د. مسلم بن علي المعني **
تهتم مؤسسات التعليم العالي بشكل كبير بسمات الخريجين وهي مجموعة من المهارات الأساسية التي من شأنها أن تُسهم في إعداد الطلبة لأدوار مهنية ومجتمعية، وهذه المهارات لا ترتبط بالضرورة بالمجال المعرفي للتخصص الذي يلتحق به الطالب؛ مما يعني أنه لا يجب التركيز على المعرفة التخصصية فحسب وإنما التركيز أيضًا على تطوير مهارات ناعمة مثل مهارات التواصل وحل المشكلات والعمل الجماعي والقدرة على اتخاذ القرار.
ولو نظرنا إلى مهارات التواصل لنجد أنها تركز على قدرة الطالب على التعبير عن أفكاره بوضوح من خلال الكتابة أو التحدث أو الإلقاء وغيرها من المهارات الأخرى المرتبطة بها، أما مهارة حل المشكلات فتتمثل في قدرة الطالب على تحليل الموضوعات التي تعرض عليه والتفكير الناقد مع اقتراح الحلول المناسبة والفاعلة لحل المشكلة. أما مهارات العمل ضمن الفريق فتركز على قدرة الطالب على التعاون والعمل بفاعلية ضمن المجموعة. أما من حيث المهارات الاحترافية والمهنية في اتخاذ القرار فتتمثل في قدرة الطالب على اختيار حلول مبنية على معرفة تخصصية وتتسم بالمسؤولية من بين مجموعة من الخيارات ضمن سياقات مهنية وشخصية.
وعليه، فإنَّ تصميم البرامج الأكاديمية يجب أن يتضمن كيفية إدراج سمات الخريجين في المقررات التخصصية الرئيسية بدلاً من التعامل معها بشكل مستقل بما يضمن إتاحة فرص متعددة للطالب حتى يطور هذه المهارات ويتحلى بها طوال رحلته الجامعية. فلو أخذنا على سبيل المثار مهارة التواصل فإنه من الممكن تقييم هذه المهارة عبر الأوراق البحثية والعروض التقديمية والنقاشات داخل قاعة المحاضرة. أما عن مهارة حل المشكلات، فيمكن تحقيقها عبر دراسات الحالة وتمارين المحاكاة والواجبات التي تتطلب من الطالب التحليل. أما مهارة العمل الجماعي فيمكن تحقيقها عبر المشروعات الجماعية والتمارين التي تتضمن تقييم كل طالب لزميله وكذلك الواجبات الجماعية التي يجب أن يشترك فيها أكثر من طالب. أما من حيث المهارات الاحترافية والمهنية في اتخاذ القرار فيمكن تحقيقها من خلال المناقشات التي تتضمن الأخلاقيات المرتبطة بالتخصص والمقررات القانونية وكذلك المقررات التي تركز على المسؤولية المهنية.
لهذا شرعت الكثير من مؤسسات التعليم العالي في تبني إطار لتقييم مدى تحقق سمات الخريجين التي اعتمدتها المؤسسة من خلال تقييم الطالب عبر مراحل مختلفة أثناء رحلته الجامعية بدلًا من تقييمه في نهاية البرنامج الأكاديمي، ففي السنة الأولى في التخصص، يجب التركيز على تقييم المهارات الأساسية للطالب مع تبني نهج لتنميتها لدى الطالب بشكل منهجي، أما في مرحلة منتصف الرحلة الأكاديمية (السنة الثانية والسنة الثالثة) فيمكن قياس هذه السمات عبر المقررات الرئيسية للتخصص والتجارب العملية والتدريب. وفي السنة الأخيرة من التخصص فيجب إجراء تقييم شامل عبر مقررات محددة مثل مشاريع التخرج ومقررات التدريب العملي وتقييم سوق العمل (قطاع الصناعة) للطالب.
كما تهتم كثير من مؤسسات التعليم بتعقب مستويات خريجيها من خلال مسوحات واستبانات تستهدف معرفة مدى الاستفادة التي حصل عليها الخريج أثناء دراسته بالمؤسسة وكيف هيَّأته الدراسة لسوق العمل، أما من حيث أصحاب العمل، فتقوم المؤسسة باستطلاع آرائهم حول مدى تلبية الخريجين بتطلعات سوق العمل في التَّواصل والعمل الجماعي وغيرها من المهارات المرتبطة بسمات الخريجين؛ حيث إنِّه في حالة أن أظهرت هذه المسوحات وجود فجوة في مهارة مُعينة، يتعيَّن تعديل المنهج الدراسي للبرنامج الأكاديمي؛ بما يُعزِّز الفجوة في المهارة. وبتعديل هذه المقاييس، ستضمن المؤسسة أن مخرجاتها إلى سوق العمل لا تتحلى فقط بالكفاءة الأكاديمية، وإنما أيضًا بالمهارات المطلوبة في سوق العمل؛ بما يضمن للخريجين النجاح في مختلف المسارات الوظيفية.
** عميد كلية الزهراء للبنات
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
النفط ينخفض مع تقييم الأسواق آثار الحرب التجارية
لندن (رويترز)
انخفضت أسعار النفط اليوم الأربعاء وسط حالة من الضبابية بسبب سياسات الرسوم الجمركية الأميركية المرتبكة، مما دفع المتعاملين لتقييم التأثير المحتمل للحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين على النمو الاقتصادي والطلب على الطاقة.ونزلت العقود الآجلة لخام برنت 39 سنتاً أو 0.6 بالمئة إلى 64.28 دولار للبرميل بحلول الساعة 0758 بتوقيت جرينتش كما تراجع خام غرب تكساس الوسيط الأميركي 43 سنتاً أو 0.7 بالمئة إلى 60.90 دولار.
وقال تاماس فارجا المحلّل لدى شركة بي.في.إم أويل «تعرض النفط لضغوط محدودة بسبب خفض وكالة الطاقة الدولية لتقديراتها لنمو الطلب العالمي على النفط».
وتوقعت وكالة الطاقة الدولية ارتفاع الطلب العالمي على النفط هذا العام بمقدار 730 ألف برميل يومياً، بانخفاض حاد عن 1.03 مليون برميل يومياً التي توقعتها الشهر الماضي.
ويتجاوز هذا الانخفاض تقديرات نشرتها يوم الاثنين منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، بشأن تراجع الطلب.وقال عماد الخياط، الباحث في مجموعة بورصات لندن، إن النزاع على الرسوم الجمركية بين الولايات المتحدة والصين لا يزال يمثل التهديد الأكبر للاقتصاد العالمي والطلب على النفط.
وأضاف الخياط: «كل أسبوع يمر دون بوادر انفراج في هذه المواجهة يزيد من احتمال حدوث ركود عالمي ويخفض سقف الأسعار».
وأدت المخاوف بشأن الرسوم الجمركية المتصاعدة التي فرضها ترامب، بالإضافة إلى ارتفاع إنتاج أوبك+، وهي مجموعة تضم منظمة البلدن المصدرة للبترول (أوبك) وحلفاء منتجين مثل روسيا، إلى انخفاض أسعار النفط 13 بالمئة تقريباً حتى الآن هذا الشهر.
ودفعت حالة الضبابية المحيطة بالتوتر التجاري عدة بنوك، بما في ذلك «يو.بي.إس» و«بي.إن.بي باريبا» و«إتش.إس.بي.سي» إلى خفض توقعاتها لأسعار الخام.
ورفع ترامب الرسوم الجمركية على السلع الصينية إلى مستويات كبيرة جداً، مما دفع بكين إلى فرض رسوم مضادة على الواردات الأميركية في حرب تجارية متصاعدة بين أكبر اقتصادين في العالم.
وأظهرت بيانات اليوم الأربعاء، نمو الناتج المحلي الإجمالي للصين 5.4 بالمئة على أساس سنوي في الربع الأول، متجاوزاً توقعات استطلاع أجرته رويترز والتي بلغت 5.1 بالمئة.
وقال المحلل فارجا: «يعود هذا الأداء الأفضل من المتوقع إلى إسراع المصدرين في تحميل الشحنات قبل تطبيق الرسوم الجمركية الأميركية على السلع الصينية، ومن المرجح ألا يتكرر هذا الوضع خلال بقية العام، إذ يسعى أكبر اقتصادين في العالم بكل قوة للانفصال عن بعضهما».
في غضون ذلك، قالت مصادر في السوق نقلاً عن بيانات معهد البترول الأميركي الصادرة أمس إن مخزونات النفط الخام الأميركية ارتفعت 2.4 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في 11 أبريل، بينما انخفضت مخزونات البنزين ثلاثة ملايين برميل، ونزلت مخزونات نواتج التقطير 3.2 مليون برميل.