كشف الهجوم الذي يقوده اليمين الفرنسي، منذ فترة ضد الجزائر، بعض جوانب الضعف والخلل في تعامل النخبة المثقفة الجزائرية مع الأمر، والتي تنطلق غالبا من زاوية رد الفعل التي حشرت فيها نفسها منذ عقود طويلة، أو حُشرت فيها لأسباب تتعلق بمنظومة عامة أكثر قهرا، وأقل انفتاحا في جوانبها السياسية والفكرية والسوسيولوجية.
لقد استغل اليمين الفرنسي النيوكلونيالي أعمال الإبادة والسطو على كل فرصة ممكنة، للإشادة بالأعمال الإرهابية الاستعمارية في الجزائر، ولم تنل فرنسا في الواقع ردودا قوية وحاسمة، وهي تقر قانون تمجيد الاستعمار في 23 فبراير 2005، وتكرم الحركى والخونة من الجزائريين دون غيرهم.
وباستثناء بعض الأصوات السياسية التي فشلت أساسا في وضع مقاربة لمقارعة هذا التغوُّل والاستهتار الفرنسي بحقائق التاريخ، لم تكن بعض تلك الأصوات المرفوعة هنا وهناك، إلا لتسجيل الحضور وممارسة السياسة السياسيوية. وهو ما جعلها تنطفئ في وقتها ولا تترك أثرا على مستوى النقاش والسجال المؤسّس.
والحقيقة أن النخب الجزائرية، متقطعة بين ضفتين، ضفة الامتيازات والمزايا التي وفرتها فرنسا الاستعمارية سابقا لفئات تحمل في تكوينها قابلية كبيرة للتعايش مع هذا النظام الاستعماري ثقافيا ودينيا، ويمكن جعل بوعلام صنصال نموذجا للمثقف المتماهي مع هذا الإرث، من خلال تنصله من ديانته الإسلامية، وتمجيده فتراتٍ انتقائية من تاريخ الاستعمار، وهذا النوع يمكن أن يتحول في لحظة السجالات والصراع إلى معول هدم داخلي، ويمكن فهم ذلك جيدا من توقيت محاولته التشكيكَ في الوحدة الترابية للجزائر. وصنف آخر من المثقفين، يمكن أن يطلق عليه المثقف اللامبالي وهو صنف غير منخرط أصلا في مسألة الدفاع عن التاريخ الفكري والسياسي للوطن والاصطفاف وراء، فكرة الصراع أصلا. وهذا النوع من النخب غالبا ما يكون عابر سبيل وعبئا على المجموعة الوطنية في هذا الوضع.
غير أن الأخطر من هذا كله، يمكن رصده في ضعف النخب التي تتصدر مشهدية المواجهة، وتوكل لها مهمة مقارعة هذه الحملة الاستعمارية الجديدة، فهي بقدر ما تحدِث من الضجيج ضجيجا عاليًّا، لا نرى لها طحينا لأنها ضعيفة التكوين وقليلة التدريب وهي مثل العسكري الذي يجند مباشرة على جبهة القتال، دون أن يخضع إلى برنامج تدريبي وتكويني، يمكّنه من الثبات في المعركة والزحف في الهجوم والتسديد في مقتل. وأمام هذا النوع من النخب الضعيفة، تضيع القضايا، وتُخسر المعارك.
لقد واجه الكاتب والروائي رشيد بوجدرة في سنة 1981، بيار لافو الصِّحافي الفرنسي ومدير “صدى وهران” أثناء الاحتلال، المنحاز لأطروحات اليمين المتطرف وبقايا منظمة “أو آس” في عُقر داره، في بلاطو تلفزيوني، ولقَّنه درسا عبر تدخل قوي بحجج تاريخية ومنطقية، في وقت تعجز الآن نخبتنا عن مسايرة ما يحدث، وتترك الدفاع عن “الحقيقة التاريخية” للفرنسيين من أمثال جون ميشال أباتي. نموذج بوجدرة في الحقيقة، لم ينقطع وهو موجود الآن، لكن مسؤولية خفوت صوته لا يمكن أن يتحمّلها وحده، فالأمر يتجاوزه إلى منظومة سياسية لم تضع في الحسبان أن معركة التاريخ لم تُحسم بعد وإن حُسمت معركة التحرير.
لقد حان الوقت لإعادة صياغة مقاربة حقيقية، تدفع النخب إلى الواجهة والمواجهة الفكرية والعقائدية بعيدا عن الإسفاف والانتهاء من الزج بالمتسلقين في معركة لا يملكون أدواتها.
(الشروق الجزائرية)
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه الجزائر النخبة الاستعمارية فرنسا فرنسا الجزائر استعمار نخب اقتصاد سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
دراسة حديثة: فقدان الوزن لمرضى السكري من النوع الثاني يزيد فرص الشفاء
أكدت دراسة حديثة، أن فقدان الوزن بشكل كبير لدى مرضى السكري من النوع الثاني، يزيد فرص الشفاء الجزئي أو الكلي من المرض.
وأجرى الباحثون تحليلا شمل مراجعة نتائج 22 تجربة عشوائية سابقة، لفحص تأثير فقدان الوزن على مرضى السكري من النوع الثاني الذين يعانون من زيادة الوزن أو السمنة.
وكشفت الدراسة، أن 50% من المرضى الذين فقدوا ما بين 20% و29% من أوزانهم تمكنوا من تحقيق الشفاء التام، بينما ارتفعت النسبة إلى 80% بين من فقدوا 30% من أوزانهم.
ويعرف الشفاء التام بعودة مستويات الهيموجلوبين السكري (HbA1c) - وهو مقياس يعكس متوسط السكر في الدم خلال الأشهر القليلة الماضية - أو مستويات السكر أثناء الصيام إلى وضعها الطبيعي، دون الحاجة إلى استخدام أدوية السكري.
اقرأ أيضاًمرض السكري.. الأسباب والأعراض وطرق الوقاية
كيف يحقق مريض السكري التوازن بين الأدوية ونمط الحياة الصحي؟
اعرف طرق علاج مرض السكري من حسام موافي.. «فيديو»