لجريدة عمان:
2025-03-25@14:05:43 GMT

أوراق سياسية أمريكية لمعارك شخصية

تاريخ النشر: 23rd, March 2025 GMT

لعل من أسوأ ما قد تبتلى به الشعوب قادة يتخذون أوطانهم ملاعب لانتصاراتهم الشخصية، وميادين لمنافعهم المادية، وسوقا لعلاقاتهم التجارية والشخصية، ورغم أن التاريخ يصنعه الأقوياء (قوة السلطة) إلا أن المجد الحق لا يملكه إلا القادة الحقيقيون الذين يعرفون للمسؤولية أمانتها وللأوطان قدرها مهما أنكرتهم المنابر وأقصتهم العروش.

نشرت إدارة الأرشيف والوثائق الوطنية الأمريكية قبل أيام الدفعة الأخيرة من ملفات كانت مصنفة سرية سابقا تتعلق باغتيال الرئيس جون كينيدي في 22 نوفمبر 1963، الجريمة التي ما زالت محط اهتمام الأمريكيين والتي تُغذّي نظريات المؤامرة بعد أكثر من 60 عاما من وقوعها، إذا ما استذكرنا مع الوثائق ما خلصت إليه «لجنة وارن» التي تولت التحقيق في إطلاق النار على الرئيس السابق عندما كان في 46 من عمره، من قناص سابق في سلاح البحرية يدعى لي هارفي أوزوالد تصرف بمفرده، أوزوالد الذي اعتقل يوم الحادث، واتهم باغتيال الرئيس، نفى التهم الموجهة إليه، ليُقتل بعد ذلك بيومين خلال احتجازه لدى الشرطة على يد صاحب ملهى ليلي يدعى جاك روبي، كل تلك الأحداث ضاعفت التكهنات بأن مؤامرة خبيثة كانت وراء اغتيال كينيدي في دالاس في تكساس، في حين غذى النشر البطيء للملفات الحكومية نظريات المؤامرة على اختلافها.

خطوة النشر جاءت بعد توقيع الرئيس دونالد ترامب أمرا تنفيذيا في 23 يناير قضى برفع السرّية عن سائر الملفات المتعلقة باغتيال كينيدي وشقيقه روبرت ورائد حركة الدفاع عن الحقوق المدنية مارتن لوثر كينغ الذين قضوا خلال خمس سنوات (قتل الأخيران خلال العام الخامس منها) والواقع أنها ثاني دفعة يوقع ترامب على نشرها بعد نشر مجموعة من الملفات أثناء فترته الرئاسية السابقة، ويأتي نشر الوثائق في إطار سعي ترامب للوفاء بوعده الانتخابي بتوفير مزيد من الشفافية إزاء هذه الملفات، وإعلانه الثلاثاء نشر الوثائق؛ مبينا أن الناس كانوا «ينتظرون عقودا» من أجل ذلك، وقال «لدينا كمية هائلة من الورق، لديك الكثير من القراءة».

جميع الوثائق البالغ عددها 1123 والمكونة من قرابة 80 ألف صفحة-المتعلقة باغتيال كينيدي وفقا لمحللين فحصوا الوثائق لوسائل إعلام أمريكية- بينت إن الفرص ضئيلة في إظهار المنشورات أي شيء جديد، فلماذا اختار الرئيس الأمريكي ترامب هذا التوقيت تحديدا لنشر هذه الوثائق؟

هل للأمر علاقة بلعبة الإلهاء خصوصا مع نقض ترامب للكثير من وعوده الانتخابية المتعلقة بإنهاء الحروب فيما يتورط في تغذية حروب قائمة، وأخرى مصنوعة كحربه اللفظية المستفزة لكندا والمكسيك معا، ووعود أخرى بتحسين الوضع الاقتصادي فيما يلوّح بمزيد من الضرائب؟ فهل يحاول ترامب إشغال المجتمع الأمريكي بضجة هذه الوثائق مع تنفيذ بعض خططه مع الحلفاء في الشرق الأوسط (خصوصا فيما يتعلق باستمرار قتل الفلسطينيين إضافة إلى مواجهات أخرى في اليمن)؟

من جانب آخر علاقة ترامب بالاستخبارات الأمريكية ليست في أفضل أحوالها خصوصا مع قراره كشف الوثائق السرية التي قد تحرج الولايات المتحدة الأمريكية كما يرى مجتمع الاستخبارات، ويرى بعض المعلقين في الإفراج عن الوثائق السرية خطرا كبيرا على طبيعة العمل الاستخباراتي، وأنه قد يسبب أيضا إحراجا لمجتمع الاستخبارات، ويهز من ثقة العاملين به سواء في المؤسسة أو في أنفسهم، بدافع من الضغائن السياسية، هناك مخاوف من أن يشن ترامب هجوما شاملا على ما يسمّيه «الدولة العميقة» وهي -وفقا لاعتقاد الرئيس- مجموعة سرية من البيروقراطيين الحكوميين الذين يتعاونون لعرقلة أجندته، ومنهم الضباط الذين يتجسسون بشكل غير قانوني على الأمريكيين ويسربون المعلومات إلى وسائل الإعلام، والحقيقة أن ترامب لم ينس كشفهم بعض أوراقه وعلاقاته التجارية قبل وأثناء حملته الانتخابية للرئاسة.

هل يحاول الرئيس ترامب توجيه القرارات الرئاسية توجيها شخصيا قائما على تصفية حساباته ومعاقبة خصومه، ممن يظن بأنهم يمثلون أركان الدولة العميقة؟ خصوصا بعد إعلان نيته الحد من نفوذ بيروقراطيات الأمن القومي وتقليص حجم الحكومة الفيدرالية؛ مما يعني استنزاف القوة البشرية لمجتمع الاستخبارات، وبالتبعية تقليص فعاليته، وهو ما ورد كذلك عن كل من إيلون ماسك وفيفيك راماسوامي، اللذان اختارهما ترامب لقيادة وزارة الكفاءة الحكومية في حديث عن ضرورة خفض القوى العاملة الفيدرالية على نطاق واسع، وهو ما سيؤثر حتما في العاملين في مجال الاستخبارات، وأكثر من ذلك، وعد ترامب نفسه بطرد ما أسماه «الجهات الفاعلة الفاسدة» في فضاء الأمن القومي.

ختاما: مهما يكن من أمر لا ينبغي لأي رئيس أن يضع مصلحته الشخصية قبل مصلحة بلاده، مستغرقا في استنزاف طاقات وموارد وطنية (طبيعية كانت أم بشرية) لتغذية معاركه الشخصية ومصالحه المؤقتة، وتصفية حساباته القديمة على حساب سمعة بلاده وأمنها القومي وأمانها الاقتصادي والمجتمعي.

حصة البادية أكاديمية وشاعرة عمانية

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

إدارة ترامب تمثل أمام الكونغرس لمناقشة التهديدات الأمنية

يواجه كبار مسؤولي الاستخبارات، في إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، جلسات استماع متتالية أمام الكونغرس هذا الأسبوع، في أول فرصة لهم منذ تولي مناصبهم للإدلاء بشهاداتهم حول التهديدات التي تواجه الولايات المتحدة، والإجراءات التي تتخذها الحكومة لمواجهتها.

ومن بين الشهود الذين سيحضرون جلسة الاستماع، اليوم الثلاثاء، أمام لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ، مدير مكتب التحقيقات الاتحادي كاش باتيل، ومدير وكالة الاستخبارات المركزية جون راتكليف، ومديرة الاستخبارات الوطنية تولسي جابارد، والذين سيواصلون الإدلاء بشهاداتهم يوم غد الأربعاء، أمام لجنة الاستخبارات في مجلس النواب.

TUESDAY: Directors of CIA, FBI , NSA, DIA and National Intelligence testify on Worldwide Threats before Senate Intelligence Cmte – LIVE at 10am ET on C-SPAN3 https://t.co/P3fayGWYiF pic.twitter.com/hJlAiNhmVB

— CSPAN (@cspan) March 25, 2025

وتأتي جلسة اليوم بعد يوم واحد، من انتشار أنباء تفيد بأن العديد من كبار مسؤولي الأمن القومي في إدارة ترامب، بمن فيهم راتكليف ووزير الدفاع بيت هيغسيث، قاموا بإرسال خطط عسكرية لضربات وشيكة في اليمن، عبر دردشة جماعية في تطبيق مراسلة مشفر، تضمنت رئيس تحرير مجلة ذا أتلانتيك.

وستوفر جلسات الاستماع السنوية حول التهديدات العالمية، لمحة عن إعادة توجيه أولويات إدارة ترامب، والتي وصفها المسؤولون عبر الوكالات المختلفة بأنها تركز على مكافحة خطر الفنتانيل، ومواجهة الجريمة العنيفة والاتجار بالبشر والهجرة غير الشرعية.

وكان المدير السابق لمكتب التحقيقات الاتحادي كريستوفر راي، يصرح بانتظام بأنه من الصعب عليه تذكر فترة في مسيرته واجهت فيها الولايات المتحدة العديد من التهديدات المتزايدة في آن واحد. لكن المخاوف التي كان يسلط الضوء عليها بانتظام تضمنت مؤامرات التجسس الصينية المتطورة، وهجمات برامج الفدية التي شلت المستشفيات، والإرهاب الدولي والمحلي.

وقال باتيل في مقابلة مع قناة فوكس نيوز، بثت مساء أول أمس الأحد: "علينا أن نواكب المشهد المتغير للتهديدات الديناميكية التي تتطور باستمرار، ليس فقط في أمريكا ولكن في الخارج أيضاً"، وأضاف مشيراً إلى الخطر المتزايد من قبل تجار المخدرات: "لكننا لن ننسى أو نتجاهل الأمن القومي أبداً".

مقالات مشابهة

  • بعد تسريبات سيجنال.. مسؤولو استخبارات إدارة ترامب أمام الكونجرس
  • خصوصا “السعودية”.. ترامب يتعهد مجددا
  • إدارة ترامب تمثل أمام الكونغرس لمناقشة التهديدات الأمنية
  • سفيرة الاتحاد الأوروبي الجديدة بمصر تقدم أوراق اعتمادها إلى الرئيس السيسي
  • الرئيس السيسي يتسلم أوراق اعتماد 23 سفيرا جديدا لدى مصر
  • الرئيس السيسي يتسلم أوراق إعتماد 23 سفيراً جديداً في مصر
  • خالد أبو بكر: إبراهيم عيسى شخصية سياسية تمتلك بصيرة عميقة
  • ترامب يشكك في اغتيال هارفي أوزوالد للرئيس الأمريكي كينيدي
  • أحمد عبدالعزيز: أنا ثاني أفضل من جسد شخصية الرئيس الراحل السادات