دلالات تزامن العدوان على اليمن واستئناف الحرب على غزة
تاريخ النشر: 23rd, March 2025 GMT
لا شك أن استئناف الحرب على غزة وتزامنه مع العدوان الغاشم على اليمن هو أمر منسق بين الكيان وراعيه الأمريكي، وهو تفسير لكل المماطلات الصهيونية للدخول في المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار، وتأكيد على القيادة الأمريكية للعدوان وعلى أن الأمر لا يقتصر على الدعم أو مجرد الانحياز للكيان، وهو ما بدا جليًا في كون الكيان يروع السكان في غزة بيد، بينما تقوم أمريكا بأيادٍ الأخرى بالعدوان على جبهات الإسناد لإتمام مخطط التهجير.
ورغم احتفاء بعض وسائل الإعلام العربية بما اعتبرته تراجعًا في تصريحات ترامب بشأن خطة التهجير لأهالي غزة، فإنه سرعان ما كشفت التقارير وكشفت الممارسات الأمريكية بالعدوان على اليمن، عن إصرار أمريكي على المضي في خطط التصفية للقضية والعبث بتوزانات القوى في المنطقة عبر حشر المقاومة في زاوية ضيقة ومحاولة إنهاء وحدة الساحات.
وهذه التصريحات التي أطلقها ترامب لم تكن بحاجة لدلائل لإثبات أنها مجرد خداع، حيث قالت التصريحات إنه لن يتم طرد أي فلسطيني من غزة، وهذا لا يعد تراجعًا لأن الخطة لم تطرح طرد الفلسطينيين وإخراجهم قسرًا، بل تحدثت عن (هجرة طوعية) بدعوى أن القطاع مدمر ولا يصلح للعيش، وهو ما حاولت مصر في خطتها التي تبنتها القمة العربية أن تثبت أن الإعمار وإعادة الحياة للقطاع ممكنة دون خروج أهل غزة من أرضهم.
والإصرار الأمريكي يتبين جليًا في رفض الخطة وعدم إعطائها حتى فرصة المناقشة بشكل أقرب إلى التجاهل المسبق العمدي، كما يتبين في حصار القطاع واستمرار تحويله لمكان غير صالح للعيش عبر منع المساعدات وتجويع وتعطيش الأهالي واستمرار العدوان “الإسرائيلي” ولو بشكل متقطع، ولكنه يكفي لنزع الأمان، وبالتالي يستمر القطاع مكانًا طاردًا للسكان وقابلًا لنجاح خطة (الهجرة الطوعية).
ولم تكتفِ أمريكا بدعم انتهاك اتفاق وقف إطلاق النار ودعم استمرار الحصار والتجويع في غزة، بل سارت في مسارين، سياسي وعسكري، لإطباق الحصار على غزة وإنجاح خطتها الشيطانية.
ويتمثل المسار السياسي في الاتصالات التي كشفتها وسائل الإعلام، وتحديدًا وكالة “آسوشيتد” برس عن اتصالات أمريكية شملت كلًّا من السودان، والصومال، وإقليم أرض الصومال الانفصالي، لعقد صفقات بموجبها يتم استقبال من يرغب في الخروج طوعًا من غزة مقابل حوافز مالية وسياسية وعسكرية، تشمل الدعم الاقتصادي والعسكري والاعتراف الدولي في حالة إقليم أرض الصومال الانفصالي.
ويتمثل المسار العسكري في العدوان على كل من يعرقل الحصار الصهيوني، وهو ما حدث مع اليمن بعد أن انبرى اليمن لكسر الحصار بفرض حصار مضاد على الكيان الصهيوني عبر عودة استهداف السفن المتجهة إلى الكيان.
هنا تحارب أمريكا بنفسها من يقاوم الكيان ومن يفك الحصار عن غزة ويساندها، وهو ما يدل على أمرين في غاية الأهمية:
الأول: هو أن الكيان فاشل في المواجهة مع اليمن ولا يستطيع الحرب بمفرده معها وأنه يخشى مواجهة مباشرة مع أنصار الله وعودة استهداف العمق الصهيوني وهو ما يؤكد هشاشة هذا الكيان الذي لا يستقوي إلا على المدنيين العزل ولا يجيد إلا خرق الاتفاقيات والعهود واستغلال التفاهمات السياسية لاقتناص مكاسبه التكتيكية.
الثاني: هو أن أمريكا هي القائد الفعلي للعدوان وأن خطة التهجير هي مشروع “جيوسياسي” أمريكي بامتياز، ولكنه يستخدم القناع الصهيوني ويوظف الكيان كخادم لمشاريعه الاستراتيجية.
والمتابع للتقارير والتصريحات الصهيونية، يكتشف أن الكيان يستهلك الوقت لتمرير خطة التهجير التي تتلاقى مع أشواق المتطرفين المهووسين في الكيان، فقد شدد وزير المالية الصهيوني، “بتسلئيل سموتريتش”، على أن العمل جارٍ من أجل تنفيذ خطة ترامب للاستيلاء على غزة وترحيل أهلها، مع إجراء عملية توسيع ضخمة للاستيطان في الضفة الغربية أيضاً.
كما أكد مسؤولون أمريكيون و”إسرائيليون”، وجود اتصالات بالفعل مع الصومال وأرض الصومال الانفصالية، وأكد الأمريكيون وجود اتصالات مع السودان أيضًا، وقالوا إنه لم يتضح مدى التقدم الذي أحرزته الجهود أو مستوى المناقشات، وأشاروا إلى أن “إسرائيل” وأمريكا لديهما مجموعة من الحوافز المالية والدبلوماسية لتقديمها لـ “الشركاء المحتملين”.
لا شك أن حشر اسم إيران في عناوين الإعلان الأمريكية عن استهداف اليمن هو توظيف سياسي للعدوان يهدف إلى ردع إيران عن التدخل أو مساندة غزة وتهديد مبطن مفاده أن أمريكا جادة في التحرك العسكري، كما أن الصمت العربي يشي باكتفاء العرب بمنع التهجير لمصر والأردن وأن لا مانع من الخروج إلى أماكن أخرى وبالشكل (الطوعي) الذي يحفظ ماء وجوههم.
كما أن تزامن العدوان الأمريكي على اليمن واستئناف الحرب على غزة هو إعلان عن الاصطفاف الصهيو-أمريكي في قراءة متوهمة بأن الإسناد لغزة لم يعد موجودًا بعد وجود اتفاق مع لبنان واستعراض العضلات الأمريكية باليمن، وبعد ثبات الضعف والعجز العربي الرسمي.
ولكن الأمور لا تسير بهذا الشكل، حيث أعلن اليمن عن التصعيد وقام باستهداف حاملات الطائرات الأمريكية وأعلن عن مزيد من التصعيد في تلويح بأنه استئناف لاستهداف الكيان، ولم تصدر أي إشارة للتراجع من أي جبهة مقاومة، كما أن الإشارات الصادرة من داخل غزة كلها تفيد بتمسك أهل غزة بأرضهم مهما كان الحصار والتجويع والتعطيش، وهو ما يشي بمرحلة جديدة من التصعيد في حرب الإرادة الوجودية التي لن تفرط جبهات المقاومة في ثابت واحد من ثوابتها بها.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
اتساع نطاق الاحتجاجات داخل الكيان ورئيس أركان العدو يحذر حكومة نتنياهو من وجود نقص كبير في الجيش
المحتجون: حرب غزة باتت لخدمة مصالح شخصية وسياسية.. وحياة الأسرى في خطر حقيقي
الثورة / متابعة/حمدي دوبلة
يعيش كيان الاحتلال الصهيوني حالة انقسام وتصدع داخلي متفاقم، وفيما تتسع حملات توقيع العرائض المطالبة بإنهاء الحرب على غزة من قبل عسكريين وسياسيين صهاينة، يعاني جيش العدو من وجود نقص كبير في عدد المقاتلين في أوساطه، بحسب ما أكده رئيس الأركان الصهيوني الجديد إيال زامير، الذي حذر حكومة نتنياهو من وجود نقص كبير في عدد المقاتلين بالجيش، مما قد يحد من فرص تحقيق أهداف الحرب على قطاع غزة التي وصفها المحتجون بأنها باتت لخدمة مصالح سياسية وشخصية في إشارة إلى نتنياهو، ما يجعل حكومته أمام ضغوطات وخيارات محدودة.
فخلال الساعات الماضية انضم المزيد من العسكريين والسياسيين إلى قائمة المطالبين بإنهاء الحرب وإعادة الأسرى وأبرزهم – وفقا للإعلام العبري – عسكريون يخدمون في لواءي المظليين والمشاة وآخرون من جهاز الاستخبارات العسكرية
كما انضم رئيس الوزراء الصهيوني الأسبق إيهود باراك والرئيس الأسبق لهيئة الأركان دان حالوتس، أمس، إلى عريضة تطالب بإعادة الأسرى المحتجزين لدى الفصائل الفلسطينية ولو على حساب إنهاء الحرب على غزة، وقعها 1525 عسكريا من سلاح المدرعات.
وقالت صحيفة “معاريف” الإسرائيلية في عددها الصادر أمس الاثنين إن عريضة موقعة من 1525 من أفراد سلاح المدرعات، من الرماة إلى الجنرالات”.
وذكرت أنه “في أقل من 48 ساعة وقّع 1525 جنديا من سلاح المدرعات عريضةً تدعو الحكومة “الإسرائيلية” إلى بذل كل ما في وسعها لإطلاق سراح الأسرى، حتى لو كان ذلك على حساب وقف القتال”.
وأضافت الصحيفة العبرية: “من بين الموقعين جنود عاديون خدموا في سلاح الدبابات وأصبحوا مواطنين دون أن يلتحقوا بكلية ضباط، وجنود قدامى، وقادة صغار، بالإضافة إلى كبار ضباط الجيش “الإسرائيلي” السابقين – رؤساء ضباط مدرّعات، وقادة فِرَق”.
وتابعت عن محتوى العريضة: “جميعهم يؤكدون أن هذه ليست دعوة لرفض الخدمة العسكرية، بل هي تعبير عن موقف مدني مشروع”.
وذكرت الصحيفة أن “قائمة الموقعين تضم من سلاح المدرعات، من بين آخرين، رئيس أركان الجيش إيهود باراك، والقائد الأسبق للمنطقة الوسطى بالجيش عمرام ميتسناع، والقائد السابق لأركان الجيش دان حالوتس، والرئيس الأسبق لشعبة الاستخبارات العسكرية عاموس مالكا، والقائد الأسبق للمنطقة الوسطى بالجيش آفي مزراحي، والقائد الأسبق لوحدة اللواء الرابع عشر المدرعة أمنون ريشيف”.
إلى ذلك، حذر حذّر رئيس الأركان “الإسرائيلي” الجديد إيال زامير الحكومة من وجود نقص كبير في عدد المقاتلين بالجيش، مما قد يحد من طموحاتها بقطاع غزة الذي تخوض ضده حربا منذ 18 شهرا.
ونقلت صحيفة يديعوت أحرونوت عن مسؤولين عسكريين، امس الاثنين، أن زامير أبلغ نتنياهو أن نقص الجنود المقاتلين قد يحد من قدرة الجيش على تحقيق طموحات قيادته السياسية في غزة، وسط القتال المستمر مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس).
وقال المسؤولون إن زامير، الذي تولى مؤخرا قيادة جيش الدفاع الإسرائيلي، أبلغ نتنياهو ومجلس وزرائه أن الاستراتيجيات العسكرية وحدها لا يمكنها تحقيق جميع الأهداف في غزة، لا سيما في غياب مسار دبلوماسي مكمل.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول عسكري إسرائيلي كبير، لم تسمه، قوله إن زامير “لا يُزيّف الحقائق، بل يُطالب القيادة بالتخلي عن بعض أوهامها”، وفق تعبيره.
وذكرت يديعوت أحرونوت أن وفقا لمعطيات الجيش فإن معدلات مشاركة جنود الاحتياط الحالية في الوحدات القتالية تتراوح ما بين 60 إلى 70 %، وتمّ إبلاغ نتنياهو وكبار الوزراء بذلك بالكامل.
وقال مسؤول عسكري للصحيفة العبرية إن هناك قلقا من أن هذه النسب لن تتحسن إذا شن هجوم أوسع في غزة.
وكشف تقرير “إسرائيلي” حديث أن جيش الاحتلال يواجه أكبر أزمة رفض منذ عقود، إذ أن أكثر من 100 ألف “إسرائيلي” توقفوا عن أداء الخدمة الاحتياطية، ويرفض بعضهم الانضمام للحرب على قطاع غزة بدوافع “أخلاقية”.
وذكرت مجلة 972 العبرية أن الأرقام المتداولة حول عدد جنود الاحتياط الذين يبدون استعدادهم للخدمة العسكرية غير دقيقة، مشيرة إلى أن النسبة الحقيقية هي أقرب إلى 60% فقط، بينما تتحدث تقارير أخرى عن نسبة تحوم حول 50 %.
والخميس الماضي، صدّق زامير على قرار فصل قادة كبار ونحو ألف جندي احتياط من الخدمة، وذلك بعد توقيعهم على رسالة تدعو لإنهاء حرب غزة.
وأكد زامير أن توقيع هؤلاء الجنود على العريضة يُعتبر أمرا خطيرا، مشيرا إلى أنه لا يمكن للمجندين في القواعد العسكرية التوقيع على رسائل ضد الحرب ثم العودة إلى الخدمة.
وكان 970 من جنود الاحتياط الحاليين والسابقين في سلاح الجو الإسرائيلي، قد نشروا رسالة تدعو إلى إعادة جميع الأسرى الإسرائيليين من غزة، حتى لو على حساب إنهاء الحرب المستمرة منذ أكثر من عام ونصف العام.
وفي مطلع مارس الماضي، كشف تقرير ليوآف زيتون المحلل العسكري لصحيفة يديعوت أحرونوت، الضوء عن الصعوبات التي يواجهها الجيش الاحتلال، منها نقص القوى البشرية، والضغوط التشغيلية والنفسية، والتحديات اللوجيستية التي تهدد قدرته على الحفاظ على استقرار الجبهات المختلفة.
واعترف زيتون بأن الجيش خسر أكثر من 12 ألف جندي منذ بداية الحرب الأخيرة على غزة، بين قتلى وجرحى. بالإضافة إلى ذلك، فإن الزيادة في عدد القوات المطلوبة للدفاع عن الحدود، وتوسيع الوحدات العسكرية مثل وحدات المدرعات والهندسة، أدت إلى عجز كبير في عدد الجنود المتاحين.
وتأتي هذه التطورات، فيما تتزايد موجة الانتقادات لسياسة نتنياهو وخرقه اتفاق وقف إطلاق النار مع “حماس” في غزة والتي انعكست في توقيع عرائض مشابهة، متهمين رئيس الحكومة بتعريض حياة الأسرى “الإسرائيليين” بالقطاع للخطر.
وفي وقت سابق وصف الرئيس الأسبق لأركان الجيش الإسرائيلي دان حالوتس، رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بأنه “عدو يشكل تهديدا مباشرا لأمن إسرائيل ويجب إخضاعه أو أسره”، فيما رد حزب “الليكود باعتبار أن التصريحات تمثل تحريضا خطيرا يشجع دعوات اليسار المتطرف لاغتياله.
وامس الأول أيضا، حذّر الرئيس الأسبق لجهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) عامي أيالون، من أن الأسرى المحتجزين بغزة لن يعودوا إذا واصل نتنياهو خرق وقف إطلاق النار المبرم مع “حماس”.
وأكدت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية، أن أكثر من 1600 من قدامى الجنود في لواءي المظليين والمشاة، وقعوا على رسالة تدعو إلى إعادة جميع الأسرى، حتى لو كلّف ذلك وقف الحرب. وجاء في الرسالة: “نحن جنود وقادة لواءي المظليين والمشاة، الذين تحمل رايتهم عبارة: لن يُترك أي جندي خلفنا، ندعو إلى إعادة الرهائن، حتى لو كان ذلك يعني وقف الأعمال العدائية. هذه دعوةٌ لإنقاذ الأرواح”.
من جهتها، قالت إذاعة جيش الاحتلال، أمس، إن نحو 170 خريجا من برنامج “تلبيوت” التابع للاستخبارات العسكرية وقّعوا رسالة طالبوا فيها بإطلاق سراح الأسرى عبر إنهاء الحرب، دون دعوة لرفض الخدمة الاحتياطية.
وأضاف المحتجون: “ندين محاولات إسكات أصوات وآراء زملائنا، الذين يساهمون ويخدمون في الجيش”.
وتابعوا: “في هذا الوقت، تخدم الحرب في المقام الأول المصالح السياسية والشخصية أكثر من كونها احتياجات أمنية”، وهو ما يؤكد عليه الموقعون على رسائل مماثلة.
يأتي ذلك فيما تكتسب دعوات إعادة الأسرى الإسرائيليين بغزة حتى لو كان على حساب وقف الحرب، زخما كبيرا في صفوف الاحتياط بالجيش “الإسرائيلي” ما بات يشكل تحديا لنتنياهو وقائد جيشه إيال زامير.
وفي 11 أبريل الجاري، وقّع نحو ألف من جنود الاحتياط والمتقاعدين في سلاح الجو الإسرائيلي رسالة تدعو إلى وقف الحرب لتحرير الأسرى بغزة، وتبعهم في خطوتهم 150 ضابطا سابقا في سلاح البحرية وعشرات العسكريين في سلاح المدرعات.
وفي 12 أبريل، انضم إليهم نحو 100 طبيب عسكري من قوات الاحتياط الإسرائيلية ومئات من جنود الاحتياط في الوحدة 8200 الاستخبارية الإسرائيلية و2000 من أعضاء هيئات التدريس في مؤسسات التعليم العالي الإسرائيلية.
ووصف نتنياهو هذا التحرك بأنه “رفض” للخدمة بالجيش، لكن الموقعين سارعوا لنفي ذلك. وحرصوا جميعا التأكيد على أن “هذه الحرب في هذا الوقت تخدم بالأساس مصالح سياسية وشخصية، وليس مصالح أمنية” في اتهام لنتنياهو بمحاولة إطالة أمد الحرب لأسباب شخصية. وجندت دولة الاحتلال نحو 360 ألفا من جنود الاحتياط للمشاركة في الحرب منذ 7 أكتوبر 2023م.