لجريدة عمان:
2025-04-16@03:01:54 GMT

إنقاذ اقتصاد أمريكا من ترامب

تاريخ النشر: 23rd, March 2025 GMT

في مقابلة بودكاست أجرتها مؤخرا مع عزرا كلاين من صحيفة نيويورك تايمز، انزلقت جيليان تيت من صحيفة فاينانشيال تايمز إلى ما أصبح فخا شائعا: محاولة «عَـقـلَـنة» السياسات الاقتصادية التي تنتهجها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الثانية.

أوضحت قائلة: «من ناحية، يريدون ضمان احتفاظ الدولار بمكانته المتفوقة كَـعُـملة احتياطية عالمية وأن يستمر النظام المالي القائم على الدولار في الهيمنة، لكنهم في الوقت ذاته، يعتقدون أيضًا أن الدولار مقوّم بأعلى من قيمته بحكم كونه عملة الاحتياطي العالمي، وهذا يعني أن الناس يواصلون شراء الدولار، وهذا ما يدفع قيمته إلى الارتفاع»، وبالتالي، يريد أنصار ترامب «اتفاق مار-أ-لاجو» الذي بموجبه تساعد دول أخرى في إضعاف الدولار مقابل تخفيف الرسوم الجمركية، والحماية العسكرية، وما إلى ذلك.

في نهاية المطاف، ستندرج الدول ضمن واحدة من ثلاث مجموعات: الخضراء (الأصدقاء)، أو الحمراء (الأعداء)، أو الصفراء (المنحازون جزئيا). تقول لنا تيت: «إنها جرأة غير عادية. فلا يمكنك أن تغفل عن حقيقة مفادها أن هناك أشخاصا يريدون بالفعل إعادة هندسة النظام المالي والاقتصادي العالمي، ويعملون وفقًا لخطة متماسكة تماما».

لكن هل هم كذلك حقا؟ إذا كانت الفكرة تتلخص في تعزيز التصنيع الأمريكي من خلال اتفاقيات التلاعب بالدولار دون نسف مصادر أكثر أهمية للازدهار الأمريكي، فإن ذلك يتطلب بالفعل خطة متماسكة. سيكون لزاما على أنصار ترامب تذكير الناس بأن ترامب كان يكره اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية وطالب بالفعل كندا والمكسيك بمساعدته في إصلاحها أثناء فترة ولايته الأولى. وتضع اتفاقية الولايات المتحدة-المكسيك-كندا (USMCA) الناتجة عن ذلك هذه الدول في المجموعة الخضراء. تتمثل المهمة الآن في إقناع دول أخرى بأن تفعل الشيء ذاته: أن تأتي إلى مار-أ-لاجو، وتُـقَـبِّـل الخاتم، وتوافق على صفقات مماثلة. لكن هذا ليس ما يحدث. على العكس تماما، كان ترامب أشد ميلًا إلى الإساءة إلى المكسيك وكندا. فلا يكاد يمر يوم دون أن يطلق تهديدا جديدا، أو إهانة جديدة، أو إعلانا عن فرض رسوم جمركية أخرى. هذه هي المكافآت التي يمنحها لأولئك الذين يمتثلون ويضعون أنفسهم في الدلو الأخضر. حتى لو كان المدافعون عنه على حق في أنه يحاكي «نظرية الرجل المجنون» التي استعان بها ريتشارد نيكسون لإخافة الآخرين وإجبارهم على الامتثال، فإن سلوكه لا معنى له من الناحية الاستراتيجية. إذا كنت أي زعيم وطني آخر، ماذا ينبغي لك أن تفعل؟ قد لا يضيرك أن تتحدث مع ترامب، فَـتُـصـدِر أصواتا تبدو لطيفة على مسامعه، وتمتدح حنكته وتخلق مظهرا من الأُلفة والانسجام. ولكن ما لا يجوز لك أن تفعل مطلقا هو أن تغير سياستك -بشأن أي شيء- ما لم تحصل مقدما على فائدة ضخمة لا رجعة فيها.

وحتى في هذه الحالة، يجب أن تكون مستعدًا مسبقًا لجعل أي نقض لأي اتفاق يعلنه معك ترامب شديد الإيلام له.

لأن ترامب انتهك بالفعل شروط اتفاقية الولايات المتحدة والمكسيك وكندا، فلن يكون لدى الدول الأخرى أي حافز لتلبية ما يطلبه. وإذا كنت عُـرضة لذلك النوع من العقاب الأحادي الجانب الذي يستطيع ترامب أن يوقعه بك، فأنت تواجه مشكلة. لكن الحل ليس العمل مع ترمب، بل إزالة المشكلة.

على هذا، ينبغي للمكسيك أن تسعى بالفعل إلى تعميق علاقاتها التجارية مع أوروبا والصين، اللتين تسيطران على بعض الأجزاء المتطورة تكنولوجيا من سلاسل القيمة الخاضعة للعولمة والتي يعتمد عليها الاقتصاد المكسيكي.

ينبغي لها أيضا أن تستكشف الطرق لفرض أقصى قدر من الألم على ترامب وناخبيه (ولكن ليس على أمريكا في المجمل) إذا لزم الأمر. على نحو مماثل، ينبغي لكندا أن تعمل على ربط الأجزاء الغنية بالموارد من اقتصادها بالصين وأوروبا.

وهذا يعني التخلي عن أي خطط لتشييد بنية أساسية جديدة لنقل الموارد إلى الجنوب، والخروج باستراتيجية تنمية جديدة لأونتاريو. على مدار 150 عاما، كانت الرقعة الجنوبية من المقاطعة جزءًا لا يتجزأ من مجمع التصنيع الأمريكي في الغرب الأوسط. وقد استفاد الجانبان بدرجة كبيرة. لكن الطلاق بات ضروريا الآن. إنها مسألة وقت فقط قبل أن يُـقـدِم ترمب، الراغب بشدة دوما في الظهور على شاشات التلفزيون، على الإتيان بتصرف يسمح له بتحويل العلاقة إلى سلاح. وهو لا يبالي بحقيقة مفادها أن ذلك سيلحق بالأمريكيين ضررًا أشد من ذلك الذي قد يلحقه بالكنديين.

تَـدرُس بقية بلدان العالم بالفعل كيفية تقليص الخطر القادم من أمريكا ترامب، التي ستجد نفسها قريبا في وضع مماثل لبريطانيا بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي. وتشير التقديرات إلى أن الانسحاب من الاتحاد الأوروبي دون سبب وجيه جعل المملكة المتحدة أفقر بنحو 10% مما كانت لتصبح عليه - ولا تزال التكاليف في ارتفاع.

هل تواجه الولايات المتحدة مصيرا مماثلا؟ أيًا كانت الحال، فقد قُـضي الأمر. لقد انهار السد بالفعل وبدأ الطوفان. ولكن هل من الممكن عكس اتجاه التيار؟ يُـذَكِّرُنا هذا بولاية رونالد ريجان الثانية. بعد فضيحة إيران-كونترا، أعلن البيت الأبيض، في فبراير 1987، أن السيناتور السابق هوارد بيكر سيشغل منصب رئيس الأركان. وقد جلب بيكر «مصداقية فورية» باعتباره موظفا حكوميا «عادلا» و«نزيها» و«محترما». كان تعيينه مفيدا لريجان والولايات المتحدة. فمنذ ذلك الحين، كان ريجان يظهر على الملأ، ويصافح الناس، ويلقي الخطب، في حين كان بيكر يدير السلطة التنفيذية.

لقد أصبح، باختصار، الوصي على عرش أمريكا. قد يكون ترتيب مماثل أفضل ما يمكننا أن نأمل من رئاسة ترامب الثانية. المشكلة الوحيدة تتمثل في إيجاد شخص على استعداد للقيام بهذا الدور - والأهم من ذلك، قادر على الاضطلاع به.

ج. برادفورد ديلونج أستاذ الاقتصاد بجامعة كاليفورنيا، بيركلي، باحث مشارك في المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية، ومؤلف كتاب «التراخي نحو اليوتوبيا: تاريخ اقتصادي للقرن العشرين» (دار نشر بيزك بوكس، ٢٠٢٢).

خدمة بروجيكت سنديكيت

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

هل كانت والدة ترامب على حق ؟

بقلم: كمال فتاح حيدر ..

زعمت بعض مواقع التواصل ان والدة ترامب، السيدة ماري آن (1912 – 2000)، لخصت مؤهلات ابنها بهذه العبارة:
(نعم، إنه أحمق. بلا عقلٍ سليم، ولا مهارات اجتماعية، لكنه ابني. أتمنى فقط ألا يتدخل في السياسة أبداً. لأن تدخله يعني الكارثة). .
لكن وكالة (رويترز) كذبت تلك المزاعم، وقالت: انها مجرد ادعاءات لا أساس لها من الصحة. ولم تعثر الوكالة على دليل واحد، يؤكد أن السيدة والدة ترامب قالت شيئا كهذا. .
وان أقرب تعليق لوالدة ترامب عن ابنها، عثرت عليه رويترز، جاء من عدد عام 1990 من مجلة فانيتي فير (Vanity Fair)، زعم أن احدى النساء قالت ساخرة لوالدة ترامب: (أي نوع من الأبناء انجبتي ؟). ولا يوجد دليل قاطع على أن أمه وصفته بأنه أحمق، أو انه سيكون كارثة في عالم السياسة. .
لكن واقع الحال يؤكد انه لا يدرك الفرق بين العجز التجاري والتعريفات الجمركية. فالعجز التجاري ليس فاتورة، وليس خسارة أموال، ولا يعني أن دولة تغش دولة أخرى. بل يعني ببساطة أن الولايات المتحدة تشتري أكثر مما تبيع، وتستهلك اكثر مما تنتج، لأن الأمريكيين لديهم المال لينفقوه. هذا كل ما في الأمر. لكن ترامب يتعامل مع العجز التجاري كبطاقة نتائج، والتعريفات الجمركية كعقوبة. وان سياسته التجارية بأكملها مبنية على أوهام وتخيلات. هذه ليست استراتيجية اقتصادية، بل تفكير سطحي ذو عواقب عالمية وخيمة. وهو الآن يتخبط بإطلاق قراراته الطائشة، يحرق الجسور، يدمر التحالفات، ومع ذلك يتظاهر بالذكاء والقوة. .
خبراء الاقتصاد يصرخون: (ترامب لا يفهم الرسوم الجمركية، وخطته هراء)، وسخر منه الاتحاد الأوروبي، وتهكم عليه خبراء الصين، في حين خرج المتظاهرون في معظم الولايات الأمريكية احتجاجاً على سياسته الغبية، وبدأت جماعات حقوقية الإعداد لمظاهرات حاشدة تحاصر البيت البيضاوي. .
وقد انضم الاتحاد الأوروبي الآن إلى الصين وكندا لفرض رسوم جمركية إنتقامية على الولايات المتحدة، في تصعيد مبكر قد يسفر عن خوض حرب عالمية (تجارية)، ما يزيد تكلفة الشراء على شريحة واسعة من الشعوب والامم، وربما يدفع الاقتصاد العالمي إلى الركود. .
وكنتيجة لسياسته الرعناء سارعت الصين إلى إقرار الإعفاءات الجمركية الشاملة على جميع المنتجات الواردة اليها من 33 دولة أفريقية، بينما سارع ترامب إلى فرض رسوم مضافة بنسبة 10 % على منتجات 32 دولة أفريقية منخفضة الدخل. فهل نلوم أفريقيا على اختيارها الصين ؟. أم نسخر من الرئيس المتحامل على البلدان الفقيرة ؟. .
لا رادع لترامب إلا ترامب نفسه، فالرجل يتصرف على هواه بلا مرجعية علمية ولا استشارية. فهو يحمل ملامح الطاغية الروماني كاليغولا (Caligula) الذي كان من اشهر الملوك المجانين قبل الميلاد. .

د. كمال فتاح حيدر

مقالات مشابهة

  • من يقود الاقتصاد العالمي فـي حقبـة ما بعد أمــريكـا؟
  • المرشد الإيراني: الخطوات الأولى في المحادثات النووية مع أمريكا كانت جيدة
  • كارني: نسعى لبناء جيش قادر على التصدي للتهديدات التي تواجهها كندا
  • الحرب التجارية تهدد الدولار
  • جنوب أفريقيا تعين مبعوثًا خاصًا لإعادة بناء العلاقات الدبلوماسية مع أمريكا
  • الدولار يتراجع للجلسة الخامسة على التوالي
  • أمريكا ليست وجهتنا..أوروبيون يقومون بإلغاء رحلاتهم إلى الولايات المتحدة
  • حرب الرسوم.. ما أكثر السلع الصينية التي يعتمد عليها الأميركيون؟
  • الصين تدعو أمريكا إلى إلغاء الرسوم الجمركية
  • هل كانت والدة ترامب على حق ؟