في يومٍ واحدٍ نصرٌ عزيز… وخذلانٌ مبين
تاريخ النشر: 23rd, March 2025 GMT
في يومٍ واحدٍ نصرٌ عزيز… وخذلانٌ مبين.
-عادل عبد الرحمن عمر –
إحساسان يختلفان طعمًا ولونًا ورائحة، ومشاعر اجتمعت في يومٍ واحد.
مثل برقٍ ورعدٍ ومطرٍ وثلجٍ، كل الفصول اختُصرت في يومٍ واحد.
كان ذلك بالأمس، الجمعة 21 من مارس 2025م، الموافق 21 من رمضان 1446هـ، قبل أن يجف خطاب الهزيمة لقائد التمرد الميليشياوي (حميدتي)، الذي ألقاه قبل أيامٍ قليلة من دخول القصر الجمهوري عنوةً واقتدارًا، وببسالةٍ نادرة من القوات المسلحة والفصائل المساندة لها، ومن خلفهم الشعب كله بالدعوات بالنصر.
هذا الالتفاف المدهش، الذي لم يسبق له مثيل في تاريخ السودان الحديث، قد أعزَّ به الله الشعب السوداني الذي ذاق مرارةً حامضةً من استكبار الميليشيا المتمردة، وتمثل ذلك في أوجه كثيرة:
القتل على الهوية، والاغتصاب، وحرق القرى عن بكرة أبيها، وإذلال الشيوخ والنساء، وسرقة ممتلكات الناس بغير وجه حق حتى أفقروهم تمامًا، فباتت بيوتهم خاوية على عروشها، غير ما سببته الحرب من نزوحٍ ولجوءٍ في بقاع العالم.
في أقل من عامين، انقلب حال أهل السودان من حالٍ إلى حالٍ آخر بفضل هذه الميليشيا الحاقدة، التي لم تستهدف الدولة السودانية فحسب، بل استهدفت غالب المواطنين، ولذا استحقت غضب الشعب ودعواته لها بالخيبة والهزيمة.
لم تُفِد الميليشيا كل ما هيّأت له من مراكز إعلامية متقدمة لتصبغ القوات المسلحة بفئة سياسية محددة؛ فقد أدرك الشعب مبتغى تلك المؤامرة التي تُحاك ضد قواته المسلحة، التي تمثل العمود الفقري للدولة السودانية، واكتشفنا الآن أنه لولاها لضاع السودان واحتلته المرتزقة وبقايا قبائل من شعوبٍ أخرى.
قصة معركة الكرامة، التي نعيش أحداثها الآن، هي قصةٌ من المفترض أن تُوثَّق توثيقًا تاريخيًا أمينًا بالصوت والصورة وبالأفلام الوثائقية؛ لترى الأجيال القادمة ماذا فعل الآباء والأجداد للحفاظ على الوطن الغالي في ظلِ هجمةٍ إقليميةٍ ودوليةٍ شرسة عليه.
ربما تولت دولةٌ كِبر المؤامرة، ولكن الخبث الأكبر كان وراء الصمت والضرب تحت الأحزمة؛ فقد تواطأت عددٌ من الدول القريبة والمجاورة للسودان، وعددٌ آخر من الدول الكبرى في العالم. ولكن بقدرة القوات المسلحة والشعب السوداني، وبعون الله من قبل ومن بعد، استطاع السودان الخروج منتصرًا، ومبتهجًا، وفرحًا بهذه النتيجة العادلة المشرفة: سقوطٌ وانهيارٌ كامل للميليشيا، وعلوُّ كعبٍ للقوات المسلحة وشعبها.
فقدنا عددًا واسعًا من الشهداء، وضاعت الممتلكات عبر سرقاتٍ ممنهجة من الميليشيا، وطُرد الناس عنوةً من بيوتهم بقوة السلاح، ولكن في ختام المطاف استعدنا كرامتنا كاملةً غير منقوصة، وذلك ببسالة جيشنا العظيم وقيادته الموحدة التي قادته باقتدار إلى هذا النصر المؤزر.
الآن، فليفرح الشعب بالانتصارات التي حققها جيشنا، والتي سيواصل فيها حتى خروج آخر متمردٍ من هذه الأرض الطاهرة، سواءً في الغد أو في أي بقعةٍ أخرى في السودان. وهذا بمثابة العيد الكبير لكل السودان.
التخلص من السرطان الذي انتشر في أجزاء واسعةٍ من البلد ليس سهلًا، ولكنه ممكن، وقد تحقق بفضل سواعد أبناء البلد، سواءً في قواته المسلحة أو القوات المساندة الأخرى.
هي تجربةٌ خطيرةٌ جدًا اجتازها أهل السودان بالصمود والتصدي، وبتر بعض أجزائه المعطوبة، والمتمثلة في تقدمٍ وصمودٍ ومضيٍّ إلى غايته لا يلوي عنقًا، ليلامس المجد من جديد
عادل عبد الرحمن عمر
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: فی یوم
إقرأ أيضاً:
ماذا جاء في رسالة الإمارات لمجلس الأمن بشأن ترويج ممثل القوات المسلحة السودانية لمعلومات مضللة؟
أكدت دولة الإمارات في رسالة رسمية موجهة إلى مجلس الأمن، الأربعاء، رفضها القاطع لمحاولات الممثل السوداني استغلال تقرير فريق خبراء الأمم المتحدة الأخير، بشكل مغلوط لدعم الحملة التضليلية للقوات المسلحة السودانية، مشددة على أنه أمر لا يمكن التساهل معه.
واستنكرت دولة الإمارات في رسالة نشرتها البعثة الدائمة للدولة لدى الأمم المتحدة، إصرار ممثل السودان لدى الأمم المتحدة على إساءة استخدام المحافل الدولية منذ العام الماضي في نشر معلومات مضللة ضد الإمارات بناءً على توجيهات من القوات المسلحة السودانية، أحد الأطراف المتحاربة في الحرب الأهلية في السودان، حيث قام في سياق هذه الحملة المضللة باستغلال وتحريف تقارير ونتائج فريق الخبراء المعني بالسودان عبر:
- نشر تقارير سرية مُقدمة إلى اللجنة، مما يهدد نزاهة عمليات وآليات رصد العقوبات ومجلس الأمن.
- نشر أجزاء منتقاة من تقرير فريق الخبراء أُخرجت من سياقها لتأييد روايات القوات المسلحة السودانية، مع تعمد تجاهل الأجزاء أو الاستنتاجات الواردة ضمن التقرير والتي تتناقض مع هذه الادعاءات أو لا تدعمها.
- تحريف الاستنتاجات الواردة في التقرير النهائي لفريق الخبراء قبل نشره كوثيقة من وثائق مجلس الأمن. فعلى سبيل المثال، عمد ممثل السودان في بيانه أمام مجلس الأمن بتاريخ 13 مارس 2025 إلى الاقتباس بشكل مغلوط من التقرير النهائي لفريق الخبراء وحاول تقويض مصداقيته!.
وتابعت دولة الإمارات في رسالتها: «على عكس الادعاءات الكاذبة لممثل السودان، نشير إلى أن التقرير النهائي المقدم من فريق الخبراء المعني بالسودان وفقًا للفقرة الثانية من القرار 2725 (2024) لم يتضمن أي استنتاجات ضد دولة الإمارات العربية المتحدة، ولم يؤكد صحة أي ادعاء من ادعاءات ممثل السودان».
وشددت الإمارات على أن موقفها كان واضحاً منذ بداية الصراع، إذ لم تقدم أي دعم أو إمدادات إلى أي طرف من الأطراف المتحاربة في السودان منذ اندلاع الحرب الأهلية في إبريل 2023.
ولفتت الإمارات إلى أن تأخر نشر تقرير فريق الخبراء الأممي المعني بالسودان أتاح المجال لممثل السودان لتشويه مضمون التقرير بشكل متكرر، مطالبة في هذا الصدد مجلس الأمن باتخاذ التدابير اللازمة لضمان عدم تكرار ذلك مستقبلاً.
وجاء في رسالة بعثة الدولة: «إن الإمارات لن تسمح للادعاءات التي لا أساس لها من الصحة التي يروجها ممثل السودان، والذي يمثل مصالح أحد الأطراف المتحاربة التي نفذت انقلاباً عسكرياً في عام 2021 أطاح بالقيادة المدنية للحكومة الانتقالية، بأن تصرف انتباهها عن معالجة الكارثة الإنسانية في السودان والناجمة عن الحرب الأهلية بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع. حيث ستواصل دولة الإمارات دعوتها إلى الوقف الفوري لإطلاق النار. وإيجاد حل سلمي لهذا الصراع».
كما أشارت الإمارات إلى مشاركتها مؤخراً في مؤتمر لندن حول السودان، وانخراطها بفاعلية وحسن نية في دعم الانتقال نحو حكومة مدنية مستقلة فيه، وعكس مسار الانقلاب العسكري الذي وقع عام 2021، داعية في هذا الصدد مجلس الأمن بعدم السماح لمحاولات ممثل السودان بصرف انتباه المجتمع الدولي عن الوضع الإنساني في هذا البلد، خاصة في ظل التجاهل الصارخ من كلا الطرفين المتحاربين للقانون الإنساني الدولي.
وشددت دولة الإمارات على أن القانون الإنساني الدولي لا يعترف بحق أي طرف في عرقلة إيصال المساعدات المنقذة للحياة، داعية المجتمع الدولي إلى اتخاذ موقف موحد، مؤكدة على أن «السيادة لا يمكن استخدامها بشكل تعسفي لتبرير التجويع، أو لحماية من يعرقلون وصول المساعدات الإنسانية، أو يستهدفون موظفي الإغاثة الإنسانية والمدنيين، فالمدنيون في السودان يستحقون الحماية، والوصول إلى المساعدات».
وطالبت دولة الإمارات، الأمم المتحدة باتخاذ رد أكثر حزماً تجاه العرقلة الممنهجة للمساعدات واستخدامها كسلاح، وإدانة أي من الطرفين المتحاربين علناً عندما يُعرقل وصول المساعدات الإنسانية، معتبرة أن الوضع الميداني يتطلب اتخاذ إجراءات ملموسة، بما في ذلك، اتخاذ التدابير الضرورية التي تضمن الامتثال للقانون الإنساني الدولي، وحماية المدنيين كما ورد في إعلان جدة، وإنشاء ممرات إنسانية كافية للسماح بدخول المساعدات الإنسانية لتلبية احتياجات السكان بشكل كافٍ.
وأوردت رسالة دولة الإمارات: «لقد أدت أفعال القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع إلى إطالة أمد هذه الأزمة، ويجب محاسبة كلا الطرفين على ما ارتكباه من فطائع. فلا يمكن لأي من الطرفين أن يدّعي الشرعية في الوقت الذي يرتكب فيه مثل هذه الانتهاكات الجسيمة. لذلك، من الضروري أن تشرع الأطراف المتحاربة في الانخراط فوراً، وبحسن نية، ودون أي شروط مسبقة في المفاوضات. فلا يمكن قبول رفض القوات المسلحة السودانية المتكرر للمشاركة في المحادثات، ويجب إدانة أي طرف يمتنع عن المشاركة بجدية بشكل علني».
وكررت دولة الإمارات تأكيدها على أن تحقيق السلام واستدامته في السودان يتطلب من المجتمع الدولي توحيد جهوده لدعم عملية سياسية قابلة للتطبيق ذات هدف واضح، وهو الانتقال إلى حكومة مدنية مستقلة عن سيطرة الجيش، مشددة على أنها ستواصل دعمها الثابت للشعب السوداني، فعلى مدار العقد الماضي، قدمت الإمارات أكثر من 3.5 مليار دولار أمريكي مساعدات للشعب السوداني، مؤكدة التزامها بمساعدة المحتاجين في أوقات الأزمات.
ونوهت دولة الإمارات بأنه منذ اندلاع الحرب الأهلية في عام 2023، تعهدت بتقديم أكثر من 600 مليون دولار أمريكي مساعدات إنسانية، وأرسلت 162 رحلة إغاثة، ونقلت أكثر من 12 ألف طن من المواد الغذائية والطبية ومواد الإغاثة، مجددة التأكيد على مواصلتها العمل بتعاون وثيق مع شركائها من أجل الدفع قدماً بعملية فعالة ومشتركة تهدف إلى بناء مستقبل سلمي وموحد ومشرق في السودان.