لص جيوسياسي الانهيار وجهة نظر أمريكية !
تاريخ النشر: 23rd, March 2025 GMT
بقلم: حسين الذكر ..
ان حكاية الطرائف بشكل علني تُعد من صفات الرئيس الأمريكي رونالد ريغان 80 -1988 المحببة من قبل جمهوره وناخبيه وقد ذكر في واحدة منها انه حكاها للرئيس السوفيتي غورباتشوف وقد ضحك عند سماعه إياها وجاء فيها : ( اجتمع ثلاثة كلاب امريكي وبولندي وروسي وتحدثوا عن معاناتهم في بلدانهم .. فقال الأميركي : الكلب ينبح طويلا في أمريكا حتى يقدموا له اللحم .
عام 1984 كتب كازبر واربنبرغر وزير الدفاع الأمريكي بعهد الرئيس ريغان مبادي العقيدة العسكرية الامريكية الجديدة التي جاء فيها : ( يجب على الولايات المتحدة ألا تلتزم بقوات للقتال ما لم تكن هناك مصالح وطنية حيوية واضحة لها ولحلفائها ولديها القدرة على تحقيقها بدعم من الراي العام والكونغرس وان تكون كملاذ أخير ) . تلك الضمانات لا تعد كازبرية بحتة – ان جازت التسمية – بل هي تحديثات معتادة تتماشى مع المتغيرات وتنسجم مع روح القوة والهيمنة اللازمة ومتبنياتها .
ان عمليات اكتشاف القارات لم تكن من اختصاص العامة او تمثل رغبات شخصية بل هي غريزة استعمارية متاصلة كما يعد التنقل والبحث عن الماء والكلا حراكا طبيعيا للبدو .. وقد شكل اكتشاف أمريكا كنزا يستحق نقل رؤوس الأموال والتقنيات والأسلحة اللازمة لاقامة حضارة جديدة تبقى خلف استار المحيطات حتى تكتمل باعلى جهوزية لاستلام قيادة العالم .
بعد ثلاثة قرون من العزلة أصبح البحث عن مبرر لظهور تلك القوة علنا مما استدعت الحاجة لصناعة حربين عالميتين توجت بقنبلتين نووية على هورشيما ونكازاكي كانت كافية لإعلان انتقال السلطة الى بلاد العم سام وتسنمها رسميا لتقود العالم وتخطط مستقبله عبر العلم والبحوث وكافة الأسلحة الثقيلة والناعمة بمنهج متبع غربيا منذ تأسيس روما حتى اليوم معتمدا على مبادئ منها : ( استخدام القوة المفرطة بعيدا عن العاطفة .. تحديث البيانات بشكل دوري متقن .. اعتماد التوازن بقيادة العالم .. إشاعة روح فرق تسد بين البلدان المستهدفة .. الاستيلاء على العقول واستثمارها .. السيطرة على الراي العام وتوظيفه ) .
وفقا للصورة النمطية تلك اصبح عصي زعزعت القوة الامريكية الا بمعجزة سماوية او تورطهم بقوى خارج الأرض قد تغير الموازين المادية وتنعش القوى الروحية .. ومع ان الانهيارات الإمبراطورية قائمة عبر حقب التاريخ الا ان نظرية ابن خلدون حول ( نشوء وسقوط الحضارة ) .. ثم ما جاء به الدكتور علي الوردي (بصراع البداوة والحضارة ) لا يتسق مع الفكر الواعي وقراءة الاحداث اذ لم نجد عبر مدونات التاريخي ووقائع الحاضر ما يؤيدهما اطلاقا .. فلا يمكن للجهل – أين كان شكله – التغلب على العلم فضلا عن كون العلم هو السبيل الوحيد للتغيير وما سواه يعد تحريفا وتشويها للحقائق والوقائع .
الكاتب الأمريكي توماس فريدنم نشر مؤخرا بصحيفة نيويورك تايمز عمودا بعنوان ( الانهيار العظيم في الطريق ) ورؤيته لانهيار أمريكا محذرا الرئيس ترامب الذي يتحدث عن غزة ويتراجع ثم يفرض التعريفات الكمركية ويتراجع ثم يقر الضرائب على كندا ويتراجع .. بأسلوب سبب انهيارا عصبيا للمستثمرين وللمحللين والسياسيين والنخب ورؤوس الاعمال …
فمنذ تتويج أمريكا عالميا ظلت بنظام ثابت مستقر لها ولحلفائها .. فيما بدا ترامب يفكك تلك القيم – وفقا لتوماس – التي قامت عليها قوة أمريكا .. مذكرا ان الرئيس كندي تحدث عن قاعدتين امريكيتين ثابتة ( 1- دع كل دولة تعرف ان أمريكا ستدفع كل ثمن وتدافع عن أي أصدقاء وتتحمل أي عبء وتقاتل أي أعداء من اجل بقاء الحرية .. 2- لا تفكروا بما تعملوه وحدكم بل سنساعدكم ) . فيما ترامب يقول : ( على الجميع ان يعوا ان أمريكا اليوم لن تدفع أي ثمن ولن تدافع عن احد وسوف تتخلى عن أي أصدقاء وتحتضن أي أعداء من اجل البقاء وعلى دول العالم ان تفهم كيف يدفعوا لنا لنرضى عنهم ) .
يصف توماس أسلوب ترامب بانه ( لص جيوسياسي ) يريد ضرب وتفكيك القيم الدستورية الأمريكية.
مضيفا : ( لقد كنا أعضاء بمنظمة الصحة العالمية والناتو والبنك الدولي والتجارة العالمية بحصة اكبر تمثل قوة وتوزان لنا في التاثير العالمي فيما ترامب يستخدم سياسة السحق والسرقة بما يشكل خطرا جديا يتحتم على العقول الامريكية ان تعيه .
مستذكرا خطاب الرئيس الأمريكي السابق لنكلن 1938 : ( ان الانهيار لن يات من خارج أمريكا بل من داخلها وسوف يدركنا الخطر بايدينا فنحن امة من الاحرار اما ان نعيش تحت كل الظروف او نموت منتحرين ) .. وهذا يعني ان سياسة الرئيس ترامب وفريق حكمه الحالي ستؤول الى تفكيك القيم والمرتكزات والقواعد التي تاسست ونشات وسادت عليها الولايات المتحدة الامريكية بما يؤدي الى انهيار أمريكا بشكل سريع وبمشهد عظيم .
المصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات
إقرأ أيضاً:
إنقاذ اقتصاد أمريكا من ترامب
في مقابلة بودكاست أجرتها مؤخرا مع عزرا كلاين من صحيفة نيويورك تايمز، انزلقت جيليان تيت من صحيفة فاينانشيال تايمز إلى ما أصبح فخا شائعا: محاولة «عَـقـلَـنة» السياسات الاقتصادية التي تنتهجها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الثانية.
أوضحت قائلة: «من ناحية، يريدون ضمان احتفاظ الدولار بمكانته المتفوقة كَـعُـملة احتياطية عالمية وأن يستمر النظام المالي القائم على الدولار في الهيمنة، لكنهم في الوقت ذاته، يعتقدون أيضًا أن الدولار مقوّم بأعلى من قيمته بحكم كونه عملة الاحتياطي العالمي، وهذا يعني أن الناس يواصلون شراء الدولار، وهذا ما يدفع قيمته إلى الارتفاع»، وبالتالي، يريد أنصار ترامب «اتفاق مار-أ-لاجو» الذي بموجبه تساعد دول أخرى في إضعاف الدولار مقابل تخفيف الرسوم الجمركية، والحماية العسكرية، وما إلى ذلك. في نهاية المطاف، ستندرج الدول ضمن واحدة من ثلاث مجموعات: الخضراء (الأصدقاء)، أو الحمراء (الأعداء)، أو الصفراء (المنحازون جزئيا). تقول لنا تيت: «إنها جرأة غير عادية. فلا يمكنك أن تغفل عن حقيقة مفادها أن هناك أشخاصا يريدون بالفعل إعادة هندسة النظام المالي والاقتصادي العالمي، ويعملون وفقًا لخطة متماسكة تماما».
لكن هل هم كذلك حقا؟ إذا كانت الفكرة تتلخص في تعزيز التصنيع الأمريكي من خلال اتفاقيات التلاعب بالدولار دون نسف مصادر أكثر أهمية للازدهار الأمريكي، فإن ذلك يتطلب بالفعل خطة متماسكة. سيكون لزاما على أنصار ترامب تذكير الناس بأن ترامب كان يكره اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية وطالب بالفعل كندا والمكسيك بمساعدته في إصلاحها أثناء فترة ولايته الأولى. وتضع اتفاقية الولايات المتحدة-المكسيك-كندا (USMCA) الناتجة عن ذلك هذه الدول في المجموعة الخضراء. تتمثل المهمة الآن في إقناع دول أخرى بأن تفعل الشيء ذاته: أن تأتي إلى مار-أ-لاجو، وتُـقَـبِّـل الخاتم، وتوافق على صفقات مماثلة. لكن هذا ليس ما يحدث. على العكس تماما، كان ترامب أشد ميلًا إلى الإساءة إلى المكسيك وكندا. فلا يكاد يمر يوم دون أن يطلق تهديدا جديدا، أو إهانة جديدة، أو إعلانا عن فرض رسوم جمركية أخرى. هذه هي المكافآت التي يمنحها لأولئك الذين يمتثلون ويضعون أنفسهم في الدلو الأخضر. حتى لو كان المدافعون عنه على حق في أنه يحاكي «نظرية الرجل المجنون» التي استعان بها ريتشارد نيكسون لإخافة الآخرين وإجبارهم على الامتثال، فإن سلوكه لا معنى له من الناحية الاستراتيجية. إذا كنت أي زعيم وطني آخر، ماذا ينبغي لك أن تفعل؟ قد لا يضيرك أن تتحدث مع ترامب، فَـتُـصـدِر أصواتا تبدو لطيفة على مسامعه، وتمتدح حنكته وتخلق مظهرا من الأُلفة والانسجام. ولكن ما لا يجوز لك أن تفعل مطلقا هو أن تغير سياستك -بشأن أي شيء- ما لم تحصل مقدما على فائدة ضخمة لا رجعة فيها.
وحتى في هذه الحالة، يجب أن تكون مستعدًا مسبقًا لجعل أي نقض لأي اتفاق يعلنه معك ترامب شديد الإيلام له.
لأن ترامب انتهك بالفعل شروط اتفاقية الولايات المتحدة والمكسيك وكندا، فلن يكون لدى الدول الأخرى أي حافز لتلبية ما يطلبه. وإذا كنت عُـرضة لذلك النوع من العقاب الأحادي الجانب الذي يستطيع ترامب أن يوقعه بك، فأنت تواجه مشكلة. لكن الحل ليس العمل مع ترمب، بل إزالة المشكلة.
على هذا، ينبغي للمكسيك أن تسعى بالفعل إلى تعميق علاقاتها التجارية مع أوروبا والصين، اللتين تسيطران على بعض الأجزاء المتطورة تكنولوجيا من سلاسل القيمة الخاضعة للعولمة والتي يعتمد عليها الاقتصاد المكسيكي.
ينبغي لها أيضا أن تستكشف الطرق لفرض أقصى قدر من الألم على ترامب وناخبيه (ولكن ليس على أمريكا في المجمل) إذا لزم الأمر. على نحو مماثل، ينبغي لكندا أن تعمل على ربط الأجزاء الغنية بالموارد من اقتصادها بالصين وأوروبا.
وهذا يعني التخلي عن أي خطط لتشييد بنية أساسية جديدة لنقل الموارد إلى الجنوب، والخروج باستراتيجية تنمية جديدة لأونتاريو. على مدار 150 عاما، كانت الرقعة الجنوبية من المقاطعة جزءًا لا يتجزأ من مجمع التصنيع الأمريكي في الغرب الأوسط. وقد استفاد الجانبان بدرجة كبيرة. لكن الطلاق بات ضروريا الآن. إنها مسألة وقت فقط قبل أن يُـقـدِم ترمب، الراغب بشدة دوما في الظهور على شاشات التلفزيون، على الإتيان بتصرف يسمح له بتحويل العلاقة إلى سلاح. وهو لا يبالي بحقيقة مفادها أن ذلك سيلحق بالأمريكيين ضررًا أشد من ذلك الذي قد يلحقه بالكنديين.
تَـدرُس بقية بلدان العالم بالفعل كيفية تقليص الخطر القادم من أمريكا ترامب، التي ستجد نفسها قريبا في وضع مماثل لبريطانيا بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي. وتشير التقديرات إلى أن الانسحاب من الاتحاد الأوروبي دون سبب وجيه جعل المملكة المتحدة أفقر بنحو 10% مما كانت لتصبح عليه - ولا تزال التكاليف في ارتفاع.
هل تواجه الولايات المتحدة مصيرا مماثلا؟ أيًا كانت الحال، فقد قُـضي الأمر. لقد انهار السد بالفعل وبدأ الطوفان. ولكن هل من الممكن عكس اتجاه التيار؟ يُـذَكِّرُنا هذا بولاية رونالد ريجان الثانية. بعد فضيحة إيران-كونترا، أعلن البيت الأبيض، في فبراير 1987، أن السيناتور السابق هوارد بيكر سيشغل منصب رئيس الأركان. وقد جلب بيكر «مصداقية فورية» باعتباره موظفا حكوميا «عادلا» و«نزيها» و«محترما». كان تعيينه مفيدا لريجان والولايات المتحدة. فمنذ ذلك الحين، كان ريجان يظهر على الملأ، ويصافح الناس، ويلقي الخطب، في حين كان بيكر يدير السلطة التنفيذية.
لقد أصبح، باختصار، الوصي على عرش أمريكا. قد يكون ترتيب مماثل أفضل ما يمكننا أن نأمل من رئاسة ترامب الثانية. المشكلة الوحيدة تتمثل في إيجاد شخص على استعداد للقيام بهذا الدور - والأهم من ذلك، قادر على الاضطلاع به.
ج. برادفورد ديلونج أستاذ الاقتصاد بجامعة كاليفورنيا، بيركلي، باحث مشارك في المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية، ومؤلف كتاب «التراخي نحو اليوتوبيا: تاريخ اقتصادي للقرن العشرين» (دار نشر بيزك بوكس، ٢٠٢٢).
خدمة بروجيكت سنديكيت