كشفت تقارير جديدة عن صفقة بين خليفة حفتر وعبد الحميد الدبيبة في ليبيا عنوانها "تهريب النفط" دون رقابة ما يطرح تساؤلات حول تداعيات هذه الاتهامات لطرفين متناقضين سياسيا.

وذكرت التقارير الصحفية، التي دعمتها تقارير أممية لاحقا، عقد رئيس حكومة الوحدة في ليبيا، عبدالحميد الدبيبة وقائد القيادة العامة بشرق البلاد، خليفة حفتر صفقة اقتصادية تتعلق ببيع النفط الليبي بطريقة غير متعارف عليها في السوق عبر شركة متواجدة في شرق ليبيا.



وذكرت التقارير نقلا عمن أسمتهم مصادر ليبية متطابقة أن "إبراهيم الدبيبة مستشار رئيس الحكومة وكذلك صدام حفتر هما المتصدران في هذه الصفقة، على أن تقوم شركة "اركنو" النفطية بتنفيذ البيع دون رقابة من أجل ضخ سيولة نقدية للحكومة ولحفتر، بالمخالفة للقانون الليبي الذي يمنع بشكل قاطع بيع النفط إلا من خلال مؤسسة النفط.


"تورط صدام والدبيبة الابن"
من جهته كشف موقع "أفريكا إنتليجنس" الاستخباراتي الفرنسي أن شركة "اركنو” تغلغلت بقوة في قطاع النفط الليبي، وأن الشركة تضم أشخاصا مقربين من عبد الحميد الدبيبة، بالإضافة إلى أفراد من عائلة خليفة حفتر.

وأكد الموقع أن "الشركة المحلية التي تم تأسيسها منذ أقل من عامين تخضع لسيطرة غير مباشرة من قِبل صدام حفتر، وبعض أعضاء مجلس الإدارة يتبعون أيضا لمعسكر "الدبيبة"، وأن الشركة الغامضة استحوذت على ربع إنتاج شركة الخليج العربي بالتوافق مع مؤسسة النفط.

"شركة غامضة ومسيطرة"
وبالبحث عن تفاصيل الشركة المتورطة في الصفقة بين حفتر والدبيبة، وجدنا أنها شركة تأسست في 2023 تحت اسم "اركنو أويل"، وتقع في منطقة الكيش في بنغازي، منطقة نفوذ حفتر وقواته وهي منطقة خاضعة لهئة الاستثمار العسكرية التي تسيطر عليها عائلة حفتر.

وقامت الشركة بأول شحنة في يوليو الماضي إلى الصين، محملة من ميناء مرسى الحريقة، وسلّمت شحنة من مليون برميل – بقيمة 84 مليون دولار أمريكي بأسعار السوق وقتها، وبعدها واصلت الشركة بيع النفط إلى إيطاليا ومالطا وغيرها دون رقابة أو تعليق من مؤسسة النفط.

"فساد القطاع النفطي"
وذكرت جريدة "فاينانشيال تايمز" في تقرير حديث لها أن هناك فساد كبير في قطاع النفط الليبي مصدره ممارسات تهريب خام النفط من ليبيا من خلال نظام مقايضة الخام مقابل الوقود، وأن أموال هذا التهريب تصل إلى خزينة فصائل سياسية (الدبيبة) وعسكرية (حفتر).

وأشارت الصحيفة إلى ما ورد في تقرير لجنة الخبراء الأممية بشأن ظهور شركة جديدة تحمل اسم "أركنو" لتصدير النفط، وهي الشركة النفطية الخاصة الأولى التي تنخرط في أنشطة التصدير خارج المؤسسة الوطنية للنفط، مؤكدة أنها شركة تابعة لحفتر.


"تحقيق قضائي"
وذكر أحدث تقرير للأمم المتحدة أن تهريب الوقود من ميناء بنغازي القديم أتاح للقوات التابعة للمشير خليفة حفتر وصولا غير مباشر إلى الأموال العامة، بينما سيطرت الجماعات المسلحة في طرابلس والزاوية بشكل مباشر على قطاعات اقتصادية رئيسية ومؤسسات حكومية ذات صلة لتهريب كمية كبيرة من الديزل"، وفق معلوماته.

وفي أول رد على هذه التقارير طالب مكتب النائب العام بفتح تحقيقات موسعة للكشف عن وجود أي شبهات فساد في قطاع النفط خاصة ما يتعلق بمخالفة القانون الليبي الخاص بذلك.

فما تداعيات ونتائج الكشف عن صفقة جديدة لتهريب النفط بين حفتر والدبيبة؟ وهل ينجح القضاء الليبي في التحقيق معهما حال ثبتت الاتهامات؟

صمت من الطرفين"
وتواصلت "عربي 21" مع المكتب الإعلامي لرئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية، عبدالحميد الدبيبة للتعليق على الأمر لكنها لم تتلق أية رد.

كما تواصلنا مع أعضاء في مجلس النواب مقربين من حفتر ونجله صدام للتعليق على الصفقة ومدى صحتها من عدمها لكنهم فضلوا الصمت.

"موقف دولي مستغرب"
من جانبه قال رئيس تحرير صحيفة الحياة الليبية، محمد الصريط إنه "في السياسة منهج التحالفات وتغيير المواقف أمر وارد وكل شيء ليس مستبعدا فمسألة التحالفات بين قيادات من أطراف الصراع اعتقد ليس أمر غريب، لكن تفاصيل هذا الخبر يحتاج إلى فهم بتجرد لماذا النفط والآن؟".

وأضاف في تصريح لـ"عربي21": "النفط الليبي ليس ملك لليبيا فقط هناك شركاء أجانب يتمثلون في شركات النفط العالمية فحتى في نهاية القرن الماضي وعندما فرضت العقوبات على ليبيا على خلفية قضية "لوكيربي" تجنبوا الحظر النفطي لعدة أسباب أهمها احتجاج الشركاء الأجانب"، وفق قوله.

وتابع: "على هذا الأساس أعتقد الأمر يحتاج لفهم وتدقيق كيف للشريك الأجنبي أن يغض النظر عن هذه التجاوزات إن صحت، لكن في السياسية كل شي متوقع"، كما صرح.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة عربية حفتر الدبيبة ليبيا طرابلس ليبيا طرابلس حفتر الدبيبة المزيد في سياسة سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة النفط اللیبی خلیفة حفتر

إقرأ أيضاً:

صحيفة إيطالية تكشف طرق تهريب النفط الخام في ليبيا.. مقايضة بالسوق السوداء

نشر موقع "شيناري إيكونومتشي" الإيطالي تقريرًا سلّط فيه الضوء على الفوضى الخطيرة الناتجة عن تهريب النفط في ليبيا، والذي يغذي فصائلاً مسلحة ويُبقي البلاد رهينة لاقتصاد أسود يقدر بمليارات الدولارات، موضحًا أن نظام "المقايضة" بين النفط الخام والوقود المكرر يُستخدم كغطاء لعمليات تهريب منظم، حيث تُباع الكميات المدعومة بأسعار زهيدة في السوق السوداء خارج البلاد.

وقال الموقع، في التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن مليارات الدولارات من التهريب تُغذّى من خلال مخطط "المقايضة" بين النفط والوقود في ليبيا، وهو بمثابة تدفق مالي يُموّل جميع الفصائل المسلحة ويُبطئ عملية السلام. حتى صحيفة فاينانشال تايمز بدأت تدرك الفوضى التي تسود على حدود إيطاليا، والتي لا يتحدث عنها أحد، لكنها بدأت، أخيرًا، تُكشف.

وتابع قائلا لنأخذ مثالًا: الناقلة النفطية ماردي، التي ترفع علم الكاميرون، اختفت بشكل غامض من أنظمة التتبع البحري في نهاية آذار/مارس 2024، أثناء إبحارها في البحر الأبيض المتوسط شرق مالطا.

وظهرت من جديد بعد شهر، شمال ليبيا، كاشفةً عن تورطها في أنشطة غير قانونية. ويحدّدها تقرير لخبراء من الأمم المتحدة كواحدة من بين 48 سفينة استُخدمت لتهريب أكثر من 13 ألف طن من وقود الديزل من الميناء القديم في بنغازي بين آذار/مارس 2022 ٬ وتشرين الأول/أكتوبر 2024، في انتهاك صارخ للعقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على ليبيا. ولا تملك المنظمة البحرية الدولية معلومات عن مالك السفينة ماردي.


وذكر الموقع أن كمية النفط المُهرّب ضخمة: فوفقًا لخدمة التدقيق في الدولة الإفريقية، فإن قيمة الوقود الذي تم تبادله في عام 2023 بلغت 8.5 مليارات دولار، مع أكثر من 8 مليارات دولار من النفط الخام تم تصديره لدفع ثمنه.

مقايضة في السوق السوداء
وأشار الموقع أن عملية التهريب أصبحت ممكنة بفضل مخطط مقايضة مثير للجدل، فليبيا، التي تفتقر إلى القدرة على تكرير النفط على نطاق واسع، تُبادل نفطها الخام بوقود مكرر، متجنبةً الدفع نقدًا.

ويُرسل النفط الخام إلى الخارج، ويصل بدلًا منه الوقود، دون أي تدفقات مالية. كانت هذه المنتجات تُشترى من قِبل شركة النفط الوطنية إن أو سي، ثم تُباع بأسعار مدعومة ومخفضة، أقل بكثير من قيمتها في السوق.

وهنا ينشأ الإشكال: هذا الوقود، الذي يُباع بأسعار مدعومة بشدة في السوق المحلية، لا ينتهي فقط في سيارات ومولدات المواطنين الليبيين، بل يُعاد توجيهه إلى الخارج ويُباع بأسعار السوق السوداء أو باستخدام وثائق مزيفة، ما يولّد تدفقات مالية تُسلّح الميليشيات وتُسهم في الإبقاء على حالة الفوضى.

وبالمقارنة يحصل المواطن الليبي، نظريًا، على 2000 لتر من الوقود سنويًا. وهو ما يعادل ثلاثة أضعاف متوسط استهلاك مواطن في بلد غربي، وضعف ما يستهلكه المواطن السعودي.


ويبدو من الواضح أن هذا الوقود شبه المجاني لا يبقى في ليبيا، بل يُهرّب إلى وجهات أخرى، من مصر إلى تونس ودول أخرى. هذا التهريب غير القانوني يُولّد "تدفقًا مستمرًا من الإيرادات" للمجموعات المسلحة المرتبطة بالفصائل المتنازعة على السيطرة في البلاد، كما يُغذي أيضًا طبقة من المهربين والوسطاء.

ويشمل هذا التهريب كلا الفصيلين اللذين يزعمان حُكم البلاد، سواء حكومة طرابلس برئاسة رئيس الوزراء عبد الحميد الدبيبة، المعترف بها من قِبل الأمم المتحدة، أو الإدارة المنافسة في الشرق، بقيادة المشير المعلن ذاتيًا خليفة حفتر وميليشياته، الجيش الوطني الليبي.

ولفت الموقع إلى أن هذا التدفق من الأموال غير المشروعة قد ساهم في عرقلة جهود الأمم المتحدة الرامية إلى تعزيز الانتخابات، وتقليل الفساد، وتوحيد البلاد تحت حكومة واحدة، وهو هدف تسعى إليه المنظمة منذ سقوط الديكتاتور معمر القذافي في عام 2011. إلا أن هذه الأموال عززت الإدارات المتنافسة والجماعات المسلحة التي تعتمد عليها، مما كرّس الانقسام في قلب رابع أكبر بلد إفريقي من حيث المساحة، وسابع عضو في منظمة أوبك من حيث احتياطات النفط.

وهذا الوضع المؤسف هو نتيجة مباشرة للسياسة القصيرة النظر والتدخلية التي اعتمدتها فرنسا والولايات المتحدة في عام 2011. فالدعم المُقدَّم لما يُسمى بـ"الثورات العربية"، دون وجود إستراتيجية واضحة لمرحلة ما بعد ذلك، أدى إلى زعزعة استقرار ليبيا، وخلق فراغ في السلطة سمح بصعود الميليشيات وانتشار الأنشطة غير القانونية.

ظهور ألعاب جديدة
وأوضح الموقع أنه على الرغم من الضغوط الدولية والداخلية المتزايدة، أصدر النائب العام الليبي، الصديق الصور، مؤخرًا أمرًا بوقف نظام المقايضة، وذلك بعد تحقيق أجراه ديوان المحاسبة الليبي. وقد أمر الرئيس التنفيذي لشركة النفط الوطنية، بن قدارة، بإنهاء هذا النظام بعد أن صُدم من حجم الفساد المرتبط بنظام المقايضة، وكذلك نتيجةً للضغوط القادمة من الخارج: فلا أحد يريد مليارات من الأموال السوداء تتنقل دون رقابة وتُغذي كل أنواع التهريب.


ومع ذلك، فإن ظهور شركة جديدة تُدعى أركينو، مرتبطة بجماعات مسلحة في الشرق ومُصرّح لها بتصدير النفط الخام (وهي أول شركة خاصة ليبية تفعل ذلك، في حين أن هذه المهمة كانت حتى الآن حكرًا على المؤسسة الوطنية للنفط)، يثير تساؤلات جدية حول الإرادة الحقيقية في وضع حد للاستغلال غير المشروع للموارد النفطية الليبية.

التهريب، والاستيراد المفرط، والدعم الحكومي، قد غذّت نظامًا فاسدًا يستنزف الاقتصاد الليبي.
وقد كشفت التحقيقات عن تورط شركات أُنشئت حديثًا، تملك خبرة قليلة أو معدومة في قطاع النفط العالمي، مما أثار شكوكًا حول شفافية وكفاءة نظام المقايضة. وتقع الغالبية العظمى من هذه الشركات في دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث يصعب الحصول على معلومات حول المالكين الفعليين.

واختتم الموقع تقريره بالتأكيد على أن كل هذا يتم سرقته من الموارد المالية للشعب الليبي، التي كان من الممكن استخدامها في نمو البلاد، بينما يُغني مجموعات صغيرة من أصحاب النفوذ الذين يُديرون البلاد والميليشيات المرتبطة بهم.

والحل الحقيقي سيكون في تكرير النفط داخل ليبيا، لكن ذلك يتطلب استقرارًا، وبُنى تحتية، واستثمارات. فلماذا، دون وجود ضغط خارجي قوي، يجب على مجموعات النفوذ المحلية أن تستثمر في أمرٍ من شأنه أن يُقلّص مواردها؟

مقالات مشابهة

  • وصول باخرتين محملتن بالنفط الخام والبنزين لمصب الشركة السورية للنفط في بانياس
  • الدبيبة: العائق الحقيقي أمام الانتخابات في ليبيا عدم وجود قوانين توافقية
  • وصول باخرة ثانية محملة بـ 100 ألف طن من النفط الخام إلى مصب الشركة السورية للنفط في مدينة بانياس
  • صحيفة إيطالية تكشف طرق تهريب النفط الخام في ليبيا.. مقايضة بالسوق السوداء
  • ترامب يهدد الدول التي تشتري النفط الفنزويلي
  • بغداد تبلغ واشنطن باستخدام ايران "وثائق عراقية مزورة" لبيع نفطها
  • بغداد تبلغ واشنطن: إيران استخدمت وثائق عراقية لبيع نفطها
  • بغداد تبلغ واشنطن باستخدام ايران “وثائق عراقية مزورة” لبيع نفطها
  • انتعاشة جديدة لإنتاج النفط الليبي بإعادة تشغيل حقل المبروك