرق الأوسط الأمريكي قبل أَيَّـام: إنه “لا ينبغي الاستهانة” بالقوات المسلحة اليمنية؛ لأَنَّها “تعرف كيفية حماية مواردها وأصولها للبقاء؛ مِن أجلِ القتال” في مقابل عدم قدرة الولايات المتحدة على شن حملة طويلة، حَيثُ اعتبر فوتيل أن هذا الخيار سينطوي على مخاطر قد تصل إلى “إصابة سفينة حربية أَو فقدان مقاتلات، أَو خسائر في الأرواح”.

ولعل أكثر الاعترافات تأثيراً، تلك التي جاءت من داخل كيان العدوّ الصهيوني الذي تهدف إدارة ترامب إلى إسناده من خلال العدوان على اليمن، حَيثُ أعادت الصواريخ اليمنية على عمق الأراضي المحتلّة قطعان المغتصبين الصهاينة بسرعة إلى الروتين المرهق والمرعب للهروب إلى الملاجئ بالملايين، وهو الروتين الذي كان يفترض بالولايات المتحدة أن تخلِّصهم منه؛ الأمر الذي قاد إلى اعترافاتٍ سريعة بحتمية فشل إدارة ترامب، حَيثُ قالت القناة العبرية الثانية عشرة، يوم الخميس: إن التهديدات والهجمات الأمريكية على اليمن فشلت في منع إطلاق الصواريخ من اليمن، مشيرة إلى أن الارتباط بين العمليات العسكرية ضد كيان العدوّ وبين وقف إطلاق النار في غزة لا زال قائماً، فيما اعتبر المسؤول السابق في الاستخبارات العسكرية الصهيوني داني سيترينوفيش، أن هجمات الخميس كانت “دليلاً” على عدم فعالية “التهديدات والغارات الجوية” في مواجهة اليمن.

وبالنظر إلى أن هذه الاعترافات هي حصيلة أقل من أسبوع واحد فقط من العدوان على اليمن، يمكن القول إن فشل إدارة ترامب قد أصبح أمراً واقعاً وأن وقف الحرب ورفع الحصار عن غزة لا يزال وسيبقى خياراً أكثر واقعية من “ردع اليمن”.

المسيرة

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: القوات المسلحة الیمنیة إدارة ترامب العدوان على على الیمن ضد الیمن وهو ما

إقرأ أيضاً:

الأحزاب المناهضة للعدوان تؤكد أن اليمن سيبقى حراً مستقلاً مستمراً في دعم المقاومة الفلسطينية

الثورة نت/..

أكد تحالف الأحزاب والقوى السياسية المناهضة للعدوان، أن اليمن قيادة وجيشًا وشعبًا، سيبقى حرًا مستقلًا، مستمرًا في دعم وإسناد المقاومة الفلسطينية وقضايا الأمة عموما، مستعدًا لمواجهة كل محاولات الأعداء للنيل من توجهاته ومواقفه.

وحيا تحالف الأحزاب المناهضة للعدوان في بيان له بمناسبة الذكرى العاشرة ليوم الصمود الوطني، الشعب اليمني الذي وقف كالجبل الأشم في وجه أعتى تحالف عدواني عرفته المنطقة، بقيادة السعودية والإمارات، وبدعم مباشر أمريكي وبريطاني وإسرائيلي.

وأوضح أن عشر سنوات من التحدي، والإباء، والانتصارات المتتالية، جعلت من اليمن نموذجاً للعزة والكرامة، ومن عدوان التحالف نموذجاً للإخفاق والانهيار.

وذكر البيان “أن العدوان الذي بدأ في 26 مارس 2015 تحت شعار “عاصفة الحزم”، متوهمًا أن اليمن لقمة سائغة وأن صنعاء ستسقط خلال أسابيع، لكن بإرادة الله وحكمة السيد القائد واستبسال المرابطين، وصمود اليمنيين تحولت تلك العاصفة إلى “كابوس لليأس”، إذ فشل العدوان في كسر إرادة اليمنيين أو إخضاعهم.

وأضاف “لقد زادنا العدوان قوةً وصلابةً، حيث ترنح الأعداء تحت ضربات صواريخنا البالستية وطائراتنا المسيرة، التي امتدت من الرياض وأبوظبي إلى عمق البحرين الأحمر والعربي ومدن وسواحل فلسطين المحتلة”.

وتطرق البيان إلى ما تحقق لليمن خلال هذه السنوات من تحولات تاريخية، حيث انتقل عسكريًا من الدفاع إلى الهجوم وامتلك قدرات صاروخية وجوية تعزز قوة الردع وتهدد مصالح دول العدوان، وسياسيًا عزز من حضوره الاقليمي والدولي خاصةً من خلال دعم وإسناد الشعب الفلسطيني عبر عمليات البحرين الأحمر والعربي واستهداف الكيان المحتل، واقتصاديًا تمكن اليمن رغم الحصار، من تحقيق الصمود واطلاق مشاريع الاكتفاء الذاتي وتعزيز التكافل الاجتماعي عبر مختلف المسارات.

مقالات مشابهة

  • الأحزاب المناهضة للعدوان تؤكد أن اليمن سيبقى حراً مستقلاً مستمراً في دعم المقاومة الفلسطينية
  • 10 سنوات على عاصفة الحزم.. تدوير الفشل في اليمن
  • إصابة مواطنين اثنين بغارات للعدوان الأمريكي على محيط مدينة صعدة
  • إدارة ترامب تضم صحفي بالخطأ لمجموعة دردشة بشأن الهجوم الأمريكي ضد اليمن
  • اليمن يواصل تعطيل حركة مطار “بن غوريون” ويثبّت واقع الفشل الأمريكي
  • وزير الخارجية الإيراني يجدد إدانته للعدوان الأمريكي على اليمن
  • رسائل اليمن للعدوان الأمريكي في ذكرى غزوة بدر
  • بعد أسبوع من العدوان الجديد.. إدارة ترامب تتوج فشلها السريع بإرسال حاملة طائرات جديدة
  • حماس تدين العدوان الأمريكي الإسرائيلي على اليمن وسوريا ولبنان