صحيفة الاتحاد:
2025-03-24@02:22:01 GMT

د. نزار قبيلات: إجاعة اللفظ وإشباع المعنى

تاريخ النشر: 23rd, March 2025 GMT

تبدو الكتابة في أقصى درجاتها محاولة لإعادة صوغ الألفاظ بقصد منحها طاقة استعارية جديدة قادرة على تتبع المعنى واصطياده، إن لم تكن محاولة لتخفيفها لتصبح أسرع في الوصول للمعنى بل وتحقيق الدقة في إصابة كبده، وبالتوازي مع ذلك يبدو فعل القراءة محاولة لإيجاد هذا المعنى ومحاولة إنعاشه من جديد، فالكاتب النافذة بصيرتُه يحاول تشذيب ما يحيق بالمعنى من شوائب ليبدو جلياً لعين القارئ، وهو بذلك يَجهد من أجل تجلية المعنى الذي لا تتحقق له الديمومة إلا بعناية القارئ ورعايته له لاحقاً، هذا التعريف المُضمّن في العنوان هو من أكثر التعريفات حذاقة ودقة لعلم البلاغة الذي جعل من أسمى مقاصده وغاياته في رسم المعايير والأطر العلمية تجلية المعنى قبل احتراقه بذوق المتلقين الجوعى لمعانٍ لم تقدم لهم من قبل، فالمسافة التي يقطعها النسق الإبداعي حين خروجه من ربقة الأديب، وهو مدججٌ بكل الحيل وأساليب التلاعب البلاغي ومظاهر التزويق اللغوي، هي ذات المسافة التي يقطعها القارئ نحو النص أو الخطاب الذي يتعاطى معه، من حيث إن الدهشة هي لحظة تلاقي القدح في ذهن الكاتب أو الشاعر مع لحظة الوصول لأرض المتلقين المستمعين، وكلما سبق أحدهم الآخر كلما جاءت النتائج مبهرة تعتمد على الخطف والتمكن من بلوغ المعنى والصراع على امتلاكه، فمقصد كل منهما الكنز المفقود في نواة المعنى، وإن أخطأ أحدهما في بلوغه يعني فقدان التوازن في عمليتي الإنتاج والتلقي، فالكاتب يحتاج إلى صوغ كلماته مدفوعاً بلحظة التجلي الخاصة به، والقارئ بحاجة إلى التأويل ليضمن حسن استقباله وتلقيه للخطاب الإبداعي.


 فالأدب الذي لا يصيبك بالدهشة ولا يقدر على تغيير المواقف وكشف الأسرار لنا هو أدبٌ ثقيل يشبه التلوث في خطورته، والتخلص منه لا يعني إنكار معانيه مهما تسامت، بل يعني بالدرجة الأولى عدم مقدرة صاحبه على جعله رشيقاً تضيق فيه الألفاظ وتقتصد لتتسعَ رؤيا العالم حولنا وتصبح عدسات القارئ ومدركاته الحسية قادرة على استكناه المزيد من الغوامض حولنا، وإلى ذلك لم يعد ارتباط الأدب بالقضايا والهموم الشخصية أمراً مميزاً للأدب، ذلك لأن الأدب قيمة إنسانية مشتركة لا تقصي أحداً، لكنها مهارة في تغذية المعاني السامية ورعايتها من جهتي المتلقي والمنتج، فلا يمكن للقارئ أن يحلق برفقة الشاعر إلا بألفاظ بليغة ومعاني ثرية، إذ لا يصح أن يزدحم فضاء التلقي بهما.
*أستاذ بجامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية

أخبار ذات صلة د. نزار قبيلات يكتب: «فوات الأوان».. توسّل النصوص وتفلّت الإجابات د. نزار قبيلات يكتب: هل الفكاهة مهارة أم فلسفة؟

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: نزار قبيلات

إقرأ أيضاً:

لحظة احتراق حافلة تقل معتمرين عراقيين في طريقهم إلى مكة.. فيديو

مكة المكرمة

شهدت إحدى الطرق المؤدية إلى مكة المكرمة حادثًا مروعًا، حيث التهمت النيران حافلة تقل معتمرين عراقيين أثناء رحلتهم لأداء مناسك العمرة.

وتداول شهود عيان مقاطع فيديو وصورًا توثق لحظة اشتعال النيران في الحافلة وسط حالة من الذعر بين الركاب، الذين سارعوا لمغادرتها قبل أن تلتهمها ألسنة اللهب بالكامل.

https://cp.slaati.com//wp-content/uploads/2025/03/X2Twitter.com_DoSh7nCk2bcUEXpf_900p.mp4

مقالات مشابهة

  • مجلس ديالى ينتخب ( اللهيبي) رئيسا له
  • مجلس ديالى يختار نزار اللهيبي رئيسا له بدلا عن عمر الكروي
  • حالة صحية متدهورة.. نقل جمال القصاص إلى العناية المركزة
  • الشاعر "شبلول" يكشف تفاصيل كتابه «أدب الأطفال فى الوطن العربى قضايا وآراء»
  • أحمد فضل شبلول: المسيرة الحقيقية لأدب الطفل بدأت من الشاعر أحمد شوقي
  • لحظة احتراق حافلة تقل معتمرين عراقيين في طريقهم إلى مكة.. فيديو
  • نجم الغفر
  • تدشين منحة الملك سلمان لمستهلكات غسيل الكلى بتكلفة 5 ملايين دولار
  • نجم «الشَرطان»