ماذا وراء عمليات الإقالة المتكررة لمنصب رئيس الحكومة التونسية؟
تاريخ النشر: 23rd, March 2025 GMT
أثار القرار المفاجئ من الرئيس التونسي قيس سعيّد بإقالة رئيس الحكومة كمال المدوري، ردودا واسعة، خاصة أنه جاء بعد وقت قصير من حضوره أعلى اجتماع أمني وهو مجلس الأمن القومي.
وتعد هذه الإقالة الثالثة لرئيس الحكومة منذ 2021، وهو ما يطرح التساؤلات عن دلالات ذلك، وتحديدا أنا الاختيار لهذا المنصب يكون من الرئيس سعيّد نفسه، والذي بدأ مساره باختيار رئيسة الحكومة نجلاء بودن والتي لم تتجاوز العام في مهامها، لتأتي إقالتها المفاجئة، ويحل مكانها أحمد الحرشاني، والذي وجد نفس المصير تاركا المنصب وراءه لكمال المدوري الذي ظل 7 أشهر رئيسا للحكومة.
وأفاق التونسيون فجر الجمعة الماضي، على خبر الإقالة وتعيين رئيسة جديدة للحكومة كانت تشغل منصب وزيرة للتجهيز والإسكان وهي سارة الزعفراني، ودون أي توضيحات رسمية عن أسباب الإقالة والتعيين الجديد.
"هشاشة النظام"
تواترت الإقالة الحكومية في تونس وتداول على المنصب 4 أسماء منذ قرارات يوليو/ تموز، ومن قبل ذلك ومنذ تولي سعيد الحكم في 2019، تمت إقالة إلياس الفخفاخ، وهشام المشيشي لتكون الحصيلة منذ دخول سعيد قصر قرطاج ست حكومات.
وفي قراءة خاصة لدلالات الإقالة المفاجئة قال المحلل السياسي الأمين البوعزيزي إن "تعدد قرارات الإقالة دليل على هشاشة منظومة 25 يوليو/ تموز، التي اكتفى مقاوموها بمناكفة واجهتها السياسية التي تم تكثيفها في شخص سعيد المفتقد لأي ماض سياسي ولأي خبرة تسييرية"، وفق قوله.
وأكد البوعزيزي في حديث لـ"عربي21" أنّ "قيس سعيد مجرد واجهة لما جرى في 25 يوليو، ففي ظاهر الأمر يمسك بكل مفاصل القرار بيديه، لكنه يطل على التونسيين بخطاب العاجز المنفلتة منه الأمور، وهذا دليل أنه ليس من ينفذ القرارات والخيارات هو فقط يملك الشعارات والتهديدات".
وتابع البوعزيزي: "وكأن سلطة خفية تحتكر كل الخيارات الاقتصادية، وتمكنه فقط من سلطة التنكيل بمعارضي الإجهاز على التجربة الديمقراطية التي تم وأدها، فظاهر الأمور أنه من يعزل الوزراء لكن هل فعلا هو من يختارهم؟".
"مؤشر خطير"
ولا تتوقف قرارات الإقالة مع الرئيس سعيد عند منصب رئيس الحكومة فقط، بل إنها متكررة ومستمرة عند الوزراء وفي مناصب حساسة، فقد طالت مرات عديدة حقائب الداخلية، والخارجية، والدفاع، والمالية، والفلاحة، والنقل، والتجهيز وغيرها، واشتركت جميعها في عنصر المفاجأة، ودون أي توضيحات رسمية وهو ما يطرح نقاط استفهام عديدة مازالت عالقة.
وقال نائب الأمين العام لحزب "العمل والإنجاز" أحمد النفاتي: "يواصل رئيس الجمهورية منذ توليه السلطة، وخاصة منذ فرضه تغيير النظام السياسي، إحكام قبضته على جميع السلطات دون أي توازن أو رقابة حقيقية، فتواتر الإقالات والتعديلات الحكومية المتلاحقة يؤكد غياب أي رؤية واضحة أو فريق عمل مستقر قادر على تنفيذ سياسات ناجعة".
ورأى النفاتي في قراءة خاصة لـ"عربي21" أن "الرئيس الحالي اختار نظاما رئاسيا مطلقا، حيث لم يعد لرئيس الحكومة أي دور فعلي، بل أصبح مجرد كاتب دولة لدى رئيس الجمهورية دون صلاحيات حقيقية، ما يقوض مبدأ الفصل بين السلطات ويجعل كل مفاصل القرار بيد شخص واحد".
وشدد النفاتي على أن "عدم الاستقرار الحكومي، إلى جانب التعديلات الوزارية المتكررة، جعل من الرئيس الحالي أكثر رئيس قام بتغييرات في تركيبة الدولة، وهذا مؤشر خطير على الوضع العام، سواء اقتصاديا، اجتماعيا أو سياسيا".
ورأى أن "غياب الاستقرار وضبابية التوجهات يضرب مناخ الاستثمار في العمق، ويفقد الدولة مصداقيتها أمام شركائها الاقتصاديين والمجتمع الدولي".
وأردف قائلا: "للتأكيد على خطورة هذا النهج، نشير إلى أن الحبيب بورقيبة، خلال 30 سنة من الحكم، عيّن خمسة رؤساء حكومة، بينما زين العابدين بن علي، في 23 سنة، عيّن ثلاثة فقط، في المقابل، سعيد، في أقل من ست سنوات، عيّن ستة رؤساء حكومة، وغير أغلب مستشاريه على مستوى القصر مما يعكس حالة غير مسبوقة من الارتباك في إدارة الدولة".
وختم النفاتي بالقول: "لا يمكن الحديث عن إصلاح سياسي حقيقي في ظل الزج بأغلب قيادات المعارضة في السجون، وفي غياب أي مناخ للحوار الوطني، تونس اليوم بحاجة إلى جميع أبنائها، وإلى خطاب يوحّد التونسيين لا يفرّقهم، خطاب يقبل الاختلاف دون تخوين، ويؤمن بأن التنوع السياسي هو أساس الديمقراطية وليس تآمرا على أمنها".
يشار إلى أنه ومنذ أكثر من سنتين تواترت الملاحقات القضائية ضد عشرات المعارضين السياسيين، ما زاد من توتر الوضع السياسي ويحاكم العشرات في أبرز قضية وهي "التآمر على أمن الدولة"، وتصل عقوبتها للإعدام، كما تواجه البلاد صعوبات اقتصادية يصفها الخبراء بالحادة والمهددة لاستقرار البلاد ولها تأثيرات اجتماعية سلبية للغاية.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية التونسي الحكومة الإقالة قيس سعيد تونس الحكومة الإقالة قيس سعيد المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة رئیس الحکومة
إقرأ أيضاً:
ماذا وراء قرار الدبيبة بإغلاق سفارات ليبية وإلغاء البعثات الدراسية؟
أصدر رئيس الحكومة الليبية، عبد الحميد الدبيبة الأربعاء، قرارات مفاجئة وغير متوقعة بشأن البعثات الدبلوماسية الليبية حول العالم، وملف الابتعاث والمنح الدراسية في الخارج، ما أثار أسئلة حول الأسباب التي تقف وراء هذه الخطوة، وعلاقتها بمزاعم الفساد المستشري في هذه القطاعات.
وأعلن الدبيبة إغلاق عدد من السفارات الليبية في الخارج، وتقليص عدد الموظفين الدبلوماسيين بالخارج بنسبة 20%.
وأضاف الدبيبة أنه سيقر خلال يومين غلق عدد كبير من السفارات، و"هو قرار مهم للمواطنين، وسيساعد في خلق فائض من استهلاك العملة الصعبة، خاصة أن تلك السفارات تستهلك مبالغ".
وأوضح أن بعض السفارات لا يوجد فيها مكتب ليجلس فيها موظف واحد، «لكنها تستهلك أموالا بالدولار، وبعضهم يقول إنه يقدم خدمات استشارية وتضم موظفين محسوبين على السلك الدبلوماسي لكنهم يعملون في الوقت ذاته بالدولة التي يوجدون فيها»، مشددا على ضرورة إنهاء هذا الوضع.
وأكد الدبيبة أن خفض عدد الموظفين في السفارات بالخارج بنسبة 20% يشمل أيضا السفارات المستمرة في عملها؛ وذلك في وقت تعالت فيه الأصوات المنادية بتخفيض الإنفاق الحكومي، من أجل تحسين الأوضاع الاقتصادية الصعبة.
وضع السفارات في الليبية في الخارج
واطلعت "عربي21" على تقرير أصدره ديوان المحاسبة في آب/ أغسطس 2022 بشأن "المخالفات التي ارتكبتها وزارة الخارجية والتعاون الدولي" واتهمها بمخالفة التشريعات النافذة فيما يتعلق بالتعيين الاستثنائي في السلك الدبلوماسي والقنصلي.
وقال ديوان المحاسبة، إن التعيين يجري "تحت مسميات مستحدثة غير منظمة خاصة فيما يتعلق بالموظفين الدبلوماسيين من خارج قطاع الخارجية". مؤكدا أنه لا الدراسات غائبة تمام حول إعداد "ملاك وظيفي حقيقي يوائم أهداف التمثيل الدبلوماسي في الخارج"، حيث لوحظ وجود "تعيينات عشوائية وتجاوز ظاهر في التكليفات".
وكشف الديوان أن عدد السفارات والبعثات الدبلوماسية النشطة في الخارج بلغ 133 سفارة أو بعثة في الوقت الذي بلغ فيه عدد البعثات الدبلوماسية للدول الأجنبية في ليبيا 59 سفارة أو بعثة فقط.
"مورد للفساد"
الكاتب الصحفي رمضان معيتيق قال إن مراجعة أوضاع البعثات الدبلوماسية في الخارج مطلب شعبي كونها مورد كبير جدا للفساد، وتكلفة للميزانية العامة.
وأضاف في تصريحات متلفزة تابعتها "عربي21" أن هناك دول لا يوجد فيها جالية ليبية ولا تقدم أي خدمات لليبيين، بينما تجد فيها بعثات دبلوماسية.
لكنه دعا إلى دراسة القرارات المتعلقة بالبعثات الدراسية في الخارج، ومراعاة من هم في مراحلهم البحثية الأخيرة وعلى وشك التخرج من الجامعات التي ينتسبون إليها، مشيرا إلى أن الدولة الليبية أنفقت عليهم، والتخلي عنهم الآن يعد إهدارا للمال العام، وهو قرار غير مدروس، داعيا إلى إعادة تقييم شامل للوضع التعليمي في البلاد ينتهي بالبعثات في الخارج.
من جهته، انتقد وكيل وزارة الخارجيّة الأسبق حسن الصغير، قرار الدبيبة بإغلاق عدد من السفارات الليبيّة وقال إنه "مرتبك وغير مدروس".
وقال في تصريحات نقلها "تلفزيون المسار" أن استخدام مصطلح "الإلغاء" قد يتسبب بحدوث أزمات دبلوماسية، مشددا على أن نقل مهامّ السفارات إلى دول مجاورة يتطلب قرارات منفصلة وتنسيقا مع الدول المعنية.
وحذر الصغير من أن القرار سيكلف الدولة أعباء مالية وقد يواجه اعتراضات سياسية، لافتا إلى أن القرار سيواجه رفضا من مجلس النواب بسبب غياب التنسيق القانونيّ معه.