ماذا استفاد العرب من إضعاف جامعتهم ؟
تاريخ النشر: 23rd, March 2025 GMT
احتفلت الدول العربية في ٢٢ من مارس الحالي بمرور ٨٠ عاما على قيام جامعة الدول العربية، التي أُنشئت في ٢٢ مارس من عام ١٩٤٥م في القاهرة، من خلال ٧ دول عربية هي: مصر والسعودية والعراق وسوريا ولبنان وإمارة شرق الأردن واليمن. وهي الدول المؤسسة، والتي وصلت لاحقًا إلى ٢٢ دولة، وبأهداف رئيسة تتمثل في: تعزيز العلاقات بين الدول الأعضاء، تنسيق السياسات بين الدول العربية لتحقيق المصالح المشتركة، والدفاع عن سيادة واستقلال الدول الأعضاء، ودعم القضايا العربية الكبرى وخاصة القضية الفلسطينية، وتعزيز التعاون في مجالات الاقتصاد والثقافة والتعليم والصحة وغيرها من المجالات.
لقد حلت الذكرى الثمانون لإنشاء الجامعة والأمة العربية تمر بمرحلة غير مسبوقة من الضعف والهوان، والقضية المركزية الأولى، وهي قضية فلسطين، غائبة عن أي رد فعل وإجراء حقيقي من الدول العربية لحمايتها. فشعبها يباد إبادة جماعية وتحديدا في غزة، ويقتل وينكل بمعتقليها في سجون الكيان الصهيوني المجرم، في خرق واضح للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية، وكل ما استطاع فعله النظام الرسمي العربي هي، بيانات شجب وتنديد، وبصيغة فيها الكثير من الضعف والاستجداء. فبالرغم من وجود العديد من الإنجازات في مجالات العمل العربي المشترك المختلفة، إلا أنه وتحديدا في القضايا المصيرية، استطاعت عدد من الدول العربية الفاعلة -عبر السنوات- أن تحول وظيفة الأمين العام والأمانة العامة في الجامعة، إلى تنفيذ توجهاتها، حتى لو كانت هذه التوجهات لا تصب في مصلحة الأمن القومي العربي، وتضر ضررًا بالغًا بقوة وردّات فعل القرار العربي تجاه هذه القضايا. وأنا على يقين، أن معالي أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية، ومساعدوه، وكافة قيادات الجامعة، يملكون من الكفاءة والخبرة السياسية والدبلوماسية ما يؤهلهم لقيادة الحراك العربي، للتصدي لما يحاك للأمة العربية وتحديدا القضية الفلسطينية من مؤامرات، إذا سُمح لهم بذلك.
لقد تزامنت ذكرى مرور ٨٠ عاما على إنشاء جامعة الدول العربية مع الذكرى السنوية لفتح عمورية. عندما أخبر أحد الأشخاص خليفة المسلمين المعتصم بن هارون الرشيد، أنه كان بعمورية - وهي مدينة حصينة في الأناضول تقع جنوب غرب مدينة أنقرة وتسمى اليوم «سيفلي حصار» -، ورأى امرأة عربية تساوم شخصًا من الروم في بضاعة، فاختلفا، فصفعها على وجهها، فصرخت: وامعتصماه. فضحك الرومي وقال لها: انتظريه حتى يأتيك على حصانه الأبلق لينصرك. فما كان من المعتصم عندما سمع هذا إلا أن حرك جيشه، الذي كان يقارب الـ١٠٠ ألف جندي، وذهب وحاصر عمورية حتى فتحها، وانتصر لصرخة تلك المرأة العربية. ونحن اليوم في عالمنا العربي، نسمع صرخات ونداءات مئات الآلاف من إخوتنا الفلسطينيين في غزة، وما حل بهم خلال الـ ١٧ أشهر الماضية، ويحل بهم الآن في هذا الشهر الفضيل، من مجازر وقتل وتنكيل وتجويعهم بمنع الأكل والشراب عنهم حتى الموت. في مؤامرة دولية تحاك لهذا الشعب المرابط، على مرأى ومسمع الجميع، و الـ٤٧٠ مليون عربي «لا أخوة ولا جيرة ولا نخوة ولا غيرة ولا نصرة ولا حمية ولا شهامة ولا مرؤة» تحركت فيهم. فعن أي أمة تتحدثون؟
خالد بن عمر المرهون متخصص في القانون الدولي والشؤون السياسية.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الدول العربیة
إقرأ أيضاً:
سلطنة عُمان داعم أساسي لبقاء واستمرار جامعة الدول العربية
العُمانية: تحتفل سلطنة عُمان مع الدول العربية الشقيقة بذكرى تأسيس جامعة الدول العربية الـ 80، إذ تواصل نهجها الراسخ والداعم منذ انضمامها للجامعة في عام 1971م في كل ما من شأنه تعزيز العمل العربي المشترك وترسيخ مبادئ التضامن العربي والاستقرار الإقليمي؛ لتحقيق ما تصبو إليه تطلعات الشعوب العربية من تقدم ونماء وازدهار.
وفي هذا الشأن أكّد سعادة السفير عبد الله بن ناصر الرحبي سفير سلطنة عُمان لدى جمهورية مصر العربية ومندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية لوكالة الأنباء العُمانية أنّ سلطنة عُمان تؤمن بأهمية الجامعة العربية بوصفها إطار جامع للدول العربية، وتحرص على دعم دورها وتعزيز آليات عملها لتكون أكثر قدرة على مواجهة التحدّيات الإقليميّة والدوليّة.
وقال سعادته إنه بالرغم عن الحديث المستمر عن إصلاح منظومة العمل العربي المشترك، فإن سلطنة عُمان ترى أنّ أي عملية تطوير يجب أن تكون شاملة ومتدرجة، مع وجود إرادة واضحة لدى الدول الأعضاء لإنجاحها، لافتًا إلى أنّ الجامعة العربية، رغم التحدّيات تظل عنصرًا محوريًّا في تعزيز التضامن العربي، حيث تحتاج الأمة العربية اليوم إلى تكثيف الجهود المشتركة لمواجهة القضايا الأمنية والاقتصادية والاجتماعية التي تمسُّ شعوبها.
وأضاف سعادته أنّ سلطنة عُمان تلتزم بدور تفاعلي في جميع اجتماعات الجامعة، سواءً على المستوى الوزاري، حيث يحرص معالي السّيد وزير الخارجية، على المشاركة الفاعلة والتنسيق المستمر مع معالي الأمين العام ونظرائه من وزراء الخارجية العرب، أو على المستوى الفني، من خلال حضور المسؤولين بالوزارة في كل أنشطة الجامعة، مشيرًا إلى أنّ هذا الحضور يعكس إيمان سلطنة عُمان بأهمية الجامعة بوصفها مظلة إقليمية تُسهم في تحقيق التكامل العربي، وتوفر منصة فاعلة لمعالجة القضايا المشتركة بروح من التعاون والتفاهم.
وحول تحويل الرؤى العربية المشتركة إلى مشروعات ملموس أشار سعادته إلى أنّ تحقيق الأمن الغذائي والتكامل الاقتصادي، وغيرهما من الرؤى العربية المشتركة، يتطلب إرادة سياسية واضحة من الدول العربية، إلى جانب آليات تنفيذية أكثر فاعلية داخل الجامعة العربية وهناك العديد من المبادرات التي انطلقت في هذا الإطار، لكن نجاحها يعتمد على توفر بيئة مؤسسية قوية، وتنسيق وثيق بين الدول الأعضاء، مبينًا أنّ سلطنة عُمان تدعم هذه الجهود من خلال مشاركتها في اللجان الاقتصادية والفنية المتخصّصة، ومن خلال تعزيز التعاون الثنائي والإقليمي في مجالات التجارة والاستثمار والتنمية المستدامة.
وأكّد سعادته على أنّ سلطنة عُمان تقوم بدور محوري في العديد من الملفات داخل الجامعة العربية، سواءً في القضايا السياسية أو الاقتصادية أو الثقافية، وقد كانت دائمًا صوتًا داعمًا للحوار والحلول السلمية، وساهمت في تقريب وجهات النظر بين الدول العربية في العديد من القضايا الخلافية، كما أنّ مشاركتها في اللجان المختلفة داخل الجامعة يعكس التزامها بتطوير العمل العربي المشترك.
وفيما يتصل برؤية سلطنة عُمان في صياغة قرارات الجامعة العربية تجاه الأزمات الإقليمية بيّن سعادته أنه فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، فإن سلطنة عُمان تؤكّد في كل اجتماعاتها بالجامعة العربية أن السلام في المنطقة لن يتحقق دون معالجة جذور الأزمة، وهو ما لن يكون ممكنًا إلا من خلال حلٍ عادلٍ وشاملٍ يقوم على مبدأ حل الدولتين، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وهذا هو الأساس الذي تؤمن به وتدعو إلى تكريسه كحلٍ نهائي للصراع، حيث لا يمكن تحقيق الاستقرار دون إنصاف الشعب الفلسطيني وتمكينه من حقوقه المشروعة.
وقال سعادته إنه فيما يخصُّ الأزمات العربية الأخرى، فإن سلطنة عُمان تواصل نهجها الثابت في دعم الحوار والحلول السلمية لإنهاء النزاعات، سواء في اليمن أو ليبيا أو السودان أو سوريا تؤمن سلطنة عمان بأن الحلول العسكرية لا يمكن أن تكون وسيلة لإنهاء الأزمات، بل لا بد من توافق سياسي قائم على الحوار بين الأطراف المختلفة، يحفظ سيادة الدول ويحقق الأمن والاستقرار لشعوبها ومن هذا المنطلق، تدعم سلطنة عُمان كل الجهود الإقليميّة والدوليّة التي تسعى إلى وقف الصراعات وإرساء أسس المصالحة الوطنية في هذه الدول.
وأكّد سعادته على أنّ سلطنة عُمان تدعم تطوير آليات عمل الجامعة العربية، سواءّ من خلال تعزيز دور اللجان المتخصّصة أو تطوير آليات التنسيق الأمني والاقتصادي بين الدول الأعضاء، لافتًا سعادته إلى أنّ سلطنة عُمان ترى أنّ الجامعة تحتاج إلى أدوات تنفيذية أكثر فاعلية تُمكّنها من التأثير المباشر في القضايا العربية، وهو ما يستدعي إصلاحًا شاملًا، لكن هذا الإصلاح لا بد أن يكون تدريجيًا ومدروسًا، وبإرادة سياسية واضحة من جميع الدول الأعضاء.
وحول التحدّيات الراهنة بيّن سفير سلطنة عُمان لدى مصر ومندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية أنّ دور الجامعة العربية اليوم أكثر أهمية من أي وقت مضى، حيث تواجه الأمة العربية تحدّيات كبيرة تتطلب تضافر الجهود وتعزيز آليات العمل المشترك لمواجهتها بفاعلية ومن هذا المنطلق، تواصل سلطنة عُمان التزامها بدعم الجامعة، إيمانًا منها بأن التضامن العربي هو السبيل الوحيد لتحقيق الاستقرار والتنمية في المنطقة.
وقال السفير الشيخ فيصل بن عُمر المرهون رئيس الدائرة العربية بوزارة الخارجية حول الدروس المستفادة من مسيرة الجامعة العربية خلال 80 عامًا، وكيف يمكن تفعيلها لمواجهة التحدّيات الراهنة إنّ من أولى الدروس التي أثبتها التاريخ والتجارب أهمية الاستمرارية والالتزام تجاه العمل العربي المشترك - وهو ما التزمت به سلطنة عُمان منذ انضمامها للجامعة العربية في 29 سبتمبر 1971 - حيث تُظهر الأحداث التي مضت أنّ المشاركة الدائمة والفاعلة دون تغيب أو انقطاع أو مقاطعة، تُعزز الثقة بين الدول العربية وتُثبت أهمية الفصل بين العمل العربي المشترك، وتقلبات الظروف السياسية بين الدول الاعضاء.
وأضاف أنّ من الدروس المستفادة في إطار العمل العربي المشترك أهمية إضفاء قيمة أساسية للحوار البنّاء وتبني الحلول الوسطية، فهما السبيل لتجاوز الانقسامات، سواءً في قضايا إقليمية حساسة أو أزمات سياسية مرت على المنطقة، وهذا النهج دأبت عليه سلطنة عُمان وساهم كثيرًا في تقليل الانقسامات خلال عديد الأزمات التي شهدتها المنطقة العربية.
وأكّد على أن التجارب أثبتت أهمية التوافق حول السياسات والاستراتيجيات التي تخدم المصالح الوطنية دون الضرر بالمصالح القومية والعكس أيضًا وهذا التوافق إن حصل سيكون بلا شك الأداة الفاعلة للتعامل مع التحدّيات الراهنة، سواءً كانت سياسية أو اقتصادية.
وأشار إلى أنه في زمن تتشابك فيه التحدّيات الدولية، ينبغي تحديث آليات العمل سواءً موضوعيًا أو إجرائيًا وتقنيًا داخل الجامعة العربية، وهنالك لجنة عاكفة على إعداد وثيقة لتطوير منظومة العمل العربي المشترك تهدف إلى بلورة الأفكار والرؤى للارتقاء بعمل الجامعة العربية وتطويره، ولا تزال اللجنة المكلفة في إطار الجامعة تعمل على ذلك. ولكن ربما يكون من الأولوية العمل على دمج التقنيات الرقمية لتسريع عملية التواصل والتعاون واتخاذ القرارات ومتابعة آليات تنفيذها خاصة في الجوانب الاقتصادية والاجتماعية.
وأفاد بأنه من الأنجع تبني نظام للتحكيم يضمن تسوية الاختلافات بأسلوب يراعي المصالح المشتركة. والتركيز على تعزيز "مفهوم التوافق"، وطرح المبادرات والأفكار "القابلة للتنفيذ" ودون اللجوء إلى إنشاء هياكل إضافية تثقل كاهل العمل العربي المشترك.
وأكّد في هذا الصدد أنّ سلطنة عُمان ماضية في الاستمرار في دعم جامعة الدول العربية والعمل العربي المشترك، باستلهام من التجربة العُمانية التي لطالما رسخت قيمّ “الاتزان والحكمة" في صميم سياساتها الخارجية.
وفيما يتصل بتعزيز دور الجامعة العربية في تحقيق التكامل الاقتصادي العربي يوضّح السفير الشيخ فيصل بن عُمر المرهون رئيس الدائرة العربية بوزارة الخارجية أنّ الاهتمام بالتكامل الاقتصادي والدفع بالمشروعات الاقتصادية المشتركة مثل منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى والربط الكهربائي والأمن الغذائي والنقل البحري والبري وغيرها من المشروعات الاستراتيجية، والتي ستُسهم في ربط الأسواق وتبادل الاستثمارات، من أهم الفرص التي ينبغي التركيز عليها إذ يُمكن من خلال ذلك تحقيق تنمية شاملة في الدول الاعضاء واستقرار اقتصادي يخدم الشعوب العربية. ويساعد على تسهيل تنقل الأفراد والصناعات والمنتجات فضلاً عن الاستفادة التكاملية من المقومات السياحية والثقافية بين الدول العربية.
وأكّد على أهمية تبني مبادرات دبلوماسية واقتصادية، تُسهم في تعزيز أهمية ومكانة المنطقة العربية اقتصادياً ومع بقية التجمعات الإقليمية والجغرافية الأخرى، إذ تمثّل المنطقة العربية قوة بشرية وجغرافية ويُمكن أن تُصنف كأحد التجمعات الاقتصادية الكبرى على مستوى العالم في حال كان هناك اندماج وتكامل اقتصادي بين الدول العربية الأعضاء.
وحول مواقف سلطنة عُمان في دعم العمل العربي المشترك أشار إلى أنّ رؤية سلطنة عُمان تستند إلى خبرة تمتد لأكثر من خمسين عامًا في دعم العمل العربي المشترك، وشاركت دون انقطاع في كافة القمم العربية منذ قمة الجزائر عام 1973م وإلى القمة العربية غير العادية في القاهرة في مارس الجاري 2025م، مؤكّدًا على أنّ سلطنة عُمان تولي أهمية "للبُعد العربي" في موجهات سياستها الخارجية وترى بأنه لا مناص من التنسيق والتشاور بين الدول العربية تحقيقًا للتضامن العربي والثبات تجاه المُتغيرات الدوليّة والتحدّيات.
وأكّد على أنّ هذا النهج العُماني متأصل ومستمر وهو ما أشار إليه حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المعظم، حفظه الله ورعاه، في خطاب توليه مقاليد الحكم في الحادي عشر من يناير 2020م حيث قال: "وفي الشأن العربي، سوف نستمر في دعم جامعة الدول العربية، وسنتعاون مع أشقائنا زعماء الدول العربية لتحقيق أهداف جامعة الدول العربية، والرقي بحياة مواطنينا، والنأي بهذه المنطقة عن الصراعات والخلافات، والعمل على تحقيق تكامل اقتصادي يخدّم تطلعات الشعوب العربية".