الحرب الناعمة عبر الدراما الرمضانية.. كيف يُعاد تشكيل الوعي دون أن نشعر؟
تاريخ النشر: 23rd, March 2025 GMT
في شهر رمضان الكريم، يتحوّل المشهد الإعلامي إلى ساحة تنافس محمومة بين القنوات الفضائية التي تعرض مسلسلات درامية تجذب ملايين المشاهدين. وعلى الرغم من أن شهر رمضان يعد وقتًا للتوبة والتقوى، إلا أن هذه الأعمال الدرامية تحمل في طياتها رسائل قد تبدو خفية ولكنها مؤثرة بشكل كبير. فبدلاً من أن تقتصر على تقديم الترفيه، أصبحت المسلسلات الرمضانية وسيلة استراتيجية لإعادة تشكيل وعي الأفراد والمجتمعات.
الدراما كأداة للتأثير الناعم
لم تعد الدراما مجرد فن يروي قصصًا، بل أصبحت سلاحًا ثقافيًا قادرًا على التأثير في المجتمعات عبر رسائل غير مباشرة تُمرَّر بسلاسة من خلال الشخصيات والأحداث. إذ يُعاد رسم صورة الأسرة والمجتمع في بعض المسلسلات بطريقة تغيّر نظرة المشاهد نحو العلاقات الأسرية والاجتماعية. فنجد الأب متسلطًا أو ضعيفًا، والأم مستبدة أو مغيّبة، بينما يتم تقديم الشخصيات المتمردة على القيم والتقاليد كرموز للتحرر والنجاح.
كما تلعب الدراما دورًا في تطبيع بعض السلوكيات التي قد تكون مرفوضة مجتمعيًا، مثل العلاقات غير الشرعية، والانفصال عن الهوية الدينية، وحتى إعادة تعريف مفاهيم مثل الشرف والالتزام الأخلاقي، مما يؤدي إلى تغييرات تدريجية في القيم المجتمعية.
إعادة كتابة التاريخ والوعي السياسي عبر الدراما
تُعد المسلسلات أيضًا أداة قوية لإعادة صياغة الأحداث التاريخية وتقديم قراءات منحازة للوقائع السياسية. فبعض الأعمال تقدّم شخصيات معينة كأبطال، بينما تُشوّه شخصيات أخرى أو تُهمّش تمامًا، مما يُعيد تشكيل وعي المشاهد بطريقة غير واعية.
تكمن خطورة هذه الاستراتيجية في أن المشاهد لا يتلقى المعلومات بشكل مباشر، بل من خلال حبكة درامية تجعله يتفاعل عاطفيًا مع القصة، مما يسهل زرع قناعات جديدة لديه دون أن يدرك أنه يتعرض لعملية تأثير ممنهجة. وبهذا، تصبح الدراما سلاحًا ثقافيًا يُستخدم لتوجيه الجماهير وفقًا لأجندات معينة.
دور البرامج المصاحبة في تعزيز التأثير
لا يقتصر تأثير الحرب الناعمة على المسلسلات فقط، بل يمتد إلى البرامج الحوارية التي ترافقها، حيث تُناقَش القضايا المطروحة في الدراما وكأنها حقائق مسلم بها. وعندما يُستضاف كُتّاب السيناريو والمخرجون والممثلون لتحليل “القضايا الاجتماعية” التي طرحها العمل، يتم تكريس الأفكار التي يراد تمريرها، مما يمنحها طابعًا أكثر شرعية في نظر الجمهور.
ختامًا:
لم تعد المسلسلات الرمضانية مجرد وسيلة للترفيه، بل تحوّلت إلى ساحات للحرب الناعمة، حيث يُعاد تشكيل العقول والقيم تحت غطاء الدراما المشوقة. فبينما يستمتع المشاهد بالقصة، قد يكون في الواقع هدفًا لعملية إعادة برمجة فكرية تجري دون أن يلاحظ. والسؤال الذي يجب أن نطرحه على أنفسنا هو: هل نعي حجم التأثير الذي تمارسه هذه الأعمال علينا؟ أم أننا ما زلنا نعتقد أننا مجرد متفرجين؟ في النهاية، الوعي هو السلاح الوحيد في مواجهة التلاعب، ومن يفتقده، يصبح فريسة سهلة للحرب الناعمة!
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
يسرى الشرقاوى:نشعر بقراءة جديدة للملف الضريبى ومنهجية مختلفة فى التعامل مع التحديات
أكد د. يسرى الشرقاوى، مستشار الاستثمار الدولى، رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين الأفارقة، أن القطاع الخاص مع تطبيق الحزمة الأولى للتسهيلات الضريبية بدأ يشعر بقراءة جديدة للملف الضريبى ومنهجية مختلفة من جانب وزارة المالية ومصلحة الضرائب المصرية، فى التعامل مع التحديات، موضحًا أن حزمة الإصلاحات تسهم فى تقليل العبء الضريبى عن كل الممولين، وتحفِّز رواد الأعمال وتحقق العدالة الضريبية وتجذب ممولين جدد.
أضاف الشرقاوى أن مبادرة التيسيرات الضريبية، التى أطلقتها وزارة المالية ومصلحة الضرائب المصرية، تعكس توجه الدولة الداعم لتمكين القطاع الخاص خاصة الشركات الناشئة، وترسِّخ لشراكة حقيقية قائمة على الثقة والمساندة واليقين، على نحو انعكس فى إيجاد آليات مبسطة لإنهاء وتسوية المنازعات الضريبية، مشيرًا إلى أن هذه الإصلاحات الجوهرية تُحقق حالة من الارتياح لدى المجتمع الضريبى، وتُمهد لصفحة جديدة بينهم وبين مصلحة الضرائب المصرية، وتؤكد أن الدولة تمضى على الطريق الصحيح؛ لزيادة الناتج المحلى الإجمالي، وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة.