البوابة:
2025-03-24@23:27:55 GMT

موقف المحاكم الدولية من الإبادة الجماعية في غزة

تاريخ النشر: 23rd, March 2025 GMT

موقف المحاكم الدولية من الإبادة الجماعية في غزة

هناك من يعتقد أنه لا سلطة تعلو فوق سلطة الدولة، وأن للدولة حق في اتخاذ أي إجراء تراه مناسبًا دون قيود، هذا الأمر ينطبق على القانون داخل حدود الدولة (فهو قانون طاعة وامتثال، ولا بد من سيادة الاحترام فيه)، لذا ما إن خرجت هذه العلاقة وتعدّت حدود الدولة وتداخلت مع دول أخرى تمتلك هي الأخرى “السيادة”، فإنه لا بد من إضفاء القواعد القانونية والحقوقية على هذه العلاقات.

 

ولعل السؤال الذي يطرح نفسه هنا : ما دامت القواعد القانونية تنظم وتضبط العلاقات بين الدول، لماذا ما زالت الاعتداءات والحروب والخلافات قائمة، وما هي المحاكم الدولية، وما مدى إلزامية قراراتها على الدول؛ وخاصة الدول المهيمنة على القرار الدولي في العالم

ومن هذا المنطلق، برز خلال العدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر الماضي الحديث عن هيئتين قضائيتين دوليتين هما: محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية، فما الفرق بيمهما؟!

الفرق بين محكمة العدل الدولية والجنائية الدولية

تعتبر محكمة العدل الدولية هيئة قضائية دولية؛ بمعنى أنها تختص بالفصل في النزاعات التي تنشأ بين “الدول”، ويبلغ عدد الدول التي لديها عضوية بها 193 دولة، إذ تتبع المحكمة لمنظمة الأمم المتحدة ومقرها في لاهاي – هولندا.

 

ولدى المحكمة دوران رئيسيان: النظر في القضايا التي تقع بين الدول و تقديم آراء استشارية بشأن مسائل قانونية تحال لها. وإذا أردنا أن نعطي مثالًا على الاختصاص الذي تعنى به هذه المحكمة، فإن القضية التي رفعتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل بتهمة ارتكاب جرائم إبادة جماعية في غزة هي مثال على اختصاصها.

 

أما أحكامها فهي ملزمة قضائيًا ونظريًا و نهائية، ولا إمكانية للاستئناف فيها، إلا اأنه واقعياً لا تلتزم بعض الدول بقراراتها.

 وفي حالة امتناع أحد الأطراف عن تنفيذ حكم المحكمة، فإنه وفقًا للمادة 94 من ميثاق الأمم المتحدة، تُخول لمجلس الأمن السلطة من أجل تنفيذ الحكم إما بالقوة أو بالتسوية السلمية.

 

الجنائية الدولية 

 

في حين تُعرف محكمة الجنائية الدولية بانها هيئة دولية مستقلة غير تابعة للأمم المتحدة أو أي مؤسسة دولية أخرى، تختص في ملاحقة الأشخاص الطبيعيين “الأفراد” المتهمين بارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية والجرائم ضد الإنسانية وجريمة العدوان، ولا يمكن لأي دولة أو جهة أن تؤثر على ما يصدر عن المحكمة، إلا أن هذه العبارة تبقى محط شك لدى كثيرين.

 

أما فيما يتعلق بالدعاوى التي تحرك أمامها فتتم بإحدى الطرق الأربع: إما أن يقوم المدعي العام بتحريك الدعوى من تلقاء نفسه، أو أن تقوم دولة عضو في المحكمة بذلك، أو أن يتدخل مجلس الأمن بتقديم حالة معينة يعتقد أنها جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية يتم ارتكابها، كما يمكن لدول غير الأعضاء في المحكمة أن ترفع قضية أمام المحكمة الجنائية، وهذا لا يُعتبر إقرارًا بانضمامها كعضو في المحكمة.

 

موقف المحاكم الدولية حيال الإبادة الجماعية في غزة

وفي ظل وجود هذه الهيئات القضائية الدولية، تتبادر إلى الأذهان تساؤلات حول الوضع الفلسطيني وتحديدا ما دار في غزة من ظلم وإبادة جماعية وقتل وحشي ودمار دموي دون محاسبة لإسرائيل أو ردعها عن أفعالها الإجرامية؛ مما قد يدفع الكثيرين إلى التشكيك في حيادية هذه الهيئات الدولية والاعتقاد بتحيزها لصالح إسرائيل.   

 

وفي هذا الصدد،  قال خبير القانون د. بسام أبورمان إن المحاكم الدولية قراراتها كلها صائبة، وأن غير المتابع للقضية وتفاصيلها يعتقد بأن العلة من المحكمة نفسها، إلا أن الخلل في التنفيذ وليس في المحكمة.

 

وأضاف أن المحكمة ليس من اختصاصها أن تنفذ القرارات التي تصدرها، مضيفاً أن اللوم يقع على عاتق كل الدول المستفيدة أو صاحبة المصلحة في المطالبة بحقوق الشعب الفلسطيني.

 

وحول اعتقاد البعض بتسيس المحكمة لصالح دول أو جهات معينة، أشار أبورمان إلى أنه يصعب جداً تسيس المحكمة، كون أن أعضائها من كافة دول العالم وليس فقط من الدول المهيمنة،  علاوة على ذلك، فإن ميثاق المحكمة ونظامها يكفلان ويحميان الدول على حد سواء.

 

وقال أبورمان إنه لا بد من التوضيح للرأي العام، وتحديدًا الشارع العربي والفلسطيني، بخصوص الدعوى التي رفعتها جنوب إفريقيا مؤخرًا أمام محكمة العدل الدولية ضد إسرائيل، والتي وصفها الكثيرون بأنها “تاريخية”، حيث تتضمن موضوعين أساسيين:

 

الأول يعنى في الطلبات المقدمة، وفحوى هذه الطلبات يتضمن وقف الحرب بشكل عام، وحماية المدنيين، وإدخال المساعدات والمعونات الطبية إلى القطاع، بينما تختص القضية الثانية باتهام إسرائيل بارتكاب جريمة إبادة جماعية في غزة، مؤكداً أن الحكم القضائي جاء بالنظر في الموضوع الأول، ألا وهو “الطلبات المستعجلة”، أما بالنسبة لارتقاء جرائم العدو الإسرائيلي إلى إبادة جماعية، فهذه الدعوى لم يبدأ البحث فيها حتى تلك اللحظة.

لماذا لا يتم تطبيق قرارات المحكمة الدولية

في ضوء عدم التزام إسرائيل وتنصلها من الالتزامات الدولية، أوضح أبورمان أنه كان يتوجب على جنوب إفريقيا والدول الداعمة وذات المصلحة التوجه إلى مجلس الأمن، الذي يعتبر السلطة التنفيذية الملزمة بتنفيذ قرارات المحكمة.

 

وبالنسبة لأسباب عدم توجه جنوب إفريقيا إلى مجلس الأمن، أفاد أبورمان بأن دور السياسة كان الفاصل واللاعب الأساسي في هذه القضية، مشيرًا إلى أن تأثير السياسة لم يكن على قرار المحكمة، إنما على تنفيذ القرار.

 

بمعنى؛ في ظل عدم وجود حكم قضائي، كان أي قرار يعرض أمام مجلس الأمن لتصويت عليه من قبل الدول الخمس الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، دائمًا ما كانت الولايات المتحدة، باعتبارها من الأعضاء الدائمين، تستخدم حق الفيتو، وعلى وجه الخصوص في القرارات المتعلقة بالاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، بحجة أن الخلاف الإسرائيلي-الفلسطيني هو خلاف قائم بين طرفين، وأميركا لها الحق في التعبير عن رأيها والوقوف مع طرف على حساب الآخر.

الجنائية الدولية أمام موقف محرج .. والسبب ؟

وفي السياق ذاته ، تواجه المحكمة الجنائية الدولية أزمة ثقة وعدم التزام بقراراتها فهي  ليس على أسر حال من قرارات محكمة العدل الدولية، إلا أن الأخيرة قراراتها ملزمة وقد تلجأ لمجلس الأمن لتنفيذ التدابير الخاصة بإنفاذ الحكم الصادر عنها، أما المحكمة الجنائية طلباتها ملزمة فقط على دول الموقعة على نظام روما الأساسي، بيد أن دولا مثل (الولايات المتحدة وروسيا وإسرائيل والصين والهند وباكستان) رفضوا الانضمام للمحكمة.

 

علاوة عن أن الجنائية الدولية تنظر في القضية الفلسطينية منذ انضمام فلسطين إلى نظام المحكمة في عامي 2014-2015، فإن المحكمة الجنائية الدولية مقيدة بالاختصاص الزمني وخصائص القانون الذي تطبقه.

 

وفي هذا الصدد، قال أبورمان إنه لا يخفى على أي شخص أن المحكمة الجنائية الدولية مسيطر عليها وغير حيادية في قراراتها، حتى أصدرت مذكرة اعتقال وملاحقة بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت، على خلفية إرتكاب جرائم حرب في غزة، والذي اعتبروه كثيرون أنه “سابقة تاريخية”.

 

في المقابل، أصدرت قرارًا يدعو إلى اعتقال قادة حماس، وقد اعتبره البعض أنه يخلق توازنًا غير مبرر بين القيادة السياسية والعسكرية لحماس وقادة الاحتلال الإسرائيلي الذين ارتكبوا جرائم في غزة.

 

وعلى خلفية إصدار محكمة العدل الدولية قرارا يفضي إلى تصنيف الحرب في غزة ” إبادة جماعية” ستواجه المحكمة الجنائية الدولية تحديات كبيرة وستكون أمام اختبار “حرج” كما سيتم الضغط عليها من أجل تفعيل اختصاصاتها بخصوص محاكمة المسؤولين، بما في ذلك رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزرائه، بارتكابهم جرائم حرب.

   كلمات دالة:المحاكم الدوليةمحكمة العدل الدوليةالمحكمة الجنائية الدوليةالإبادة الجماعيةغزةإسرائيل

© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com)

رولا أبو رمان

عملت رولا أبو رمان في قسم الاتصال والتواصل لدى جمعية جائزة الملكة رانيا العبدالله للتميز التربوي، ثم انتقلت إلى العمل كصحفية في موقع "نخبة بوست"، حيث تخصصت في إعداد التقارير والمقالات وإنتاج الفيديوهات الصحفية. كما تولت مسؤولية إدارة حسابات مواقع التواصل الاجتماعي.

انضمت رولا لاحقًا إلى فريق "بوابة الشرق الأوسط" كمحررة وناشرة أخبار على الموقع وسوشال ميديا، موظفة في ذلك ما لديها من مهارات في التعليق...

الأحدثترند موقف المحاكم الدولية من الإبادة الجماعية في غزة رحمة رياض تتألق باللون الأصفر في سحور رمضاني السعوية: التسوق والترفيه يتصدران إنفاق عطلة عيد الفطر السعوية: التسوق والترفيه يتصدران إنفاق عطلة عيد الفطر مسلسل لام شمسية .. رموز البوسترات ماذا تكشف عن الشخصيات؟ Loading content ... الاشتراك اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن إشترك الآن Arabic Footer Menu عن البوابة أعلن معنا اشترك معنا حل مشكلة فنية الشكاوى والتصحيحات تواصل معنا شروط الاستخدام تلقيمات (RSS) Social media links FB Linkedin Twitter YouTube

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن

اشترك الآن

© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com) Arabic social media links FB Linkedin Twitter

المصدر: البوابة

كلمات دلالية: المحاكم الدولية محكمة العدل الدولية المحكمة الجنائية الدولية الإبادة الجماعية غزة إسرائيل المحکمة الجنائیة الدولیة محکمة الجنائیة الدولیة محکمة العدل الدولیة المحاکم الدولیة جماعیة فی غزة جنوب إفریقیا إبادة جماعیة مجلس الأمن فی المحکمة جرائم حرب

إقرأ أيضاً:

وزير الشباب يُكرم أعضاء الوفود الدولية في مؤتمر فلسطين

وخلال التكريم، رحَّب وزير الشباب والرياضة بأعضاء الوفود المشاركين في المؤتمر في عاصمة الشموخ والصمود صنعاء التي تعتز وتُسعد باستضافة كل الأحرار.

وأشاد بمواقف المشاركين الذين حرصوا على حضور المؤتمر رغم الصعوبات والتحديات، ليسجلوا حضورهم الفاعل، ويؤكدون تضامنهم ومناصرتهم للقضية الفلسطينية ورفض جرائم العدوان الصهيوني على غزة وكل فلسطين.

وأشار المولَّد إلى أن انعقاد المؤتمر يأتي في ظل ظروف عصيبة ناجمة عن استمرار جرائم العدوان الإسرائيلي، الأمريكي على أبناء الشعب الفلسطيني واستهداف أحرار الأمة في اليمن ولبنان، من قبل قوى الظلم والشر العالمي، موضحاً أن المؤتمر يسلط الضوء على الجرائم التي يرتكبها العدو الصهيوني في فلسطين وخاصة في قطاع غزة والأوضاع المأساوية التي يعيشها أبناء الشعب الفلسطيني منذ عقود، في ظل استمرار الجرائم والمجازر التي يرتكبها الكيان الغاصب.

ودعا أحرار العالم إلى المزيد من التضامن ونصرة المظلومين من أبناء الشعب الفلسطيني، وتقبيح جرائم العدوان الإسرائيلي والسعي لإيقاف جرائمه، ورفع الحصار عن قطاع غزة وكل فلسطين.

من جانبهم عبَّر أعضاء الوفود المشاركة عن الامتنان لقيادة وزارة الشباب والرياضة على هذا التكريم الذي يُعبر عن أصالة وشهامة وإباء اليمنيين وعزّتهم وكرامتهم وكرمهم.

وأشاروا إلى أهمية انعقاد المؤتمر في ظل المؤامرات لقوى الهيمنة والاستكبار العالمي بقيادة أمريكا وإسرائيل وبريطانيا على شعوب المنطقة العربية والإسلامية، بما في ذلك محاولة تصفية القضية الفلسطينية والسعي لتهجير الفلسطينيين من بلادهم.

وأكدوا الحرص على استمرار التضامن مع الشعب الفلسطيني الذي يتعرض لحرب إبادة جماعية ودعم المقاومة لردع الكيان المؤقت، وإدانة العدوان الأمريكي على اليمن وما يرتكبه من جرائم يندى لها الجبين باستهداف العاصمة صنعاء ومختلف المحافظات.

وكان أعضاء الوفود المشاركة، قد زاروا المعرض التشكيلي "طوفان الأقصى" المُقام بصالة وزارة الشباب والرياضة، وطافوا بأجنحة وأقسام المعرض الذي يحوي على لوحات ومجسمات فنية ورسوم تعبيرية، عبَّرت عن عظمة تضحيات شهداء الأمة والشعب الفلسطيني في قطاع غزة وبسالة المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الصهيوني.

وأشاد الزوار بما تضمنته اللوحات من رسوم فنية جسدت مظلومية أبناء الشعب الفلسطيني في غزة وملاحمهم البطولية وصمودهم تجاه آلة الحرب الصهيونية الأمريكية، التي ترتكب أبشع المجازر في حق النساء والأطفال والشيوخ من أبناء الشعب الفلسطيني، في ظل صمت وتواطؤ أممي معيب.

مقالات مشابهة

  • وزير الشباب يُكرم أعضاء الوفود الدولية في مؤتمر فلسطين
  • الحماية الدولية للأطفال في غزة
  • في ختام ندوة بلندن.. دعوات لتحرك دولي عاجل لوقف الإبادة الجماعية في غزة
  • أعداد الشهداء الفلسطينيين تجاوز 50 ألفًا في حرب الإبادة الجماعية على غزة
  • مظاهرة في المغرب تنديدا بالإبادة الجماعية في غزة
  • المكتب الإعلامي في غزة ينشر بالأرقام إحصائية لجرائم الإبادة الجماعية في القطاع
  • حماس: جرائم حكومة نتنياهو انتهاك غير مسبوق للقوانين الدولية
  • شكوى ضد 8 إسرائيليين بتهمة التحريض على الإبادة الجماعية
  • النيابة العامة تحرك الدعوى الجنائية ضد متهم بارتكاب خمس جرائم قتل وإضرام نار في العجيلات