حكايات عن جوازات السفر الدبلوماسية
تاريخ النشر: 24th, August 2023 GMT
مقالنا القديم عن عدم تجديد الجواز الدبلوماسي للشاعر الدبلوماسي صديقنا الاستاذ محمد المكي ابراهيم المقيم بالولايات المتحدة .
نعيد نشره هنا بمناسبة قرار وزير الخارجية بالغاء الجوازات الدبلوماسية لبعض الشخصيات التي كانت تشغل مناصب دستورية قبل انقلاب البرهان علي حكومته واعتقالهم فجر ٢٥ اكتوبر ٢٠٢١م .
قلنا في ذلك المقال :
بمناسبة وصول صديقنا الشاعر الدبلوماسي الكبير محمد المكي ابراهيم الي الخرطوم مؤخرا .
يسعدني جدا إعادة نشر ذلك المقال هنا :
كم فرحنا ثم تألمنا ونحن نطالع بمجلة المجلة السعودية التي تصدر من لندن مفاصل ذلك الحوار الجميل والذي يثير الفرح ثم الحزن والغصة في ذات الوقت وقد أجراه الزميل الأستاذ صلاح شعيب مع صديقنا وحبيبنا الشاعر الدبلوماسي الغارق في الوطنية ( ألاستاذ محمد المكي إبراهيم ) المقيم بولاية كليفورنيا التي إنتقل إليها بعد سنوات طويلة في فرجينيا بواشنطن الكبري.
زميلي في الشركة التي أعمل بها حديثا بالرياض الأستاذ آدم خليل وهو من أبناء السودان المحبين للإطلاع ، وهو الذي ظل يعتز بإرتدائه الجلابية ( جناح أم جكو ) الأنصارية حتي في العمل أخبرني بحوار المجلة مع شاعرنا ، بل أعارني إياها ، وإطلعت علي الحوار الشيق .
ودالمكي شاعر عربي وأفريقي ضليع ، تنداح مفردات أشعاره فتسري معانيها وتستقر في خيالاتنا منذ ديوانه الأول ( أمتي ) والتي إشتهرت بغناء وردي لها بعيد إنتفاضة 6 أبريل 1985م في ذلك الحفل الشهير بالقاعة :
من غيرنا يعطي لهذا الشعب …
معني أن يعيش وينتصر
من غيرنا ليبدل القيم الجديدة والسير
من غيرنا لصياغة الدنيا وتركيب الحياة القادمة
جيل العطاء المستجيش ضراوةً ومصادمة
المستميت علي المباديء مؤمناً
المشرئب إلي النجوم لينتقي صدر الحياة لشعبنا
جيلي .. أنا
ظل ودالمكي في مهجره الإختياري يضع الوطن دائما في حدقات عيونه ، فلم نره مزايداً في أمر بلاده ، بل ظل يفاخر بثقافات شعبه العديدة المتباينة ، يكتب ويشارك ويساهم ويؤلف إلي أن بلغ حجم اشعاره مجلداً ضخما يحوي كل دواوينه الأربعة ( أمتي – بعض الرحيق أنا والبرتقالة أنت – يختبيء البستان في الوردة – لاخباء للعامرية ) .. وشكرا للأستاذ محمود صالح عثمان صالح لطباعته لهذه المجموعة بالقاهرة لصالح مركز عبدالكريم ميرغني الثقافي بأم درمان حيث قام أستاذنا وصديقنا الكبير البروف حسن أبشر الطيب خبير علم الإدارة الضخم حين قام بجمع تلك الأعمال كلها واشرف علي تنسيقها وطباعتها خلال سنوات إقامته بالقاهرة.
وما يبعث علي الألم.. أن الأستاذ مكي لم نره يوما يشكو لطوب الأرض بمثل شكواه التي بثها من خلال حوارالزميل صلاح شعيب معه بالمجلة ، وذلك حين سأله عن متي يعود إلي أرض بلاده ، وهنا تدافعت نبرات الحزن والأسي والألم القاسي حيث ذكر شاعرنا أن جواز سفره الدبلوماسي قد رفضت سفارتنا بواشنطن تجديده له برغم أن العرف والتقليد الدبلوماسي يمنح الحق للدبلوماسي حمل الجواز الأحمر هذا مدي الحياة إن أمضي في خدمة الخارجية خمسة عشر عاما ، وودالمكي خدم بها منذ سكرتير ثالث عقب تخرجه من الجامعة في عام 1964م إلي أن وصل درجة السفير في عام 1982م وحتي إستقالته في عام 1994م .. أي أنه خدم بلاده في أهم وزارتها لمدة ثلاثين عاما متواصلة طاف فيها معظم أرجاء الدنيا دبلوماسيا لايشق له غبار وذا كفاءة نادرة الوجود حتي وصل منصب رئيس الإدارة الأفريقية بالوزارة .
قال ودالمكي أنه يحمل الجواز الأمريكي كحق مشروع في تلك البلاد ، غير أنه لايرغب في فكرة دخول السودان الماهل العريض بجواز سفر غير جوازه السوداني ، فإحساسه المرهف لايطيق ذلك . فهو يظل يتمسك بجواز سفره الدبلوماسي العريق مهما طال الأجل .
ونحن هنا نرفع الصوت العالي إلي قادة شعبنا الذين أتاحوا العودة للكثير من الرموز المعارضة أن يتيحوا الفرصة لهذا الإنسان الفنان المفعم بحب تراب هذا الوطن الذي يسع الجميع ، فهو كما قال في ذلك الحوار : يمكن للسياسي ترضيته بمنحه مساحة في السلطة .. أما المثقف الزاهد فهو يطلب السماح في التقدير الأدبي فقط .. حتي حين دعته الخرطوم العاصمة الثقافية بمثلما دعت العديد من الرموز المبدعة التي كانت تعارض بأدبها ومثاقفاتها .. فإن ودالمكي كان يحمل جوازا سودانيا دبلوماسيا غير مجدد ، وكان من الممكن لأهل العاصمة الثقافية تدارك تلك الملابسات والعمل علي حلها مع جهات الإختصاص ، خاصة وأن عدم تجديد الجواز ربما حدث إبان حركة الشد السياسي التي عفي عليها الزمان الآن ، ولاغرو أن صديقنا الآخر الدبلوماسي القدير السفير الخضر هارون بواشنطن وهو من أهل الأدب والكتابة يعرف جيدا قيمة الكاتب والأديب ، وندعوه ايضا بتبني هذا الأمر .
وجدير بنا أن نعلم أن ودالمكي عمل خبيرا سياسيا بواشنطن في إحدي سفارات دولنا العربية الخليجية وقد كان مثالا للكفاءة النادرة .. وألان يحاضر في إحدي جامعات ولاية كليفورنيا الأمريكية.
فلطالما إتسعت مواعين الوطنية في بلادي فإننا نرفع نداءنا الوطني المتجرد الخالص لمؤسسة الرئاسة بالخرطوم أن تصدر تعليماتها الفورية بشأن تجديد جواز أخيهم الشاعر الدبلوماسي الفذ .. محمد المكي إبراهيم والذي لايسنده حزب أو تنظيم ، بل يسنده حسه الوطني المتجرد .. ويسنده إرثه الإبداعي الضخم الذي ساعد في تشكيل وجدان أهل السودان منذ تلك الرائعة :
بإسمك الاخضر يا اكتوبر الأرض تغني .. والحقول إشتعلت قمحا ووعدا وتمني .. ويدعمه سجل عائلته الوطنية السودانية الأصيلة العريضة الممتدة من أم درمان وحتي الأبيض وبارا ، إنها عائلة السيد المكي الكبير وإسماعيل الأزهري الولي .. وأبو الوطنية الراحل إسماعيل الأزهري.. وإننا لا نتمني أن يأتي نعشه بعد عمر طويل مرفقا به الجواز السوداني غير المجدد .. أو الأمريكي الساري المفعول .. بل نريد ان نري ودالمكي حياً يرفل في شوارع الخرطوم بجواز سفر يحمل سمة ( جمهورية السودان ) ….وكفي ،،،،
bashco1950@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: فی ذلک
إقرأ أيضاً:
إرث الدبلوماسية الإقتصادية للبابا فرنسيس
بعد أن توفي البابا فرنسيس يوم الإثنين، وخسارته التي يعايشها العالم الآن تعود إلى ارتباط حياته وآرائه بما يحدث في عالم الأعمال والسياسة.
اقرأ ايضاًحيث ترك البابا فرنسيس إرثًا لا يُنسى من الدبلوماسية الاقتصادية، حيث كان الرؤساء التنفيذيون وقادة الشركات من جميع الأديان يأتون بانتظام لإخباره بخططهم المتعلقة بالمسؤولية الاجتماعية والبيئية والحوكمة، وكان منهم من يذهب لطلب موافقته ومباركته على هذه الخطط.
وبخلاف الكثيرين الذين يعتبرون أن المسؤولية الاجتماعية والبيئية هي مجرد مثل عليا وشعارات عن الفضيلة، أو تسويق للمثالية، فإن تعاملات البابا فرنسيس مع هذه التفاعلات كانت حقيقة وممارسة مستمرة فيما بينه وبين قادة الشركات، وقد انعكس ذلك على العديد من قادة الأعمال الذين رأوا الأمر أكثر من ذلك بكثير.
اذ كان للبابا فرنسيس إرث في عالم الاقتصاد والأعمال، لِيستلهم منه خلفاؤه ومن يتطلع من قادة الأعمال إلى السير على النهج نفسه.
البابا فرنسيس وعالم الاقتصاد والأعمالبينما يُحيي العالم ذكرى رحيل البابا فرنسيس، يتضح جليًا جانبٌ من إرثه، وهو تواصله مع مجتمع الأعمال العالمي وانتقاده له.
ومنذ بداية مسيرته الكهنوتية، مُتشبعًا باللاهوت اليسوعي، شدد البابا الراحل على هموم الفقراء.
لكن بصفته سفيرًا عالميًا للكاثوليكية الرومانية، التقى فرنسيس مرارًا بقادة الأعمال العالميين، وحرص على بناء جسور التواصل معهم، ومُنتقدًا في الوقت نفسه ما اعتبره تجاوزات الرأسمالية الحديثة.
هذا بالإضافة إلى لقاءاته مع القادة السياسيين الوطنيين، وآخرها مع نائب الرئيس الأمريكي، جيه دي فانس يوم الأحد، والذي جاء بعد انتقاد البابا لسياسات مكافحة الهجرة، فيما اعتُبر توبيخًا لإدارة ترامب.
لقاء البابا فرنسيس بشكل متكرر بقادة الشركاتاذ حرص البابا فرنسيس بشكل متكرر على اللقاء بقادة الشركات بمن فيهم أقطاب التكنولوجيا مثل تيم كوك من أبل وإريك شميدت، الرئيس السابق لشركة ألفابت، وكبار المسؤولين الماليين مثل برايان موينيهان من بنك أوف أمريكا وستيف شوارزمان من بلاكستون؛ وقادة شركات إكسون موبيل وشيفرون وبي بي.
كما دخل في تحالفات مع شركات كبرى، بما في ذلك دعم مجموعة تُعنى بالقضايا البيئية، وهي مجلس الرأسمالية الشاملة، بالتعاون مع الفاتيكان، والتي عملت مع شركات تُقدر قيمتها السوقية بتريليونات الدولارات.
إشادة البابا بعناصر الاقتصاد والأعمال الحديثةوصف البابا فرنسيس الإنترنت عام ٢٠١٤ بأنه "هبة من الله"، وناقش الصعود الواعد للذكاء الاصطناعي وما يطرحه من وعود وتطلعات، ووصف الأعمال التجارية عمومًا بأنها "رسالة نبيلة".
في الوقت نفسه، أثار استعداده للتواصل مع الآخرين قلق بعض النقاد، الذين خشوا أن تجعله جذوره اللاهوتية معاديًا للرأسمالية.
لكن البابا فرنسيس ذكّر قادة الشركات باستمرار بألا ينسوا الفقراء، وكتب في رسالة إلى الاجتماع السنوي للمنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، سويسرا، عام ٢٠١٦، "يجب ألا نسمح أبدًا لثقافة الرخاء بأن تُخمد همومنا، وأن تجعلنا غير قادرين على الشعور بالتعاطف مع صرخات الفقراء، والبكاء على آلام الآخرين، والشعور بالحاجة إلى مساعدتهم، كما لو كانت كل هذه مسؤولية شخص آخر وليست مسؤوليتنا".
وفي العام الماضي، أخبر مجموعة من رواد الأعمال أن "القليل من العمل الخيري" لا يكفي لتعويض التزامات الشركات تجاه المحتاجين.
وشمل تركيز فرنسيس على قضايا المناخ، أن حثّ الرؤساء التنفيذيين لشركات الطاقة واستثماراتهم على العمل نحو مستقبل منخفض الكربون.
وقال في عام ٢٠١٩، "ليس لدينا رفاهية انتظار الآخرين للتقدم أو إعطاء الأولوية للفوائد الاقتصادية قصيرة الأجل"، فيما يخص هذا القطاع.
كما حذّر من الجانب السلبي المحتمل للذكاء الاصطناعي ومن أنه قد يُوسّع فجوة التفاوت العالمي ويُسهم في "أزمة حقيقة متنامية في المجال العام"، وفي خطابٍ ألقاه في اجتماع دافوس هذا العام، قال فرانسيس في هذا الشأن، "لا ينبغي أبدًا انتهاك كرامة الإنسان من أجل الكفاءة".
رغم توتر علاقتهما.. ترامب سيشارك في جنازة البابا فرنسيسهل سيتبع البابا القادم هذا النهج؟
رفع البابا فرنسيس العديد من الكرادلة الذين سيختارون خليفته، على الرغم من تشكيك البعض في جهوده للتفاعل مع العالم العلماني.
ووفقًا لسوق التنبؤات الإلكتروني "بولي ماركت"، فإن أبرز المرشحين لعرش القديس بطرس هم الكاردينال بييترو باولين، الذي يُعتبر مرشحًا للاستمرارية على نفس النهج، ولويس أنطونيو تاجلي، الذي يُعتبر أيضا على نهج فرنسيس اللاهوتي
كلمات دالة:جنازة البابا فرنسيسعالم الاقتصادارثالفاتيكانفرنسيس© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com)
اشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن
اشترك الآن