سوريا: ضبط مستودع أسلحة في القرداحة
تاريخ النشر: 23rd, March 2025 GMT
البلاد – دمشق
في خطوة جديدة لتعزيز الأمن والاستقرار، ضبطت إدارة الأمن العام السوري مستودعًا للأسلحة في مدينة القرداحة بريف اللاذقية الشرقي، كان يستخدمه فلول نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، وذلك في إطار الجهود الرامية إلى القضاء على مصادر التهديد الأمني في المنطقة.
ونقلت وكالة الأنباء السورية “سانا” أن العملية الأمنية أسفرت عن ضبط كميات كبيرة من الأسلحة، من بينها صواريخ مضادة للدروع، وقذائف هاون، وقذائف دبابات، حيث تم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، ونُشرت صور للمستودع تُظهر حجم ونوعية الذخائر المضبوطة.
بالتوازي مع هذه العملية، أعلنت وزارة الداخلية عن تسلُّم إدارة الأمن العام مجموعة من الأسلحة الخفيفة التي سلّمها وجهاء قريتي البودي والقلايع بريف جبلة في محافظة اللاذقية، وذلك ضمن مبادرة تهدف إلى حصر السلاح بيد الدولة، وتعزيز الأمن والسلم الأهلي في المنطقة.
وأكدت الوزارة أن هذه الخطوات تأتي ضمن استراتيجية أوسع تهدف إلى تفكيك الشبكات المسلحة التي لا تزال تعتمد على مخازن سرية من العتاد العسكري، خلّفها النظام المخلوع في أماكن وعرة ويصعب الوصول إليها، والتي تشكل مصدر تهديد دائم للاستقرار.
وتشير التقارير الأمنية إلى أن فلول النظام السابق تعتمد بشكل أساسي على هذه الترسانات المخفية منذ عقود، مما يتيح لها القدرة على تنفيذ هجمات مباغتة ضد مواقع الدولة، لا سيما في المناطق الحساسة مثل دمشق، وحمص، والساحل السوري.
وقد بلغ التصعيد ذروته في السادس من الشهر الجاري، حين شنّت مجموعات من الفلول هجومًا واسع النطاق استهدف مواقع تابعة لوزارتي الداخلية والدفاع في الساحل السوري، ما أدى إلى مقتل مئات العسكريين والمدنيين في واحدة من أكثر العمليات دموية منذ سقوط النظام.
وتعكس هذه التطورات حجم التحديات الأمنية التي تواجهها السلطات في مساعيها لاستئصال مصادر التهديد، وسط استمرار حملات التفتيش والمداهمات الأمنية التي تهدف إلى القضاء على أي بؤر مسلحة قد تهدد الأمن والاستقرار في سوريا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شرح صورة:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: صحيفة البلاد
إقرأ أيضاً:
سوريا ولبنان.. من الجوار الصعب إلى التعاون
منذ استقلالهما عام 1943، شابت العلاقة بين سوريا ولبنان توترات دائمة لأسباب سياسية وأيديولوجية، حيث رأت النخب السورية أن لبنان امتداد طبيعي لسوريا، في حين تبنّى لبنان نظاما سياسيا واقتصاديا مختلفا.
وسلطت ورقة تحليلية نشرها مركز الجزيرة للدراسات بعنوان "سوريا ولبنان.. من الجوار الصعب إلى التعاون" للباحث زياد ماجد الضوء على تاريخ العلاقة بين سوريا ولبنان، ومستقبل هذه العلاقة والتحديات التي تواجهها.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 23 انسحابات من المنظمة الفرنكفونية.. خطوة جديدة للقطيعة مع فرنساlist 2 of 2إسرائيل تُطوّق الفلسطينيين في الضفة الغربية بـ"السور الحديدي"end of listشهدت العلاقة محطات تاريخية فارقة انعكست على كل منهما، بدءًا من الانفصال الجمركي عام 1950، مرورا بمسلسل الانقلابات في سوريا، وصولا إلى قيام الجمهورية العربية المتحدة بين مصر وسوريا وانقسام اللبنانيين تجاهها وتجاه حلف بغداد.
وبوصول حافظ الأسد إلى السلطة في سوريا عام 1970، استُخدم لبنان كأداة لتعزيز نفوذ النظام السوري خارجيا، خاصة بعد حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973. كما لعب وجود منظمة التحرير الفلسطينية في بيروت دورا في تدخل الأسد، الذي تفاقم مع اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية عام 1975، والتي استغلها الأسد للتدخل عسكريا تحت غطاء عربي وأميركي. لاحقا، ساعد التحالف مع إيران في إنشاء "حزب الله" بعد الاجتياح الإسرائيلي عام 1982.
إعلانبانضمام سوريا إلى التحالف ضد الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين عام 1990، مُنحت دمشق هيمنة سياسية وأمنية في لبنان، استمرت حتى 2005. أما عام 2004، فقد كان حافلا بالصراع السياسي بين معسكر مؤيد لسوريا وآخر معارض، ما أدى لاحقا إلى اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري عام 2005، وتفجّرت احتجاجات شعبية دفعت سوريا لسحب قواتها من لبنان.
في السنوات التالية، تغيرت التحالفات، وتحالف "التيار الوطني الحر" مع "حزب الله"، بينما تحالف معارضوه مع السعودية والغرب. وحصلت اشتباكات داخلية في 2008، تبعتها "اتفاق الدوحة"، الذي هدف إلى تهدئة الوضع السياسي.
سقوط النظام السوريعلى الجانب السوري، بدأت عام 2011 انتفاضة شعبية تحوّلت إلى ثورة، ثم حرب شاملة ضد نظام بشار الأسد. تدخّلت إيران وحزب الله لدعم الأسد، ثم روسيا في 2015، مما ساعد النظام على استعادة السيطرة على أجزاء واسعة من البلاد. ولكن منذ 2019، ومع تصاعد العقوبات والفساد والانهيار الاقتصادي، بدأت مؤشرات ضعف النظام تظهر، خصوصا مع تراجع الدور الروسي بعد حرب أوكرانيا وتراجع الحضور الإيراني.
في أواخر عام 2024، ومع هجمات فصائل المعارضة بقيادة "هيئة تحرير الشام"، انهارت دفاعات النظام وسقطت المدن تباعا وصولا إلى دمشق، وأُعلن في 8 ديسمبر/كانون الأول 2024 عن فرار بشار الأسد وسقوط النظام، ودخلت سوريا مرحلة انتقالية بقيادة زعيم الهيئة أحمد الشرع الذي صار رئيسا انتقاليا لسوريا، لكن بقي ربع الأراضي السورية تقريبا تحت سيطرة القوى الكردية في الشمال الشرقي والشرق، مع استمرار وجود القوات الأميركية هناك أيضا.
وقد رافق هذه التطورات مستجد خطير وهو القصف الإسرائيلي الجوي العنيف، كما وسعّت إسرائيل بعد ذلك احتلالها لجبل الشيخ وللمناطق السورية المتاخمة للحدود اللبنانية.
إعادة تشكيل السلطة في لبنان
بموازاة التطورات في سوريا، انطلق في لبنان مسار جديد، وذلك بعد الاتفاق على وقف إطلاق نار بين إسرائيل وحزب الله، وكان هذا الأخير قد أضعفته الحرب وقتلت أمينه العام، حسن نصر الله، والعديد من قياداته السياسية والعسكرية والأمنية.
إعلانوباتت الحاجة ملحة إلى ضبط الأوضاع في ظل الأزمة الاقتصادية والمصرفية المستمرة منذ عام 2020، والشلل السياسي منذ آخر عام 2022، وبعد هذه الحرب التي دمرت خلالها إسرائيل عشرات البلدات في الجنوب مع بناها التحتية، وأصابت أحياء في الضاحية الجنوبية لبيروت وفي البقاع بأضرار جسيمة، وهجّرت مئات ألوف اللبنانيين.
أفضى التعامل مع مجمل هذه الظروف القاسية، والضغط الأميركي والسعودي، والمواكبة الفرنسية والقطرية والقبول الإيراني، ليدفع بالقوى السياسية اللبنانية الرئيسية أخيرا، نحو انتخاب قائد الجيش، جوزيف عون، رئيسا للجمهورية، ثم تكليف القاضي في محكمة العدل الدولية وسفير لبنان السابق في الأمم المتحدة، نواف سلام، بتشكيل حكومة إنقاذ وإصلاح.
من جانبها، واصلت إسرائيل خروقاتها واحتلت 5 نقاط جديدة داخل لبنان، رافضة الانسحاب، في ظل موقف أميركي قد يشترط تطبيع سوريا ولبنان مع إسرائيل وانضمامهما إلى اتفاقات أبراهام مقابل انسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي الجديدة التي اجتاحتها.
التحديات في سوريا ولبنان
في سوريا:
ضبط الأمن ومنع الانتقام. توحيد الجيش ودمج الفصائل ضمن مؤسسة أمنية جديدة. تحقيق العدالة الانتقالية والكشف عن مصير المعتقلين. حل المسألة الكردية والاتفاق على انسحاب القوات الأجنبية. إعادة الإعمار ورفع العقوبات. العودة الطوعية للاجئين. وضع خطة إنقاذ اقتصادية. ضبط الحدود مع العراق وتركيا والأردن وترسيمها بشكل واضح مع لبنان. صياغة دستور وإجراء انتخابات. التصدي للعدوان الإسرائيلي واستعادة الأراضي المحتلة.في لبنان:
إنقاذ مالي وهيكلة القطاع المصرفي. جذب الاستثمارات العربية والدولية وإيجاد حلول لأزمات الكهرباء والاتصالات والمياه. إعادة إعمار الجنوب والضاحية. ترسيم الحدود مع سوريا وإسرائيل، ورفض التطبيع مع الأخيرة. إطلاق حوار وطني حول الإستراتيجية الدفاعية وسلاح حزب الله وسيادة الدولة على قرارات الحرب والسلم. تنظيم عودة اللاجئين السوريين. تحسين أوضاع المخيمات الفلسطينية. إصلاحات دستورية وقضائية وإدارية. إعلان مجالات التعاون بين سوريا ولبنان:وبخصوص مستقبل العلاقة بين سوريا ولبنان، فإن البلدين يحتاجان تنسيقا وثيقا في 5 مجالات مطروحة على الأقل:
عودة اللاجئين بتنسيق بين البلدين. إعادة الإعمار والتعاون في المساعدات التي يمكن استقدامها والتي سيستفيد منها البلدان. ترسيم الحدود البرية بما فيها منطقة مزارع شبعا المحتلة من قبل إسرائيل، وضبط أمنها ووقف التهريب وإقفال المعابر غير الشرعية. ترسيم الحدود البحرية والتعاون في عمليات التنقيب عن النفط والغاز المحتمل وجوده قبالة ساحل البلدين. التنسيق الدبلوماسي فيما يخص مواجهة الاحتلال الإسرائيلي. أفق التعاونرغم الاختلاف في فلسفة الحكم ومشروعيته بين لبنان وسوريا، فإن التعاون بين البلدين ممكن، بل ضروري، خاصة اقتصاديا وأمنيا.
ويمكن للتقارب المنظم أن يعزز فرص الاستقرار ويُخرج البلدين من أزماتهما المتراكمة، خصوصا مع الدعم العربي والدولي.
[يمكنكم قراءة الورقة التحليلية كاملة عبر هذا الرابط]