فيلم المقلاع.. الخيال العلمي يدخل رواد الفضاء في متاهة البحث عن الحقيقة
تاريخ النشر: 23rd, March 2025 GMT
مغامرة تفضي إلى انكشاف هلوسة ما بعد السبات
كانت ولا تزال سينما الخيال العلمي تحمل إلى الجمهور العريض من المشاهدين قصصا مشوقة واستثنائية عن مغامرات غير مسبوقة في أزمنة وأماكن سحيقة وخاصة ذلك النوع الذي يتعلق بغزو الفضاء أو الانتقال عبر الزمن أو الدخول إلى كواكب ومجرات مجهولة.
ولعل نزعتَيْ الاكتشاف والمغامرة هما الركنان الأساسيان بالنسبة للشخصيات وهي تخوض في غمار عوالم مجهولة تستوجب المزيد من العمل المضني وتحمل العديد من المفاجآت والمواقف الصعبة وهو ما شهدناه منذ الفيلم الأول في بواكير السينما من هذا النوع وهو فيلم رحلة إلى القمر للمخرج الفرنسي جورج ميليه وذلك في العام 1902 وصولا إلى عشرات الأفلام التي خاضت ولا تزال تلك المغامرة المدهشة.
ويأتي هذا الفيلم للمخرج السويدي ميكائيل هافستروم ليضاف إلى تلك السلسلة الطويلة من أفلام الخيال العلمي المرتبطة بغزو الفضاء والرحلات الفضائية وحيث يكون الهدف في هذا الفيلم هو وصول المركبة الفضائية أوديسا 1 إلى كوكب المشتري ومن ثم خوض مغامرة ما يُعرَف بالمقلاع للوصول إلى تيتان وهو أحد أقمار كوكب زحل، فيما يكون المقلاع بمثابة عملية معقدة يتم فيها النفاذ عبر الزمان والمكان للوصول إلى الهدف دون المرور بمسار المجرة الطويل ولغرض الاستفادة من مخزون قمر تيتان من غاز الميثان الذي يعول عليه لغرض حل أزمة المناخ على كوكب الأرض.
وها نحن مع ثلاث شخصيات سوف تظهر تباعا وهم كل من: جون (يقوم بالدور الممثل كيسي أفليك) ثم الكابتن فرانكس (يقوم بالدور الممثل لورانس فيشبورن)، بينما الثالث هو ناش (يقوم بالدور الممثل تومير كابون)، وهؤلاء الثلاثة يسعون من خلال مهمتهم إلى العثور على مصدرٍ جديدٍ ووفيرٍ للطاقة المُتجددة. ولغرض الوصول إلى وجهتهم، عليهم القيام بمناورة بالغة الصعوبة تتضمن استخدام جاذبية كوكب المشتري لدفعهم بقوة إلى أقصى مدى فضائي ممكن.
وللحفاظ على الموارد على طول الرحلة الممتدة لسنوات، عليهم تحمّل سلسلة من دورات النوم المفرط المرهقة أو السبات الطويل، كل منها تجعلهم أقل يقينًا من أن ما يرونه ويسمعونه ويتذكرونه حقيقي.
من هنا سوف يدخل الطاقم في سبات ويخرج منه في كل مرة لإتمام الرحلة؛ فهم يستيقظون كل ثلاثة أشهر للتأكد من أنهم لا يزالون على المسار الصحيح. وبطبيعة الحال، يؤدي هذا إلى حالة مستمرة من التشتت في الزمان، بل وفي المكان حرفيًّا.
تبرز هنا شخصية جون الذي يخرج من السبات لوحده ليعاني من تشتت شديد ما يلبث أن يزداد تعقيدا عندما يلتقي مع ناش الذي يتجه اضطرابه باتجاه العودة إلى الأرض فيما يعيش جون يوميات وذكريات مع زوجته وهو بمثابة خط سردي متكامل يرتبط به فهو أكثر اتزانا ولكنه أشد عاطفة فهو يعيش حنينا جارفا إلى حياته السابقة إلى درجة اكتظاظ كثير من المشاهد بذكريات سابقة وخاصة بداية علاقته مع زوجته روزي (تقوم بالدور الممثلة إيميلي بيتشام)، لكن تلك الذكريات الرومانسية ما تلبث أن تتطور إلى ركام من المواقف يختلط فيها ما هو حقيقي وما هو متخيل أو ما هو مرتبط بهلوسات ما بعد الاستيقاظ من السبات.
وفي هذا الصدد يقول الناقد جوردان مينتزير في موقع هوليوود ريبورتر "يعتمد هذا الفيلم على الكثير من العناصر السردية والمنعطفات المفاجئة بدلًا من الاتكاء على المعجزات أو الغرائب الكونية ولهذا تبدو النتيجة أن هذا الفيلم هو أقرب إلى فيلم الإثارة والتشويق فضلا عن كونه من أفلام الخيال العلمي، وقد ارتقى به طاقم تمثيل جيد ونص بلمسات ذكية لم يهتم كثيرًا بواقع السفر بين النجوم، بقدر ما ركز اهتمامه على حالة جون النفسية المتدهورة مع توغله في النظام الشمسي".
أما الناقدة روس مكلندو في موقع سلانت السينمائي فتذهب إلى أنه "نظرًا لأنه فيلم إثارة في معظمه، فإن "المقلاع" لا يعنى ببنية القصة التي ننتظرها أو نتوقعها بنهاياتها السعيدة بل إنه يتجه إلى الابتعاد أحيانا عن الحبكة الرئيسية لتقديم لمحات من حياة جون على الأرض كأحد الحلول الإخراجية.
من الواضح أن الإيقاع المُتكرر عمدًا والذي يرتبط غالبا بشخصية جون، يهدف إلى جذب الجمهور وإلى شعور الرجل المُتزايد بتعقيدات المهمة ومصاعبها، وتزيد لقطات الاستذكار هذا الشعور القاسي بالوحدة والدوران في دوامة بلا نهاية.
في الأخير، يجد الفيلم طريقةً ممتازةً لتجسيد ذلك السؤال المحوري المرعب حول كيفية تنقلنا في عالمٍ كوني فضائي مبهم لا نستطيع إدراكه إلا من خلال قدراتنا الذاتية المعرضة غالبا إلى الاستنتاج الخطأ".
هذه الأرضية من العلاقات الهادئة بين رواد الفضاء الثلاثة ما تلبث أن تشهد تشنجا ثم مواجهات تصاعدت بالتدريج في موازاة التباس في عامل الإحساس بالزمن وركود في التفاعل مع الحاضر، فبينما يكون جون شبه مخدر ولديه إحساس متناقض بين الحاضر والماضي، فإن الأمر بالنسبة لناش يتعلق بسلامته الشخصية وسعيه للخروج من المربع الذي وجد نفسه فيه وهو ما يخالف توجهات الكابتن فرانكس الذي لا يتردد في اتخاذ أي إجراء من أجل إكمال المهمة.
هذه البنية السردية القائمة على سلسلة من التعارضات وظفها المخرج بحذر وتماسك باتجاه التصعيد الدرامي الذي أفضى لاحقا إلى مواجهة شديدة الشراسة بين الأطراف الثلاثة حتى أدمت وجوههم وبينما تكون المركبة الفضائية قد خرجت بسلام من مقلاع المشتري فإن اهتزازات في المحركات وانبعاث أدخنة تزيد من الصراع بين الشخصيات الثلاث وحيث كل واحد منهم يسعى باتجاه هدفه الخاص.
يتم خلال ذلك إدخال مزيد من استذكارات جون وخاصة عن بدايات علاقته بزوجته وكيف تعرف عليها وهو ما يخفف عنه الوحشة والإحباط الذي بدأ يسيطر عليه لكن الأمر ما يلبث أن يتطور إلى نوع من الهلوسات واللامنطق إلى درجة أنه يتخيل أن الزوجة موجودة هنا في داخل المركبة الفضائية.
لكن السؤال الذي هو بمثابة انقلاب درامي حاسم يتمثل في: ماذا لو كانت كل تلك الأحداث بما فيها المواجهات الدامية دخل المركبة كلها تتسرب من تشظيات خيال جون وهلوساته والآثار الجانبية المترتبة على استسلامه لحالة العجز التي أثّرت عليه بسبب طول ساعات السبات والانقطاع عن العالم الخارجي؟ فماذا لو كان جون في تلك الرحلة الفضائية لوحده يمضي بالمهمة إلى نهاياتها دون مساعدة من أحد وأن لا وجود لزميليه اللذين أمضى زمنًا في خوض نزاع معهما؟
..
إخراج: ميكائيل هافستروم.
سيناريو: سكوت آدامز، ناثان باركر.
تمثيل: كاسي افليك في دور جون، لورنس فيشبورن في دور الكابتن فرانكس، ايميلي بيتشام في دور زوي، تومير كابون في دور ناش.
مدير التصوير: بار ايكبيرغ.
موسيقى: ستيفين ثام.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الخیال العلمی هذا الفیلم فی دور
إقرأ أيضاً:
برزة رواد مسندم تناقش التحديات والفرص في ريادة الأعمال
ناقشت "برزة رواد مسندم" التي جمعت عددًا من رواد الأعمال التحديات والحلول والاستراتيجيات والابتكار في المشاريع، والتعاون البنّاء للنهوض بقطاع ريادة الأعمال بالمحافظة، كما قدمت حلولًا عملية تسهم في تعزيز الاقتصاد وتحقيق التنمية المستدامة. جاءت الحلقة بتنفيذ إدارة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بمحافظة مسندم، بمشاركة ممثلي بنك التنمية العماني وعدد من رواد الأعمال بولايتي خصب وبخاء.
وقال مانع بن عبدالله الشحي، مدير إدارة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بمحافظة مسندم: "إن الهدف من اللقاء هو بحث وجهات النظر والاستماع إلى المقترحات التي يقدمها المشاركون للوقوف على التحديات التي تواجههم، والتنسيق مع الجهات ذات العلاقة، إضافةً إلى الاطلاع على المبادرات التي يمكن أن تنفذها الهيئة في المحافظة لتحقيق أقصى استفادة".
وأكد أن الجلسة تهدف أيضًا إلى مواصلة نهج الشراكة والتكامل الذي تنفذه الهيئة بصفة دورية بين المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والجهات ذات العلاقة، وتحسين بيئة الأعمال، والإسهام في تطوير السياسات الداعمة لرواد الأعمال، وتحفيزهم على تقديم أفكار مبتكرة تسهم في تطوير مشاريعهم. كما أشار إلى أن البرزة خرجت بالعديد من التوصيات والنتائج التي من شأنها الإسهام في تجويد العمل الريادي وأعمال المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
تجارب دولية
من جانبه، أشار عبدالله بن محمد بن حسن الشحي، مستشار بحث تطوير وابتكار، إلى أن البرزة تناولت مواضيع التكامل بين مختلف المؤسسات والجهات، حيث يرى عدد من الرواد ضرورة وجود توافق بين الجهات الداعمة لرواد الأعمال، بحيث تقوم كل جهة بدورها المنوط بها على أكمل وجه. ومع ذلك، هناك حاجة للتعاون بين الجهات المختلفة نظرًا لخصوصية بعض الحالات، مما يستوجب الحوار بين تلك الجهات وإيجاد الحلول والدعم المناسب، الأمر الذي سيكون له أثر بارز في تسريع وتجويد الخدمات والدعم المقدم للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة بالمحافظة، مع الأخذ في الاعتبار خصوصية الموقع الجغرافي للمحافظة.
وأضاف أن جميع المشاركين في البرزة أكدوا أهمية إيجاد مساحة للحوار بين مختلف الأنشطة ذات العلاقة للتكامل فيما بينها، وإعطاء مثل هذه التكتلات التكاملية من الرواد الأولوية، لما لها من دور في التغلب على التحديات القطاعية بالمحافظة. كما تضمنت البرزة عددًا من الحوارات والنقاشات حول بعض التجارب الدولية التي يمكن الاستفادة منها لدعم قطاع ريادة الأعمال بمحافظة مسندم، خاصةً في ظل الثورة الصناعية الخامسة والتواصل الاجتماعي والترابط العالمي، والمشاركات التي يمكن من خلالها اقتناص الخبرات الدولية ذات الطابع المتقارب مع بيئة ريادة الأعمال بالمحافظة، لدعم هذا القطاع محليًا.
وأضاف أحمد مسعود الشحي، رائد أعمال في المشاريع السياحية، أن مشاريع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بالمحافظة تنطوي على مخاطر عالية، ما يؤدي إلى رفض تمويلها في كثير من الأحيان. ومن جانب آخر، فإن بعض شركات التمويل التقليدية، بحكم الموقع الجغرافي والتحديات الأخرى، اتخذت قرارًا بعدم تمويل المشاريع في محافظة مسندم. كما يرى بعض الرواد ضرورة فتح المجال لتمويل المشاريع الابتكارية، مثل مشاريع التقنية والمشاريع المبتكرة، نظرًا لكونها ذات جدوى اقتصادية ويمكن أن تحقق نجاحات متميزة على الصعيدين المحلي والإقليمي.
واتفق المشاركون في البرزة على أهمية إعادة النظر في البرامج التمويلية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة بمحافظة مسندم، خاصةً رواد الأعمال المتفرغين لإدارة أعمالهم، ومنح المشاريع المبتكرة ميزات تفضيلية وحوافز استثنائية لتشجيع الابتكار والانخراط في ريادة الأعمال بالمحافظة. كما اقترح المشاركون أن يكون هناك محفظة تمويلية أو برنامج تمويلي خاص بالمحافظة، نظرًا لخصوصية بيئتها الريادية.
تجويد الخدمات
وأكدت سهيلة بنت علي حسن القيشية، من أصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، أن الحوار المتبادل بين الرواد والمسؤولين خلُص إلى اتفاق أساسي، وهو ضرورة وجود تفاهم وتوافق بين المسؤول ورائد الأعمال. وأوضحت أن تفهم كل طرف لدوافع الطرف الآخر أثناء الحوار، سواء للحصول على الدعم أو المعلومة أو المستندات المطلوبة، هو مفتاح نجاح العلاقة بين الطرفين، ما يضمن استدامة التواصل بينهما، وتحقيق أفضل مستوى من الخدمات الريادية.
وأضافت: إن مبادرات الهيئة، التي تتضمن لقاءات رواد الأعمال في المحافظات واللقاءات الحوارية في القطاعات التخصصية، تهدف إلى الوقوف على أبرز الجوانب التي تحتاج إلى تحسين، وإيجاد قنوات توافق تسهم في تسهيل وتمكين رواد الأعمال للاستفادة من الفرص والخدمات المتاحة.
ويرى بدر بن سعيد الشحي في قطاع المقاولات، أن محافظة مسندم بخصوصيتها الجغرافية البعيدة عن الخدمات الأساسية غير الحكومية الريادية وقلة رواد الأعمال بالمحافظة يجعل من بعض تلك البرامج التدريبية غير مجدية اقتصاديا مؤكدا على أن التدريب التراكمي المتخصص لأبناء محافظة مسندم له أهمية بالغة يمكن أن يثري الفكر الريادي بمبادرات ومشاريع يكون لها دور في تحفيز الاقتصاد بمحافظة مسندم مضيفا لقد ناقشنا خلال البرزة أهمية إيجاد برنامج تدريبي ريادي تكاملي متخصص يمكن من خلاله رفع ثقافة ريادة الأعمال والمهارات الفنية والإدارية لرواد محافظة مسندم مثل البرامج التدريبية النوعية التي يقدمها الرواد كلٌّ حسب تخصصه، بعيدًا عن تقديم برامج تدريبية عامة بهدف تحقيق عدد تدريبي كافٍ لعقد تلك البرامج.
أما سامي بن محمد الظهوري، الذي يعمل في قطاع السياحة، فأكد أن المشاركين أجمعوا على أهمية حصر جميع الفرص الريادية ودراستها وطرحها كمزايدات، بحيث يتمكن رواد الأعمال من الاستفادة من المخصصات التمويلية والحوافز الاستثنائية المتاحة. وشدد على ضرورة تطوير مشاريع تكاملية بين المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، بما يسهم في تذليل التحديات التي تواجه منتسبي القطاع، وإيجاد مشاريع ترفد الاقتصاد المحلي.
وأشار إلى أن هناك عددًا من الخدمات التي لا تزال تتطلب الرجوع إلى الجهات الرئيسية بمحافظة مسقط، مما يؤدي إلى إطالة مدة اتخاذ القرار. واقترح إيجاد مزيد من مرافق الخدمات العامة والتطبيقات الذكية التي يمكنها إرشاد السائحين إلى المواقع السياحية والخدمية، ومنح الزائرين مزيدًا من الحوافز، ودعم الشركات العاملة في القطاع.
وخلصت البرزة إلى أهمية العمل على تطبيق التوجيهات السامية لصاحب الجلالة السلطان المعظم، ومحاور رؤية عمان 2040 بشأن اللامركزية، وذلك لتحقيق رؤية الحكومة في دعم وتطوير قطاع السياحة وريادة الأعمال بمحافظة مسندم.