بماذا تختلف الضربات الأمريكية الأخيرة على مواقع الحوثيين؟
تاريخ النشر: 23rd, March 2025 GMT
في مارس (آذار) 2025، صنّف الرئيس دونالد ترامب جماعة أنصار الله، الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ما عكس توجهاً أكثر صرامة في السياسة الأمريكية ضد الجماعة المدعومة من إيران.
تفكيك الحوثيين ليس بالمهمة السهلة
أعقبت ذلك ضربات عسكرية واسعة النطاق، استهدفت مواقع الحوثيين، بحجة حماية أمن الملاحة البحرية العالمية، خاصة بعد تصاعد الهجمات الحوثية على السفن التجارية في البحر الأحمر.
وفي هذا الإطار، قالت بوركو أوزجيليك، خبيرة في الشؤون الأمنية بالشرق الأوسط، في مقالها بموقع مجلة "ناشيونال إنترست" الأمريكية، إن هذه الضربات تخدم أهدافاً استراتيجية أوسع، من بينها إضعاف القدرات العسكرية للحوثيين، وفرض أقصى الضغوط على إيران، وعرقلة شبكة التمويل التي تستفيد منها طهران لدعم وكلائها في المنطقة.
03/21 Links Pt1: What Trump’s Latest Houthi Strike Really Means; UN staffer hospitalized in Israel has Nazi tattoos https://t.co/t8PNDsSCRm
— Elder of Ziyon ???????? (@elderofziyon) March 21, 2025كما أن هذه الضربات تحمل رسالة غير مباشرة إلى الصين، التي تعد أكبر مستورد للنفط الإيراني الخاضع للعقوبات، بما يجعل هذه العمليات جزءاً من صراع أوسع يهدف إلى تقويض النفوذ الإيراني في المنطقة، والحد من دور الصين في تمويل طهران.
الأهداف الاستراتيجية للهجوم الأمريكي
رغم تأكيد الولايات المتحدة أن هذه الضربات تهدف إلى حماية حرية الملاحة، ترى الكاتبة أن الحسابات الاستراتيجية لواشنطن تشمل أهدافاً أوسع. فمن جهة، تسعى أمريكا إلى إضعاف النفوذ الإيراني في المنطقة، من خلال ضرب أدوات طهران العسكرية التي تعتمد عليها لتعزيز نفوذها الإقليمي.
ومن جهة أخرى، تأمل واشنطن في منع الحوثيين من فرض سيطرتهم على المشهد السياسي اليمني، خاصة في ظل هشاشة عملية السلام.
يعدّ الحوثيون جزءاً لا يتجزأ من العقيدة الدفاعية الإيرانية، التي تعتمد على شبكة من الفصائل المسلحة كأدوات لمدّ النفوذ الإقليمي. وإذا استمرت العمليات العسكرية الأمريكية ضد الجماعة، فمن المحتمل أن تتسبب في تآكل قوتها العسكرية، وربما تؤدي إلى القضاء على بعض قادتها البارزين.
وأوضحت الكاتبة أن تفكيك الحوثيين ليس بالمهمة السهلة؛ فقد طورت الجماعة اقتصاد حرب متكامل، يعتمد على شبكات تهريب معقدة تشمل النفط والسجائر والمكونات العسكرية متعددة الاستخدام. كما أنهم يفرضون الضرائب في المناطق الخاضعة لهم، مما يمنحهم قدرة على تمويل عملياتهم حتى في ظل الضغوط الدولية.
What Trump’s Latest Houthi Strike Really Means https://t.co/qgZxXXewWb via @TheNatlInterest
— Nino Brodin (@Orgetorix) March 18, 2025لذلك، فإن العقوبات الاقتصادية الغربية ضد الحوثيين تُعدّ أداةً أساسية لاحتوائهم، رغم تعقيد تنفيذ هذه العقوبات بسبب علاقاتهم المتنامية مع قوى عالمية مثل الصين وروسيا.
الصين: دعم غير مباشر للحوثيين
برزت الصين كفاعل رئيس في دعم إيران، مما أثر بشكل غير مباشر على قدرات الحوثيين. ففي عام 2024، استوردت الصين ما يصل إلى 90% من صادرات النفط الإيراني، مما وفر لطهران مصدراً حيوياً لتمويل حرسها الثوري، ووكلائها في الشرق الأوسط، بمن فيهم الحوثيون.
وكشفت وزارة الخزانة الأمريكية عن صلات خفية بين الصين والحوثيين، حيث فرض "مكتب مراقبة الأصول الأجنبية" عقوبات على عدد من الشخصيات الحوثية داخل اليمن وخارجه، بسبب دورهم في تسهيل عمليات نقل الأسلحة والمعدات ذات الاستخدام المزدوج.
ومن الأمثلة البارزة على ذلك، شركة "صفوان الدبعي للنقل والتجارة"، وهي شركة شحن يمنية لها وجود في الصين، تُستخدم كواجهة لتهريب الأسلحة. كما فُرضت عقوبات على عدة شركات صينية متورطة في تزويد الحوثيين بمعدات عسكرية متقدمة.
الدور الروسي: دعم عسكري متزايد للحوثيين
إلى جانب الصين، عززت روسيا أيضاً علاقاتها مع الحوثيين، خاصة في ظل الصراع المتنامي مع الولايات المتحدة. وتشير تقارير استخبارية إلى أن موسكو قدمت بيانات استهداف عبر الأقمار الاصطناعية لمساعدة الحوثيين في توجيه ضرباتهم ضد السفن الأمريكية في البحر الأحمر.
وظهر هذا التعاون جلياً عندما فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على سبعة من كبار قادة الحوثيين في مارس (آذار)، بتهمة تهريب معدات عسكرية والتفاوض على صفقات أسلحة مع روسيا.
وأشارت التقارير إلى أن أحد هؤلاء القادة كان مسؤولاً عن تجنيد مئات اليمنيين للقتال في أوكرانيا إلى جانب القوات الروسية.
ورغم هذا التقارب، فإن الدعم الروسي للحوثيين لا يبدو أنه جزء من استراتيجية طويلة الأمد، بل هو تكتيك يخدم المصالح الروسية في مواجهتها الجيوسياسية مع واشنطن.
ومع انشغال الكرملين بملف وقف إطلاق النار في أوكرانيا، من غير المتوقع أن يستمر الدعم الروسي للحوثيين بنفس الزخم.
إيران وتطوير استراتيجيتها الإقليمية
تعدّ جماعة الحوثي اليوم إحدى أهم أدوات إيران في مواجهة خصومها الإقليميين والدوليين، خاصة بعد تراجع نفوذ طهران في لبنان، وغزة، وسوريا. إذ يوفر الحوثيون لإيران فرصة لمواصلة استراتيجيتها في تهديد الملاحة البحرية، وتحقيق مكاسب سياسية وعسكرية دون الانخراط المباشر في المعارك.
ويأتي التصعيد الأمريكي ضد الحوثيين ضمن إطار أوسع من المواجهة مع إيران، مما يثير التساؤلات حول ما إذا كانت الولايات المتحدة ستستهدف لاحقاً الميليشيات الشيعية في العراق، خاصة مع اقتراب الانتخابات البرلمانية العراقية في أكتوبر (تشرين الأول).
ومن المتوقع أن تضغط واشنطن على بغداد لنزع سلاح هذه الجماعات وتقليص النفوذ الإيراني قبل الاستحقاق الانتخابي.
وقالت الكاتبة: "تُمثل الضربات الأمريكية ضد الحوثيين جزءاً من صراع متعدد الأبعاد، يتجاوز مجرد حماية التجارة البحرية. فإلى جانب استهداف القدرات العسكرية للحوثيين، تسعى واشنطن إلى كبح النفوذ الإيراني، وإضعاف علاقات الصين الاقتصادية بطهران، واحتواء الدعم الروسي للميليشيات المسلحة".
لكن رغم هذه الجهود، تضيف الكاتبة "يبقى الحوثيون لاعباً صعب المراس، قادرين على التكيف مع الضغوط والعقوبات الدولية. ويعني ذلك أن المواجهة بين واشنطن والحوثيين، ومن ورائهم إيران، لن تكون قصيرة الأمد، بل ستظل جزءاً من توازنات القوة الإقليمية والدولية في السنوات القادمة".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: وقف الأب رمضان 2025 عام المجتمع اتفاق غزة إيران وإسرائيل يوم زايد للعمل الإنساني غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية اليمن النفوذ الإیرانی
إقرأ أيضاً:
ايران: الضربات الأمريكية على اليمن جريمة حرب
أدان المتحدث باسم وزارة الخارجية الايرانية إسماعيل بقائي بشدة الهجمات الأمريكية التي شنتها الليلة الماضية على مناطق مختلفة في اليمن (خاضعة لسيطرة الحوثيين)، بما في ذلك مركز احتجاز للمهاجرين الأفارقة يقع في صعدة، مما أسفر عن استشهاد وإصابة أكثر من 100 شخص من الأبرياء.
ونقلت وكالة أنباء أهل البيت (ع) الدولية ــ أبنا ــ عن بقائي قوله "ندين بشدة الهجمات الأمريكية التي شنتها الليلة الماضية على مناطق مختلفة في اليمن بما في ذلك مركز احتجاز المهاجرين الأفارقة في صعدة والتي أسفرت عن استشهاد وإصابة أكثر من 100 شخص من الأبرياء.
ووصف بقائي استمرار الهجمات العسكرية الأمريكية على الأهداف المدنية والبنية التحتية الحيوية ومنازل المواطنين في مختلف أنحاء اليمن والتي راح ضحيتها المئات من الأبرياء بأنها جريمة حرب.
وانتقد المسؤول الايراني صمت الأمم المتحدة ومؤسسات حقوق الإنسان وعدم اكتراثها بهذا الانتهاك الصارخ للقانون والانتهاكات المتكررة لسيادة اليمن وسلامة أراضيه.
واعتبر العدوان العسكري الأميركي على اليمن جزءاً من الخطة الشريرة للكيان الصهيوني لتدمير وإضعاف الدول الإسلامية وزعزعة استقرار منطقة غرب آسيا بأكملها، حد قوله.
ولفت إلى المسؤولية التاريخية لجميع الدول الإسلامية في اتخاذ إجراءات فعالة لوقف قتل الشعب المسلم في اليمن ومنع استمرار الإبادة الجماعية في غزة والضفة الغربية.
في 15 مارس، أمر الرئيس ترامب الجيش الأمريكي ببدء حملة جوية متواصلة ضد الحوثيين، بعد أن نفذت إدارة بايدن بعض الضربات.