نص المحاضرة الرمضانية الـ 20 للسيد عبدالملك بدر الدين الحوثي 22 رمضان 1446هـ
تاريخ النشر: 23rd, March 2025 GMT
الثورة نت/..
نص المحاضرة الرمضانية الـ 20 لقائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، 22 رمضان 1446هـ/ 22 مارس 2025م
أَعُـوْذُ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيْمِ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ المُبين، وَأشهَدُ أنَّ سَيِّدَنا مُحَمَّداً عَبدُهُ ورَسُوْلُهُ خَاتَمُ النَّبِيِّين.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَارضَ اللَّهُمَّ بِرِضَاكَ عَنْ أَصْحَابِهِ الْأَخْيَارِ المُنتَجَبين، وَعَنْ سَائِرِ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ وَالمُجَاهِدِين.
الَّلهُمَّ اهْدِنَا، وَتَقَبَّل مِنَّا، إنَّكَ أنتَ السَّمِيعُ العَلِيم، وَتُبْ عَليَنَا، إنَّكَ أنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمْ.
أيُّهَا الإِخْوَةُ وَالأَخَوَات:
السَّـلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛
نستكمل في هذه المحاضرة الحديث عن غزوة بدرٍ الكبرى، على ضوء بعض الآيات القرآنية المباركة، التي وردت عن هذه الغزوة، مع مراعاتنا للاختصار؛ لأن الحديث في القرآن الكريم عن غزوة بدرٍ واسع:
(سورة الأنفال) بكلها، قدَّمت غزوة بدرٍ الكبرى، مع الدروس والعبر المهمة، والعظيمة، والمتكاملة، التي تحيط وتُلِم بالموضوع من كل جوانبه وأبعاده: على المستوى العقائدي، على المستوى الروحي، على المستوى الاقتصادي، على المستوى الثقافي، على المستوى الاجتماعي… من كل الجوانب، وتعتبر (سورة الأنفال) مدرسةً متكاملة، في الدروس اللازمة في التحرك في الجهاد في سبيل الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وضد أعداء الله.
كما أن الحديث أيضاً عن غزوة بدرٍ الكبرى ورد في (سورة الحج).
ووردت أيضاً آياتٌ عن غزوة بدرٍ في (سورة آل عمران).
والإشارة إليها في (سورة الروم)… وغيرها في القرآن الكريم.
لكن على سبيل الاختصار، تحدثنا على ضوء بعض الآيات المباركة، وكنا تحدثنا أيضاً على ضوء الكثير من الآيات في (سورة الأنفال) في مواسم ماضية من شهر رمضان المبارك، وتحدثنا كذلك في العام الماضي، ونتحدث؛ للأهمية، ولحاجتنا جميعاً إلى الاستفادة من هذه الآيات المباركة.
كُنَّا تحدثنا بالأمس عن: بعضٍ من رعاية الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، التي رعى بها أولئك المؤمنين المجاهدين مع رسول الله “صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ”، وكيف أنهم حينما استغاثوا الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ}[الأنفال:9]، استجاب لهم وأمدَّهم:
أولاً بالملائكة: {بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ}[الأنفال:9]:
وأدوار الملائكة هي أدوار متعددة، في مُقَدِّمتها ومن أهمها: الإسناد المعنوي، والتأثير المعنوي، والأهمية كبيرة جدًّا للروح المعنوية في القتال في سبيل الله تعالى، في الثبات في الميدان، في الإقدام باستبسال وشجاعة، وهذا جانبٌ مهمٌ جدًّا.
نجد أن الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” في قوله تعالى حينما قال: {فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ (9) وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}[الأنفال:10]، هو “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” يخاطب المؤمنين: أن هذا المدد لهم، أن هذه المعونة والتأييد من الله لهم كمؤمنين، وهذا درسٌ مهمٌ جدًّا؛ لأن البعض قد يتصور أن الرعاية الإلهية، بمثل هذا المستوى من الرعاية والمدد بالملائكة، قد يكون- مثلاً- خاصاً برسول الله “صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ”.
رسول الله “صَلَوَاتُ اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ” في مقامه العظيم، في مهمته الكبيرة، هو جديرٌ ويحظى بالتأكيد برعايةٍ من الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” أكثر من غيره؛ لأن مقامه عظيم، منزلته رفيعة عند الله، وفي نفس الوقت مهمته عظيمةٌ جدًّا… وغير ذلك، لكن القرآن الكريم يبيِّن لنا أن هذه الرعاية الإلهية ممتدةٌ للمؤمنين، ومتَّجهةٌ إليهم كمؤمنين؛ لِيُبيِّن لنا أن الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” لن يخذل عباده المؤمنين، ولا أوليائه المستجيبين له، الواثقين بوعوده التي قدَّمها لكل عباده المؤمنين في كل زمن، في كل عصر، ولم تكن منحصرةً بعصرٍ معيَّن، أو مرحلةٍ معينة؛ لأن الكل بحاجة إلى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، في أمسِّ الحاجة إلى معونته، إلى نصره، إلى تأييده، إلى رعايته؛ على المستوى المعنوي، وعلى المستوى العملي.
ولـذلك نجد أن الوعود في القرآن الكريم، التي وعد الله بها عباده المؤمنين، هي وعودٌ مفتوحة للمؤمنين إلى آخر أيام الدنيا، ليست مُزَمَّنةً بزمن الانتهاء، ليست مثل المُعَلَّبات، التي لها تاريخ ابتداء وتاريخ انتهاء، وصلاحيتها محدودة فقط إلى تاريخ كذا وكذا.
الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” حينما قال في القرآن الكريم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}[محمد:7]، هذا الوعد ليس مؤقَّتاً في عصر الرسالة الأول، ومنحصراً على المسلمين في بداية عصر الإسلام، هذا وعد مفتوح للذين آمنوا في كل زمانٍ ومكان، إلى آخر أيام الدنيا.
حينما قال الله تعالى: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ}[الروم:47]، كذلك هو وعدٌ والتزامٌ منه “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وعدٌ مؤكَّد إلى آخر أيام الدنيا، وهكذا هي بقية وعود الله، {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ}[الحج:40].
الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” جعل وعوده ورعايته مفتوحة لعباده المؤمنين؛ لأن الكل بحاجة إلى الله، بل- مثلاً- نجد في هذا الزمن، وهذه المراحل التاريخية، التي وصل فيها وضع الأعداء إلى إمكانات كبيرة جدًّا: على المستوى المادي، على مستوى الوسائل القتالية، التكتيكات العسكرية، التمكُّن المادي… وغير ذلك، المؤمنون بحاجة مُلِحَّة أكثر من أي وقتٍ مضى إلى معونة الله، إلى رعاية الله، إلى تأييد الله، إلى هداية الله وتوفيقه، إلى كل ما يدخل ضمن عنوان (رعايته الشاملة الواسعة).
فالله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” عندما وَجَّهَ الخطاب للمؤمنين في هذه الآيات المباركة؛ لِيُبَيِّن أنَّه وعدٌ مفتوحٌ للمؤمنين، وأنَّها رعاية موجَّهةٌ منه “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” إلى عباده المؤمنين: {وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}[الأنفال:10].
في الآيات المباركة أيضاً تَبَيَّن لنا جوانب من رعاية الله المتنوعة:
في قصة النُّعَاس، الذي أتت معه السكينة والاطمئنان، وهو النوم الخفيف المتقطع، وفي نفس الوقت الانتعاش، التخفيف من حالة التوتر النفسي والعصبي والذهني.
قصة المطر، الذي يستفاد منه للطهارة، الطهارة للوضوء للصلاة، للنظافة، للانتعاش والنشاط والحيوية، يعني: كل ما يفيدهم، للشرب… لغير ذلك، حتى في التخلُّص من وساوس الشيطان، التي قد يُثِير بها حالة القلق، [لو كان الماء منعدماً ولم يكن متوفراً، والأعداء سيطروا على آبار المياه].
فكيف كانت رعاية الله واسعة، تلحظ الجانب النفسي، تلحظ حتى ما يُفَكِّرون به، الهواجس، ما يبعث القلق، وتُقدِّم المعالجة لذلك.
بل نجد أن الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” حينما قال: {إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلًا وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَلَكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ}[الأنفال:43]، إلى هذا المستوى من الرعاية، التي فيها مراعاة للجانب النفسي، وما قد يؤثِّر عليه، ويسبب القلق له، الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” أرى النبي “صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ” في منامه أراه الأعداء (جيش قريش) وهم بشكل قليل، فعندما قصّ رؤياه على المؤمنين، كان هذا أيضاً مما شجَّعهم، وطمأنهم، وحفَّزهم، كان هذا من المُحَفِزات.
ولـذلك نلحظ أن من الأشياء المهمة، ضمن هذا الدرس المهم، في إطار المهام الجهادية في سبيل الله تعالى، في إطار حركة الأُمَّة المؤمنة لمواجهة أعداء الله، هو: التركيز على التقليل والتبسيط من مسألة النظرة إلى العدو، النظرة إلى العدو لها تأثير على المستوى النفسي في حركة الناس لِلتَّصَدِّي للعدو.
العدو أحياناُ يَشُنّ الحرب النفسية، ومعه المرجفون، والمنافقون، والذين في قلوبهم مرض، والمُهَوِلُون، الذين يحاولون أيضاً أن يزرعوا في نفوس الناس اليأس من إمكانية مواجهة العدو، أو التصدي له؛ لـذلك من المهم:
كشف كل نقاط الضعف لدى العدو.
أيضاً التأكيد على قوة الموقف بقوة المعونة الإلهية، الرعاية الإلهية، قيمة الاعتماد على الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وما يمثِّله ذلك من عونٍ كبيرٍ من الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”.
فالصورة التي ترتسم في ذهنية الناس عن العدو، وعن إمكاناته… وفيها تهويل، وفيها إرجاف، وفيها محاولة لزرع اليأس في نفوس الناس، ينبغي أن تُحَطَّم كصورة ترتسم في ذهنية الناس، وأن يكون هناك ما يُرَكِّز في نفوس الناس، ويُرَسِّخ في أنفسهم وفي تفكيرهم، نقاط الضعف لدى العدو، الجوانب التي تُمثِّل إشكاليةً عليه، أحياناً قد يكون ما يخيف الناس به قد يمكن أن يتحول هو إلى عبءٍ عليه.
يعني مثل: قصة حاملة الطائرات الأمريكية، الأمريكي يُخِيف بها الآخرين، أمكن في المواجهة مع اليمن أن تتحول إلى عبء على الأمريكي، وأن تكون في حالة تتحول وضعيتها في البحر إلى حالة خطر عليها، وعلى من عليها، وتتحول في وضعية ضعيفة، وضعية ضعيفة ومقلقة؛ ولهـذا أعلن الأمريكي الآن أنه سيرسل حاملة طائرات أخرى؛ لأن تلك فشلت يعني، فشلت، وهي في وضعية ضعيفة، هذا إعلان عن فشل، إرساله لحاملة طائرات أخرى إعلان عن فشل، ويشهد على فشل حاملة الطائرات تلك، وهو كان يكتفي أن يهدد بها دولاً كبرى في إمكاناتها المادية الضخمة، كالصين… وغيرها، وهو الآن يشهد على نفسه بالفشل.
فيما يتعلق أيضاً بمجريات المعركة، بدءاً من اصطفاف الجيشين، والتقاء الجيشين، يُبَيِّن الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” هذه المجريات، بقوله تعالى: {إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَلَوْ تَوَاعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ وَلَكِنْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا}[الأنفال:42]، كُلٌّ منهما تموضع في جهة:
المؤمنون والمسلمون: كان تموضعهم العسكري، وتمركزهم العسكري، في ضفة الوادي وجنبته الأقرب إلى جهة المدينة.
وجيش المشركين: كان تمركزه وتموضعه في ضفة الوادي وجنبته الأقرب إلى مَكَّة، والأبعد عن المدينة.
وهناك كان هذا اللقاء في منطقة (بدر)، وهذا اللقاء كما يتبين لنا مما قد قرأناه من الآيات القرآنية، ويتبيَّن للإنسان عندما يتلو القرآن الكريم، كيف كان تدبير الله فيه؛ لأنه بيَّن أن إحقاق الحق وإبطال الباطل لابدَّ فيه من موقفٍ حاسم، لابدَّ من توجيه ضربة كبيرة للعدو، تساعد على تغيير الوضع بكله، وصناعة فارق في الظروف والواقع، وهذه مسألة مهمة، كما سبق لنا في الحديث عن الخيارات الأكثر تأثيراً على العدو وأهميتها. الحق واضح، لكن يحتاج إلى إحقاق، لابدَّ من الجهاد في سبيل الله؛ لإحقاق الحق، لفرض هذا الحق.
نجد- مثلاً- في ظروفنا في هذا العصر، من الحق الواضح الجلي جدًّا هو: الحق في القضية الفلسطينية، شعب مظلوم، معتدىً عليه، أتى الأعداء اليهود الصهاينة ليحتلوا أرضه، ليغتصبوا ممتلكات هذا الشعب، ليقتلوا هذا الشعب في أرضه، في وطنه، في بلده، ليحتلوا، ويقتلوا، ويدمِّروا، وينهبوا، فالحق واضحٌ في هذه القضية مع الشعب الفلسطيني، ومظلوميته واضحةٌ تماماً، لكن لم يكن ذلك كافياً أن الحق في هذه المسألة واضحٌ تماماً، لم يكن ذلك كافياً.
الأمم المتحدة اتَّخذت قراراً بمصادرة أربعة أخماس فلسطين لليهود (أراضي عام ٤٨)، ولم يكتفِ اليهود بذلك، يعني: لم تكن الأمم المتحدة- مثلاً- جهة مُنْصِفة، تُنْصِف الشعب الفلسطيني في حقه الواضح.
ما يقال عنه: (المجتمع الدولي)، لم يكن منصفاً للشعب الفلسطيني، في قضيته الواضحة، في حقه الواضح، في مظلوميته الواضحة، ولم يكن هناك من أحد إطلاقاً لينصف هذا الشعب، لا مجلس أمن، لا محاكم دولية… ولا غيرها.
معنى ذلك: أنه لابدَّ من الجهاد في سبيل الله؛ لإحقاق هذا الحق، تثبيت هذا الحق كحالة واقعة قائمة، والعمل بمقتضى هذا الحق؛ ليحصل أصحاب هذا الحق على حقهم، وليتثبَّت هذا الحق كحالة واقعة قائمة؛ لابدَّ من الجهاد، ليس هناك بديل آخر.
المفاوضات ليست بديلاً، وثبت هذا، كم بقيت السلطة الفلسطينية تفاوض؟ عقوداً من الزمن، والنتيجة أين هي؟ الإسرائيلي صريحٌ وواضحٌ، وسنَّ قوانين بأنه لا يمكن أبداً السماح بإقامة دولة فلسطينية على أرض فلسطين، الموقف الأمريكي واضحٌ، وهو الذي على أساس أنه كان راعياً للسلام وللاتفاقيات، وهو ينقلب عليها.
ثم حتى على مستوى قطاع غزَّة، والضفة الغربية: كيف يتصرف الأمريكي؟ وكيف يتصرف الإسرائيلي؟
في القدس، عمل مستمر على تهويد المدينة.
في الضفة الغربية، استيطان منتشر، ومتوسع، ومستمر.
يعني: برنامج سيطرة، برنامج واضح، البرنامج العملي يقول ويدل بكل وضوح على أنه: ليس هناك استعداد أمريكي ولا إسرائيلي بالسماح بدولة فلسطينية بالإذن منهم، أو بالرضا منهم، لا يكون ذلك إلاَّ إذا كان بالقوة بالجهاد في سبيل الله.
التهجير، التهجير بشكل ممنهج في الضفة الغربية، بعشرات الآلاف، يعني: بشكل متدرِّج، ونسف لمناطق بأكملها، وتدمير، اعتقالات، الانتهاكات التي هي: قتل، واعتقالات، اختطافات، ضرب، تدمير للممتلكات، نهب للممتلكات… ممارسات يومية يمارسها العدو الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني بشكلٍ يومي، ما من يومٍ إلا وهو يقتل الفلسطينيين المواطنين العاديين، ما من يوم إلا وهناك اغتصابات، انتهاكات، قتل، نهب… كل الممارسات العدوانية، ومع ذلك الموضوع وكأنه شبه طبيعي في العالم، الأوروبيون يدعمون الإسرائيلي، الأمريكي يشترك معه، ويتكفل بحمايته… وهكذا.
الحق الواضح كذلك في لبنان، الشعب اللبناني معتدىً عليه، ومظلوم، العدو الإسرائيلي يعتدي، ينتهك أجواءه، ينتهك السيادة، يحتل ويتمركز في مواقع داخل لبنان، يعتدي بالقصف، بالقتل… كل أشكال الاعتداءات، ومع ذلك ليس هناك إنصاف، لا من جهة أمريكا، ولا من جهة غيرها.
ما يعمله الأمريكي والإسرائيلي تجاه أُمَّتنا عدوانٌ واضح، وظلمٌ واضح؛ ويقابله الحق الواضح لِأُمَّتنا، في أنها مظلومة، وأنها مضطهدة، وأنها مستهدفة، ولها الحق أن تتحرَّك لتتصدَّى للعدو.
فإحقاق الحق وإبطال الباطل لابدَّ فيه من الجهاد في سبيل الله تعالى، والتحرُّك في سبيل الله تعالى؛ وإلَّا- كما قلنا- لكان أولى الناس بألَّا يُحَمَّل هذا العبء، الذي يراه الناس عبئاً كبيراً، هو رسول الله “صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ”، أن يحقق الله له التمكين، ويدفع عنه وعن المسلمين كل الشَّرّ، وكل الأخطار، بدون عناء، بدون جهاد، بدون تعب؛ أو أن يتحقَّق له ذلك بالوسائل التي يراها الآخرون أنها وسائل مجدية، مثلاً: بالمفاوضات، وهو سيكون مفاوضاً ناجحاً أكثر من غيره؛ بما يمتلكه من رشد، وحكمة، وقدرة على الإقناع، كان يقنعهم بالحق الذي يصل إلى أعماق نفوسهم، {قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ}[الأنعام:33]، وهكذا بقيَّة الأساليب لو كانت مجدية.
على كُلٍّ، في مجريات المعركة يقول الله: {وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ}[الأنفال:44]، كان هذا أيضاً من المُحَفِّزات للمعركة: عند اللقاء، وقبل الاشتباك، كُلٌّ منهما يرى الطرف الآخر قليلاً؛ مما يُشَجِّعه على المعركة، في إطار هذا التدبير الإلهي العجيب، والله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” قديرٌ على ذلك، لكن بعد الاشتباك تغيَّرت الحالة، أصبح المشركون يرون المؤمنين كثيراً، مثلما قال: {يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ}[آل عمران:13]، لكن هذا كان فيما يتعلق بقبل الاشتباك.
في بداية الأمر، قبل أن يبدأ الاشتباك الكامل بين الطرفين، في بداية المعركة خرج من صف المشركين ثلاثةٌ من أبطالهم: (عتبة بن ربيعة، وأخوه شيبة، وابنه الوليد)، هؤلاء كانوا من أبطال المشركين، ومن قادتهم، عتبة- بنفسه- من كبارهم، من الشخصيات البارزة فيهم، الشخصيات المؤثِّرة فيهم، له مكانته الكبيرة في أوساطهم، خرج يتحدى ويدعو للمبارزة للقتال، هو وأخوه وابنه؛ في المقابل أخرج رسول الله “صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ” لمبارزتهم: (عليّاً “عَلَيْهِ السَّلَامُ”، وحمزة، وعبيدة بن الحارث بن عبد المطلب)، وبدأ القتال بين هؤلاء في ساحة المعركة، قبل أن يشتبك الجيشان.
وكان لهذا القتال، لهذه المواجهة وهذا الاشتباك، أهمية على سير المعركة في نتيجته؛ لأن الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” نصر المؤمنين (عليّاً “عَلَيْهِ السَّلَامُ”، وحمزة، وعبيدة)، عبيدة استشهد، وقُتِل الذين خرجوا من المشركين بكلهم الثلاثة؛ بينما المؤمنين استشهد عبيدة، ولم يستشهد الإمام علي “عَلَيْهِ السَّلَامُ” ولا حمزة، كانت هذه البداية مهمة؛ لأنها بداية انتصار للمسلمين، ورفعاً لمعنوياتهم، وانعكس ذلك على الأعداء، قذف الله في قلوبهم الرعب، وقد وثَّق القرآن هذا الاشتباك، بقول الله تعالى: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ}[الحج:19]، يُبَيِّن حتى ما هي القضية، قضية كٌلٍّ من الطرفين، قضية تعود إلى هذا المستوى من الأهمية:
قضية المؤمنين هي: إرساء المبادئ الإلهية في الأرض، التعليمات الإلهية في الأرض، إرساء قيم الحق والعدل في الأرض، وهذا أمرٌ مرتبطٌ بالله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، تحرُّكهم على هذا الأساس بأمرٍ من الله، بتوجيهٍ من الله، بتعليماتٍ من الله.
أمَّا أعداء الحق فهم: موالون للطاغوت، يريدون أن يُثَبِّتوا سيطرة الطاغوت في الأرض بظلمه، وظلامه، وعدوانيته، وإجرامه، وفساده.
ثم كان أن التحم الجيشان، وبدأت المعركة.
منذ بداية المعركة، اشتدَّت المعركة باستبسال من الطرفين، ولكن أتت المتغيرات العجيبة مع الالتحام والاقتتال، الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” أعان المؤمنين؛ فقاتلوا ببسالة، هيأ لهم التنكيل بالكافرين، وكان مسار المعركة فيه مؤشرات النصر للمؤمنين واضحة، بالقتل الذريع، والتمكين بالقتل والجرح في الكافرين، وهذه الحالة التي عبَّر عنها القرآن: {يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ}[آل عمران:13]، يرونهم وكأنهم يتكاثرون ويزدادون في المعركة، فثبَّت الله المؤمنين، ونكَّل بأعدائهم، وكثر القتل في أعدائهم، وحينما حمي الوطيس، يعني اشتدَّت المعركة، قام رسول الله “صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ” بأخذ كفٍّ من الحصى، ملأ كفه من الحصى، ورمى به المشركين، وقال: ((شَاهَتِ الوُجُوه))، فاستحرَّ القتل والجرح فيهم، وقذف الله في قلوبهم الرعب، وهربوا.
في تلك الحالة، كان المسلمون يقتلونهم، ويأسرون منهم، وتحقَّق الانتصار الكبير والعظيم والمفاجئ، والذي كان على عكس كل التوقعات، يعني: ما لم يكن يتوقعه الكافرون، ولا يتوقعه أيضاً أكثر المسلمين، وقال الله تعالى: {فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (17) ذَلِكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ}[الأنفال:17-18].
تحقَّق الانتصار، وكان للصبر، وللجهود التي بذلها النبي “صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ” والمؤمنون معه، هذه النتيجة العظيمة، عندما بذلوا جهدهم في الأخذ بأسباب النصر، وتحرَّكوا وقاموا بمسؤوليتهم؛ تحقَّق هذا الانتصار العظيم، الذي كان خارجاً عن الحسابات والتقديرات، قُتِلَ عددٌ مهمٌ من قادة الأعداء وأبطالهم: (سبعين مقاتلاً)، أُسِر منهم مثل ذلك العدد، انهزم البقية، وفيهم الكثير من الجرحى الذين انهزموا، انهزموا هزيمةً قبيحة، وهربوا مذعورين مفجوعين صوب مَكَّة، ومصدومين مما لم يكونوا يتوقعونه من الهزيمة المُرَّة.
النتائج التي تحقَّقت لهذا الانتصار كانت نتائج عظيمة ومهمة، كما قلنا: على ضوء التسمية القرآنية له بـ(يوم الفرقان)، أسَّس لمرحلة جديدة في واقع المسلمين، أصبح لهم هيبتهم وعِزُّهم، وكان له أهمية كبيرة في طمأنة الكثير من المترددين، والمضطربين، والقلقين؛ فاطمأنوا إلى مستقبل الإسلام، وأعزَّ الله المؤمنين بذلك النصر بعد أن كانوا مستضعفين جدًّا؛ ولهـذا يقول الله في القرآن: {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}[آل عمران:123].
كان لهذا الانتصار أثره في التحاق آخرين بالجهاد في سبيل الله، وتَشَجُّعِهِم، من المسلمين أنفسهم، البعض كذلك يلتحقون بالإسلام فَيُسْلِمون، فانطلق للجهاد أعدادٌ إضافية، بالمئات من المسلمين.
في هذه المعركة كان لأمير المؤمنين عليٍّ “عَلَيْهِ السَّلَامُ” دورٌ بارزٌ جدًّا في المواجهة، وهذا مُثَبَّتٌ في كُتِبَ التاريخ والسِّيَّر، وكذلك لحمزة بن عبد المطلب، وللأنصار أيضاً الذين كانوا مستبسلين ومتفانين.
لأهمية غزوة بدرٍ الكبرى، وثَّقها الله مع دروس متكاملة ومهمة عن الجهاد في سبيل الله، وأهميته، وضرورته، وفضله، وعظمته، وما يترتب عليه من نتائج، وعن أسباب النصر (ما هي، وكيف هي)، وأسباب الهزيمة وما يتعلق بذلك، في (سورة الأنفال)، وهناك أيضاً حديثٌ عنها في (سورة الحج)، وفي (سورة آل عمران).
بَشَّرت بغزوة بدرٍ الكبرى (سورة الروم) قبل أن تأتي بسنوات، بالانتصار نفسه، الانتصار الذي تحقَّق في غزوة بدر، كانت (سورة الروم) بشَّرت به قبل أن يأتي بسنوات: {وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ}[الروم:4-5]، متزامناً مع أحداث دولية وإقليمية.
ما بعد غزوة بدرٍ الكبرى استمرَّت الجولات العسكرية، بين رسول الله “صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ” وقريش، وصولاً إلى فتح مَكَّة في السنة الثامنة، غزوة بدرٍ الكبرى في السنة الثانية للهجرة، وفتح مَكَّة في السنة الثامنة للهجرة، وكان فتحاً عظيماً، أزاح أكبر عقبة في الساحة العربية من العرب (قريش)، كان هم أكبر عائق، واستعاد مَكَّة بقدسيتها وأهميتها، وأقبل الناس بعده إلى دين الله أفواجاً.
في مسيرة النبي “صَلَوَاتُ اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ” وجهاده، له:
مواجهاته مع اليهود، عِدَّت مواجهات وجولات، منَّ الله فيها بانتصارات حاسمة، وعظيمة، ومهمة.
جولات في مواجهة الروم.
جولات في الساحة العربية واسعة.
مسيرة حافلة بالجهاد؛ بل كان الجهاد في سبيل الله من أبرز اهتمامات النبي، وأعماله، وأنشطته، حقَّق فيه انتصارات عظيمة، وأحقّ الله الحق، وأزهق الباطل.
المسلمون في إزاء التحديات الخطيرة من قِبَل أعدائهم، وفي مقابل التَّعَنُّت والطغيان الأمريكي والإسرائيلي، لابدَّ لهم من الجهاد، لن يُشَكِّل حمايةً لهم من الاستعباد، والذُّلّ؛ من هتك الأعراض، واحتلال الأوطان، ونهب الثروات؛ من الإذلال، وطمس الهوية… من كل هذه المخاطر من قِبَل أعدائهم؛ إلَّا الجهاد في سبيل الله، وفق تعليمات الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”.
نَسْألُ اللَّهَ “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” أَنْ يُوَفِّقَنَا وَإِيَّاكُم لِمَا يُرْضِيهِ عَنَّا، وَأَنْ يَرْحَمَ شُهْدَاءَنَا الأَبْرَار، وَأَنْ يَشْفِيَ جَرْحَانَا، وَأَنْ يُفَرِّجَ عَنْ أَسرَانَا، وَأَنْ يَنْصُرَنَا بِنَصْرِه، إِنَّهُ سَمِيعُ الدُّعَاء.
وَالسَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛
المصدر: الثورة نت
كلمات دلالية: الجهاد فی سبیل الله فی سبیل الله تعالى فی القرآن الکریم عباده المؤمنین سورة الأنفال على المستوى رعایة الله ع ل ى آل ه حینما قال رسول الله ت المعرکة من الجهاد س ب ح ان ه ت ع ال ى فی الأرض آل عمران هذا الحق أن الله على ضوء کان هذا الله فی من الله قبل أن لم یکن ن الله ا الحق التی ت من الم ة الله فی هذه
إقرأ أيضاً:
مرايا الوحي: المحاضرة الرمضانية (21) للسيد القائد 1446
(المحاضرة الرمضانية الـ21 )
استدراك :
ستظل شخصيات الدكتور أحمد ونجليه صلاح ومُنير تتواجد في جزئية محاضرات القصص القرآنية؛ لاتساقها مع موضوع المحاضرة وعدم تشتيت انتباه القارئ.
"الدكتور أحمد أستاذ الفقه المقارن في كلية العلوم الإسلامية بجامعة الجزائر.
أما نَجَلاه صلاح ومُنير، فيدرسان في كلية الطب بالجامعة ذاتها وكذلك حازم ابن شقيقه طالب الهندسة المعمارية وكذلك الدكتور نضال زميل الدكتور احمد وهو استاذ العقائد والاديان في كلية العلوم الاسلامية بذات الجامعة "
يتواجدون جميعهم في صالة منزل الدكتور احمد لمتابعة المحاضرة الرمضانية ال21 وفيما منير وصلاح يشاهدان حازم بابتسامة عريضة وهو يشاهدهم مبتسماً ويقول : لا استطيع ان لا اسأل ويلتفت للدكتوران احمد ونضال ويواصل :
- بما ان السيد عبدالملك قد انهى موضوع غزوة بدر الكبرى هل سيعيدنا لقصة سيدنا ابراهيم عليه السلام .
تابعه الدكتوران وهما مبتسمان وقبل ان يردا عليه اردف قائلاً اعرف الجواب وهو : المحاضرة ستنطلق الان وستعرف فلا تستعجل .
وبالفعل فقد انطلقت محاضرة الليلة للتو :-
فيما يتعلق بموضوع المحاضرة، نعود إلى سياق الحديث على ضوء الآيات المباركة في قصة نبي الله إبراهيم من (سورة الشعراء)، كُنَّا تحدثنا على ضوء قوله سبحانه وتعالى، يذكر قصة نبيه إبراهيم: {الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ}[الشعراء:78].
نبي الله إبراهيم عليه السلام في مقامه في قومه وهو يدعوهم إلى الإيمان بالله تعالى، وبرسالته، وبتوحيده، يذكر لهم البراهين التي تبيِّن أن الحق كل الحق هو في الإيمان بالله والتوحيد لله، وأن الشرك بالله هو باطلٌ محظٌ، وضلالٌ مُبِين، وخسارةٌ رهيبةٌ على الإنسان، وضياع للإنسان، في هذا السياق يذكر مجموعة من البراهين، في بدايتها قوله: {الَّذِي خَلَقَنِي}[الشعراء:78]، الله هو الخالق، وهو المالك، وهو المنعم، وهو الملك؛ فهو الإله الحق، هو ربُّنا، والإله الحق الذي لا معبود بحقٍ إلَّا هو؛ لأننا عبيده، ملكٌ له، فكيف نتوجه بالعبادة إلى غيره؟! وتحدثنا عن هذه المسألة في المحاضرات الماضية.
{فَهُوَ يَهْدِينِ}[الشعراء:78]، في صدارة النعم التي يمن الله بها على عباده: الهداية، وفي مقدمة الاحتياجات الضرورية للمخلوقات والكائنات الحية هي: الهداية، وفي المقدمة الإنسان هو أحوج من غيره إلى هداية الله سبحانه وتعالى، ونعمة الله بالهداية هي في صدارة النعم، في مقدمة النعم التي يحتاج إليها الإنسان، وفي مقدمتها من حيث الموقع، والأهمية الكبيرة، والضرورة للإنسان.
الهداية مصدرها الله سبحانه وتعالى، يعني: لا يمكن أن نحصل على الهداية من غير الله، نحن بحاجةٍ إلى الله سبحانه وتعالى، فالله مصدر الهداية، نحتاج إلى الهداية منه؛ لأنه هو الخالق، المحيط علماً بالمخلوق، وهو من يعلم السر في السماوات والأرض، ويعلم الغيب والشهادة،
- ها قد اعادنا يا حازم السيد عبدالملك لقصة نبي الله ابراهيم عليه السلام ... هكذا تحدث الدكتور احمد
ولـذلك فمن حكمة الله، ومن عِزَّة الله، وفي إطار ملكه وتدبيره، أن يُقدِّم لعباده الهداية في مسيرة حياتهم، وأن يُفَرِّق بين المحسن والمسيء، والمطيع والعاصي .
والإنسان موجود في إطار غاية رسمها الله لهذا الكون، وفي مسيرة هذه الحياة، كما قال الله سبحانه وتعالى: {وَخَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ}[الجاثية:22]
وتحدثنا عن سعة الهداية الإلهية:
جزءٌ منها بالهداية الفطرية.
جزءٌ منها بما منح الله الإنسان من وسائل وقدرات للتعقُّل، والفهم، والتمييز، والإدراك.
وجزء منها بما جعل الله في هذا الكون بكله من معالم تساعد على الاهتداء، إلى درجة أن يكون الكون بكله كتابٌ مفتوح.
ولكن هذا بكله لا يغني الإنسان عن الهداية في شكلها التعليمي والإرشادي والتشريعي، يحتاج الإنسان في مسيرة حياته، في نظم شؤون حياته في مختلف المجالات، إلى هداية تشريعية، وتعليمية، وتوجيهية؛ أوامر ونواهٍ وتعليمات من الله سبحانه وتعالى، وتعليمٍ بالحقائق المهمة، التي قد يخطئ الإنسان في تصوراته لها؛ وبالتـالي يترتب على ذلك أخطاء كبيرة في مسيرة حياته، وهذه الهداية ضروريةٌ للإنسان، يحتاجها الإنسان، والهداية الفطرية، والهداية في وسائل الإدراك، والتعقُّل، والتمييز، والمعالم الأخرى... وغيرها مما منح الله الإنسان، هي تُشَكَّل- كما قلنا- أرضية للتفاعل مع هذه الهداية، والتطابق مع هذه الهداية.
- يُذكرنا السيد عبدالملك بجزئية الهداية ومعناها معدداً سعة الهداية الإلهية ... هكذا تحدث الدكتور نضال .
قال سبحانه وتعالى: {قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ}[يونس:35]، فمن نعم الله سبحانه وتعالى، وأيضا لأنه- كما قلنا- الخالق، هو الذي يمتلك القدرة على الهداية الصحيحة، المتطابقة مع ما رسمه في هذه الحياة، وفي إطار خلقه، ما رسمه من سنن والمحيط علماً بالمخلوق، بظروفه، بأحواله، هو سبحانه وتعالى عالم الغيب والشهادة، يعلم ما في مستقبل هذا الإنسان، ومتطلبات حياته... إلى غير ذلك.
ولـذلك ترافق الهدى من الله تعالى منذ بداية الوجود البشري، فكان آدم عليه السلام نبياً، وتلقَّى تعليمات الله، وأوامره، ونواهيه، {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ}[آل عمران:33]، يقول: {ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى}[طه:122]، لم يتركه بدون هداية.
واستمرت مسيرة الهداية، وإقامة الحُجَّة على البشر من الله سبحانه وتعالى، كما قال جل شأنه: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}[النحل:36]، كما قال جل شأنه: {وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ}[فاطر:24]، هداية الله بالرسل والأنبياء، والكتب الإلهية، والتعليمات الإلهية، وكذلك في إطار الهداة من ورثة كتب الله، المتمسكين بها، المهتدين بها، الهادين بها، مستمرةٌ، لم تتوقف عبر الأمم والأجيال، وصولاً إلى الحقبة الأخيرة، وهي: آخر الزمان، واقتراب الساعة، الحقبة الأخيرة، هذه الحقبة في آخر الحياة، في نهاية التاريخ، هي على مقربة من قيام القيامة، {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ}[القمر:1]، فكان ختم الرسل والأنبياء، وختم الكتب الإلهية، بالرسول محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم وبالقرآن الكريم، وهذه خاتم عظيمة، رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم سيِّد المرسلين، وخاتم النبيين، والقرآن الكريم أعظم الكتب الإلهية، والمهيمن عليها، والمشتمل على الهداية الكافية، في بقية هذه الحقبة، من تاريخ البشرية إلى قيام الساعة، ولعظمة هذا الكتاب قال الله عنه: {مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ}[المائدة:48]، مهيمناً على كتب الله السابقة.
- يضعنا السيد عبدالملك مسيرة الهدي الدي انعم الله بها علينا من بداية الخلق بشرح مسنود بالآيات القرآنية والحقائق الدامغة .
إذا أردنا أن نستذكر عظمة القرآن وأهميته؛ فَلنُذَكِّر أنفسنا بأنه من الله، ولنُذَكِّر أنفسنا بأسماء الله الحسنى؛ ولـذلك يأتي في القرآن الكريم التنبيه لنا على أهمية هذه المسألة؛ لنستذكرها، فيقول الله سبحانه وتعالى عن القرآن الكريم: {تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَى}[طه:4]، حينما ترى عظمة هذا الكون، حينما ترى مظاهر الحكمة الإلهية فيه، مظاهر القدرة، حينما ترى الإبداع في خلق هذا الكون، حينما تندهش من سعته العجيبة، فلتعرف أن القرآن هو خالق هذه السماوات وما فيها، خالق هذا العالم الوسيع الفسيح، هذا هو كتابه، هذه كلماته، الذي خلق كل شيء.
{تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَى (4) الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}[طه:4-5]، يعني: الملك، المُدَبِّر لشؤون عباده، ومخلوقاته، وهذا العالم، {لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} هذا كتابه، كتاب المالك لكل ما في السماوات وما في الأرض، والملك للسماوات والأرض، {وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى (6) وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى}، المحيط بكل شيءٍ علماً، والعالم بكل أحوال الإنسان وتصرفاته، وكل ما يقوله في سره وعلانيته، {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى}[طه:8]، يعني: عندما نستعرض أيضاً بقية أسماء الله الحسنى، المتصلة بتدبيره لشؤون عباده في مختلف أحوالهم، يقول الله سبحانه وتعالى: {قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا}[الفرقان:6]
- يُذكرنا السيد عبدالملك بعظمة القرآن واهميته واسماء الله الحُسنى ... هكذا تحدث الدكتور احمد .
من مميزات القرآن الكريم في هدايته: أنه كما أخبر الله عنه: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ}[الإسراء:9]، يعني: ليس فقط يهدي إلى الموقف الصحيح، أو العمل الصحيح، الذي له نتيجة صحيحة، أو يقتصر فقط أن يُقَدِّم لنا الطريقة الصحيحة في أي موضوع فقط، بل يُقَدِّم ما هو أقوم، يُقَدِّم دائماً الأرقى، الأنجح، الأعظم الأفضل، الأحسن، الذي هو أحسن ما يمكن أن يستقيم به ذلك الأمر، أو ذلك الموضوع، أو تلك القضية، وهذا من عظيم هداية الله لنا لأن الله سبحانه وتعالى الذي له الكمال المطلق .
من المميزات العظيمة للقرآن الكريم: أنه مباركٌ، واسع البركات، يقول الله عنه: {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}[الأنعام:155]،وتكرر الوصف له بأنه (مُبَارَك) في القرآن الكريم في آيات متعددة، فهو مباركٌ في نفسه، في عظمته، في جلاله؛ ومباركٌ أيضاً في سعة ما فيه من المعارف والهداية؛ ومباركٌ في عطائه فيما يُقدِّمه، معارفه فيها بركة واسعة، علومه فيها بركة واسعة؛ مباركٌ أيضاً فيما يعطيه من أثرٍ في النفوس، في أثره التربوي، في تزكية النفس البشرية، يُزَكِّي النفس البشرية، (شِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ): يتعافى ويتشافى به الإنسان من الآفات المعنوية، التي تؤثِّر عليه في نفسه، من كل الآفات والمساوئ التي تُدَنِّس الإنسان، تُفْسِد نفسيته، فهو يشفيك منها، يشفيك من الشك، من الجهل، يشفيك من المساوئ الأخلاقية: من الكبر، من الميول الفاسدة، من التوجهات الفاسدة، من الأنانية، من الحسد... من غير ذلك من المفاسد والمساوئ، التي تفسد نفسية الإنسان
القرآن الكريم أيضاً من مميزاته العظيمة: أنه نورٌ يضيء لنا واقع الحياة، ويكشف الظلمات، ويخرجنا من الظلمات؛ ولهـذا يقول الله : {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ}[المائدة:15]، {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ}[إبراهيم:1]، ما يُقَدِّمه الله لنا في القرآن الكريم من حقائق، من معارف من تعليمات، من توجيهات، من مفاهيم، هي نور؛ لأنها تُقَدِّم لنا الحقيقة، والحق، والواقع، والشيء الصحيح، والشيء الذي فيه- فعلاً- الخير لنا، والرشاد لنا، والنجاة لنا، وهذا ما نحن بحاجةٍ إليه
من نعم الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم، ومن مميزاته العظيمة، هي: الحفظ للقرآن الكريم، هو المعجزة الخالدة، معجزة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، والشاهد على رسالته ونبوَّته، وفي نفس الوقت يبقى محفوظاً لكل الأجيال، محفوظاً في نصه، لا يمكن التحريف لنصه، ولا التغيير في نصه، ولا الزيادة، ولا النقص، هذه نعمة كبيرة، كما قال الله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}[الحجر:9]، نعمة وحُجَّة كبيرة، وآية عجيبة، ومعجزة خالدة، وهذه من أعظم النعم، نعمة عظيمة على الناس، يصل إليهم في كل عصر، في كل جيل، وهو بنصه نفسه، محفوظٌ في نصه، مع أن الأعداء يحرصون على تغييره، على تحريفه، ويحاولون في تحريف المعاني، لكنه يفضحهم حينما يحاولون أن يحرِّفوا في المعنى، لا يقبل القرآن أن يلصق به ما ليس من هديه، يفضح كل ما يُنسب إليه مما ليس من هديه ونوره
- يُعدد لنا السيد عبدالملك من مزايا القرآن العظيمة بطريقة تعليمية تربوية ... هكذا تحدث الدكتور نضال
ولـذلك عندما نتأمل- مثلاً- في واقع العرب ما قبل بعثة الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وحركته بالقرآن في أوساطهم، كيف كانوا في جاهليتهم الجهلاء؟
كانت معتقداتهم فيما يتعلق بالجانب الديني باطلٌ، وفيها الكثير من الخرافات، وفيها الضلال، وفيها الباطل
كانت نظرتهم إلى الكون، والحياة، والملائكة، والأشياء الأخرى، كذلك باطلة، يتصورون أن الملائكة بنات، ويقولون أنَّهم بنات الله
في معتقدهم يُشركون بالله سبحانه وتعالى، ينكرون المعاد، والقيامة، والآخرةوهكذا تصورات باطلة
في سلوكهم: كانوا يتظالمون، يرتكبون الجرائم، يعتمدون الظلم كوسيلة الحياة، كسلوك أساسيٍ في الحياة، الممارسات العدوانية والإجرامية، النهب، السبي، الظلم، العدوان، الوأد للبنات، النظرة السلبية جداً إلى المرأة...
كم كانت لديهم من الأفكار الباطلة، من التصورات الخاطئة في مقدمة ذلك: الشرك بالله، والإنكار للمعاد، والبعد عن رسالة الله، والكفر بها... وغير ذلك.
ثم في ظروف حياتهم: يأكلون الميتة، يأكلون الحيوانات، التي لا ينبغي أكلها حتى بفطرة الإنسان، ليست من الطيبات، هي من الخبائث، يأكلون الدم...
فعندما أتى الإسلام غير واقعهم، على مستوى مسيرتهم في الحياة، لم يكن لهم كيانٌ يجمعهم في إطارٍ واحد، كأمةٍ واحدة، لها هدف، لها نظام في الحياة، لها في مسيرتها أهداف عظيمة تسعى لتحقيقها؛ فعندما بعث الله نبيه ورسوله، خاتم أنبيائه محمداً صلى الله عليه وعلى آله وسلم إليهم، وتحرَّك بالقرآن الكريم، وأخرجهم من الظلمات إلى النور؛ غيَّر واقعهم، غيَّره إلى حدٍ كبير، وانتقل بهم نقلةً عظيمة، من جاهليةٍ جهلاء وأميةٍ مستحكمة، إلى أن ارتقى بهم ليكونوا في صدارة كل الأمم في الأرض؛ فتحوَّلوا في عصره، في آخر أيام حياته، نقلهم إلى أن كانوا أرقى أمة بين كل أمم الأرض آنذاك، أرقى أمة في كل أمم الأرض آنذاك،
- انتهت المحاضرة وقد اطبعه ارواحهم وعقولهم علماً وهدياً ويقيناً .