الجزيرة:
2025-03-25@10:20:25 GMT

فرص شراكة أميركية-تركية في سوريا

تاريخ النشر: 23rd, March 2025 GMT

فرص شراكة أميركية-تركية في سوريا

منذ اندلاع الثورة السورية عام 2011، تميزت السياسة التركية تجاه هذا الحراك الشعبي بتعدد أوجهها وتغير مساراتها، إذ انتقلت من دعم الإصلاحات السياسية والسعي إلى تغيير النظام في بداية الثورة، إلى التدخلات العسكرية المباشرة لاحقًا، لا سيما ضد القوى الكردية في شمال سوريا.

وقد أفضى هذا التدخل إلى تداعيات عميقة على العلاقات التركية- الأميركية، حيث وجدت أنقرة نفسها في معادلة معقدة بين تحالفها الإستراتيجي مع واشنطن ضمن إطار حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وبين موقفها المناهض لقوات سوريا الديمقراطية، التي حظيت بدعم الولايات المتحدة في حربها ضد تنظيم الدولة الإسلامية.

التدخلات العسكرية التركية في سوريا: دوافعها وتبعاتها

مع تصاعد الصراع في سوريا، نفذت تركيا سلسلة من العمليات العسكرية شمال البلاد، مدفوعة بمزيج من الهواجس الأمنية الطارئة، والطموحات الإستراتيجية طويلة الأمد.

ففي بادئ الأمر، تبنّت أنقرة موقفًا داعمًا للمعارضة السورية الساعية إلى إسقاط نظام بشار الأسد، انسجامًا مع موجة الربيع العربي التي رفعت لواء التغيير والإصلاح.

غير أن تعقّد المشهد السوري وظهور فاعلين جدد على الساحة دفع تركيا إلى إعادة ترتيب أولوياتها، حيث انحسر تركيزها تدريجيًا من إسقاط النظام إلى مواجهة النفوذ المتنامي للقوى الكردية المسلحة على حدودها الجنوبية.

إعلان

وقد تأجّج هذا التحوّل الإستراتيجي مع صعود وحدات حماية الشعب الكردية، التي أصبحت العمود الفقري لقوات سوريا الديمقراطية، وهو الكيان الذي تنظر إليه أنقرة بعين الريبة باعتباره امتدادًا لحزب العمال الكردستاني، والذي تصنّفه تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي منظمةً إرهابيةً نظرًا لنشاطه العسكري داخل الأراضي التركية.

وبما أن توسع السيطرة الإقليمية لوحدات حماية الشعب كان يُعدّ تهديدًا وجوديًا للأمن القومي التركي، فقد عمدت أنقرة إلى شنّ حملات عسكرية متتالية للحيلولة دون قيام كيان كردي متصل على طول حدودها الجنوبية، وهو ما كانت ترى فيه مقدمةً لإقامة حكم ذاتي كردي قد يُحفّز الطموحات الانفصالية داخل تركيا ذاتها.

المحطات المفصلية في التدخل العسكري التركي

كانت عملية "درع الفرات" (2016) أولى الحملات العسكرية التركية الكبرى، وقد استهدفت في آنٍ واحد تنظيم الدولة الإسلامية والقوات الكردية في الشمال السوري، وأسفرت عن إنشاء منطقة أمنية عازلة تمتد بين مدينتي جرابلس والباب، خاضعة للنفوذ التركي.

وفي عام 2018، أطلقت أنقرة عملية "غصن الزيتون"، التي ركّزت على عفرين، المعقل الكردي الإستراتيجي، وانتهت بسيطرة القوات المدعومة من تركيا على المدينة، مما أدى إلى نزوحٍ واسع النطاق للسكان الأكراد، في تطور أثار انتقادات دولية حادة.

ثم جاءت عملية "نبع السلام" عام 2019، التي استهدفت شمال شرق سوريا، في محاولةٍ لتوسيع نطاق السيطرة التركية وتقليص النفوذ الكردي في المنطقة.

وخلال هذه العمليات، رأت أنقرة في تدخلاتها ضرورةً أمنية لا تحتمل التأجيل، فيما وُجهت لها انتقادات حادة؛ بسبب تداعياتها الإنسانية، لا سيما فيما يتعلق بعمليات التهجير القسري للسكان الأكراد، فضلًا عن اعتمادها على الجيش الوطني السوري، وهو تحالف من الفصائل السورية المعارضة المدعومة تركيًا، في تنفيذ عملياتها العسكرية.

إعلان العلاقات التركية- الأميركية: التوتر المتصاعد بين الحلفاء

لم تكن هذه الحملات العسكرية بمعزلٍ عن تداعياتها على العلاقات التركية- الأميركية، إذ تزامن توسع النفوذ التركي في شمال سوريا مع تعمق الشراكة بين واشنطن وقوات سوريا الديمقراطية، التي اعتبرتها الولايات المتحدة ركيزةً أساسية في إستراتيجيتها لمكافحة الإرهاب.

فقد قامت واشنطن بتزويد القوات الكردية بالأسلحة والدعم الجوي والمعلومات الاستخباراتية، نظرًا لفاعليتها في محاربة تنظيم الدولة الإسلامية.

غير أن هذا الدعم أثار حفيظة أنقرة، التي رأت في تسليح الأكراد تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي، متهمةً الولايات المتحدة بأن الأسلحة التي تقدمها لمحاربة تنظيم الدولة يتم تسريبها إلى المجموعات المسلحة الكردية المرتبطة بحزب العمال الكردستاني.

ورغم الاحتجاجات التركية المتكررة، تمسّكت واشنطن بموقفها، معتبرةً الأكراد شركاء لا غنى عنهم في الحرب ضد الإرهاب، مما أدى إلى مواجهات دبلوماسية متكررة بين الجانبين، وجعل الحليفين في الناتو في وضع غير مسبوق، حيث تدعم كلٌّ منهما أطرافًا متصارعة على الأرض السورية.

وقد أسهم هذا التباين في وجهات النظر في تعكير صفو العلاقات الثنائية، حيث باتت الخلافات حول سوريا جزءًا من التوتر الأوسع بين البلدين، انعكس سلبًا على التنسيق الإستراتيجي بينهما، سواء في القضايا الإقليمية أو في حلف الناتو.

الإطاحة بالأسد والقيادة الجديدة في سوريا

أرسى سقوط نظام الأسد في ديسمبر/ كانون الأول من عام 2024 متغيرًا جديدًا في المشهد السياسي السوري، إذ أثار الفراغ في السلطة مخاوف جمّة من عودة تنظيم الدولة الإسلامية إلى لملمة شتاته، الأمر الذي دفع الولايات المتحدة إلى النظر في زيادة دعمها لقوات سوريا الديمقراطية، حفاظًا على الاستقرار، واستمرارًا في جهود مكافحة الإرهاب.

في المقابل، شدّدت تركيا من حملاتها العسكرية ضد القوات الكردية، ساعية إلى تفكيك سيطرة قوات سوريا الديمقراطية على المناطق التي تحكم قبضتها عليها.

وقد أفضى هذا التصعيد إلى مواجهات مباشرة بين الفصائل المدعومة من تركيا وقوات سوريا الديمقراطية، مما زاد من تعقيد المشهد وألقى بظلاله على العلاقات الأميركية- التركية.

إعلان

وكان لهجوم موالين لنظام الأسد على قوات الأمن التابعة للحكومة الجديدة في مارس/ آذار عام 2025 في محاولة لاستعادة نفوذهم المفقود الذي سرعان ما تحوّل إلى موجة من الاقتتال الطائفي، العامل الأهم في دعم وتسريع الاتفاق بين قوات سوريا الديمقراطية والإدارة السورية في دمشق؛ بهدف رأب الصدع الداخلي والحفاظ على وحدة البلاد في مواجهة شبح التقسيم والصراع المفتوح.

فقد نص هذا الاتفاق على إدماج قوات سوريا الديمقراطية في مؤسسات الدولة السورية، مما يشكل نقطة تحول مفصلية في الخارطة الجيوسياسية للمنطقة، وعلى موازين القوى بين الولايات المتحدة وتركيا في المشهد السوري المتأزم.

وقد لعبت الولايات المتحدة، بوصفها الحليف الوثيق لقوات سوريا الديمقراطية في حربها ضد تنظيم الدولة الإسلامية، دورًا رئيسًا في توجيه تلك القوات نحو الاتفاق مع دمشق.

ويأتي هذا التحرك الإستراتيجي متوافقًا مع رؤية واشنطن الأوسع الهادفة إلى ترسيخ وحدة سوريا واستقرارها، تمهيدًا لخفض منظّم لوجودها العسكري في المنطقة.

ومن خلال دمج قوات سوريا الديمقراطية في البنية الوطنية السورية، تسعى واشنطن إلى درء مخاطر الصراع السياسي والعسكري الذي قد يكون سببًا للجماعات المتطرفة لتعيد لملمة شتاتها.

أما تركيا، فقد جاء موقفها إزاء هذا التطور مشوبًا بالتفاؤل الحذر. إذ لطالما نظرت أنقرة إلى قوات سوريا الديمقراطية، ولا سيّما وحدات حماية الشعب التي تشكل ركيزتها الأساسية، على أنّها امتداد لحزب العمال الكردستاني، الذي تدرجه ضمن التنظيمات الإرهابية.

وإن كان إدماج هذه القوّات في المنظومة العسكرية والإدارية للدولة السورية قد يخفّف من المخاوف الأمنية لأنقرة عبر إنهاء الوجود العسكري الكردي المستقل على حدودها الجنوبية، فإنها مع ذلك تبقى على أُهْبة الاستعداد واليقظة، مشددة على ضرورة نزع سلاح وحدات حماية الشعب واندماجها الكامل في الجيش السوري، دون أن تظل لها أي قدرات عسكرية مستقلة.

إعلان

وفي ظل هذه المستجدات، باتت العلاقات الأميركية- التركية في سوريا ماضية نحو مرحلة جديدة من التعاون المشوب بالحذر، وإعادة ضبط الحسابات الإستراتيجية. إذ يشترك الطرفان في مصلحة كبرى تتمثل في ضمان استقرار سوريا والحيلولة دون عودة الجماعات المتطرفة إلى الواجهة.

وقد يفضي دعم الولايات المتحدة لاتفاق قوات سوريا الديمقراطية مع دمشق إلى تهدئة بعض المخاوف التركية بشأن النزعات الانفصالية الكردية، مما قد يفضي إلى تنسيق مستدام بين واشنطن وأنقرة.

بيد أنّ مدى استدامة هذا التعاون سيظل رهينة بمدى تنفيذ الاتفاق، لا سيّما فيما يخص تفكيك القدرات العسكرية لوحدات حماية الشعب وضم مقاتليها إلى جيش الدولة السورية.

وعلاوة على ذلك، فإن الانفتاح الدبلوماسي الأخير لتركيا تجاه دمشق، والذي تجلّى في زيارات رفيعة المستوى تزامن مع تصاعد العنف الطائفي، يؤكد سعي أنقرة للعب دور بناء في إعادة إعمار سوريا، وتفعيل مسار العملية السياسية.

وقد يمهد هذا التقارب لآفاق أرحب من التعاون الأميركي- التركي في سوريا، بشرط أن يتمكن الطرفان من مواءمة أهدافهما الإستراتيجية، ومعالجة هواجسهما الأمنية المشتركة بروح من الشفافية والتفاهم المتبادل.

الطريق إلى الأمام

قد يُتيح هذا المشهد الجيوسياسي المتغير في سوريا فرصة مهمة للولايات المتحدة وتركيا للتعاون على الصعيدين؛ الاقتصادي والعسكري، مما يعزز الاستقرار الإقليمي ويعالج الهواجس الأمنية المشتركة.

فعلى الرغم من تباين رؤى البلدين حيال بعض جوانب الصراع السوري في السابق، فإن التحولات المتسارعة على أرض الواقع تهيئ إطارًا للتعاون على أساس المصالح المشتركة.

ومع الاتفاق الأخير الذي يقضي بإدماج قوات سوريا الديمقراطية ضمن كيان الدولة السورية، تبرز إمكانية لأنقرة وواشنطن للتنسيق على إعادة الإعمار الاقتصادي والتدريب العسكري، حيث بوسعهما الإسهام في استقرار سوريا، وكبح عودة التنظيمات المتطرفة، والتصدي لنفوذ القوى الخارجية، مثل إيران وروسيا.

إعلان

فإعادة إعمار سوريا بعد الحرب تستلزم استثمارات اقتصادية ضخمة، والولايات المتحدة وتركيا في موقع يؤهلهما لقيادة هذه الجهود. فقد خلفت الحرب دمارًا واسعًا في البنية التحتية الحيوية، من طرق ومستشفيات ومدارس وشبكات الطاقة، مما أفضى إلى أزمة إنسانية تُذكي نيران الاضطراب.

ومن شأن إنعاش الاقتصاد أن يخفف من وطأة الفقر، ويحدّ من الظروف التي تسهم في تفشي الأيديولوجيات المتشددة. وهنا تستطيع الولايات المتحدة توظيف نفوذها السياسي والدبلوماسي وتحالفاتها الدولية لتنسيق الاستثمارات في مشاريع إعادة الإعمار، فيما يمكن لتركيا، بفضل قربها الجغرافي وشبكاتها التجارية الممتدة في الشمال السوري، أن تضطلع بدور محوري في إعادة بناء القطاعات الصناعية والزراعية.

وقد انخرطت الشركات التركية بالفعل في مشاريع البنية التحتية في المناطق الواقعة تحت نفوذها، مثل أجزاء من محافظتي حلب وإدلب، وتوسيع نطاق هذه المبادرات إلى مناطق سورية أوسع، تحت إشراف دولي، قد يوفر فرص عمل ويمهد الطريق أمام استقرار اقتصادي طويل الأمد.

علاوة على ذلك، فإن برامج الإغاثة المستهدفة، المدعومة من واشنطن وأنقرة، من شأنها معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة، وفي الوقت ذاته، تمهيد السبيل لتنمية مستدامة..

أما العقوبات، فهي تمثل حجر الزاوية في مسار التعافي الاقتصادي السوري، لا سيما في ظل الإدارة الجديدة في دمشق، التي تسعى إلى إعادة بناء الدولة عقب الإطاحة بنظام الأسد. فالعقوبات الأميركية المشددة، المفروضة بموجب قانون قيصر، والتي صُممت لإضعاف قبضة النظام السابق على السلطة، باتت اليوم تهدد بإعاقة مساعي الاستقرار وإعادة الإعمار.

وبينما التزمت تركيا في معظم الأحيان بهذه العقوبات، فإنها حافظت على انخراط اقتصادي في المناطق الخاضعة للمعارضة، ما يشي بإمكانية تبني نهج أكثر شمولية في المستقبل.

إعلان

ومن هنا فإن تعاونًا أميركيًا- تركيًا مشتركًا لإعادة النظر في القيود الاقتصادية، بما يتلاءم مع الإصلاحات التي تجريها الحكومة الجديدة، قد يسهم في تحقيق انتقال سياسي أكثر شمولًا.

ويمكن لواشنطن وأنقرة، من خلال تخفيف العقوبات تدريجيًا مقابل خطوات إصلاحية ملموسة في مجالي الإدماج السياسي وإصلاح القطاع الأمني، أن تهيِّئا الظروف لانطلاقة اقتصادية متجددة.

كما أن هذا التحول من شأنه أن يشجع الدول الخليجية، التي أبدت اهتمامًا بالاستثمار في سوريا، لكنها لا تزال مترددة بسبب الإطار العقابي الحالي، على الانخراط بفاعلية أكبر ضمن إستراتيجية اقتصادية تؤدي لدمج سوريا ضمن المنظومة الاقتصادية الإقليمية، وهذا لن يسهم في إعادة إعمار البلاد فحسب، بل سيحدّ أيضًا من قدرة الخصوم، كروسيا وإيران، على الهيمنة على مستقبلها الاقتصادي.

وفي الجانب العسكري، فإن التعاون الأميركي- التركي ضرورة ملحة لمنع عودة الجماعات الإرهابية وضمان استقرار المناطق المحررة من قبضة تنظيم الدولة. فاستمرار وجود الخلايا المتطرفة في مناطق عدة، ولا سيما في الصحاري الممتدة بين دير الزور وحمص، يشكل تهديدًا دائمًا للأمن.

ولذا فإن تبادل المعلومات الاستخباراتية بين الجانبين قد يعزز من كفاءة العمليات المضادة للإرهاب، مما يتيح تنفيذ ضربات دقيقة ضد معاقل المتشددين ومعسكرات تدريبهم.

ولطالما اعتمدت الولايات المتحدة على قوات سوريا الديمقراطية كقوة برية في حملتها ضد تنظيم الدولة، بينما نفذت تركيا عمليات عسكرية عابرة للحدود للقضاء على العناصر الإرهابية على طول حدودها الجنوبية.

وبإرساء إطار يسمح بتبادل المعلومات الاستخباراتية حول التهديدات الناشئة وتنسيق العمليات العسكرية، يمكن تحسين فاعلية الجهود الأمنية وتقليل احتمالات التصادم غير المقصود بين الطرفين.

إعلان

كما أن إدماج قوات سوريا الديمقراطية ضمن الدولة السورية يمثل فرصة لإعادة صياغة الترتيبات الأمنية بما يراعي الهواجس التركية. فلقد عارضت أنقرة على الدوام الإدارة الذاتية للقوات الكردية المحاذية لحدودها، خشية أن تغذي هذه الصيغة النزعات الانفصالية داخل تركيا.

فإذا تمكّنت الولايات المتحدة من الإسهام في إعادة هيكلة الفصائل التابعة لقوات سوريا الديمقراطية ضمن إطار عسكري وطني أوسع، فقد تصبح تركيا أكثر استعدادًا للانخراط في تعاون عسكري يركز على مكافحة الإرهاب بدلًا من النزاعات الإقليمية.

بيدَ أن هذا المسار يتطلب مفاوضات دقيقة، لضمان ألا تنظر الفصائل السورية المدعومة من تركيا إلى هذا الإدماج باعتباره تهديدًا لأمنها.

وقد يكون إنشاء برامج تدريبية مشتركة للقوات الأمنية المحلية، بدعم من الولايات المتحدة وتركيا، وسيلة لتعزيز احترافية المؤسسات العسكرية السورية، وتقليل الاعتماد على التشكيلات المسلحة غير النظامية، التي تؤجّج حالة عدم الاستقرار.

ومع بروز ملامح دولة سورية جديدة، عقب زوال نظام الأسد وإدماج قوات سوريا الديمقراطية في مؤسسات الدولة وأجهزتها الأمنية، سيغدو التعاون الأميركي- التركي حجر الأساس في إرساء الاستقرار الإقليمي.

ومن أبرز التحديات الأمنية التي ستواجهها سوريا، تأمين حدودها، التي طالما مثلت معبرًا لتسلل المسلحين وتجارة الأسلحة والسلع غير المشروعة، مما أسهم في تأجيج الاضطراب.

ومن هنا فإن تبني مقاربة مشتركة بين الولايات المتحدة وتركيا في ضبط الحدود، عبر استغلال التكنولوجيا المتقدمة، مثل أنظمة المراقبة الجوية والطائرات المسيرة وآليات تبادل المعلومات الاستخباراتية، قد يعزز الأمن، ويمنع تسلل العناصر المتطرفة.

ويمكن تعزيز عمليات مكافحة التهريب التركية عبر تنسيق مباشر مع القدرات التقنية والاستخباراتية الأميركية، مما يوفر منظومة أمنية أكثر شمولًا وفاعلية.

إعلان

أما في السياق الإستراتيجي الأوسع، فإن التوافق الأميركي- التركي في سوريا بات ضرورة ملحة. فروسيا وإيران لا تزالان تسعيان للتمسك بحضورهما في البلاد.

غير أن تعزيز التعاون بين واشنطن وأنقرة من شأنه أن يحدّ من توسع الهيمنة الروسية في الغرب السوري ويسهم في تقليص نفوذ المليشيات المدعومة من إيران قرب الحدود مع العراق. وهذا التنسيق لا يفترض بالضرورة تطابق المصالح، بل يكفي إدراك أن العمل المشترك يمنح الطرفين نفوذًا أكبر مقارنة بالتحركات المنفردة أو المتعارضة.

وختامًا، فإن تقارب المساعي الأميركية- التركية في سوريا، ولا سيما في مجالي الإعمار والعمليات العسكرية، قد يكون رافدًا رئيسيًا لاستقرار البلاد.

وبرغم الخلافات السياسية القائمة، فإن واقع الأرض يفرض ضرورة التعاون بما يخدم المصالح الأمنية المشتركة. ومن خلال حوار مستمر، وتعاون اقتصادي، وتنسيق عسكري مستدام، يمكن لواشنطن وأنقرة المساهمة في رسم مسار جديد لسوريا، يحول دون عودة القوى المتطرفة، ويحدّ من هيمنة الخصوم، ويؤسس لنظام إقليمي أكثر توازنًا واستقرارًا.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات رمضان قوات سوریا الدیمقراطیة فی لقوات سوریا الدیمقراطیة الولایات المتحدة وترکیا تنظیم الدولة الإسلامیة حدودها الجنوبیة الدولة السوریة واشنطن وأنقرة حمایة الشعب المدعومة من لا سیما فی ترکیا فی فی إعادة فی سوریا تهدید ا

إقرأ أيضاً:

محادثات أميركية روسية بالرياض وسط تصاعد المعارك بأوكرانيا

انطلقت محادثات بين مسؤولين أميركيين وروس الإثنين في السعودية، لبحث هدنة جزئية محتملة في الحرب الأوكرانية الدائرة بينهما منذ 3 سنوات، وفي حين تبادلت روسيا وأوكرانيا الهجمات الميدانية والاتهامات السياسية اليوم الاثنين.

واجتمع الفريقان الأميركي والروسي خلف أبواب مغلقة في أحد فنادق الرياض، حيث طُرحت إمكانية إحياء اتفاقية البحر الأسود لعام 2022.

وقال مسؤول في الوفد الأوكراني طالبا عدم الكشف عن هويته لوسائل إعلام عدة "ننتظر راهنا نتائج الاجتماع بين الولايات المتحدة وروسيا". وتوقع إجراء "لقاء آخر مع الولايات المتحدة" الاثنين. وينتظر الوفد الأوكراني في مكان قريب تحسبا لإحراز تقدم.

ويعمل المفاوضون الأميركيون على مقترح وقف إطلاق نار جزئي في أوكرانيا ، حيث التقوا بممثلين من روسيا اليوم في السعودية بعد يوم من إجراء محادثات منفصلة مع الفريق الأوكراني.

واتفقت كييف وموسكو من حيث المبدأ على وقف إطلاق نار محدود بعد أن تحدث الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع قادة البلدين، لكن الطرفين قدما وجهات نظر مختلفة حول الأهداف التي يُحظر استهدافها.

وبينما قال البيت الأبيض إن "الطاقة والبنية التحتية" ستشملهما الاتفاقية، أعلن الكرملين أن الاتفاقية تشير بشكل أضيق إلى "البنية التحتية للطاقة".وأعرب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عن رغبته في حماية السكك الحديدية والموانئ.

إعلان

ومن المتوقع أن تتناول محادثات اليوم في السعودية بعض هذه الخلافات، بالإضافة إلى احتمال وقف الهجمات في البحر الأسود لضمان سلامة الشحن التجاري.

وذكرت وكالتا الأنباء الروسيتان "تاس" و"ريا نوفوستي" أن ممثلين أمريكيين وروس اجتمعوا صباح اليوم في العاصمة السعودية الرياض. سبقه اجتماع الفريقين الأميركي والأوكرانيأمس الأحد في الرياض.

وصرح سيرهي ليشينكو،مستشار الرئاسة الأوكرانية، بأن الوفد بقي في الرياض اليوم ويتوقع أن يلتقي مجددًا بالأميركيين.

وقال مسؤول آخر في الوفد الأوكراني رفض ذكر اسمه "ننتظر راهنا نتائج الاجتماع بين الولايات المتحدة وروسيا". وتوقع إجراء "لقاء آخر مع الولايات المتحدة" اليوم . حيث ينتظر الوفد الأوكراني في مكان قريب تحسبا لإحراز تقدم.

أما غريغوري كاراسين، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الاتحاد الروسي والمشارك في المحادثات فصرح اليوم لوكالة "إنترفاكس للأنباء" بأن المفاوضات تجري "بطريقة مبتكرة"مضيفا أن الوفدين الأميركي والروسي "يتفهمان وجهات نظر بعضهما البعض".

من جهته توقع ستيف ويتكوف، المبعوث الخاص لترامب، "تقدمًا حقيقيا" في المحادثات، مضيفا "أن وقف الأعمال العدائية بين البلدين في البحر الأسود سيتحول بطبيعة الحال إلى وقف إطلاق نار شامل".

                                          زيلينسكي يعول على دعم الحلفاء (الفرنسية) آمال زيلينسكي

ومع انطلاق المفاوضات قال زيلينسكي في حوار مع مجلة "التايم" إن الرئيس الأميركي دونالد ترمب "يستطيع الحصول على تنازلات من الروس إذا أراد ذلك لأنه الشخص الوحيد الذي يخشاه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين"، مشيرا إلى أن ترامب وافق على تقديم أوكرانيا تنازلات خلال محادثات السلام دون الحصول على مقابل من روسيا.

وأضاف الرئيس الأوكراني أن "ترامب أزاح محاولتنا الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)"، مشيرا في الوقت نفسه إلى أنه سيرحب "بعودة روسيا لمجموعة السبع".

إعلان

وكان زيلينسكي قد صرح  مساء أمس بأنه "منذ 11 مارس/آذار الجاري ، كان هناك اقتراح لوقف إطلاق نار غير مشروط مطروحًا على الطاولة، وكان من الممكن أن تتوقف هذه الهجمات بالفعل. لكن روسيا هي التي تواصل كل هذا".

وأضاف أن على شركاء أوكرانيا – "الولايات المتحدة وأوروبا وآخرين حول العالم" – زيادة الضغط على روسيا "لوقف هذا الإرهاب".مؤكدا أن أوكرانيا "منفتحة على اقتراح ترامب بوقف إطلاق نار كامل لمدة 30 يوما".

نفي صيني

على صعيد متصل نفى المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، غو جياكون، اليوم صحة التقارير التي تشير إلى أن الصين قد ترسل قوات حفظ سلام إلى أوكرانيا لتطبيق أي اتفاق سلام.

وقال غوو في إحاطة إعلامية" أؤكد أن التقرير عارٍ عن الصحة تماما، وموقف الصين من أزمة أوكرانيا واضح ومتسق".

يذكر أن الصين  زودت روسيا بكميات تجارية من النفط والموارد الطبيعية الأخرى، إلى جانب دعم دبلوماسي، لكنها لم تقدم أي أسلحة أو ترسل أي أفراد.

ومع ذلك، تربط الصين علاقات وثيقة بكوريا الشمالية، التي أرسلت قوات للقتال إلى جانب الجيش الروسي.

                          الدخان يتصاعد من مبنى في مدينة سومي الأوكرانية بعد قصف روسي (الفرنسية) التطورات الميدانية

ميدانيا أعلن مكتب المدعي العام الإقليمي في كييف اليوم أن هجوما صاروخيا روسيا على مدينة سومي بشمال شرق أوكرانيا أدى إلى إصابة 65 شخصا بجروح.

وقال مكتب المدعي العام المحلي إن "العدو أطلق صاروخا على منطقة سكنية مكتظة في سومي"، مضيفا أن "65 شخصا أصيبوا، بينهم 14 طفلا".مضيفا أن الهجوم ألحق أضرارا بشقق ومنشأة تعليمية.

وصرح رئيس البلدية بالإنابة أرتيم كوبزار في وقت سابق أن مستشفى تضرر. ونشرت الإدارة الإقليمية مقاطع فيديو تظهر مباني سكنية شاهقة متضررة، واحتراق العديد من الشرفات وتصاعد الدخان.

كما أظهرت مقاطع الفيديو حطاما في ملعب لكرة السلة وعناصر إطفاء يعملون على إخماد حريق.

إعلان

وأمس الأحد أعلنت شركة السكك الحديدية الحكومية الأوكرانية "أوكرزاليزنيتسيا"  تعرضها لـ"هجوم إلكتروني مُستهدف واسع النطاق"، مضيفة أنها تعمل على استعادة أنظمتها خلال ساعات  وأكدت الشركة أن الهجوم لم يؤثر على حركة القطارات أو جداول مواعيدها، ولكنه عطّل نظام الحجز الإلكتروني.

وأضافت الشركة "لا تزال السكك الحديدية تعمل رغم الهجمات المادية على بنيتها التحتية، وحتى أشرس الهجمات الإلكترونية لا تستطيع إيقافها".

في هذه الأثناء، أعلنت قوات العمليات الخاصة الأوكرانية اليوم أنها دمرت 4 مروحيات عسكرية في منطقة بيلغورود الروسية باستخدام أنظمة صواريخ التي قدمتها الولايات المتحدة.

قاذف نظام الصواريخ المدفعية الأميركية عالية الحركة  لذي استخدمته أوكرانيا ضد القوات الروسية(الفرنسية) روسيا تتهم

على الجانب الآخر اتهمت وزارة الدفاع الروسية أوكرانيا اليوم بمواصلة استهداف للبنية التحتية للطاقة في روسيا.

وقالت الوزارة في بيان لها عبر بيان أوكرانيا شنت هجوما على البنية التحتية لنظام خطوط الأنابيب الدولي التابع لاتحاد خط أنابيب بحر قزوين، في منطقة كراسنودار.

وأضافت أنه تم صد الهجوم الذي نفذته طائرات مسيرةر، مشيرة إلى أن أوكرانيا نفذت أيضا هجمات على البنية التحتية المذكورة في 17 فبراير/شباط، الماضي و19 مارس/آذار الجاري.
وجاء في البيان "على عكس تصريحات زيلينسكي، بما في ذلك تلك التي نقلها إلى الولايات المتحدة، يواصل نظام كييف التخطيط والإعداد وتنفيذ هجمات على البنية التحتية للطاقة في روسيا بشكل متعمد"

وفي بيان آخر، أعلنت وزارة الدفاع صدها هجمات نفذت بواسطة 227 طائرة بدون طيار على الأراضي الروسية خلال الليلة الماضية.

وصرح المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، اليوم بأن الجيش الروسي ينفذ أمر الرئيس فلاديمير بوتين بوقف الهجمات على منشآت الطاقة لمدة 30 يوما.

إعلان

واتهم المتجدث الروسي أوكرانيا بعرقلة وقف إطلاق النار الجزئي بهجمات على منشآت الطاقة الروسية، بما في ذلك محطة قياس الغاز في سودجا بمنطقة كورسك الروسية.

من جانبها رفضت هيئة الأركان العامة للجيش الأوكراني اتهامات موسكو، وألقت باللوم على الجيش الروسي في قصف المحطة، وهو ادعاء وصفه بيسكوف بأنه "سخيف".

مقالات مشابهة

  • رسائل تركية حاسمة من واشنطن.. ماذا طلب فيدان من نظيره الأمريكي؟
  • فيديو.. غارات أميركية "شديدة الانفجار" بمعقل الحوثيين
  • محادثات أميركية روسية بالرياض وسط تصاعد المعارك بأوكرانيا
  • مخاوف إسرائيلية متزايدة من “تحركات تركية” قرب تدمر وسط سوريا
  • السفارة التركية تبدأ مرحلة جديدة من التعاون مع سوريا
  • فيديو متداول لـإرسال معدات عسكرية تركية إلى مطار منغ في سوريا.. هذه حقيقته
  • مخاوف إسرائيلية متزايدة من "تحركات تركية" قرب تدمر وسط سوريا
  • مهلة أميركية لـ500 ألف مهاجر.. هل تنتهي بمغادرة البلاد؟
  • وزير النقل التركي: خطّة دعم تركية شاملة لقطاعي النقل والاتصالات في سوريا