لجريدة عمان:
2025-03-25@12:50:24 GMT

أوروبا بحاجة ماسة إلى قيادة وألمانيا مستعدة

تاريخ النشر: 23rd, March 2025 GMT

ترجمة - أحمد شافعي -

قليلون للغاية من خارج الفقاعة السياسية البرلينية هم الذين سمعوا بلارس كلينجبيل، ولكنهم عما قريب سوف يسمعون به إذ يوشك أن يصبح أحد اللاعبين المحوريين في الحكومة الألمانية الجديدة. وقد عبّر الزعيم المشارك للحزب الاشتراكي الديمقراطي عن هذه اللحظة في مناظرة هذا الأسبوع في البوندشتاج، وهي من أهم المناظرات في تاريخ ألمانيا الحديث.

لقد قال إن «الكثيرين قبل بضعة أسابيع، كانوا ليظنوا أننا لن نتوصل إلى اتفاق. فقد كانت الخلافات كبيرة جدا. ولكن ما يميز هذا البلد عن غيره هو أننا مستعدون، بوصفنا أحزاب الوسط الديمقراطي، لإيجاد حلول وعدم إفساح المجال لازدهار التطرف الشعبوي».

دونالد ترامب هو الذي سمح بتحقيق ذلك. فبعد أربع سنوات من التشتت في عهد أولاف شولتز التعيس، استيقظت ألمانيا من سباتها. وبتصويتها على ضخ خمسمائة مليار يورو في البنية الأساسية والبيئة، وعلى زيادة الإنفاق الدفاعي مهما كلف الأمر، تخلت ألمانيا عن قناعتين متطرفتين في يوم واحد. فلم تعد ألمانيا بلد التقشف العبثي، ولم تعد الدولة التي تعهد بدفاعها إلى قوة عظمى تحسبها صديقة، وتخشى الآن من أن تكون عدوة.

ثمة إحباطات ومفارقات ومخاوف كثيرة ناجمة عن الأحداث المأساوية. فالرجل الذي عما قريب سوف يصبح مستشارا، أي فريدريش ميرتس، قد قضى معظم حياته السياسية يعارض الاقتراض. ولقد كان كبح الديون، الذي قيد الاستثمار العام بشكل كبير باسم القواعد المالية «السليمة»، هو المبدأ الراسخ لديه، ولدي السابقة عليه أنجيلا ميركل، ولدى حزبهما الديمقراطي المسيحي المحافظ، وحتى لدى الحزب الاشتراكي الديمقراطي.

ثم جاء الهجوم على ألمانيا والغرب في مؤتمر ميونيخ للأمن من مساعدي ترامب، قبل أسبوع من توجه الألمان إلى صناديق الاقتراع. وحسبما ينسب إلى جون ماينارد كينز فإنه «عندما تتغير الحقائق، أغير رأيي - فماذا تفعل أنت يا سيدي؟».

كان رد ميرتس هو الاعتراف بأنه، نعم، غيَّر موقفه تمامًا، ولكن في سبيل قضية نبيلة هي أن تتمكن ألمانيا من تحديث اقتصادها والقيام بدورها في تعزيز أوروبا في مواجهة التهديدين المزدوجين المتمثلين في ترامب وفلاديمير بوتين.

يحق للخضر تماما أن يشعروا بالظلم. فقد دعوا بشدة، على مدار سنوات، إلى مزيد من المساعدات العسكرية لأوكرانيا وإلى زيادة الإنفاق على القضايا البيئية وغيرها من القضايا الأساسية.

وطوال تلك الفترة، أدانهم المحافظون واصفي إياهم بالإسراف، وأدانهم اليساريون واصفين إياهم بالتسرع في اللجوء إلى القوة. ونتيجة لذلك، خسروا أصواتا وسيقوا سوقا إلى المعارضة ثم أعادهم ميرتس من عزلتهم لفترة وجيزة، إذ احتاج إلى أصواتهم لضمان أغلبية الثلثين اللازمة لتغيير الدستور للالتفاف على نظام كبح الديون. وبرغم شعورهم بالاستغلال، فقد فعلوا ما يجب ويصح فعله.

لم تكن هذه حيلة ميرتس الوحيدة. فقد كان عليه ضمان عرض الإجراء على البرلمان المنتهية ولايته، لا أمام البرلمان القادم حيث يكون بوسع حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف وحزب اليسار اليساري أن يعرقلا التغيير. كان أمر قبيحا، وغير مبدئي. أو أن ميرتس بالأحرى قد أظهر افتقاره إلى المبادئ من أجل تحقيق إصلاحات ليست مبدئية فحسب، ولكنها ضرورية وحيوية أيضا.

وبغض النظر عن مدى تصميم رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وبغض النظر عن حجم تنسيقهما للجهود، فإن أي استراتيجية أمنية أوروبية تفقد مصداقيتها بدون ألمانيا. كما أنه لا تكون لألمانيا مصداقية تذكر ما لم تتراجع عن عزوفها المستمر منذ عقود عن تسليح نفسها التسليح المناسب، والتأهب لاستخدام القوة الصارمة لتحقيق غايات نبيلة.

وها قد حدث هذا الآن. وألمانيا الآن تسير في مسار جديد. فالثقافة السياسية، التي غالبًا ما تعتبر صارمة وتدريجية، تعرف أيضا في بعض الأحيان كيف تُحدث الدراما. ففي عام 1999، وبقيادة وزير خارجية حزب الخضر يوشكا فيشر، صوّت البوندشتاج على المشاركة في عمل عسكري لأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية للدفاع عن كوسوفو.

وفي عام 2015، اتخذت ميركل القرار المثير للجدل بالسماح بدخول أكثر من مليون لاجئ، من سوريا وأماكن أخرى في الشرق الأوسط. وفي عام 2022، ردّ شولتز على غزو بوتين لأوكرانيا بخطاب زيتن فيندي - أي نقطة التحول - وصندوق خاص بقيمة مائة مليار يورو للإنفاق العسكري. بدا ذلك حاسما في وقته، ولكن المستشار المنتهية ولايته قضى بقية ولايته يتحاشى النظر إلى الأمور. ويتضح الآن أن تلك اللحظة كانت محض بداية.

إن ألمانيا بلد طالما أشدت به لسياساته المتأنية والجادة، ودستوره المتين، وعمليته الناضجة في بناء واختبار التحالفات على المستوى الإقليمي وعلى المستوى الوطني. بلد لم يستسلم للهزل الذي اعترى المملكة المتحدة في عهد بوريس جونسون. بلد يتحمل مسؤولياته بجدية. ومع ذلك، فهو بلد عرقله أيضا الحذر المفرط، وانعدام الثقة بالنفس، وعرقله أيضا ـ فيما يتعلق بقضايا الخطر - افتراض متهاون بأن الآخرين سيهبون لمساعدته. وبفضل ترامب، لم يعد هذا هو الحال، ومعظم الألمان يدركون ذلك.

وهم على وشك الشروع في رحلة وعرة، بقيادة الاتحاد الديمقراطي المسيحي، وبجانبه الحزب الاشتراكي الديمقراطي المتشدد. فها هما حزبان شديدا الاختلاف يتحدان من أجل تشكيل ائتلاف قوي ودائم لإبعاد الشعبويين. وميرتس، الذي لا يمكن التنبؤ بتصرفاته والميال إلى المواجهة، متلهف على إنجاز الأمور. وسوف يكون إلى جانبه كلينجبيل وبوريس بيستوريوس (الذي قد يحتفظ بحقيبة الدفاع) ليمثلا جناحا من الحزب الاشتراكي الديمقراطي تخلى عن سذاجته تجاه روسيا. وهذا ما تحتاج إليه ألمانيا وأوروبا والغرب على نطاق أوسع في أحلك أوقاتهم.

جون كامبفنر مؤلف كتاب «البحث عن برلين» و«حروب بلير» و«لماذا الألمان يفعلون ذلك بشكل أفضل».

عن الجارديان البريطانية

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الاشتراکی الدیمقراطی

إقرأ أيضاً:

ترامب يبحث عن دول مستعدة لتوطين الفلسطينيين من غزة

بغداد اليوم -  متابعة

تعتزم إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، البحث عن دول مستعدة لاستقبال وإعادة توطين فلسطينيي غزة.

ووفقا لصحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية، أقرّ المجلس الوزاري الأمني المصغر مقترحا قدمه وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، يقضي بإنشاء مكتب للهجرة الطوعية لسكان غزة الراغبين في الانتقال إلى دول أخرى.

ونُقل عن كاتس تأكيده أن "هذه الخطوة ستكون متوافقة مع القوانين الإسرائيلية والدولية، ومتماشية مع رؤية ترامب. وسيتم إنشاء المكتب ضمن وزارة الدفاع الإسرائيلية، إذ سيخضع مباشرة لإشراف وزير الدفاع، وسيعمل بالتنسيق مع المنظمات الدولية.

وسيتولى المكتب تنسيق جهود مختلف الوزارات الحكومية المعنية، وسيتكفل بتنظيم عمليات نقل آمنة ومنظمة لسكان غزة الراغبين في المغادرة، مع ضمان أمنهم خلال التنقل. كما سيوفر ممرات سفر مخصصة، إلى جانب نقاط تفتيش للمدنيين عند معابر محددة داخل قطاع غزة، بالإضافة إلى التنسيق اللازم لتسهيل السفر برا وبحرا وجوا إلى الدول المستضيفة.

وخلال الاجتماع، صرح كاتس قائلا: "نعمل بكل الوسائل المتاحة لتنفيذ رؤية الرئيس الأمريكي، وسنسمح لأي مقيم في غزة يرغب في الانتقال إلى دولة ثالثة بالقيام بذلك طوعا".

ومن المقرر سيتم تعيين رئيس للمكتب خلال الفترة ذاتها، ومن بين الأسماء المطروحة العميد (احتياط) عوفر وينتر، بحسب "جيروزاليم بوست" .

يشار إلى أن دولا رفضت خلال الفترة الماضية، مقترح الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، لتوطين الفلسطينيين من قطاع غزة على أرضيها، من بينها مصر والأردن، كما نفى مسؤول سوري رفيع المستوى لوسائل إعلام أمريكية، تلقي أي طلبات من واشنطن أو تل أبيب حول توطين سكان غزة، كذلك الحال بالنسبة لإقليم أرض الصومال، التي نفى وزير خارجيتها، عبد الرحمن ظاهر أدان، أنباء بشأن تلقي مقترحا من أمريكا أو إسرائيل، بشأن إعادة توطين فلسطينيين من قطاع غزة.

فيما رفضت كلا من ماليزيا وإندونيسيا أي مقترح للتهجير القسري للفلسطينيين، أو تغيير التركيبة السكانية للأراضي الفلسطينية المحتلة، مؤكدتان أنه سيشكل تطهيرا عرقيا وانتهاكا للقانون الدولي.

وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قد صرح مؤخرا، أنه "لن يطرد أحدا من غزة، ولا أحد يجبر سكان القطاع على المغادرة".

ويعد تصريح ترامب بمثابة تراجع واضح عن مقترحه السابق بشأن طرد الفلسطينيين من غزة وإقامة "ريفييرا" الشرق الأوسط في القطاع، وهو الاقتراح الذي واجه رفضا عربيا وعالميا واسعا.

المصدر: وكالات

مقالات مشابهة

  • ألمانيا تتجه نحو أكبر إنفاق دفاعي منذ الحرب الباردة لمواجهة التهديدات
  • «دوري الأمم الأوروبية».. إسبانيا «ظهور فريد» وألمانيا «ضيف جديد»!
  • ترامب يبحث عن دول مستعدة لتوطين الفلسطينيين من غزة
  • تحديد مواعيد وملاعب نهائيات دوري أمم أوروبا في ألمانيا
  • ألمانيا تستثمر مليارات الدولارات لتعزيز قدرات جيشها في لحظة حرجة تمر بها أوروبا
  • ألمانيا تدشن أكبر منشأة لإنتاج الهيدروجين الأخضر في أوروبا
  • صلاح يتصدر قائمة «أفضل الصُناع» في أوروبا
  • دعاء ليلة القدر الذي أوصى به الرسول .. اغتنم الوقت وردده الآن
  • أوروبا ليست بحاجة إلى ترامب لتشكيل تحالف غربي