ندوة وليست معركة : لا تحولوا الحوار الى حالة طوارئ
تاريخ النشر: 23rd, March 2025 GMT
#سواليف
#ندوة وليست #معركة : لا تحولوا الحوار الى #حالة_طوارئ
بقلم : ا د محمد تركي بني سلامة
في زمن كثر فيه الارتجاف السياسي وساد فيه الخوف من ظلال الخوف نفسه، تخرج علينا بعض الأصوات لتصنع من ندوة طلابية محترمة في الجامعة الأردنية أزمة وطنية من العيار الثقيل، وكأن اللواء المتقاعد المحلل العسكري فايز الدويري جاء ليقود انقلابًا لا ليتحدث في أمسية فكرية، وسط صرح أكاديمي، في وطن يفاخر بحريته وتعدديته، ويعيش هذه الأيام مرحلة انفتاح ديمقراطي و تحديث سياسي طالما انتظرنا أن تُترجم بأنشطة واقعية، حقيقية، تعيد الجامعات إلى مكانتها الطبيعية كمراكز للنقاش والحوار، لا كمستودعات صامتة للتلقين!
مقالات ذات صلة تحويل شباب إلى المحكمة ظهروا بملابس لعبة الحبار 2025/03/23نحن لا نتحدث عن مغنٍّ عابر، أو مؤثر من منصات “الترند”، بل عن رجل عسكري وطني من طراز رفيع، خدم في ميادين الشرف دفاعًا عن الثرى الطهور في هذا الوطن، وما باع يومًا ولا خان، ولا نطق إلا بما يعزّ الأردن ويُعلي شأنه ، فهو لا يعرف الا الاردن ، ولا ينطق الا بما يعز العرش والشعب .
من سخرية الواقع أن ردة الفعل الهستيرية جاءت في أيام رمضان المباركة، وفي وقت تُرتكب فيه أبشع المجازر في غزة، ويُستباح فيه المسجد الأقصى على يد المتطرفين الصهاينة، بينما تنتهك حكومة الاحتلال اتفاقية السلام مع الأردن صباح مساء، وترتكب خروقاتها جهارًا نهارًا، دون أن يرتجف لها قلم أو يتحرك لها بيان!
وفي مقابل هذا، نرى من يقيم الدنيا ولا يقعدها لأن الجامعة الأردنية، التي أنجبت قادة ووطنيين، قررت أن تستضيف فعالية طلابية، فيها صوت يعبر عن نبض الأردنيين… عن وجعهم… عن غيرتهم على فلسطين والأقصى والدم العربي المسفوك.
ثم لنكن صريحين: هل استضافة نسرين طافش – مع الاحترام لشخصها – كانت أكثر أهمية وجدوى من استضافة شخصية وطنية مثقفة كفايز الدويري؟ أم أن الحفلات الراقصة والمهرجانات الغنائية هي النموذج المقبول والمبارك للأنشطة الجامعية؟!
وأما عن التوقيت، فإن تزامن هذه الأمسية مع قرب نهاية الولاية الأولى للدكتور نذير عبيدات، رئيس الجامعة الأردنية، لا ينبغي أن يتحوّل إلى قميص عثمان. الرجل قدّم خلال سنواته إنجازات لا يُنكرها إلا جاحد، والجامعة في عهده حققت نهضة غير مسبوقة أكاديميًا وماليا وإداريًا وبحثيًا. فإن لم يُجدّد له، فلا بأس، وهذا لا ينتقص من عطائه ، وهو راض عن نفسه ،سائلا رضى ربه. ولكن السؤال الأهم: ماذا عن من أغرق جامعته بالأزمات، وخالف الدستور، وداست إدارته على القيم الأكاديمية، وزرع المحسوبية بدل العدالة ، وقسم الجامعة الى موالين لشخصه ومعارضين لنهج ادارته غير السوي؟ هل سيُكافأ على إنجازاته المزعومة ،فيعين وزيرا او في موقع اخر ؟ أم تُقدم رأسه للمقصلة او يخضع للمسائلة والمحاسبة؟
يا سادة… عندما تبالغون في الخوف من فعالية طلابية تتناغم مع وجدان الشارع الأردني، وتُهاجمون ندوة وتُشيطنون ضيفها، فأنتم ترسلون رسائل ضعف لا للداخل فحسب، بل للخارج أيضًا. إسرائيل لا تنتظر موافقاتنا لتحتل، ولا تحتاج أعذارنا لتبطش. هي تسعى كل يوم لتحويل الأردن إلى “الوطن البديل”، وأنتم تحاربون ندوة؟!
كفى تسليعًا للخوف، واستجداءً لرضا لا يأتي. كفى تحقيرًا لكل ما هو وطني ونبيل. من يخشى الدويري لأنه يعبّر عن موقف أردني عروبي إسلامي شريف، فالأولى به أن يراجع ولاءه، لا أن يُعلّق على بوابات الجامعة ليمارس دور الرقيب الكاره لكل ما له رائحة وطنية حقيقية.
ختامًا… تحية للدويري ولكل من تجرأ على التفكير بصوت مرتفع في زمن الخرس الجماعي. وتحيتنا الأعمق لمن نظّم هذه الفعالية، لأنها أعادت للجامعة بعضًا من هيبتها، واكدت ان في الاردن قيادة وشعبا قدمت ولا تزال كل انواع الدعم للاهل في غزة وفلسطين ، وذكّرتنا بأن الوطنية لا تُقاس بدرجة الصوت، بل بصدق الموقف ، وستبقى فلسطين هي بوصلتنا التي لا تنكسر .
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: سواليف معركة حالة طوارئ
إقرأ أيضاً:
مفتي الجمهورية: قراءة القرآن الكريم جماعيا جائزة شرعا وليست بدعة
أكد الدكتور نظير عياد -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم- أن قضية الوقت تُعَدُّ من أهم القضايا التي ينبغي على المسلم العناية بها، مشيرًا إلى أن الوقت من النعم العظيمة التي أنعم الله بها على الإنسان، وواجب المسلم أن يستثمره في طاعة الله والقيام بالمهام المنوطة به في الحياة، إذ إن كل لحظة تمر من عمر الإنسان تحسب له أو عليه.
أوضح مفتي الجمهورية، خلال لقائه الرمضاني اليومي مع الإعلامي حمدي رزق في برنامج "اسأل المفتي" على فضائية صدى البلد، أن الإسلام أعطى للوقت مكانة رفيعة، يتجلى ذلك في أن الله عز وجل أقسم به في مواضع عديدة من كتابه الكريم، فقال تعالى: ﴿وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ﴾، وقوله سبحانه: ﴿وَالضُّحَىٰ وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَىٰ﴾، وغير ذلك من المواضع التي تشير إلى قيمة الوقت وأهميته.
أشار مفتي الجمهورية إلى أن الشريعة الإسلامية نظمت حياة الإنسان وفق مواعيد محددة، فجعلت الصلاة في أوقات معلومة، كما أن الصيام له توقيت معين يبدأ عند الفجر وينتهي عند المغرب، وكذلك الحج له موسم محدد، مما يعكس بوضوح أن احترام الوقت جزء من المنهج الإسلامي.
أوضح أن الله سبحانه وتعالى ربط الأعمال بالاستعداد للقاء الآخرة، حيث قال في كتابه العزيز: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [الحشر: 18]، مؤكدًا أن هذه الآية تشمل اليوم الآخر وتشمل اليوم الذي يلي يوم الإنسان الحاضر، وهو ما يعني أن الإسلام يحث على التخطيط السليم للحياة والاستفادة من الوقت بأفضل صورة ممكنة.
أضاف أن النبي صلى الله عليه وسلم لفت الانتباه إلى أهمية استغلال الوقت، وجعل ذلك من أولويات المسلم، حيث قال: «نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ»، كما أوصى صلى الله عليه وسلم بأهمية اغتنام الفراغ قبل الانشغال، فقال: «اغتنم خمسًا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك»، مشيرًا إلى أن هذه الوصايا النبوية تؤكد ضرورة استثمار كل لحظة في الحياة.
في سياق حديثه، شدَّد المفتي على أنَّ ضياع الوقت أشد من الموت، لأن الموت يعني نهاية الحياة، أما إهدار الوقت فهو تضييع للفرص دون تحقيق فائدة تُذكر، مما يؤدي إلى فقدان الإنسان لمعناه الحقيقي في الحياة. ولفت الانتباه إلى أنَّ من يتهاون في أداء أعماله أو يضيع الوقت فيما لا ينفع، فهو كمن يأكل أموال الناس بالباطل؛ لأن المسلم إذا كان موظفًا أو عاملًا فإنه ملزم بأداء عمله بإخلاص خلال ساعات العمل التي الْتزم بها، وفقًا للعقد المبرم بينه وبين جهة عمله، وهذا يدخل في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾.
أكد أن هناك بعض الأشخاص الذين يستغلون العبادات كذريعة للتكاسل عن أداء أعمالهم، فيتحججون بالصلاة أو الصيام أو العبادات الأخرى لتبرير تقصيرهم في أداء المهام المكلفين بها، موضحًا أن هذا التصرف يعد من أشد أنواع الخطأ، لأن العبادات في الإسلام جاءت لتعزز قيمة الوقت وتنظم حياة الإنسان، لا أن تكون وسيلة للتكاسل والتخاذل.
كما أوضح المفتي أن التشريع الإسلامي جاء لرفع الحرج عن الناس ومراعاة أحوالهم، مستشهدًا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من أمَّ الناس فليخفِّف، فإن فيهم الضعيف والمريض وذا الحاجة»، مبينًا أن الإسلام يراعي ظروف الناس ويوجههم إلى استثمار الوقت بحكمة ودون مشقة.
وأكَّد أن الأمة الإسلامية بحاجة ماسة إلى الوعي بقيمة الوقت واحترامه، مشيرًا إلى أن الدول المتقدمة لم تحقق نهضتها إلا بعد أن أدركت أهمية الانضباط الزمني والعمل الجاد، داعيًا إلى تبني ثقافة احترام الوقت في المجتمع، والعمل على غرسها في الأجيال القادمة؛ لأن ذلك يُعَدُّ إحدى الركائز الأساسية لبناء حضارة قوية ومستدامة.
وفي ختام الحلقة أجاب المفتي عن عدد من أسئلة المشاهدين، من بينها قضية قراءة القرآن الكريم بصورة جماعية، ورد على مزاعم البعض بأنها بدعة، حيث أكد فضيلة الأستاذ الدكتور نظير عياد، مفتي الجمهورية، أن قراءة القرآن الكريم بصورة جماعية جائزة شرعًا، وليست من البدع كما يزعم البعض، مشيرًا إلى أن الحديث الذي يُستدل به في معارضة هذا الأمر قد فُهم على غير مراد النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
وأوضح أن النهي الوارد في الحديث كان بقصد منع التشويش بين القرَّاء أو على المصلين في المسجد، وليس المنع المطلق من القراءة الجماعية، مضيفًا أن البدعة المذمومة شرعًا هي التي تتضمن الطعن في الدين أو الإضافة إليه بغير دليل، أما قراءة القرآن جماعيًّا، فهي من الأمور المستحبة، مستشهدًا بقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «خيركم من تعلم القرآن وعلمه»، وقوله: «ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله، يتلون كتاب الله ويتدارسونه فيما بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده».
كما تناول عددًا من الأسئلة الأخرى، من بينها حكم تأخير زكاة الفطر، حيث أوضح أن لها وقتَ وجوب يبدأ بغروب شمس آخر يوم من رمضان، ووقت أداء يمتد حتى صلاة العيد، مشيرًا إلى أن الأفضل إخراجها قبل الصلاة حتى يستفيد منها الفقراء، كما يجوز تعجيلها من أول رمضان.
وفي سياق آخر، أجاب المفتي عن سؤال حول صبر أحد الزوجين على عقم الآخر، مؤكدًا أن الصبر على هذا الابتلاء يؤجر عليه الزوجان، مستشهدًا بقول الله تعالى: ﴿لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ۚ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ ۖ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا ۚ إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ﴾ [الشورى: 49-50]. كما أشار إلى أن اللجوء إلى الوسائل الطبية المباحة لعلاج العقم، مثل التلقيح الصناعي والحقن المجهري، لا يعد اعتراضًا على إرادة الله، بل هو من باب الأخذ بالأسباب.
وحول قضية "الموت الرحيم"، شدد على أن الشريعة الإسلامية ترفض هذا المفهوم، مؤكدًا أنه اعتداء على الكرامة الإنسانية، وأنه لا يجوز رفع أجهزة الإنعاش عن المريض ما دام هناك أي مؤشرات للحياة، لأن ذلك يعد قتلًا عمدًا يخالف مراد الله عز وجل.
كما تناول مسألة استفتاء المفتي في معصية، موضحًا أن الأمر يتوقف على مقصد المستفتي، فإن كان الهدف هو التباهي بالمعصية، فهذا منهي عنه، أما إذا كان بغرض طلب الفتوى والتوضيح، فلا بأس بذلك، مع مراعاة عدم الخوض في التفاصيل غير الضرورية قدر الإمكان.
كما أجاب المفتي عن سؤال حول المُفْطِر بعذر شرعي الذي يحاول التظاهر بالصيام أمام الناس، مؤكدًا أن هذا التصرف جائز ولا يُعَدُّ كذبًا، بل هو مراعاة لحُرمة الشهر الكريم ومشاعر الآخرين.