خبيرة تحذر من جيل رقمي جديد "تحت رحمة وسيطرة الخوارزميات"
تاريخ النشر: 24th, March 2025 GMT
حذرت زهور كرام، المتخصصة في تحليل الخطاب الرقمي، من التحولات الجذرية التي يشهدها العالم الرقمي، والتي تتطلب مراجعة شاملة للمفاهيم التقليدية.
وأوضحت أن هناك عدة مفاهيم لم نعد نعتمدها من قبيل الديموقراطية، مبينة أن دلالة مفهوم المعارضة الرقمية ليس هو نفس الدلالة الموجودة في المعارضة لدى الأحزاب والسياسات التي أصبحت اليوم مؤسسات تقليدية.
وأكدت كرام، أثناء مداخلتها، بندوة « الفقيه التطواني » أن مفهوم المعارضة الرقمية يختلف جذريا عن المعارضة التقليدية للأحزاب والسياسات، مشددة على ضرورة فهم هذا المفهوم الجديد في سياق البيئة الرقمية الحالية.
وقدمت زهور كرام مصطلح « البرنوطالية » لوصف الطبقة الجديدة التي تظهر من خلال الأفراد والمجموعات التي تنتج وتبيع المحتوى على وسائل التواصل الاجتماعي.
وأوضحت أن هؤلاء الأفراد يمتلكون أدوات الإنتاج من قبيل (الهواتف الذكية والإنترنت)، ولكنهم يخضعون لمنطق الخوارزميات التي تتحكم فيها شركات التكنولوجيا العملاقة في تصريف هذا المنتوج.
وحذرت من خطر ما أسماته » التفردية التكنولوجية »، التي بحسبها، أن التكنولوجية السريعة تؤدي إلى نمو جموح الذكاء الاصطناعي والذي سوف يتجاوز القدرات البشرية.
وأشارت إلى أن مغهوم التفردية تمت مناقشته منذ الخمسينيات والستينيات، مشددة على أن أخطر مرحلة من مراحل البشرية قد تكون عام 2045، حيث ستشهد تحقيق التفردية التكنولوجية التي ستتجاوز البشرية.
وتوقعت كرام تحول المعارضة الرقمية إلى « المعارضة الذكية »، إذ بحسبها قد يبتكر الذكاء الاصطناعي أشكالا جديدة من المعارضة.
وتساءلت عن كيفية التعامل مع ذكاء اصطناعي الذي ينافس البشر في الإنتاج ويتجاوزهم.
أكدت على سرعة تحول المفاهيم، وأن الفكر الإنساني يواجه تحديات كبيرة في مواكبة هذه التحولات السريعة، خاصة في ظل تطور الذكاء الاصطناعي والروبوتات، مشيرة إلى أن الجامعة المغربية لا تواكب هذا التحول.
كلمات دلالية الذكاء الاصطناعي المعارضة الرقمية زهور كرامالمصدر: اليوم 24
كلمات دلالية: الذكاء الاصطناعي المعارضة الرقمية المعارضة الرقمیة الذکاء الاصطناعی
إقرأ أيضاً:
الذكاء الاصطناعي… أهو باب لمستقبل واعد أم مدخل إلى المجهول؟
في إحدى المناسبات الاجتماعية، وجدت نفسي طرفاً في نقاش محتدم حول الذكاء الإصطناعي. كان بعض الحاضرين يرونه المستقبل الحتمي، الذي لا مهرب منه، وأنه سيُحدث نقلة نوعية في حياتنا، جاعلاً إياها أكثر يسرًا وإنتاجًا. وعلى الضفة الأخرى، وقف من يراه تهديدًا داهمًا، وكابوسًا مقبلًا قد يعصف بوظائف البشر، وربما يُفضي إلى نهايات مأساوية لا تختلف كثيرًا عمّا تُصوّره أفلام الخيال العلمي. وبين هذين الرأيين، جلست متأملاً، أتساءل: ما الذي يدعو بعض الناس إلى هذا الخوف العميق من الذكاء الإصطناعي؟
طالعتُ مؤخرًا مقالًا تناول هذه المسألة بشيء من التحليل، وبيّن أن رفض الذكاء الإصطناعي لا يعود إلى الخشية من فقدان الوظائف فحسب، بل يمتد إلى أسباب نفسية أعمق وأبعد غورًا. ومن أبرز هذه الأسباب، أن الذكاء الإصطناعي بالنسبة للكثيرين لا يزال بمنزلة “الصندوق الأسود”؛ يُنجز أعمالًا مبهرة دون أن يُفصح عن كيفية اتخاذه لتلك القرارات أو الأسباب الكامنة خلفها. والبشر بطبيعتهم يميلون إلى الفهم والإدراك، فإذا واجهوا أنظمة تتخذ قرارات غامضة، دون تفسير بيّن، نشأ لديهم شعور بالتهديد. ولذا، فإن الثقة بتقنيات الذكاء الإصطناعي تزداد حين تكون قراراتها مفسّرة ومعلّلة، سيما إذا اقترنت بشروحات مقنعة تبيّن لماذا اختارت هذه النتيجة دون غيرها.
ثم أن ثمة عقبة أخرى، وهي أن الذكاء الإصطناعي يفتقر إلى المشاعر والعواطف. والناس بطبعهم يفضّلون التفاعل مع من يُظهر تعاطفًا وتفهّمًا لحالاتهم النفسية والانفعالية. من هنا، يبدو الرفض واضحًا لاستخدام هذه التقنيات في مجالات تتطلب لمسة إنسانية، كالعلاج النفسي أو تقديم المشورة في العلاقات الشخصية. إلا أن بعض الشركات تسعى لتجاوز هذه المعضلة، بمحاولة إضفاء مسحة إنسانية على الذكاء الإصطناعي، وذلك بمنحه أسماء مألوفة وأصواتًا ودودة، كما هو الحال مع “أليكسا” و”سيري”، مما يُسهّل على المستخدمين التفاعل معه وقبوله.
ومن بين الأسباب التي تُثير حفيظة البعض تجاه هذه التقنية، اعتقادهم بأنها جامدة لا تتغير، ولا تملك مرونة البشر في التعلّم من الأخطاء. فالإنسان، وإن أخطأ، يتعلّم ويطوّر أداءه، بينما يُنظر إلى الذكاء الإصطناعي على أنه آلة صمّاء، لا تعرف التراجع ولا التصحيح. غير أن الحقيقة أن كثيرًا من الأنظمة الذكية مصمّمة لتتعلّم وتتطور مع مرور الوقت، كما نرى في خوارزميات التوصيات لدى “نتفليكس”، التي تتحسّن كلما زاد تفاعل المستخدم معها.
أما أكثر ما يُثير الهلع، فهو الخوف من أن يبلغ الذكاء الإصطناعي حدّ الاستقلال التام، فيتّخذ قرارات دون تدخل بشري، مما يولّد شعورًا بفقدان السيطرة. لذا، ليس من الغريب أن نرى الكثير من الناس يتحفّظون على السيارات ذاتية القيادة، خشية أن تنقلب إلى “آلات مجنونة” تتحكّم في مصائرهم. والحل يكمن في إيجاد توازن دقيق، يُبقي الإنسان داخل دائرة القرار، ويمنحه شعورًا بأنه ما زال ممسكًا بزمام الأمور.
ومهما بلغ الذكاء الإصطناعي من تطوّر وتقدّم، فلن يكون بديلاً عن الإنسان، بل أداة في خدمته، تُعينه على تحسين حياته وتيسيرها. فالرهان الحقيقي لا يكمن في مقاومته أو رفضه، بل في إدراك كيفية التعامل معه بحكمة، بحيث يتحوّل إلى حليف لا خصم، وشريك لا خصيم.
jebadr@