موقع النيلين:
2025-03-25@00:09:18 GMT

وسط الخرطوم: قصة غباء أرعن مقابل عقل فطن

تاريخ النشر: 23rd, March 2025 GMT

(1) الفيديوهات عن معارك وسط الخرطوم الأخيرة تروى تفاصيل معركة دامية ، وكمائن وقنص شديد الضراوة والقوة..

آلاف الجثث ملقاة فى الطرقات حتى اللحظة فى المناطق الحاكمة ، حيث حاولت المليشيا فى لحظات مغامراتها الأخيرة الهروب الجماعي عبر عدة طرق ومن بينها طريق القصر وصولاً إلى معمل استاك ، مئات العربات القتالية المحترقة والجثث داخلها.

.

وعلى طول شارع النيل وشارع الجامعة والاستراتيجية شواهد كثيرة عن الخيارات العدمية لمليشيا آل دقلو الارهابية ، ولن يستطع أى عقل عسكري ان يحلل كيف وفيما تفكر القيادة العسكرية للمليشيا وقد ضاق عليها الخناق والحصار وتساقطت كل خياراتها ، ولم يبق سوى دعاية بلهاء ، وما فائدة الكذب فى مواجهة الحقيقة..

وهناك خفايا اخرى ، أكثر مأساوية فى البنايات الكبيرة ، حيث جثث القناصين واغلبهم بملامح أجنبية (ليبية وجنوب السودان) ، تساقطت عليها المباني وغمرهم التراب وغشيهم الموت..
وكثير منهم ألقوا أسلحتهم فى اللحظات الأخيرة وأستسلموا وكشفوا عن نقص الذخائر والإمداد وهروب القادة ، وبدأ عليهم الإنهاك من الجوع والعطش ، وبعضهم 3 أيام بلا طعام ، فيما كان يفكر هؤلاء وقادتهم ؟..

وأكثر الشواهد المأسوية تركوا عشرات الجرحى من عناصرهم فى مباني مهجورة ، لم يخلوهم مبكراً أو ينقلوهم إلى مكان مكشوف للعثور عليهم أو يرفعوا عليهم رايات بيضاء ، تركوهم وهربوا ؟..

لقد كشفت هذه المعركة عن غياب اى لمسة انسانية لهؤلاء التتار من اعلى قياداتهم إلى اصغرها ، وأرخص الأشياء عندهم الإنسان حتى لو كان من عنصرهم ويدافع عنهم..
(2)
كيف يفكر هؤلاء ؟!
ما يتوارد فى ذهني – أحياناً – أن خطط المليشيا ، كأنها (مقطوعية) ، أى مهام زمانية ومكانية منفصلة عن بعضها بعضاً ولكل ثمن ، وكان ثمن بقاء القصر الجمهوري تحت يد مليشيا آل دقلو الارهابية الأعلى قيمة فى بند الارتزاق ، ولذلك ضحوا بكل هؤلاء وحتى آخر لحظة للحفاظ على هذا البند فى موارد (العطايا) من أصحاب الاجندة والأطماع الأجنبية..

كانوا يراهنون على (القصر الجمهوري) كرمزية سيادية وكذلك الوزارات الاتحادية ، ولذلك لم يبالوا بالنتائج المأسوية لهؤلاء ، وأغلبهم صغار السن مع قلة الخبرة وضعف الكفاءة والجهل بتطورات الأوضاع وتفاصيلها..
لقد وقعوا فى (شرك الموت) ..
(3)
وربما لدى العقل العسكري فى الجيش السوداني قراءة واضحة لكيفية تفكير المليشيا ، وتعامل معهم بخطط عسكرية بعيدة النظر ، ستكون مجالاً للدراسة والتحليل لأزمان سحيقة ، وأكثر ما يثير الدهشة والإعجاب هذا التماسك فى مواجهة منابر ومنصات كثيرة حاولت (إستفزاز الجيش وطيلة عامين للقيام بخطوة غير محسوبة العواقب).

لقد دافع الجيش حين أقتضى الأمر ، وأنسحب حين فرضت الظروف ذلك وهاجم فى مواقيته ، حتى وصل إلى لحظة حاسمة ، من إلتحام إلى تطويق إلى سحق..

لم تتعجل القيادة العسكرية إلى تحرير القصر الجمهوري دون توفر الشروط العملياتية ،
مع قناعتها بأهميته وقيمته.. ورغم سخرية البعض (قلت للرئيس البرلمان انت لو فى القصر الجمهوري سآتي إليك) ، كانت ذلك منطق د.عبدالله حمدوك ، والذي طيلة عامين من الحرب لم تخرج منه كلمة تدين دولة الإمارات العربية المتحدة أو تستنكر جلب المرتزقة ؟.. ولم يخلو (جراب) بعض المشفقين من ضوضاء ، ومع ذلك اختار الجيش توقيته ، قراره..

وحين قدرت قيادة الجيش ذلك ، لم يستغرق الأمر سوى ساعات من نهار الخميس 20 مارس إلى صبيحة السبت 22 مارس 2025م ، وانهارت لحظتها مملكة الرمل كلياً ، وألتقت قوات المهندسين بالقيادة العامة ، وقوات المهندسين مع المدرعات وتم استلام كل منطقة المقرن ووسط الخرطوم وشارع النيل واصبحت عصابات الدعم السريع محصورة فى منطقة جنوب الخرطوم..

(4)
ومع كل إحتياطاتها ، وتحصيناتها ، وكل التسريبات والتوقعات ، فإن خطة تحرير القصر الجمهوري كانت غير متوقعة فى حنكتها وتدابيرها وقوتها ، فوجئت بقايا المليشيا بقوة نارية لم تتوقعها ، وبمحاور قتالية لم تختبرها ، وبعزيمة قتالية زعزعت ثباتها وتماسكها ، كان إكتمال الحلقة والقبضة قاصماً وحاسماً .. ولذلك انهارت وتساقطت حلقاتها حيث اصبحت ارتكازاتها المتقدمة معزولة وبلا تأثير وخارج المعركة..

وليس ذلك فحسب ، بل عجزت المليشيا عن أى فزع لإنقاذ ما تبقى من عناصرهم فى دائرة المحرقة ، وذلك ابلغ مؤشرات (هوان) المليشيا فى الخرطوم وغياب العقلية الميدانية..
(5)
ومعركة وسط الخرطوم هى مقاييس لحال المليشيا فى كل مسارح العمليات العسكرية والسياسية..
– تفكك وغياب القيادة الواعية والوقوع كلياً تحت تأثيرات الاجندة الأجنبية دون وعي بالبيئة السياسية والعسكرية السودانية..

– فقدان الدافعية والهدف المركزي للحرب وتنازع مراكز الاقاليم والاطراف الدولية والاقليمية..
– انهيار التحالفات السياسية ، وتراجع فاعلية الحواضن الاجتماعية ، وقلة حماس الداعمين من منظمات وجمعيات..

– تصاعد تكلفة إسناد المليشيا مع تجاوزاتها الانسانية غير المسبوقة وانتهاكاتها الموثقة وفق تقارير ومصادر متعددة..

وكان آخر تلك الخطوات غير المدروسة محاولة إعلان حكومة ، وافقدهم ذلك جزء من حليفهم السياسي ، وناهضتهم دول كبري ومنظمات ، واصبحوا (كومة من المنبوذين)..
معركة وسط الخرطوم ، شاهد لمآل المليشيا ، وهذه مجرد لمحة لمناطق ومحاور اخرى..
لن تهزم مليشيا وطناً أبداً..
ذلك الدرس..
ابراهيم الصديق على
23 مارس 2025م

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: القصر الجمهوری وسط الخرطوم

إقرأ أيضاً:

ماذا بعد تحرير القصر الجمهوري في الخرطوم؟

أخيرا وبعد معارك استمرت أسابيع حول القصر الجمهوري في قلب العاصمة السودانية (الخرطوم)، تمكن الجيش السوداني من اقتحام القصر وتحريره من مليشيات الدعم السريع التي احتلته منذ الخامس عشر من نيسان/ أبريل 2024 ضمن محاولتها الانقلابية الفاشلة، كما تمكن الجيش من تحرير العديد من المنشآت السيادية الأخرى مثل البنك المركزي ومقر المخابرات العامة، وقصر الصداقة ومبان حكومية وخاصة أخرى.

لم يكن دخول مليشيات التمرد إلى القصر وغيره من المنشآت الحكومية السيادية عملا حربيا، بل إنها كانت تحرس هذه المنشآت بتكليف رسمي من قيادة الدولة، كل ما في الأمر أنها -وكجزء من محاولتها الانقلابية- غيرت اليافطة من حراسة إلى احتلال (حاميها حراميها)، وعززت وجودها لاحقا في القصر وفي الدواوين الحكومية الأخرى التي كانت في حمايتها الرسمية أيضا، بخلاف انتشارها في أحياء العاصمة وسيطرتها على ولايات أخرى.

حتى كتابة هذه السطور كانت المعارك لا تزال مشتعلة في بعض الجيوب التي لا تزال تحت سيطرة المليشيا، كما أن 4 من ولايات دارفور الخمس لا تزال في قبضة المليشيات، بحكم وجود قبائل الجنجويد وهي العمود الفقري للمليشيا فيها، وحيث يعتبرها حميدتي خطته البديلة للانفصال، وإقامة حكم خاص به على غرار الشرق الليبي تحت قيادة حفتر، كما أن هناك وجودا للمليشيا وحلفائها جنوب وشمال كردفان، لكن الجيش السوداني مصمم على تحرير هذه الولايات أيضا، تساعده في ذلك الروح المعنوية المرتفعة لضباطه وجنوده بعد الانتصارات التي حققها، وكذلك وجود قوات أخرى داعمة للجيش من أبناء تلك المناطق مثل القوات التابعة للشيخ موسى هلال وغيره من القبائل.

الانتصارات المتتالية للجيش السوداني أرعبت دولة الإمارات، الداعم الرئيس لمليشيا التمرد، فهرع رئيسها محمد بن زايد وثلاثة من أشقائه من كبار المسئولين في الدولة إلى القاهرة مساء أمس السبت، في زيارة وصفتها البيانات الرسمية بـ"الأخوية" رغم أنها لم تكن مجدولة من قبل، ما يؤكد فرضية ارتباطها بتطورات الوضع في السودان، خاصة مع إلقاء الجيش السوداني القبض على بعض الضباط الإماراتيين بينهم رجال مخابرات، والعثور على العديد من الوثائق الخاصة بالدور الإماراتي خلال تحرير القصر الجمهوري، حيث من المتوقع أن يطلب الرئيس الإماراتي من نظيره المصري التدخل لإعادة الضباط الإماراتيين، وتبريد التوتر مع السودان، ودفعه لسحب شكواه ضد أبو ظبي في الأمم المتحدة مقابل وقف الإمارات دعمها لمليشيا حميدتي، وربما تقديم مساعدات أخرى للسودان.

ليس مستبعدا بطبيعة الحال أن تشمل أجندة الزيارة نقاشا للوضع في غزة، خاصة أن مستشار الأمن الوطني الإماراتي الشيخ طحنون بن زايد التقى الرئيس ترامب قبل 3 أيام، وهي الزيارة التي توجت بالإعلان عن استثمارات إماراتية بقيمة 1,4 تريليون دولار على مدى عشر سنوات في الولايات المتحدة، متجاوزة حجم الاستثمارات التي تعهدت بها السعودية بقيمة تريليون دولار. والمؤكد أن هذه الصفقة لا تقتصر على الجانب الاقتصادي، بل تتضمن بعض الأدوار السياسية المنوطة بالإمارات في المنطقة سواء ما يظهر منها حاليا أو سيظهر مستقبلا.

انتصارات الجيش السوداني قطعت الطريق على تحالف حميدتي مع بعض القوى السياسية والعسكرية السودانية الأخرى لإعلان حكومة موازية من داخل القصر الجمهوري، تم الترتيب لها في اجتماعات العاصمة الكينية نيروبي مؤخرا، وبالتالي لم يعد أمام هذا التحالف -حال إصراره على إعلان حكومته- سوى إحدى مدن دارفور، وهو احتمال ضعيف.

يحتاج تنظيف العاصمة الخرطوم من بقايا المليشيات بعض الوقت، كما أن إعادة تأهيل الخدمات الأساسية من الكهرباء والمياه والأسواق.. الخ تحتاج بعض الوقت أيضا بعد أن دمرت المليشيات العديد منها خلال سيطرتها عليها، وبطبيعة الحال لن يتمكن المهاجرون سواء داخل ولايات أخرى، أو حتى خارج السودان من العودة إلا بعد توفر سبل الحياة الطبيعية، وتأمين العاصمة بشكل كامل من أي هجمات مرتدة، أو انفلات أمني.

رغم أن قائد الجيش ورئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان أعلن مرارا أنه لن يكون هناك تفاوض مع مليشيات حميدتي، إلا أنه من المحتمل أن تضغط بعض الأطراف الإقليمية والدولية عليه مجددا للعودة إلى طاولة التفاوض، وفي هذه الحالة سيعود على أرض مختلفة، وقواعد تفاوض مختلفة تسندها الانتصارات على الأرض، لكن البرهان على الأرجح سيظل مقاوما لفكرة التفاوض حتى ينظف الخرطوم تماما، تمهيدا لعودة الحكومة إلى مقراتها الرسمية.

من حق الجيش السوداني أن يفخر بتحقيقه هذه الانتصارات بجهوده الذاتية، وجهود داعميه من القوات المتطوعة التي هبت للدفاع عن الوطن بلا مقابل، وأيضا بقليل من دعم بعض الدول الصديقة للسودان، في حين انهالت كل صنوف الدعم العسكري والمالي على مليشيات حميدتي بهدف تمكينها من حكم السودان، لكن هذه المليشيا فشلت في تحقيق أحلام كفلائها حتى الآن، ومن واجب الجيش السوداني والقوات الشعبية المساندة الانتباه إلى أن المليشيات لن تلقي سلاحها بسهولة، وستحاول العودة للسيطرة على بعض الأماكن بعد تلقيها إمدادات عسكرية جديدة، وهو ما يتطلب تعزيز الدفاعات حول كل المنشآت والأماكن التي حررها مؤخرا.

x.com/kotbelaraby

مقالات مشابهة

  • الجيش السوداني يسيطر على القصر الجمهوري بالخرطوم وسط معارك حاسمة| إليك التفاصيل
  • معركة القصر الجمهوري.. كيف استعدت المليشيا وكيف احدث الجيش المعجزة
  • حركة جيش تحرير السودان المجلس الانتقالي: ملحمة القصر الجمهوري هي بداية نهاية المليشيا
  • ماذا بعد تحرير القصر الجمهوري في الخرطوم؟
  • تطهير البلاد من الدعم السريع | ماذا بعد سيطرة الجيش السوداني على القصر الجمهوري بالخرطوم؟
  • بعد السيطرة على القصر الجمهوري الجيش السوداني يستعيد مواقع استراتيجية هامة في الخرطوم
  • العدل والمساواة تهنئ الشعب السوداني بتحرير القصر الجمهوري وهزيمة المليشيا في المالحة
  • الجيش حقق انتصارات عسكرية أهم وأخطر من استعادة القصر الجمهوري
  • القصر الجمهوري في الخرطوم عاد إلى حضن الدولة والشعب السوداني