أحمد الرحبي
طاقات الإنسان الكامنة بداخله لا تحدها حدود، وهي تشكل تناقضًا مع الهشاشة والضعف الباديين عليه من الوَهلة الأولى، حال الإنسان، فعندما يُواجه مُشكلة أو مُعضلة، وتدفعه بعض المواقف في الحياة، إلى التَّحدي وجها لوجه، وتحشره إلى الزاوية، بلا ما لا مناص منه من مواجهة مصير قد يؤدي إلى حتفه، تستيقظ عندها قوى المقاومة الشرسة الكامنة في داخله، وهي القوى التي صقلتها ودربتها تجارب صراع البقاء، وتحدي الصعوبات والمخاطر التي تُهدد حياته، المطبوعة في جيناته الوراثية عبر ملايين الأجيال، صقل ودربة نتجت عن مواجهة المخاطر والأخطار التي تحيق به، استجابة لغريزة البقاء وحفظ الحياة وصيانتها.
تكمن هذه القوة والطاقة الجبارة في الإنسان، متوارية في داخله كبركان خامد، وذلك بغض النظر عن كون هذا الإنسان هو إنسان هادئ أو إنسان مسالم، أو كونه إنساناً لا تبدو عليه من الوهلة الأولى صفات القوة والعزيمة والجلد، في سلوكه وتعامله مع الأمور ومواجهته لها.
وتحت تحفيز الخطر وبدافع من مواقف صعبة وقاسية يتعرض لها الإنسان، تتحدد ردود أفعاله التي تأتي مفاجئة وغير متوقعة، وهي ردة الفعل التي يتحول فيها الإنسان خلال ثانية واحدة وبقدرة قادر في امتلاك زمام الأمر، واستعادة المبادرة في التصرف مهما كان الخطر مُحدِّقًا، والنجاة بأعجوبة من مصير مُحقق.
هذه الثانية العجيبة من التحول التي تقلب التوازنات في اللحظات الأخيرة، يستغرق الأديب المصري يوسف إدريس- تشيخوف القصة العربية كما يُعرف- التنقيب فيها، ثماني صفحات كاملة، بما يقارب ألفي كلمة، من البحث والاستقصاء، لثانية أو برهة من الزمن تعدل عمرًا كاملًا؛ حيث يبحث في قصته "المارد" بشكل عميق -كعادته في قصصه-، في برهة الانتفاض في وجه الخطر، والدافع الغريزي، في التعامل معه ومجابهته، وهي مجابهة يكون الإنسان معد لها منذ آلاف السنين وتكون على أساسها، عبر الخبرات المتراكمة في مواجهة تقلبات الطبيعة وتطور غريزة البقاء لديه، والنجاة في صراعه مع الطبيعة ومع وحوشها الكاسرة وأخطارها الداهمة.
القصة تكشف عن قانون طبيعي يتعلق بالمنطقة اللاوعية في الإنسان، وما ينبجس منها، في لحظات الخطر وفي حالات التحدي القاسية التي قد نواجهها في حياتنا، من قوة مادية هائلة، وطاقة معنوية جبارة، طاقة وقوة المارد.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
إسرائيل تدق ناقوس الخطر.. الغاز القطري في طريقه إلى أوروبا عبر تركيا!
خط أنابيب طاقة جديد يهدد بتغيير موازين القوى في الشرق الأوسط ويُثير قلق إسرائيل. فقد عاد مشروع نقل الغاز الطبيعي القطري عبر سوريا وتركيا إلى أوروبا ليطفو على السطح من جديد، وسط تقارير تفيد بأن تل أبيب تُعد لخطوة دبلوماسية حاسمة لعرقلة تقدم تركيا في هذه اللعبة الإقليمية.
وتشير المعلومات إلى أن السلطات الإسرائيلية تشعر بقلق بالغ إزاء احتمالية نقل الغاز القطري عبر سوريا وتركيا وصولاً إلى أوروبا، خاصة مع التغيرات التي طرأت مؤخراً على موازين القوى داخل سوريا.
أحلام إسرائيل تتبخر
لطالما وضعت إسرائيل نصب عينيها مخططاً استراتيجياً يقضي بنقل مصادر الطاقة الخليجية إلى أوروبا عبر موانئها، حيث كان ميناء حيفا يُشكل حجر الأساس لهذا المشروع الطموح. إلا أن التحولات التي فرضتها الحرب الداخلية في سوريا ألقت بظلالها على هذه الخطط، وأحبطت الكثير من تطلعات تل أبيب في هذا الشأن.
وفي هذا السياق، ذكرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية، في تحليل كتبه الصحفي نداف أيال، أن الحديث عاد ليتجدد حول مشروع نقل الغاز القطري إلى أوروبا عبر الأراضي السورية والتركية، في خطوة من شأنها أن تعيد رسم خارطة الطاقة في المنطقة وتُربك الحسابات الإسرائيلية.
التقارب التركي-السوري يثير قلق إسرائيل
أبرز التحليل الذي نشرته صحيفة “يديعوت أحرونوت” أن عودة الاستقرار إلى سوريا وتشكّل إدارة قريبة من أنقرة هناك، يثير قلقاً متزايداً لدى حكومة تل أبيب. وأشار التحليل إلى أن “تركيا لن تترك الساحة السورية لإسرائيل بأي حال”، معتبراً أن تل أبيب تفتقر إلى استراتيجية واضحة في المنطقة.
كما لفت التحليل إلى أن التقارب الدبلوماسي بين أنقرة ودمشق قد يعيد إحياء مشروع خط أنابيب الغاز القطري – التركي، الذي تم تجميده عام 2009 بسبب اندلاع الحرب في سوريا، وهو أمر من شأنه أن يهدد بشكل مباشر خطط إسرائيل في قطاع الطاقة.
اقرأ أيضاانخفاض مستمر في أسعار السيارات المستعملة في تركيا: ما السبب؟
الثلاثاء 15 أبريل 2025“ليس الصراع بل التواصل مع تركيا هو المطلوب”