سودانايل:
2025-04-15@07:01:35 GMT

ماذا بعد سقوط القصر؟

تاريخ النشر: 23rd, March 2025 GMT

تحدثتُ أمس عن اشتداد القتال حول القصر الجمهورى فى الخرطوم بين الجيش وقوات الدعم السريع، وأن من يدفع الثمن هم البسطاء العالقون وسط دوامة الحرب. واليوم، جاء التطور الأبرز بإعلان الجيش السودانى سيطرته الكاملة على القصر الجمهورى بعد معارك شرسة استمرت أيامًا، فى خطوةٍ يُنظر إليها على أنها نقطة تحوُّل مهمة فى مسار الحرب المستمرة منذ عامين.



استعادة الجيش للقصر تعنى الكثير عسكريًّا واستراتيجيًّا. فهذا المبنى ليس مجرد رمز للسلطة، بل يقع فى قلب العاصمة ويمنح من يسيطر عليه ميزة جغرافية حاسمة. بسط الجيش نفوذه على القصر يعنى أنه بات بإمكانه تأمين عدة جسور رئيسية تربط الخرطوم بأم درمان وبحرى، مما يسهل تحركات قواته ويتيح إدخال الإمدادات العسكرية من أم درمان نحو سلاح المدرعات جنوب الخرطوم، وهو أمر بالغ الأهمية لاستمرار العمليات القتالية. كما أن هذه السيطرة قد تمهّد الطريق نحو استعادة مواقع استراتيجية أخرى، مثل مجمع اليرموك للصناعات الدفاعية ومعسكرات الاحتياطى المركزى، وهو ما سيُضيِّق الخناق على قوات الدعم السريع التى بدأت بالانسحاب نحو السوق العربى وسط الخرطوم.

لكن هل يعنى سقوط القصر الجمهورى أن حسم المعركة بات وشيكًا؟.. من الناحية العسكرية، السيطرة على نقطة استراتيجية بهذا الحجم تعطى الجيش زخمًا كبيرًا، وقد تشجِّع على تنفيذ عمليات هجومية موسعة لاستعادة العاصمة بالكامل. ومع ذلك، فإن التجارب السابقة فى النزاعات المماثلة تُظهر أن السيطرة على المدن الكبرى لا تعنى بالضرورة نهاية الحرب، بل قد تدفع الطرف الخاسر إلى تغيير تكتيكاته نحو حرب العصابات والكمائن، خاصة إذا كان لا يزال يحتفظ بوجود قوى فى مناطق أخرى.

وفى هذا السياق، لا تزال قوات الدعم السريع تسيطر على أجزاء واسعة من دارفور وجنوب السودان، وتمتلك القدرة على إعادة تنظيم صفوفها وشنِّ هجمات مضادة. وقد شهدنا بالفعل قصفًا بطائرات مسيّرة على القصر الجمهورى بعد سيطرة الجيش عليه، مما يدل على أن المواجهات لم تنتهِ بعد. السيناريو الأكثر ترجيحًا هو استمرار القتال فى الخرطوم لفترة أخرى، مع تركيز الجيش على تأمين المناطق التى استعادها وتوسيع نطاق سيطرته جنوبًا وشرقًا.

على المستوى السياسى، يضع هذا التطور ضغوطًا إضافية على أى جهود دبلوماسية لإنهاء الصراع. فمن جهة، قد يرى الجيش أن تحقيق انتصارات ميدانية يُعزِّز موقفه فى أى مفاوضات مستقبلية، مما قد يجعله أقل استعدادًا لتقديم تنازلات. ومن جهة أخرى، فإن قوات الدعم السريع قد تلجأ إلى تعزيز تحالفاتها الإقليمية أو محاولة كسب دعم خارجى لتعويض خسائرها.

الأكيد أن السيطرة على القصر الجمهورى تمثل لحظة فارقة فى هذه الحرب، لكنها ليست بالضرورة النهاية. فالسودان لا يزال غارقًا فى صراع معقَّد لا يبدو أن حله سيكون عسكريًّا فقط، بل يحتاج إلى رؤية سياسية شاملة تنهى حالة الاستنزاف المستمرة.

   

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الدعم السریع على القصر

إقرأ أيضاً:

الحرب تحوّل مطار الخرطوم إلى مقبرة طائرات

أظهر تحليل صور للأقمار الاصطناعية حجم الدمار الواسع الذي لحق بالبنية التحتية والمنشآت والطائرات في مطار الخرطوم الدولي، بعد مرور عامين على اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.

وتظهر خريطة الأضرار التي أعدتها "وكالة سند" للتحقق الإخباري في شبكة الجزيرة، بالاستناد إلى صور للأقمار الاصطناعية التقطت خلال الفترة من فبراير/شباط 2023 وحتى أبريل/نيسان 2025، حجم الدمار الواسع الذي لحق بمطار الخرطوم.

طائرات بمدرج المطار قبل وبعد الحرب (سند)

وتُبرز الصور تدمير وحرق عشرات الطائرات بمختلف أنواعها، إضافة إلى أضرار جسيمة لحقت بالبنية التحتية والمرافق اللوجستية والمباني والمنشآت، فضلا عن أضرار حول مدرج الطائرات.

وتوثق الصور، باستخدام تقنية "الفاصل الزمني" (Time-lapse)، كيف تحوّل مطار الخرطوم إلى ساحة حرب، حيث تظهر أعمدة الدخان وآثار القصف بشكل متكرر ومتواصل على مدار الأشهر الطويلة الماضية.

وزير النقل السوداني: حجم الخسائر في مطار الخرطوم مهول (رويترز)

وكشف تحليل الأضرار أن الحرب أدت حتى الآن إلى تدمير نحو 50 طائرة داخل المطار، من بينها 6 طائرات دمرت خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، قبل فقدان قوات الدعم السريع سيطرتها على المطار، كما لحقت أضرار بنحو 70 مبنى تابعا للمطار.

إعلان

ووصف وزير النقل السوداني أبو بكر أبو القاسم، حجم الخسائر في مطار الخرطوم بـ"المهول"، مشيرا في حديثه للجزيرة نت إلى أن الأضرار شملت البنية التحتية للمطار، وطائرات تابعة لعدة شركات طيران، إضافة إلى مستودعات وقود.

طائرات بمدرج المطار قبل وبعد الحرب (سند)

وكان الجيش السوداني أعلن استعادة السيطرة على مطار الخرطوم، إلى جانب عدد من المقرات الأمنية والعسكرية وأحياء في شرق وجنوب العاصمة، وذلك للمرة الأولى منذ أبريل/نيسان 2023، ليبسط سيطرته من جديد على العاصمة.

ويعد مطار الخرطوم الدولي الأكبر والأكثر نشاطا في السودان، إذ أُنشئ عام 1947، بعد الحرب العالمية الثانية، وكان من أولى المناطق التي اندلعت فيها المواجهات في 15 أبريل/نيسان 2023.

جنود من الجيش السوداني أمام طائرات مدمرة في المطار (رويترز)

وتوقفت حركة الملاحة الجوية في المطار بالكامل بسبب الحرب، كما أُغلق المجال الجوي السوداني أمام الرحلات التجارية، باستثناء الطيران الإنساني وعمليات الإجلاء.

وفي 26 مارس/آذار الماضي، استقبل مطار الخرطوم، لأول مرة منذ عامين، طائرة تقل رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، بعد طرد قوات الدعم السريع واستعادة السيطرة الكاملة على العاصمة.

مقالات مشابهة

  • (الشريحة)..!!!
  • هجمات الفاشر.. أكثر من 400 قتيل والدعم السريع تعلن هجوما بمسيرة على مطار الخرطوم
  • الحرب تحوّل مطار الخرطوم إلى مقبرة طائرات
  • عاجل | مصدر عسكري سوداني للجزيرة: قوات الدعم السريع استهدفت مساء اليوم مطار الخرطوم بمسيرة
  • الأمم المتحدة: 13 مليون نازح ولاجئ في السودان خلال عامين من الحرب
  • في الذكرى الثانية للحرب.. إلى أين يتجه المشهد السوداني؟
  • السودان.. قوات الدعم السريع تتقدم في الفاشر "المأزومة"
  • “صمود” يدين الجرائم والانتهاكات الجسيمة التي نتجت عن هجوم قوات الدعم السريع على معسكر زمزم للنازحين بشمال دارفور
  • الخرطوم تصدم الدعم السريع
  • شاهد عيان يروي لـ “تاق برس” حقيقة الأوضاع في الخرطوم بعد خروج الدعم السريع  “فيديو”