الرئيس عباس: لا توجد قضية أهم من قضية أطفال غزة
تاريخ النشر: 23rd, March 2025 GMT
قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس إن "يوم المياه العالمي يأتي هذا العام في وقت يتعرض فيه شعبنا الفلسطيني لجرائم إبادة جماعية مستمرة منذ أكثر من عام ونصف العام على أيدي قوات الاحتلال الإسرائيلي الغاشمة، ذهب ضحيتها الآلاف من الأطفال والنساء والشيوخ، وتدمير غالبية الممتلكات والمرافق والبنى التحتية".
وأضاف الرئيس عباس، في كلمة لمناسبة يوم المياه العالمي، أن الاحتلال لم يكتفِ بذلك، بل استخدم سلاحا آخر لزيادة معاناة وتهجير، بل للموت البطيء لأبناء شعبنا، بوقف جميع الخدمات الأساسية وعلى رأسها المياه، ومنع وصول المساعدات الإنسانية وكل ذلك دون رادع أو حسيب، في مخالفة صارخة للمعاهدات الدولية لحقوق الإنسان وقرارات الشرعية الدولية.
وأكد أن استخدام إسرائيل للمياه كسلاح للتعذيب والتهجير والابتزاز ليس جديدًا، بل هو امتداد لسياسة ممنهجة منذ عقود، من خلال النهب والسيطرة على جميع المصادر المائية السطحية والجوفية، بهدف التحكم بحياة وتنمية المواطن الفلسطيني، واقتلاعه من أرضه وتنفيذ أجنداته السياسية في التوسع الاستيطاني غير الشرعي، وتقويض حل الدولتين.
وشدد الرئيس عباس على ضرورة أن يعي العالم أنه لا توجد قضية أهم من قضية أطفال فلسطين في غزة المحرومين من قطرات مياه لتسد عطشهم، أطفال يصطفون لساعات طويلة للحصول على لتر من الماء، أطفال يشربون مياها ملوثة، أطفال محرومين من الغذاء والدواء، أطفال يموتون من الجفاف والعطش، ومحرومين من العيش بأمان كباقي أطفال العالم.
وفيما يلي نص كلمة الرئيس عباس:
يأتي يوم المياه العالمي هذا العام في وقت يتعرض فيه شعبنا الفلسطيني لجرائم إبادة جماعية مستمرة منذ أكثر من عام ونصف على أيدي قوات الاحتلال الإسرائيلي الغاشمة، ذهب ضحيتها الآلاف من الأطفال والنساء والشيوخ، وتدمير غالبية الممتلكات والمرافق والبنى التحتية، ولم يكتفِ الاحتلال بذلك، بل استخدم سلاحا آخر لزيادة معاناة وتهجير، بل للموت البطيء لأبناء شعبنا، بوقف جميع الخدمات الأساسية وعلى رأسها المياه، ومنع وصول المساعدات الإنسانية وكل ذلك دون رادع أو حسيب، في مخالفة صارخة للمعاهدات الدولية لحقوق الإنسان وقرارات الشرعية الدولية، وهو الأمر الذي نعمل عليه وعلى المستويات العربية والدولية، وفي المحافل والمحاكم الدولية، من أجل الوقف الفوري لإطلاق النار، وتدفق المزيد من المساعدات الإنسانية، و فتح المعابر الحدودية والتجارية، وضمان الانسحاب الاسرائيلي الكامل من قطاع غزة، وتولي دولة فلسطين مسؤولياتها لإعادة النازحين لمناطقهم وتوفير الخدمات الأساسية، وتنفيذ خطة اعادة الإعمار، وفرض هدنة شاملة في الضفة الغربية و القدس الشرقية تضمن وقف جميع الاعتداءات شعبنا الفلسطيني وأرضه ومقدساته.
واليوم وبعد استئناف الاحتلال للعدوان في غزة وتوسيع اقتحاماته في الضفة، في مشاهد للقتل الوحشي والنزوح، تعيد لذاكرة العالم ما حدث في نكبة 1948 ومأساة 1967، أصبح واضحا للعالم ما يسعى إليه الاحتلال من تهجير لأبناء شعبنا لصالح مخططاته التوسعية غير الشرعية لتنفيذ مخططات طويلة الأمد، والتي تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية، التي لن نسمح بحدوثها، بصمودنا وثباتنا على أرض وطننا، وبحشد الدعم العربي والدولي لإنهاء الاحتلال، وللمزيد من الاعترافات الدولية وتجسيد دولتنا الفلسطينية المستقلة على خطوط عام 1967 بعاصمتها القدس الشرقية.
وحيث إن يوم المياه العالمي يعتبر فرصة مهمة جدا ليتشارك الجميع الاهتمام بهذا المورد الثمين، والتفكير الجدي بحلول للقضايا الجسيمة التي باتت تهدد وفرة المياه العذبة على الأرض، فعلى العالم ألا يغفل عن أهمية طرح وايجاد حلول عادلة لقضية احتلال المياه التي يعاني منها أبناء شعبنا، والتي تتفاقم يوميا جراء امعان الاحتلال في انتهاكاته ومواصلة نهبه لمصادرنا المائية، وعرقلته لجميع المساعي الرامية الى توفير المياه لمواطنينا كحق انساني أساسي، وعلى العالم أن يتخذ خطوات عملية وجذرية لمواجهة المخاطر المترتبة على سياسة الاحتلال الممنهجة في تدمير أكثر من 85% من مرافق وأصول المياه في غزة، والاستهداف الواضح للبنى التحتية للمياه والصرف الصحي في الضفة وغزة بهدف تدمير الحياة واجبار شعبنا على النزوح والهجرة.
وعلى العالم أن يعي أنه لا توجد قضية أهم من قضية أطفال فلسطين في غزة المحرومين من قطرات مياه لتسد عطشهم، أطفال يصطفون لساعات طويلة للحصول على لتر من الماء، أطفال يشربون مياها ملوثة، أطفال محرومين من الغذاء والدواء، أطفال يموتون من الجفاف والعطش، ومحرومين من العيش بأمان كباقي أطفال العالم.
ولهذه المناسبة فإننا نوجه سؤالنا للمجتمع الدولي، كيف لا تحاسب اسرائيل على انتهاكاتها لجميع القوانين الدولية؟ وجعلها فوق جميع القوانين، ومنها القوانين والمعاهدات الدولية التي نصت على أنه في أوقات النزاع الدول ملزمة بحماية الحقوق الأساسية للمدنيين، ومنها حظر استخدام المياه كوسيلة للحرب، واحترام المياه كحق أساس من حقوق الإنسان كما نصت عليه اتفاقية جنيف الرابعة (1977)، في البروتوكول الأول الملحق بها، والمادة الثالثة من قواعد مدريد لعام 1976، وما أكده قانون مؤتمر برلين لحماية موارد المياه لعام 2004، وغيرها العديد. وهل التنديد والشجب كافيان في لجم اسرائيل عن جرائمها؟ وهل سيكون للمواقف الدولية دور في حصول أطفال فلسطين على حقوقهم الاساسية ومنها المياه؟
إن استخدام إسرائيل للمياه كسلاح للتعذيب والتهجير والابتزاز ليس جديدًا، بل هو امتداد لسياسة ممنهجة منذ عقود، من خلال النهب والسيطرة على جميع المصادر المائية السطحية والجوفية، بهدف التحكم بحياة وتنمية المواطن الفلسطيني، واقتلاعه من أرضه وتنفيذ أجنداته السياسية في التوسع الاستيطاني غير الشرعي، وتقويض حل الدولتين.
وبالرغم من كل الصعاب التي تواجهنا اليوم، إلا أننا ماضون بالعمل من أجل دعم أبناء شعبنا، والتخفيف من معاناتهم، والحصول على حقوق الشعب الفلسطيني، مؤمنون أنه مهما كان جبروت الاحتلال وبشاعته، فهو إلى زوال، فالحكومة الفلسطينية بجميع مؤسساتها تواصل العمل على توظيف جميع الامكانيات المتاحة لتوفير مقومات الصمود لأبناء شعبنا، وأننا هنا أشيد بجهود طواقم سلطة المياه في غزة، وعملهم المتواصل منذ اليوم الأول للعدوان رغم المخاطر وقلة الامكانات، والتي تحاول توفير ما أمكن من المياه والتخفيف من مخاطر الصرف الصحي في ظل الوضع الكارثي الذي يمر به القطاع.
وأخيرا، وأمام الواقع الإنساني الصعب الذي يعيشه أبناء شعبنا، ومخططات ودعوات تهجير شعبنا من وطنه، وأمام ممارسات الاحتلال بفرض واقع استعماري استيطاني في الضفة الغربية والقدس الشرقية، بهدف تقويض حل الدولتين وتصفية القضية الفلسطينية، فعلى المجتمع الدولي الحر والعادل أن يقف مع شعبنا الفلسطيني وحقوقه العادلة، وأن يساعدنا في جهودنا لإنهاء الاحتلال وتجسيد دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية وفق قرارات الشرعية الدولية، واحقاق حقوق الشعب الفلسطيني بما فيها الحقوق المائية، لنتمكن من إعادة بناء قطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية عاصمة دولتنا الابدية، وإرساء قواعد دولتنا لمستقبل أجيالنا، مستقبلاً يعيش فيه أطفال فلسطين حياة طبيعية بسلام كباقي أطفال العالم.
المصدر : وكالة سوا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من آخر أخبار فلسطين 3 شهداء في قصف طيران الاحتلال نازحين في رفح إسرائيل مستعدة للتفاوض مع حماس قبل شن أي غزو واسع على غزة وزارة الصحة: عدد شهداء غزة يتجاوز الـ50000 الأكثر قراءة تفاصيل اجتماع وفد حماس مع وزير خارجية تركيا في أنقرة الإعلامي الحكومي بغزة يُعقّب على بيان الاحتلال لتبرير مجزرة بيت لاهيا شاهد: الجيش الإسرائيلي يُدخل 3 طائرات حربية جديدة إلى الخدمة ويتكوف: فرص حماس تتلاشى وأنصحها بأن تشاهد ما نفعله بـالحوثيين عاجلجميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025
المصدر: وكالة سوا الإخبارية
كلمات دلالية: یوم المیاه العالمی شعبنا الفلسطینی لأبناء شعبنا أطفال فلسطین الرئیس عباس فی الضفة فی غزة
إقرأ أيضاً:
٥٥ عامًا على عار قصف أطفال مدرسة بحر البقر
في صباح الثامن من أبريل عام 1970، كانت الحياة تسير في قرية بحر البقر بمحافظة الشرقية كما اعتادت، قرية ريفية هادئة، ومدرسة ابتدائية بسيطة تتكون من ثلاثة فصول دراسية، مكتظة بتلاميذ صغار يحملون أحلامهم في حقائبهم المدرسية، كان يومًا دراسيًا عاديًا، بدأ بنداءات المعلمين وترتيب الجلوس في الفصول، بينما تعالت ضحكات الصغار في فناء المدرسة، ولم يكن أحد يدري أن تلك الضحكات ستنقطع إلى الأبد بعد دقائق قليلة.
وعند الساعة التاسعة وعشرين دقيقة صباحًا، شُقت سماء بحر البقر بصوت رهيب، خمس طائرات إسرائيلية من طراز "فانتوم F-4" تحلق على ارتفاع منخفض، وتحمل في أحشائها حممًا جهنمية تزن ألف رطل من المتفجرات ولم يكن هناك إنذار أو تحذير مسبق، لم تكن هناك فرصة للهروب، فقط وميض خاطف تلاه انفجار مدوٍ، ثم صمت ثقيل لم يقطعه سوى صرخات الأطفال الجرحى.
في لحظات، تحولت المدرسة إلى كومة من الأنقاض الملطخة بدماء 30 طفلًا قتلوا في الحال، بينما أصيب 50 آخرون، بعضهم فقد أطرافه، وبعضهم عاش بعاهات مستديمة، ولم يكن المشهد مجرد قصف عابر، بل كان مجزرة متعمدة، استهدفت أطفالًا صغارًا في فصلهم الدراسي، تاركة وراءها كراسات محترقة وأحلامًا لم تكتمل.
وكعادة الاحتلال، لم يعترف بجريمته، بل زعم وزير دفاعه آنذاك " موشي ديان"، أن القصف استهدف "هدفًا عسكريًا"، مدعيًا أن الأطفال كانوا يرتدون زيًا عسكريًا ويتلقون تدريبًا، وكأن العالم بأسره سيصدق أن طلاب مدرسة ابتدائية يتحولون فجأة إلى جنود، لم تكن تلك سوى كذبة أخرى تضاف إلى سجل الاحتلال الحافل بالمجازر والتبريرات الواهية والخيالات الصهيونية في نسج سيناريوهات لا تمت للواقع بصلة.
في مصر، لم يكن الصمت خيارًا، فقد شنت الدولة حملة دبلوماسية واسعة لفضح الجريمة أمام العالم، لكن رد الفعل الدولي كان باهتًا، كما هو الحال اليوم تجاه مجازر غزة ومع ذلك، لم يكن الرد المصري مقتصرًا على الإدانات، بل جاء ميدانيًا في ساحة القتال بتنفيذ مصر لعملية "السبت الحزين"،. ففي الثلاثين من مايو عام 1970، وبعد مرور أقل من شهرين على مجزرة بحر البقر، قررت القوات المصرية الرد بشكل مباشر على جرائم الاحتلال الإسرائيلي، فنفذت عملية نوعية أطلق عليها اسم "السبت الحزين".
كانت العملية بمثابة ضربة موجعة للعدو، حيث نصبت قوات الصاعقة المصرية كمينًا محكمًا لرتل إسرائيلي كان يتحرك في منطقة شمال القنطرة شرق، على طريق العريش - القنطرة، واعتمدت الخطة على عنصر المفاجأة واستغلال الطبيعة الصحراوية للمنطقة، حيث تمركزت مجموعة من أبطال الصاعقة المصرية في أماكن استراتيجية وانتظرت وصول القوات الإسرائيلية إلى نقطة الاستهداف، وبمجرد دخول الرتل الإسرائيلي إلى منطقة الكمين، فتحت القوات المصرية نيرانها بكثافة، مستخدمة الأسلحة الخفيفة وقذائف الـ RPG، مما أدى إلى تدمير عدد كبير من المركبات الإسرائيلية، وإيقاع خسائر فادحة في الأرواح.
استمرت المواجهات لعدة ساعات، حاول خلالها العدو طلب الدعم الجوي، لكن الطيران المصري كان في حالة استنفار، ما صعب من إمكانية التدخل الإسرائيلي لإنقاذ قواته المحاصرة، وأسفرت العملية عن مقتل وجرح العشرات من الجنود الإسرائيليين، بالإضافة إلى أسر عدد منهم، وهو ما شكل ضربة نفسية قوية للقيادة الإسرائيلية التي كانت تعيش نشوة استهداف المدنيين في بحر البقر، وجاءت هذه العملية كرسالة واضحة بأن الجيش المصري لم يكن ينسى دماء أبنائه، وأن لكل مجزرة إسرائيلية ثمنًا ستدفعه قوات الاحتلال في ساحة المعركة.
وقد أثرت هذه العملية بشكل كبير على الروح المعنوية للقوات الإسرائيلية، كما كانت واحدة من العمليات التي ساهمت في إعادة الهيبة للجيش المصري خلال حرب الاستنزاف، والتي مهدت فيما بعد لنصر أكتوبر 1973.
لم يكن ذلك الرد الوحيد، بل استمرت الضربات المصرية حتى انتهت حرب الاستنزاف، وتوجت ببناء حائط الصواريخ، الذي قلب موازين القوى وأسقط العديد من الطائرات الإسرائيلية، مما مهد الطريق لنصر أكتوبر العظيم بعد ثلاث سنوات فقط من تلك المجزرة ليعود حق أطفالنا من شهداء مدرسة بخر البقر.
اليوم وبعد 55 عامًا، لم يتغير شيء القاتل نفسه، والضحايا أنفسهم أطفال لا حول لهم ولا قوة، والصمت العالمي ذاته، الفرق الوحيد أن المجازر لم تعد تقتصر على مدرسة صغيرة في الريف المصري، بل أصبحت تغطي مدنًا بأكملها في غزة، حيث تتكرر مشاهد الأطفال القتلى تحت الأنقاض، وتستمر الأكاذيب ذاتها لتبرير الجريمة.
لكن كما أثبتت مصر أن الدم لا يضيع هدرًا، ستبقى القضية الفلسطينية حية، ولن تُنسى جرائم الاحتلال، حتى يحاسب عليها يومًا أمام عدالة التاريخ، إن لم تكن عدالة الأرض قد أدركته قبل ذلك.